في الوقت الذى يواصل فيه الجيش الوطني الليبي تقدمه في عدة مواقع في العاصمة الليبية طرابلس،شنت القوات الموالية لحكومة الوفاق هجوما على مدينة ترهونة التي تبعد 88 كم جنوب شرقي العاصمة الليبية في محاولة للالتفاف خلف الجيش الليبي ولتخفيف الضغط على عناصرها المتراجعة في محاور القتال في طرابلس.

وشنت القوات الموالية لحكومة الوفاق هجوما مفاجئا على مدينة ترهونة التي تستخدمها قوات الجيش الوطني الليبي كقاعدة في غرب ليبيا في معارك طرابلس.ونقلت وكالة "نوفا" تأكيدات الناطق باسم قوات الوفاق مصطفى المجعي أنهم سيطروا "على أجزاء كبيرة من الحدود الإدارية لمدينة ترهونة جنوبا وتواصل تقدمها نحو الأهداف المحددة.وأضاف المجعي أن "اشتباكات عنيفة خاضتها قوة حماية غريان ظهر الجمعة بـمـنـطـقـة قذاف الدم في اتجاه سـي الصيد على الحدود الإدارية ترهونة، وذلك بعد دخول عدد من العربات المسلحة للوفاق في بلدة الداوون شرق ترهونة."على حد تعبيره.

ومن جانبها أعلنت قوة حماية ترهونة ،مساء الجمعة ،دخولها المدينة لتخليصها من طغيان وجبروت من سمتهم بالثلة الفاسدة التي اختطفت ترهونة وقتلت أهلها ونكلت بأحرارها وهجرتهم بالقوة من ديارهم.وناشدت القوة في بيان مصوّر ، كل القبائل والمكونات الاجتماعية للمدينة، النصرة والمساندة للقضاء على المجرمين المارقين وتخليص ترهونة من المرتزقة وإعادتها إلى حضن الوطن، بحسب البيان.

وسارعت وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي الموالية لجماعة "الاخوان" للترويج لسيطرة القوات الموالية لحكومة الوفاق على مدينة ترهونة،لكن سرعان ما جاء الرد على هذه المزاعم عبر مجلس مشائخ ترهونة،الذي اكد نجاح قوات الجيش الليبي في التصدي لمحاولة تقدم من جانب قوات الوفاق قرب الحدود الإدارية.

واشار المجلس،في بيان له مساء الجمعة،إلى احتفال أبناء ترهونة بالانتصار على ما وصفوه "مثلث الشر والفساد في ليبيا"، في إشارة إلى المجموعات المسلحة المتحالفة مع حكومة الوفاق وجماعة الإخوان وتركيا.وتابع مجلس مشائخ ترهونة، خلال البيان: "إننا ونحن ننتصر بالحق فإن، هزائمهم تتكرر بالكذب المأجور الذي لم يعد له أي قيمة إعلامية"، مضيفا: "إن الوطن لا يعرف قيمته إلا من ينتمي إليه انتماء تاريخيا واجتماعيا،  تحية وطنية خالصة لجنود الجيش الليبي".

كما نفي "اللواء التاسع ترهونة" صحة أنباء السيطرة على منطقة الداوون، وقال في إيجاز صحفي،الجمعة:"يتابع أهالي ترهونة ما يبثه إعلام المليشيات بكل سخرية، وهم يتابعون حربا شرسة في الإعلام فقط وليست على الأرض بحقيقة".وأضاف "اللواء التاسع ترهونة"، أن مدينة ترهونة وحدودها الإدارية لم يصل أحد من المليشيات، وأن بضع أفراد حاولوا دخول المنطقة الصحراوية تارغلات وتم دحرهم منذ عصر اليوم وانتهت العملية، مشيراً إلى أن ما يصدر من بيانات وأخبار لا صحة لها هدفها التشويش على العملية العسكرية في طرابلس والتي تسير كما خطط لها.

ومن جانبه،أكد رئيس مجلس أعيان قبائل ترهونة صالح الفاندي أنه لا أحد يستطيع المساس بالمدينة متوعدا من يفكر في ذلك.وقال الفاندي في تسجيل مصور خلال تأبين قتلى اللواء التاسع اليوم السبت إن مدينة ترهونة تفتخر بشهدائها وتؤكد ان المناصب والمال والخونة زائلون والباقي هي المواقف الوطنية مضيفا الخائن الذي يخون وطنه وأهله ليس منا.

وأضاف الفاندي أن تراب ترهونة ثمنه الدم وغير قابل للمساومة مردفا أن المدينة تعاني الضيق منذ 8 سنوات لكن لا أحد يستطيع المساس بها مشددا على أن رجال ترهونة يتسابقون للموت من أجل الوطن وقد عاهدوا القوات المسلحة على العمل لتحرير ليبيا متوعدا أي احتلال يفكر بالدخول للبلاد.وشدد الفاندي على أن ترهونة لن تجور على أي مدينة ولا تحمل خصومة أو عداء تجاه أي مدينة أخرى.

