من بين خمسة منازل فقط ، هي أول ما بني بحي القديمة بمدينة كيفه ، ولد السيد أحمدو أنجاي في واحد منها في يوم من أيام عام 1949. في مكان عرف قديما " بالتيشطايات" وهو محل سوق "القديمة " حالا.

دخل أحمدو انجاي المدرسة الفرنسية سنة 1956 وأنهى دراسته بعد أن تحصل على الشهادة الابتدائية .

بعد الاستقلال ترك احمدو الدراسة ثم التحق بالجيش عام 1964 ، لكن والده لم ترق له وظيفة ولده واعتبر أن الزي العسكري ليس محتشما ويخيف الناس وحث الولد على التخلي عن الجيش وهو ما استجاب له ، فعاد أحمدو إلى كيفه وبدأ العمل من منذ ذلك التاريخ في العمل كمتطوع في تأطير الشباب وتدريبه على الانشطة الفنية والرياضية والمسرحية.

ذهب أحمدو انجاي في عدة تكوينات حتى صار مدربا للفرق الرياضية لكرة القدم بكيفه ثم حكما بعد ذلك ، وفي سنة 1974 تم افتتاح مفتشيات للشباب بالولايات فعين احمدو انجاي موظفا رسميا بمفتشية كيفه ثم ترقى حتى أصبح مفوض رياضة وحول إلى لعيون مسؤولا أولا للشباب ، لكن أحمدو انجاي رفض مغادرة كيفه وفضل العمل بها مساعدا.

وهنا انكب على تكوين شباب كيفه في الرياضة والفن و المسرح وكان مثابرا على هذا العمل مجتهدا في إيصاله إلى المتلقي، وقد أظهر صاحبنا مهارات خارقة فيه و ذهب في إحدى المراحل إلى المملكة المغربية في دورة تكوينية للموسيقى.

بحلول عام 2010 استفاد أحمدو أنجاي من حقه في التقاعد وقد حاول قطاعه الإبقاء عليه وتأخير تقاعده ما أمكن، لكنه رفض .

بعد التقاعد والتقدم في السن حاول أحمدو أنجاي اعتزال النشاط الفني والمسرحي الذي كان يقوم به لصالح شباب مدينة كيفه ولكنه عند كل مرة يأخذ ذلك القرار يتراجع عنه بسبب حاجة شباب المدينة إلى خبرته ومواهبه وتحت ضغط أولئك الشباب وكل المهتمين بالشان الشبابي يعدل أحمدو أنجاي عن قراره ويواصل مسيرته في تدريب الفرق الشبابية على الفن والمسرح. ثم شكل فرقة خاصة به سماها " أضواء " تنعش أيام وليالي المدينة وتقدم عروضا فنية ومسرحية رائعة في كل المناسبات والمهرجانات وفي جميع الفعاليات التي تعرفها المدينة .

ومازال احمدو وفق "وكالة كيفة للأنباء" يواصل قيادة هذه الفرقة ولا يجد حرجا في أن يرقص ويلحن ويغني أمام فرقته حتى يتأكد أنها اصبحت تستطيع إخراج أعمالها بالشكل الصحيح . لقد أستطاع الأب أحمدو انجاي أن يعيش مزدوج الأطوار والاهتمامات ، وهو الشيء الذي يثير دهشة واستغراب سكان مدينة كيفه ، حيث استطاع أن يطلع بذلك الدور الفني الرائع وأن يكون المربي والمؤطر والمدرب والموجه لشباب هذه المدينة على تعاقب أجياله وإلى جانب ذلك كانت للرجل قصة غريبة مع المقبرة والمسجد.

فمنذ خروجه من الجيش عام 1969 وعودته إلى مسقط رأسه بكيفه، قسم أحمدو انجاي وقته بين رعاية أسرته وبين المسجد والأنشطة الفنية والرياضية.

لقد ثابر الرجل على أداء الصلوات الخمس بمسجد " القديمة " وقد صار منذ عدة سنوات هو مؤذن المسجد و ألزم نفسه بكناسة وتنظيف هذا المسجد كل جمعة كما أوكلت إليه جماعة المسجد تسيير صندوقي المسجد و تجهيز الموتي.

لا يقبل احمدو أنجاي أن تفوته جنازة أي مسلم يتوفاه الله بهذه المدينة ، إنه يمشي في كل جنازة ويقوم بحفر القبر وتغسيل الجنازة إذا أراد ذووها ذلك ، وقد اكتسب الرجل مهارة نادرة في حفر القبور ومعرفة أضرحة الموتى بتلك المقبرة وكان يفعل ذلك متطوعا لا يطلب جزاء إلا عند رب العالمين. رغم عروض مغرية قدمتها بلدية كيفه!

كان مستعدا لأداء ذلك العمل في كل وقت ؛ في غسق من الليل وفي وقت الزمهرير وحين تكون ليالي الشتاء قارسة. ولكي لا تفوته أي جنازة قام بتثيت رقم هاتفه على بيت الغسل بمقبرة كيفه. إنه على أتم الجاهزية للقيام بذلك العمل الخيري الإنساني دون أن يطلب عليه فلسا واحدا.