تحدث بإسهاب ودقة بالغين عن المشهد في بلاده, لاسيما في جانبيه الأمني و السياسي، و وضع إصبعه عن أدواء و مكامن النزيف في ليبيا, بين تغلغل الجماعات الإرهابية و فشل ساسة التوافق في تطويق الأزمة, و بين مساع مبطنة لإقصاء قطاعات واسعة من أبناء الشعب الليبي في تقرير مصير بلادهم.

هو المحامي و الناشط الحقوقي الليبي و أمين عام منظمة الوطن للشباب الليبي خالد الغويل المقيم في تونس, و صاحب الحركة الشهيرة خلال مؤتمر صحفي للقبائل الليبية في العاصمة التونسية, و التي انفردت بنشر خبرا عنها "بوابة إفريقيا الإخبارية" وقتئذ, حين ألقى بميكروفون قناة الجزيرة جانبا.

خالد الغويل فتح صدره ل"بوابة إفريقيا الإخبارية" ليتحدث في هذا اللقاء الثري الذي جمعنا به في العاصمة التونسية اليوم الجمعة 26 فبراير 2016, عن كل أوجاع وطنه و كذلك عن أحلام التحرير و التطهير التي لاحت بوادرها و طلائعها الوردية على أرض الواقع بعد الإنتصارات التي حققها الجيش الليبي في بنغازي و أجدابيا, حيث تم سحق "الدواعش", في إنتظار تطهير كل ليبيا "شبر شبر", و القول لمحدثنا, فلاحقا بناء الدولة الليبية التي تضم جميع أبناءها دون إقصاء.

عن تعرجات الأزمة الليبية و واقع الزنزانات و المعتقلات في هذا القطر, و الإنتهاكات المسجلة داخلها، و عن حكومة التوافق و تشعبات الحرب المستعرة للأجندات الأجنبية في ليبيا بتنفيذ خونة الداخل, كان لنا هذا الحوار مع خالد الغويل:

كيف تقرؤون رسائل الغارة الأمريكية على معكسر "داعش" بصبراتة؟

قصف الأمريكان لدواعش صبراتة مثل ضربة قاصمة لهم, خاصة وأن هذه العملية تم التخطيط لها منذ فترة بغاية جمع المعلومات حول الدواعش و رصد تحركاتهم إلى أن تم توجيه الضربة لبيت عبد الحكيم المشوط الملقب ب"السوري". و تأتي الغارة الأمريكية على معسكر الدواعش بصبراتة في إطار تصفية حسابات متعلقة بمقتل السفير الأمريكي في بنغازي و الهجوم على السفارة و المدرسة الأمريكيتين في تونس لأن ما قامت به أمريكا في صبراتة لم تفعله في كل من درنة و سرت. بعد ذلك خرج الدواعش من كل الجنسيات في صبراتة للإنتقام, و قاموا باقتحام مديرية الأمن و ذبح أفراد الشرطة, و من هنا جاءت تحركات الأهالي في مدن العجيلات و الجميل و رقدالين و غيرها للمشاركة في تطهير صبراتة من هؤلاء العابثين, فتم قتل أحد قادة "داعش" الملقب ب"حفتر", و هو عبد الله الدباشي, كما تم القبض على الإرهابي أبي القاسم الأفغاني, إضافة إلى عدد اخر من الإرهابيين.

هل أن هجوم صبراتة هو ضربة البداية للتدخل العسكري الأجنبي في ليبيا؟

لن يكون هناك تدخلا عسكريا في ليبيا باعتبار و أن ليبيا تحت الفصل السابع أي تحت الوصاية الأممية, و بالتالي هم لا يحتاجون إلى تدخل عسكري في وطني لأنهم تدخلوا فيه منذ 2011, و ذلك عندما قاموا بإسقاط النظام و الدولة الليبيين و تدمير البنية التحتية و العسكرية لبلدي و قتل المواطنين الأبرياء, على غرار ما حدث في مجزرة ماجر و غيرها. كل ذلك حصل في إطار خارج الشرعية الدولية من طرف حلف الشيطان المسمى بحلف الناتو.

هل سيمثل تحرير بنغازي قادحا لإندلاع انتفاضة ليبية شاملة على الإرهاب؟

تحرير أجدابيا و بنغازي تم من قبل طلائع الشعب المسلح و الجيش الليبي و هو نفس الجيش الذي يصفونه بجيش الطاغية.  من حرر بنغازي من الإرهاب هو الجيش الليبي بكل أطيافه, و تندرج هذه العملية بكل ما تحمله من معاني الوطنية و الوفاء للوطن و الملقاة على عاتق كل ليبي شريف في خانة تطهير ليبيا من الدواعش و قطع دابر كل ما له علاقة بالأجندات الخارجية. أيضا نحن نقول إننا عاقدون العزم على تحرير ليبيا شبر شبر من كل الجماعات المتطرفة. الفيصل في المعركة سيكون للشعب الليبي، و الشعب الليبي هو الكفيل بإرساء الحكم الي يرتضيه.

