السياسات البيئة فى ليبيا لم تكن استتثناء عن بقية السياسات التعليمية والاقتصادية والاجتماعية حيث لم تلاقي إلا الاهمال والتهميش ولم تحظى بأي شكل من أشكال الدعم لاقامة برامج ومشاريع للمحافظة على النظم البيئي الامر الذي أدى الى تدمير مكونات البيئة وتلويثها.
وباتت شوارع العاصمة الليبية طرابلس تتكدس فيها أكوام القمامة في كل مكان، وصار مشهد حرق هذه الأكوام من قبل المواطنين مألوفا، حيث لا حلول نهائية لظاهرة تواجد القمامة في الطرقات وأمام المقار الحكومية.
مشهد القمامة تشوه بفعله المنظر العام في طرابلس، إلى جانب تلوث الهواء الذي يخنق سكان العاصمة التي يقطنها أكثر من مليوني شخص بالأمراض، ليدق ناقوس الخطر ومطالبة الحكومة التحرك سريعا لإنهاء هذه الأزمة الخانقة.
وأوضح بدر الدين النجار، مدير المركز الوطني لمكافحة الأمراض في تصريح لوكالة أنباء "شينخوا"  أزمة تكدس القمامة ظاهرة مزمنة تحتاج إلى حلول جذرية للتغلب عليها.
وأضاف:"الحكومة ينبغي لها تسخير كل الإمكانيات اللازمة لحل هذه المشكلة، لأنها تهدد صحة الإنسان بتفشي الأمراض والأوبئة".
كما أبدى النجار مخاوفه من تفشي مرض "اللشمانيا"الجلدي بسبب نشاط نواقل المرض من القوارض في القمامة، مؤكدا بأن الرقم الذي سجل العام الماضي بإصابة أكثر من 8 آلاف شخص، مرشحا للارتفاع في حال عدم توفر الدواء واستمرار مشاكل القمامة المهددة للصحة العامة.
وعلى صعيدٍ متصل، بادر المركز الوطني لمكافحة الأمراض، بإطلاق دورات تدريبية لـ21 متدرباً لمكافحة مرض اللشمانيا، وهو مرض جلدي ينتقل عبر بعوض الرمل، التي تتغذى على قمامة الإنسان، حيث نبه المدير العام للمركز بدر الدين بشير النجار، إلى خطورة انتشار النفايات، التي تُعد البيئة الحاضنة لهذا المرض، خاصة وأن ليبيا سجلت العام الماضي حوالى 5 آلاف إصابة به.
    ويخصص مبلغ يقترب من نصف مليار دينار (300 مليون دولار) سنويا لمعالجة القمامة والنفايات الصلبة في ليبيا، إلا أن المشكلة لا تزال قائمة دون حلول، على الرغم من الحملة التي تقوم بها شركة "الخدمات العامة"المكلفة بالقمامة، بحملة ضخمة تستهدف شوارع ومناطق طرابلس.
جدير بالذكر، أن العاصمة طرابلس، سبق وأن عانت من تكدس النفايات عام 2015، لتعود الأزمة هذه السنة وتدخل طرابلس بين فكَّي حرب بيئية قد يطول مداها، وحرب عسكرية تحول دون الوصول إلى مكبات النفايات الرئيسية.
في ذات الصدد،ترى سارة الشيباني الباحثة الليبية في شؤون البيئة، أن الصراعات والحروب المستمرة، تساهم وبشكل واضح في تفاقم أزمة النفايات، بل تجعل فرصة حل المشكلة ضئيلة تماما.
    وفسرت الشيباني تفاقم هذه المشكلة في تصريحات صحفية، قائلة:" أثر الحروب والنزاعات المسلحة بالتأكيد مدمر وينعكس على البيئة والصحة العامة، حيث بانشغال الأطراف في هذه النزاعات يتم إهمال الخدمات العامة من نظافة الطرق ونقل القمامة وغيرها من الأمور".
ولفتت إلى أن الحرب الدائرة بضواحي طرابلس تسببت بشكل مباشر في هذه الأزمة البيئية، حيث يتعذر نقل قمامة العاصمة إلى أكبر "مكب"للقمامة جنوب طرابلس.
     واقترحت الباحثة أن يتم اعتماد مشاريع خاصة بمعالجة النفايات وإعادة تدويرها، حيث توفر على الدولة أموال كبيرة، إلى جانب الاستفادة من المواد الأولية التي تم معالجتها في الصناعات المختلفة، وبالتالي يتم التخفيف من انتشار القمامة وينخفض التلوث البيئي النتاج عن حرقها والأمراض التي تنتج عنها.
في سياق متصل،كشف مؤشر الأداء البيئي لعام 2018 أن دولاً من شمال إفريقيا والشرق الأوسط تحتوي على احتياطات هيدروكربونية عالية المستوى تترك أثراً سلبياً على جودة الهواء والمناخ والطاقة.
ويتهم المؤشر محطات تكرير النفط ومحطات توليد الطاقة والوقود الأحفوري على مؤشر الأداء البيئي.
ويُعتبر تقرير مؤشر الأداء البيئي لسنة 2018 العاشر في هذه السلسلة التي بدأت تجريبياً عام 2006.
وصنف المؤشر ليبيا في المركز 123 على العالم ضمن القائمة التي شملت 180 دولة من حيث "صداقة البيئة".
وحققت ليبيا 49.79 نقطة من أصل مائة نقطة في المؤشر بناءً على تقييم أداء الدول وتصنيف مؤشراتها البيئية ضمن مجموعتين أساسيتين، هما الصحة البيئية وحيوية النظم البيئية.
وتراجعت ليبيا أربعة مراكز مقارنةً مع المؤشر السابق الذي صدر عن عام 2016، حيث كانت تحتل المركز 119 عالمياً برصيد نقاط 63.29 من مائة.