ودخل الجيش الليبي على الخط،حيث أعلن، السبت، أنه أحبط محاولة هجوم لمليشيات مسلحة تابعة لحكومة الوفاق على منطقة الداوون شرقي مدينة ترهونة.وذكر بيان للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية أنه "نتيجة يأسها وتخبطها والخسائر التي منيت بها بسبب استهداف المواقع العسكرية في مصراتة مؤخرا أوعزت حكومة الوفاق لبعض مليشياتها في المدينة بالهجوم على منطقة الداوون شرق ترهونة الذي تم دحره ببعض القدرات الذاتية للمدينة وحدها".

وأضاف "أن هذا الهجوم الذي مني بالفشل دلالة على أن حكومة الوفاق لا تحكمها مبادئ ولا مصالح وطنية وهي على استعداد أن تزهق أرواح الشباب خاصة أبناء مصراتة في مغامراتها الفاشلة وتقديراتها الخاطئة وتصرفاتها الطائشة التي تنم عن عدم اهتمام قيادات المليشيات بالمهلة التي وجهتها القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية لهذه المليشيات".

ودعت القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية عموم أبناء الشعب الليبي إلى عدم متابعة منصات الإعلام والأخبار للإخوان المسلمين التي –بحسب البيان-التي "فقدت ولا تزال تفقد مصداقيتها نتيجة كذبها وتضليلها المتواصل للرأي العام وما فرية وبهتان احتلال وسيطرة مليشيات حكومة الوفاق والنفاق على وسط مدينة ترهونة إلا دليل على ذلك".وجدد الجيش الليبي دعوته ميليشيات مصراتة الى الانسحاب من طرابلس مؤكدا التزامه بمهلة 3 أيام التي تنتهي الساعة 12 مساءً الأحد القادم دون تجديدها أو تمديدها.

وتكتسب ترهونة  التي تبعد 88 كم جنوب شرقي العاصمة الليبية أهمية استراتيجية من قربها للعاصمة طرابلس وتعدادها السكاني الذي يقارب المليون نسمة إضافة إلى كونها أكبر المدن المؤيدة للجيش الليبي في عمليته لتطهير طرابلس من المليشيات والتنظيمات الإرهابية.وبعد أن باءت محاولتهم في استمالة مدينة ترهونة لسحب دعمها عن الجيش، يضغط الإسلاميون في اتجاه شن هجوم على المدينة التي تشارك بقوة في معركة تحرير طرابلس باللواء التاسع.

وسبق أن أكد المفتي المعزول الصادق الغرياني، المعروف بتصريحاته المحرّضة ضد الجيش الليبي والداعمة للإرهابيين،إن حسم المعركة يتطلب اجتياح ترهونة للقضاء على المفسدين، أعداء القرآن".على حد زعمه.وقال الغرياني في استضافة عبر برنامج "الإسلام والحياة" المذاع عبر قناته التناصح، إن "المدافعين عن طرابلس لن يتمكنوا من حسم المعركة ما لم يحسموا أمر ترهونة بالقضاء على من وصفهم بالعصابات المتواجدة فيها على غرار عملية غريان".

وأضاف "لا تجاملوا ترهونة فقد أعطيتموها الفرصة الكافية، نحترم أخيارها، لكن هذه العصابات المتواجدة فيها لا بد من القضاء عليها، لا بد من اقتحام ترهونة والقضاء على العصابات التي تقاتل مع حفتر وتضربكم بالراجمات". وتابع "ماذا تنتظرون لترهونة، فهم يقصفونكم ويقتلون منكم كل يوم وهذا استنزاف لكم وتضييع للنصر، ترهونة هي محطتكم الأولى، فيجب الآن أن تنتهوا منها".

ويرى مراقبون أن قوات الوفاق تحاول من خلال نقل المعركة الى ترهونة دفع اللواء التاسع، لسحب وحدات من قواته من محاور القتال جنوبي طرابلس للدفاع عن مدينته، ما سيضعف تمركزاته القوية في مطار طرابلس وفي مناطق قصر بن غشير، وعين زارة، ووادي الربيع، جنوبي العاصمة،وبذلك تخفف الضغط القائم على قواتها المتراجعة في عدة مواقع.

وقال العميد خالد المحجوب ، مدير إدارة التوجيه المعنوي بالقوات المسلحة العربية الليبية ،لبوابة افريقيا الاخبارية،أن الجيش الليبي لديه "علم بالتجهيز للهجوم والذي  اعتقدوا انه سيكون التفافا من الخلف ومحاولة   للسيطرة على اجزاء من ترهونة متوهمين انهم سيربكون بذلك مشهد القتال في طرابلس". 

