هاهي الناقلة «مورينغ غلوري» تعود أدراجها إلى السواحل الليبية بعد أن ألقت  القبض عليها قوات المارينز الأمريكية، والتي نتمنى أن تُلقي القبض على كل المتورطين في فساد النفط وبيعه بطرق غير مشروعة، وحتى بعد هذا لازالت الحكومة وأعضاء المؤتمر الوطني في طغيانهم يعمهون، ولازالوا مستمرين في الكذب والجحود حول واقع النفط  المصدَر الرئيس لقُوتِ الليبيين وفساده، فعلى الرغم من إجراء تحقيقات مع الشركات العالمية الكبرى في ليبيا حول الفساد، واعتراف الراشي بأنه قد قدَّم رِشاً لمسؤولين ليبيين إلا أن الحكومة الليبية والإعلام الليبي يتكتَّم عن الخبر.

 فبعد قيام السلطات الأمريكية  مع مطلع العام 2012م بالتحقيق في علاقات شركات نفطية عملاقة من بينها شركة «إيني الإيطالية» و«توتال الفرنسية» مع النظام الليبي السابق كما أرسلت لجنة الأوراق المالية الأمريكية طلبات رسمية إلى شركتي «إيني» و«توتال» حول تعاملاتهما في ليبيا، وأكَّدت شركة «إيني» ذلك في  تقريرها السنوي، وأفادت بأن التحقيق الأمريكي غطَّى الفترة من 2008م وحتى مطلع 2011م، ويتعلق بدفعات سريَّة معيَّنة لمسؤولين ليبيين؛ ما يمكن أن يَنتهك القانون الأمريكي لممارسات الفساد الأجنبية.

كذلك تقوم السلطات الفرنسية منذ شهر يونيو 2013م  بالتحقيق مع شركة «توتال» هذا التحقيق  يتناول محاولات شركة «توتال» لانتزاع حصة في سوق الغاز في ليبيا من  المشروع الذي تمَّ التفاوض حوله منذ 2008م، وهو «المربع إن سي 27» في حوض غدامس بالقرب من الحدود مع الجزائر وتونس، وكانت مجموعة «توتال» الفرنسية قد دفعت خلالها مبلغ (9,8 ملايين) دولار إلى شركة «نورث غلوبال أويل آند غاز كومباني» التي تتخذ من «ليشتنشتاين» مقراً لها، وهي شركة مملوكة لأبناء أحد أعضاء حكومة النظام السابق، حسب تقرير للإدارة الوطنية للتحقيقات الضريبية والمالية الفرنسية، ووافقت «توتال» في سبتمبر 2009م على تسديد  هذا المبلغ كدفعة أولى، ولم يتمَّ الانتهاء من الاتفاقيات النهائية؛ إذ إن اندلاع الثورة في ليبيا في فبراير 2011م حال دون ذلك، ولكن التحقيقات التي يقوم بها القضاء الفرنسي  أثبتت أن وقائع فساد بالمال العام وقعت خلال مفاوضات «توتال» في ليبيا التي تدخَّل فيها «زياد تقي الدين» كوسيط مع «نورث غلوبال» وبطبيعة الحال الحكومة الليبية لم تحرك ساكناً، بل تجاهلت الموضوع تماماً، ومع بداية العام 2014م وفي واقعة أخرى اعترف الراشي بتقديم رشاً إلى مسؤولين ليبيين؛ حيث قامت  شركة «يارا» النرويجية للأسمدة  بدفع غرامة فرضتها عليها السلطات النرويجية بعد تحقيقات دولية قام بها النائب العام النرويجي حول قضية فساد تتعلق بمشروع في ليبيا.

وأقرَّت الشركة بأن قيمة الغرامة ناهزت «295 مليون» كرونة؛ أي مايعادل مبلغ (48.3 مليون) دولار، وتوصَّلت تحريات الشرطة النرويجية إلى أن «يارا» دفعت رشوةً لـ«شكري غانم» عندما كان وزيراً للنفط بقيمة (خمسة ملايين) دولار نظير تحصُّلها على عقد مشاركة لإدارة تشغيل وتطوير وتحديث مصانع اليوريا والأمونيا القائمة في مدينة مرسى البريقة، والذي لازالت تعمل فيه بالرغم من صدور حكم قضائي ضدَّها من محكمة نرويجية نتيجة لتورطها في قضية عقد مصنع الأمونيا واليوريا الليبي، هذه القضية بدأت التحقيقات فيها مع بداية العام 2012م ونشرت عدَّة وسائل إعلامية الخبر بأن هناك تحقيقات جارية حول واقعة فساد قامت بها الشركة النرويجية في ليبيا؛ إلا أن  وزير النفط والغاز «عبد البارئ العروسي عقد اجتماعاً مع  رئيس مجلس الإدارة والمديرالتنفيذي لشركة «يارا» النرويجية، منتصف العام الماضي لمتابعة أداء ونشاط مصانع الأسمدة بمرسى البريقة،  لا بل نفى خبر تورُّط «يارا» في واقعة فساد في ليبيا، وشدَّد على دعمه للشركة، وإلى إمكانية التطوير وتحديث الاتفاقية التي وُقِّعت بين شركة «يارا» والمؤسّسة الوطنية للنفط عام 2008م لغرض تطوير مجمَّع الأسمدة بمرسى البريقة؛ وذلك ضمن اتفاقية إطار عام للدخول في المشاركة لإنتاج وتسويق الأسمدة.

أمام كل هذه الحقائق يُطلُّ علينا رئيس لجنة الطاقة بالمؤتمر الوطني العام ليخبرنا بأنه تمَّ التحقيق في كل الاتفاقيات السابقة، وأنها لاتشوبها شبهة فساد، أما عن تحقيقات حكومة «غلبان» فحدِّث ولاحرج .

هذا المشهد الذي يتمُّ وسط فوضى قبلية ومناطقية، وغياب للدولة، وانعدام التنسيق بين  الأجهزة كافةً، وسيْطرة كاملة للميليشيات  على البلاد والعباد.

فهل سيظل الفساد وانعدام الأمن العنوانان الأبرز في ليبيا والشعب الليبي هو الضحية في ظل حكومات متتالية تحكمها حكومة المليشيات بالتواصل مع حكومة ليبيا الغد وحكومة اللجان الشعبية وحكومة مكتب الاتصال التي أفرزت لنا هذا المزيج اللامتجانس المتمثل  فى بيادق المؤتمر وحكومته ؟!! وهل سيظل إهدار دَمِّنا ولُقمة عيشنا رهينةً لهم تحت مسمَّى الديمقراطية ؟!!  أم أن القرار (2146) سيمكِّن المجتمع الدولي من التدخُّل لتغيير مُجريات الأمور ومسار النفط  الذي أضحى مصدراً لتمويل الإرهاب في الداخل والخارج ؟!!

*نقلا صحيفة ليبيا الجديدة