معنى ذلك أن انتفاضة بنغازي ستتوسع لتشمل جميع المدن الليبية التي هي تحت سيطرة "داعش" لتحرير ليبيا شبر شبر كما أشرتم انفا؟

بكل تأكيد. معركة تحرير ليبيا انطلقت في صبراتة و بنغازي و ستشمل كل المدن الليبية. نحن كأبناء مدينة العجيلات, و عندما سبق و أن أعلنا أن المدينة تعرضت إلى هجمات من الدواعش, و وقتها قلنا إن تلك المجموعات دواعش, وصفنا بالأزلام, و هنا بودنا القول إننا نفتخر بكوننا أزلام لأننا انحزنا إلى الوطن. اليوم تحرير ليبيا مسؤولية وطنية ملقاة على عاتقنا, و الفيصل بيننا كأبناء الشعب الليبي هو القانون و العدالة الإنتقالية. اليوم صحصح الحق و أنصف مدينة العجيلات و ذلك لأننا كنا و ما زلنا على حق.

ما حال الليبيين في المعتقلات؟ و هل صحيح أنهم يتعرضون للإنتهاكات, بمن فيهم رموز نظام معمر القذافي؟

المعتقلون و السجناء الليبيون يتعرضون للتعذيب و هو محرومون من كل حقوقهم, كما أنهم خارج أطر الشرعية و القانون, حتى أنه تمنع عنهم الزيارة. من المعتقلين الليبيين من قتل تحت التعذيب, و منهم من يعاني من أمراض خطيرة, لاسيما و أن من يشرف على إدارة هذه السجون هم مليشيات و عصابات مسلحة.

ما هي أساليب التعذيب الطاغية داخل المعتقلات الليبية؟

أساليب التعذيب متنوعة. في المعتقلات الليبية يوجد الصعق بالكهرباء و الطبخ في الماء الساخن و الكي بالنار, و غيرها.

هل جنى البترول على ليبيا؟

البترول لم يجن على ليبيا بل هو نعمة لم نحافظ عليها لأن من نصبهم الغرب في وطني هم ليبيون عملاء و خونة باعوا الوطن بأبخس الأثمان, و هؤلاء معروفون لدى الشعب الليبي و سوف نقتص منهم بقوة القانون. كل أموال الشعب الليبي المنهوبة ستعود, خاصة بالنسبة لأولئك الذين قادوا مشروع ليبيا الغد.

هل الأزمة الليبية تتلخص في صراع الأجندات؟

ما يحدث في ليبيا هو حرب بالوكالة و صراع أجندات أجنبية بأياد ليبية خائنة و عميلة من أجل الإستيلاء على منابع النفط و ثروات الشعب الليبي, و خاصة أجندات قطر و تركيا و السعودية و الإمارات.

الأزمة الليبية هي إخراج عبري و ترجمة بريطانية و تنفيذ عربي.

هل دعمت دول عربية الإرهاب في ليبيا؟

مع احترمنا للشعب السوداني, فالسودان دعمت الإرهاب في ليبيا. الحكومة السودانية الإخوانية تدعم الإرهاب في وطني عبر مد الجماعات الإرهابية بالسلاح. كذلك هناك طائرات تقوم بنقل الإرهابيين من سوريا إلى ليبيا عبر تركيا, و خاصة منها طائرات الأجنحة التي تشتغل خصيصا لهذا الغرض.

ما موقفكم من حكومة التوافق برئاسة السراج؟

هي ليست حكومة توافقية بل حكومة وصاية مفروضة من الأمم المتحدة وفق البند السابع كما أشرنا سابقا. الحكومة التوافقية لم يتفق حولها الليبيون. حلحلة الأزمة سيكون بالجلوس  إلى طاولة الحوار الليبي الليبي, و دون إقصاء أو تهميش, و هي مسؤولية ملقاة على عاتقنا بعد أن يتم إستكمال تحرير ليبيا. الليبيون سيجلسون إلى طاولة الحوار بعد تحرير وطنهم من الإرهاب, و هذا الحوار سيكون دون إقصاء للقبائل و أنصار القذافي و أنصار فبراير الوطنيين.

هل مطروح عودة القذاذفة إلى السلطة؟

من سيحدد من سيحكم ليبيا هو الشعب الليبي.

