وجه عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، عمر النعاس، رسالة إلى جميع أبناء الشعب الليبي عامة، والمشاركين في الملتقيات داخل وخارج ليبيا خاصة، بعنوان (مصلحة ليبيا تعلو كل مصلحة وإرادة الشعب الليبي فوق كل إرادة).

وقال النعاس في رسالته التي خص بوابة إفريقيا الإخبارية بنسخة منها، "إلى/ كل الليبيين والليبيات، والمشاركين منهم والمشاركات في الملتقيات داخل ليبيا وخارجها. من الحقائق الواجب معرفتها هي؛ من أهم (الحقوق الأصيلة للشعوب حق تقرير المصير)، والشعب الليبي ليس استثناء، فله حق تقرير مصيره بنفسه، والمشاركة فعليا في بناء ليبيا، دولة القانون والمؤسسات والتداول السلمي على السلطة، فلا مصادرة لحق الشعب ولا وصاية عليه. من المعلوم أن مجلس الأمن الدولي أصدر قراره رقم  2011/2009بإنشاء البعثة الأممية للدعم إلى ليبيا ومهمتها هي؛ (مساعدة الشعب الليبي لتحقيق الأمن والسلام وتعزيز سيادة القانون وتعزيز المصالحة الوطنية والشروع في وضع الدستور والعملية الانتخابية).  وقد رسم الشعب طريقه بصفته صاحب السلطة التأسيسية الأصلية من خلال آلية ديمقراطية تضمّنها الإعلان الدستوري لسنة 2011 بانتخاب الهيئة التأسيسية، وأوكل لها مهمة صياغة مشروع الدستور الدائم للبلاد، وليتم طرحه على الشعب ليقول كلمته الفاصلة من خلال الاستفتاء. تم انتخاب الهيئة التأسيسية انتخابا حراً مباشراً سنة 2014، ورغم كل الظروف والمعوقات، أنجزت الهيئة مهمتها يوم 2017/7/29، حيث أقرّت مشروع الدستور بمقرّها بمدينة البيضاء عن طريق التصويت العلني الحرّ المباشر، بأغلبية معزّزة تجاوزت المنصوص عليها في الإعلان الدستوري، وبموافقة عدد (43 عضوا) منتخبون من كل مناطق ليبيا والدوائر الانتخابية جميعها. وقد تم تحصين إجراءات العملية الدستورية سواء استنادا إلى الإعلان الدستوري وتعديلاته، أو أحكام القضاء المدني والإداري، وعلى رأسها أحكام المحكمة العليا في الطعون الآتية؛ (ط/إداري ر182/64ق- بتاريخ 2018/2/14)، (ط/ إداري ر33/ 65ق- بتاريخ2019/2/20 )، (طعن إداري رقم 68/ 65ق- بتاريخ2019/4/10 )".

وتابع النعاس، "كما قام مجلس النواب بإصدار (القانون رقم(6) لسنة 2018 المعدّل بالقانون رقم(1) لسنة 2019 بشأن الاستفتاء على مشروع الدستور الدائم للبلاد) وهو المشروع الذي أقرّته الهيئة التأسيسية، وأحيل القانون إلى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات ترسيخاً لحق الشعب في الاستفتاء. أما مضمون مشروع الدستور ذاته فهو ملكية خالصة للشعب الليبي وهو صاحب الحق وصاحب الكلمة الفاصلة لقبوله أو رفضه، وليس لأي جهة محلية أو أجنبية سلب هذا الحق من الشعب. إن كل ذلك يصب في مطلب واحد وهدف واحد وهو تمكين الشعب الليبي من تقرير مصيره وحقه الدستوري في الاستفتاء على مشروع الدستور الذي شارك في صناعته من البداية بانتخابه لأعضاء الهيئة التأسيسية، ومشاركة كل شرائح الشعب ومكوناته من خلال الملتقيات والندوات وابداء الآراء والملاحظات الموثقة بأرشيف الهيئة، وتكتمل صناعة الشعب لدستوره من خلال الاستفتاء بقول كلمته الفاصلة ووضع بصمته النهائية بــ(نعم  أو لا )".

