عبرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا عن امتعاضها من احتكار المجلس الرئاسي الليبي لمشروع المصالحة الوطنية بعيداً عن المؤسسات الحقوقية والقانونية المُختصة وعن أطياف ومكونات المجتمع الفاعلة.
وقالت اللجنة في بيان إنها مستاءة حيال التهميش والإقصاء والتغييب المتعمد من جانب النائب بالمجلس الرئاسي الليبي عبدالله اللافي، لمؤسسات المجتمع المدني العاملة في ميدان حقوق الإنسان وسيادة القانون، وعدم تمثيلها في مسار المصالحة الوطنية والعدالة الإنتقالية، معتبرة أن استمرار تغييب هذه المؤسسات الفاعلة عن المشاركة في أعمال الإجتماعات التحضيرية لوضع الأطر القانونية لمشروع قانون المصالحة الوطنية، الذي يُشرف عليه المجلس الرئاسي الليبي، يمثل إخفاقاً في وضع أسس وقواعد وركائز ثابتة لملف المصالحة الوطنية وعدم إشراك أكبر قدر ممكن من الأطراف والكيانات الفاعلة، سيُهدد كل ما تم التوصل له من جهود وطنية ومجتمعية والاتفاقيات السياسية التي أبرمت طيلة السنوات الماضية.
كما اعتبرت أن ما يقوم به الرئاسي هو إخفاق في مسار المصالحة الوطنية والعدالة الإنتقالية مؤكدة أن مشروع المصالحة الوطنية والإجتماعية الشاملة في ليبيا لا يمكن أن تستأثر أو تستفرد به جهة بعينها، وإنما هو هدف وطني جامع لجميع فئات ومكونات المجتمع ومؤسسات الدولة الليبية الحكومية وغير الحكومية.
كما أكدت على أن استفراد المؤسسات الحكومية فقط دون سواها في الأعداد والتحضير لمشروع قانون المصالحة الوطنية، عمل غير مهني ولا يسهم في خلق أرضية مشتركة لصياغة رؤية وطنية جامعة حول مشروع المصالحة الوطنية والعدالة الإنتقالية، وهو نهج مرفوض شكلاً وموضوعاً.
وذكرت الجنة أن النهج القائم في الإعداد لمشروع مسودة قانون المصالحة الوطنية والعدالة الإنتقالية لا يمكن أن يُؤسس لأسس متينة وسليمة وعادلة لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، تكفل وتضمن حقوق الضحايا والمتضررين، وجبر الضرر وعودة المواطنين النازحين والمهجرين بالداخل والخارج، وإنهاء الإفلات من العقاب المبني على أساس العدالة التصالحية والعدالة الإنتقالية أيضاً.
واعتبرت أنه كان لزاماً على المجلس الرئاسي الليبي أن يُطلق سلسلة من الحوارات المجتمعية والقانونية والحقوقية والثقافية ولقاءات تشاورية مع الأكاديميين والخبراء في مجالات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وحلقات نقاش علمية قانونية حول مشروع مسودة القانون، والتشاور والتنسيق مع المؤسسات القانونية والحقوقية الفاعلة على الساحة الحقوقية والقانونية في عموم البلاد وإشراكها في الإجتماعات التشاورية لإعداد مسودة مشروع القانون، وفقاً لما نصت عليه خارطة الطريق السياسية المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي، والاتفاق السياسي الليبي، لا أن يكتفي بجهات حكومية لا تمثل إلا رؤية أحادية الجانب.
وقالت إن ما هو قائم الآن من عمل على ملف المصالحة الوطنية والعدالة الإنتقالية من جانب المجلس الرئاسي الليبي، لا يعدو كونه محاولة للاستثمار والتوظيف السياسي لمشروع المصالحة الوطنية في ليبيا، ستُفرغ وتُهدر المشروع من قيمته الإنسانية والوطنية النبيلة قبل إنجازه، جراء السياسات الانتقائية والإقصائية التي يتبعها النائب بالمجلس الرئاسي الليبي المشرف على مسار المصالحة الوطنية والعدالة الإنتقالية.
وجددت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، مطالبتها للمجلس الرئاسي الليبي بالعمل على تدارك هذا الانحراف القائم في مسار المصالحة الوطنية ومعالجة الاختلالات التي وقعت في التعاطي مع مسار المصالحة الوطنية والعدالة الإنتقالية، والذي انحُرف به عن مساره وأهدافه وأهدرت قيمته الوطنية والإجتماعية مؤكدة على أهمية إشراك المؤسسات الوطنية القانونية والحقوقية الحكومية وغير الحكومية العاملة في مجالات حقوق الإنسان والقانون الدولى الإنساني والعدالة الإنتقالية في المراجعة والتنقيح والتطوير لمقترحات مسودة مشروع قانون المصالحة الوطنية وهو حق أصيل لها وأحد أهم ضمانات نجاح مشروع المصالحة الوطنية، بغية ضمان مؤامة مسودة مشروع القانون مع متطلبات المرحلة والمعايير الوطنية والدولية الخاصة بضمان حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية وحقوق الضحايا والمتضررين في سياق إنجاز مشروع المصالحة الوطنية، وبما يكفل ضمان عدم الإفلات من العقاب وتعزيز سيادة القانون والعدالة، وذلك تأسيسا للمبدأ الراسخ بأنه لا سلام دون تحقيق العدالة.