واستبعد العميد المحجوب ان يكون الهجوم ردة فعل على الانذار الذي وجهته القوات المسلحة لمصراتة باعطاء مهلة لسحب مقاتليها من طرابلس وسرت.وقال " في الواقع انهم اعتقدوا انه وقت مناسب للهجوم وهو مرتبط مباشرة  بالعمليات في طرابلس وليس بانذار القوات المسلحة لمصراتة،وكانوا يسعون من محاولتهم تحقيق اي انجاز يرفع من معنوياتهم المحبطة،فما حدث في اجتماع السراج واعلانه  الاستعانة بتركيا كانت محاولة للرفع من معنويات المليشيات وهذا الهجوم ايضا هو محاولة اخرى في حقيقته  للرفع من معنويات المليشيات".

وكان اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الليبي، قد تحدث عن القوات التركية المرتقب وصولها إلى ليبيا، قائلا إن المليشيات الإرهابية تهيئ مدن مصراتة وطرابلس وزوارة لاستضافة القوات التركية في ليبيا.وتابع المسماري في مؤتمر صحفي استثنائي من بنغازي أن المناطق المختارة لاستقبال الجنود الأتراك هي مصراتة وميناء الخمس البحري المدني، وكذلك مطار زوارة وبعض مرافئ الصيد، مشيرا إلى أن المليشيات الإرهابية تسعى إلى تحويل مطار معيتيقة وميناء طرابلس لقاعدة تركية.

وشدد على أن ضربات سلاح الجو مستمرة على مصراتة وزليتن والخمس، وأنه تم خلال الساعات الماضية استهداف مستودعات للأسلحة والذخيرة والمعدات العسكرية وغرفة عمليات المليشيات ودشم وهوائيات التشويش في مصراتة قائلا: "يجب أن تنتشل مصراتة من يد الأتراك".وتابع أنه تم تدمير موقع صواريخ دفاع جوي وموقع رادارات استطلاع بمصراتة بهدف شل قدرات المليشيات الإرهابية وتدمير قدراتهم العسكرية، لمنعهم من المناورة والتحرك، محذرا من أن أي هدف يشك فيه أنه داعم أو ناقل لإرهابيين أو مجموعات تركية سيتم تدميرها.

وحول الأوضاع العسكرية في طرابلس، أكد المسماري أن القوات البرية تقوم بالزحف الثابت نحو قلب العاصمة وكل المحاور والجنود تتقدم بشكل ثابت، مشيرا إلى ظهور حالات الانشقاقات والمشاكل ما بين المليشيات في هذه المناطق.وحقق الجيش الليبي العديد من التقدمات في مناطق متفرقة بالعاصمة الليبية طرابلس. 

وتمكنت قوات الكتيبة 155 مشاة التابعة للجيش الليبي ،اليوم السبت ،من تحقيق تقدّم في محور مشروع الهضبة صلاح الدين وسيطرت على مواقع جديدة بعد توجيه عدة ضربات لتمركزات العدو المندحر.وقال المكتب الإعلام للكتيبة عبر حسابه الرسمي على "فيسبوك" أن القوات المسلحة أصبحت على مشارف أبوسليم و طريق السدرة بإسناد من سلاح الجو. 

والجمعة تحدثت مصادر عسكرية ليبية ان قوات الجيش دخلت محور ابو سليم اكبر احياء طرابلس بعد اشتباكات عنيفة مع الميليشيات وسط أنباء عن اقتراب دخول الجيش الى قلب طرابلس لتخليصها من الميليشيات.والاربعاء كشفت مصادر عسكرية ليبية عن تمكن القوات الليبية من السيطرة على منطقة الجامع الأخضر وذلك في محور المطار بعد ان كبدت المجموعات المسلحة خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.

وكان عضو شعبة الإعلام الحربي المنذر الخرطوش كشف الثلاثاء لوكالة سبوتينيك ان القوات الليبية وبالتحديد اللواء 73 سجل تقدما في منطقة الأصفاح كما تمكن من اغتنام أسلحة وذخائر.فيما تحدثت مصادر عسكرية ليبية عن تمكن الجيش من السيطرة على كامل كوبري الزهراء الثلاثاء بعد هروب الميليشات من المنطقة اثر معارك وصفت بالطاحنة.وامام الخسائر التي تتعرض لها قواتها دعت حكومة الوفاق الخميس خمس بلدان هي تركيا والولايات المتحدة وبريطانيا وايطاليا والجزائر الى دعمها في مواجهة الجيش الليبي.

وتأتي هذه التطورات بينما كثفت أطراف دولية من تحركاتها بهدف وقف القتال واستئناف العملية السياسية.ويقول متابعون للشأن الليبي إن الإسلاميين يسابقون الزمن من أجل تحقيق نصر عسكري ولو اعلاميا بعد عجزهم ميدانيا،قبل الوصول الى مؤتمر برلين المزمع عقده في الفترة القادمة والذي يسعى من خلاله تيار الاسلام السياسي المسير على العاصمة اعادة التموقع من جديد بما يضمن بقاءه في المشهد الليبي.