وأضاف النعاس، "بعد ثمان سنوات من قرار مجلس الأمن رقم 2009/2011 ، وبعد سنتين ونصف من إقرار الهيئة التأسيسية لمشروع الدستور يوم 29/ 7/ 2017، أصدر مجلس الأمن القرار رقم 2486/2019؛ مدّد بموجبه ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، حتى 2020/9/15، ونص القرار على أن تدعم البعثة الأممية قضايا خمس، ومنها: (... العملية الدستورية وتنظيم الانتخابات).  بالإشارة إلى تقرير السيد الأمين العام رقم (S41/2020) بتاريخ 2020/1/15، وبالتدقيق فيما تضمنته الفقرة (خامسا- الملاحظات والتوصيات)؛ فإن مشروع الدستور المكوّن من (197مادة)، يبدّد كل المخاوف، ويتضمّن الحلول المناسبة، ويؤسس لضمان وحدة الدولة ووحدة التراب الليبي، ونظام حكم يقوم على التعددية والتداول السلمي على السلطة، وحماية حقوق الانسان وحرياتهم، وضمان حقوق كل مكونات الشعب الليبي وحقوق المرأة والطفل والأشخاص ذوي الإعاقة وتضمين الاتفاقيات الدولية في مرتبة أعلى من القانون، ونظام حكم محلي يقوم على اللامركزية الموسّعة وتوزيع عادل للثروة وضمان حقوق الأجيال القادمة وحقوق مناطق الانتاج والمناطق الأقل نمواً، وتوزيع الهيئات والمؤسسات والشركات بين المدن والقرى لتحقيق التنمية وتوفير فرص عمل وخدمات أفضل للمواطنين. كما تضمن مشروع الدستور أسس دستورية لمكافحة الفساد وحماية المال العام، وتأسيس مؤسسة عسكرية وأمنية لحماية البلاد ومكافحة كل أشكال الإرهاب وحظر كل المظاهر المسلحة، وإنشاء هيئات دستورية مستقلة لترسيخ النزاهة والشفافية والرقابة والمساءلة والمحاسبة، ولضمان حماية مؤسسات الدولة من كل أشكال الفساد، كما تم استحداث قضاء دستوري مستقل لضمان المسار الدستوري وحماية المواطن من عسف السلطات العامة. الدستور الذي يصنعه الشعب هو وثيقة سلام يتضمن مبدأ العدالة الانتقالية وإنشاء هيئة المصالحة، لضمان تحقيق العدالة من خلال آليات دستورية يتضمنها القانون ومنها كشف الحقيقة وجبر الضرر والتعويض وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة".

واختتم رسالته قائلا "الخلاصة: أؤكد على أن مشروع الدستور الذي أقرّته الهيئة التأسيسية هو ملكية خالصة للشعب الليبي، وعلينا جميعا احترام إرادة الشعب في تقرير مصيره من خلال الآلية الديمقراطية التي اختارها، وتمكينه من ممارسة حقه الدستوري من خلال الاستفتاء. وحيث أن الهيئات التأسيسية عندما تكون منتخبة شعبيا فإنها تصدر دستوراً نافذاً دون أي استفتاء، كما حدث في تونس بانتخاب المجلس التأسيسي سنة 2011 وإصداره الدستور  سنة 2014 دون استفتاء الشعب، وحيث أن الهيئة التأسيسية منتخبة من الشعب الليبي؛ فإن الحل الأنسب حاليا هو: تفعيل مشروع الدستور الذي أقرّته الهيئة كدستور نافذ مؤقت وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمحلية وفق أحكامه، لضمان قيام دولة القانون والمؤسسات والتداول السلمي على السلطة، ولترسيخ مرحلة استقرار دستوري، مع اتاحة الفرصة مستقبلا لاستفتاء الشعب حول الدستور لإقراره أو تعديله أو استبداله. كل ذلك، يقودنا إلى قناعة تامة بأن مشروع الدستور هو الورقة النابعة من إرادة الشعب الليبي، وعلى كل الليبيين والليبيات، والمشاركين منهم في الملتقيات، وعلى المجتمع الدولي التمسّك بهذه الورقة والعمل على تفعيلها، احتراما لإرادة الشعب الذي شارك في صناعة دستوره، وحق هذا الشعب في أن ينعم بحياة كريمة في ظل دولة الدستور الذي يرسّخ حق التعايش السلمي والتعاون الدولي في التنمية والرقي والتقدم ومكافحة الإرهاب والجريمة. أؤكد على؛ وجوب الالتزام بتمكين الليبيين والليبيات من ممارسة حقهم الدستوري، لصناعة دستورهم وتأسيس دولتهم وفق الألية الديمقراطية دون مصادرة لرأيهم أو وصاية عليهم".