تباينت الآراء بشأن الهجمات التي شنها مسلحو حركة "الشباب المجاهدين" الصومالية على القصر الرئاسي في العاصمة مقديشو، أمس الثلاثاء.

ففي حين يرى محلل أمني صومالي أن الهجمات المسلحة والتفجيرات الانتحارية، التي تتعرض لها المقار والمراكز الحكومية، وفي مقدمتها القصر الرئاسي، تشكل جرس إنذار لسقوط الحكومة الانتقالية في الصومال، اعتبر نائب برلماني أن تلك الهجمات لا تستطيع أن تسقط الحكومة الانتقالية، وليست إلا "عاصفة عابرة" لن تشل قدرة الحكومة.

لكنهما اتفقا على عجز الحكومة الحالية عن صد هجمات مسلحي حركة الشباب ووضع حد لأعمال العنف التي تطال مسؤولين حكوميين.

وأسفرت اشتباكات بين القوات الحكومية المكلفة بتأمين القصر الرئاسي ومسلحين اجتازوا ثلاثة حواجز أمنية داخل ساحة القصر عن سقوط 9 قتلى، بينهم 5 من المهاجمين، في هجوم هو الثاني من نوعه، بعد آخر شنه مسلحون من حركة الشباب المجاهدين في فبراير/ شباط الماضي، بحسب مصدر أمني صومالي.

وحول سبب الاستهداف المتكرر للقصر الرئاسي، قال النائب البرلماني الصومال، آلو برو، إنها عملية تشتهدف حركة الشباب من خلالها قوتها في تنفيذ عمليات نوعية عسكرية في مقديشو.

ومضى برو قائلا إن حركة الشباب أرادت أن تبعث برسالة إلى الحكومة مفادها أنها قادرة على اختراق الأجهزة الأمنية.

وختم بأن "هذا أمر خطير بالنسبة للأمن وعملية السلام والاستقرار في الصومال".

واتفق مع هذا الراي الخبير الأمني، محمد هاجر، قائلا إن "حركة الشباب ترمي من خلال هذه الهجمات على فيلا صوماليا (القصر الرئاسي) إلى إظهار ضعف الحكومة، وتصوير نفسها على أنها قوية وقادرة على الوصول إلى المقارّ الحسّاسة  للدولة".

ويرى هاجر، أن "الحكومة أهملت أمن بعض النواحي في العاصمة مما رفع الجريمة إلى سقف غير مسبوق، وأودى إلى تشكل جماعات مسلحة وخلايا نائمة لحركة الشباب التي تنفذ هجماتها بين الحين والآخر".

واعتبر الخبير الأمني أن "الحكومة لم تعد قادرة على تحقيق الأمن حتى في عقر دارها، لأنه ليس هناك تنسيق أمني بين أجهزة الحكومة لمواجهة القلاقل الأمنية التي تريق دماء الأبرياء".

ويعتقد هاجر أن "الفوضى الخلاقة في البلاد حالياً وتزايد الأوضاع الأمنية سوءاً ربما ستؤدي إلى انهيار وشيك للحكومة، إذ لم تتعامل مع قضية الأمن بجدية وحزم لمواجهة مخططات حركة الشباب".

لكن البرلماني آلو وبرو لا يتفق مع الخبير الأمني، إذ يعتقد أن "تلك الهجمات الانتحارية والمسلحة لا تستطيع أن تسقط الحكومة الانتقالية، وما هي إلا عاصفة عابرة لن تشل قدرة الحكومة على تصفية خطر حركة الشباب".

وحول تعيين مسؤولين جدد في مناصب أمنية ووزارية، قال الخبير الأمني، محمد هاجر، إن "تعيين مسؤولين جدد للأجهزة الأمنية عملية لن تغير شيئاً عن هشاشة الأمن في العاصمة، لأن شبكة الفوضى وعدم التنسيق لاتزال تهيمن على المؤسسات الأمنية، وهذه هي الأسباب التي ستؤدي حتماً إلى الفشل الأمني".

ومضى قائلا إن "الأمر يحتاج إلى تغيير جذري للمؤسسات الأمنية وتشكيل شبكة جديدة من الأجهزة الأمنية قادرة على صد الهجمات، وتختلف عن سابقاتها بالعمل الجاد والتعاون والمبادرة والمواجهة لمخاطر هجمات حركة الشباب".

وأعلن وزير الإعلام الصومالي، مصطفي طحلو، اليوم الأربعاء، أنه تمت إقالة كل من قائد الشرطة، عبد الحكيم طاهر سعيد، ورئيس المخابرات، بشير أحمد جوبي، وذلك بعد صدور مرسوم من مكتب رئيس الوزراء الصومالي، عبد الولي شيخ محمد، في أعقاب الهجوم الذي شنه مسلحو حركة الشباب المجاهدين علي قصر الرئاسة في وقت متأخر أمس الثلاثاء.

وحول إن كانت هناك تداعيات محتملة للهجمات التي تستهدف المقار الحكومية، قال أستاذ الإعلام في جامعة مقديشو، شافعي معلم، إن "ضعف الأجهزة الأمنية، وكثرة الهجمات في مقديشو، ستؤثر سلبا على التمويل الخارجي التي تعتمد عليها الحكومة".

وتابع معلم بقوله إن "الدول التي تدعم الحكومة تريد أن ترى ما تنفقه على أرض الواقع".

ومنذ بداية شهر رمضان تكثف حركة الشباب من هجماتها، مركزة في عملياتها على المراكز الحكومية، كما استهدفت مسؤولين حكوميين وعاملين في الأجهزة الأمنية ومؤسسات حكومية أخرى.

ويشكل هذا التصعيد هاجسا جديدا لدى المجتمع الإقليمي والدولي، ولاسيما بعد أمن وهدوء نسبي عاشته البلاد خلال الفترة الماضية أنعش حرارة العلاقات الإقليمية والدولية مع الصومال وزاد من فرص الاستثمار الأجنبي في البلد، الواقع في منطقة القرن الأفريقي، والذي عانى طويلا من الحرب الأهلية.