كيف تنظرون إلى الإنقسام الحاصل داخل برلمان طبرق حول حكومة الوفاق؟

هناك إنقسام واضح حول حكومة التوافق بين من يرفضها و من يؤيدها, لكن القول الفصل سيكون للشعب الليبي.

هل صحيح أن 75 بالمائة من الليبيين ضد حكومة السراج؟

طبعا, باعتبار أن هذه الحكومة حكومة وصاية بغاية تنفيذ أجندات لا تلبي طموحات الشعب الليبي. الحكومة التوافقية لم تأت من خلال حوار بناء بين أبناء الشعب الليبي. حكومة التوافق تكون عبر مشاركة كل الليبيين و عبر حوار ليبي ليبي.

هل هي حكومة فاشلة سلفا؟

نعم هي حكومة فاشلة مسبقا و لن ترى النور لغياب التوافق حولها و لأنها لم تكن توافقية يوما ما.

إذن ما الحل لإنقاذ ليبيا؟

الحل ينطلق من ليبيا بالضرورة عبر تحريرها من الجماعات المتطرفة و الإجرامية, ثم يأتي بعد ذلك الجلوس إلى طاولة الحوار الشفاف الذي يجمع كل الليبيين دون إقصاء و إرساء دستور و قانون يكونا الفيصل بينهم.

و لكن الجيش الليبي ممنوع من التسلح و لذلك قد تعوزه الوسيلة لتحرير ليبيا بمقدراته الذاتية المتواضعة؟

بعد اللحمة الحاصلة اليوم بين شباب الشعب المسلح و "اللواء 32 معزز" و أنصار معمر القذافي و أبناء القبائل و أنصار فبراير الوطنيين و غير العملاء سيتم في الوقت القريب تحرير ليبيا من الإرهاب و الكلمة الفيصل ستكون لشعبها.

هل لديكم معطيات عن الإرهابيين التونسيين في ليبيا؟

يوجد تهويل في هذا الخصوص. في ليبيا توجد جنسيات مختلفة من الإرهابيين, و هي ليست مقتصرة فقط على التونسيين. نحن لاحظنا أن الإعلام لا يتحدث سوى عن الإرهابيين التونسيين. عديد الجنسيات الأخرى متواجدة كذلك في ليبيا.

ما هي أهم جنسيات الإرهابيين في بلدكم؟

الإرهابيون من جنسيات سعودية و يمنية و جزائرية و مغربية و مصرية و تشادية و سودانية, إضافة إلى مجموعات من "بوكو حرام". كما توجد جنسيات أوروبية داعمة لتلك الجماعات و أغلبها تابعة لأجهزة المخابرات.

و هل يوجد تهويل إعلامي بالنسبة لإنتشار و تغلغل الإرهاب في ليبيا؟

نعم يوجد تهويل إعلامي كبير. الجماعات الإرهابية تنشط في مناطق معينة من ليبيا و هي محصورة فقط في سرت و درنة و المطرد و هون و طرابلس.

في منظوركم لماذا تتمسك حكومة طرابلس غير الشرعية بالسلطة؟

لأنها مدعومة من أجندات خارجية و حكمها ليس بيدها.

ما حدث في ليبيا في 2011: ثورة أم نكبة؟

ما حدث نكبة بأتم معنى الكلمة.

هل ندم الليبيون على زمن العقيد؟

بكل تأكيد ندموا لأنهم لم يتوقعوا أن تتكالب عليهم الأمم, و لأنهم لم يستمعوا إلى لغة العقل وقتها, و لذلك هم اليوم نادمون على كل ما جرى في بلادهم منذ ذلك الزمن.

ما موقفكم من تعاطي تونس الرسمية مع الأزمة الليبية؟

الديبلوماسية التونسية ما تزال ضعيفة في الإلمام الجيد بالشأن الليبي. على تونس أن تلعب دورا كبيرا في جمع الفرقاء الليبيين الحقيقيين من كل أطياف الشعب, و خاصة القبائل و أنصار القذافي و أنصار 17 فبراير الوطنيين.

هل ترون أن إهمال تونس لدور القبائل الليبية و أنصار القذافي هو الحلقة المفقودة في التعاطي الرسمي التونسي مع الأزمة في بلدكم؟

نعم هذه هي الحلقة المفقودة لدى تونس. استقرار تونس من استقرار ليبيا و العكس صحيح.

و ماذا بخصوص أوضاع المهجرين الليبيين في تونس؟

هي أوضاع صعبة ماليا و صحيا. يوجد في تونس حوالي 500 ألف مهجر ليبي, و ذلك منذ 2011 و حتى الان.