نقل الصحفي حسين قنيبر عن مصدر دبلوماسي فرنسي أن باريس لن تتدخل عسكرياً في ليبيا، وأن التحرك الذي دعا إليه وزير الدفاع الفرنسي، جان-ايف لو دريان، مؤخراً لدرء مخاطر الوضع الليبي عن دول الجوار لن يكون تحرَكاً عسكرياً بل سياسياً، من خلال دعم ما تقوم به الأمم المتحدة من مبادرات لدفع الأطراف الليبية إلى الحوار.

وأوضح قنيبر في تقرير نشر أمس على موقع "العربية نت" أن المصدر الفرنسي صرح بأن "باريس قلقة على دول الجوار الليبي من تداعيات ما يجري في هذا البلد، ويتعلق القلق الأكبر بالوضع في تونس التي لا نريد أن تشملها عدوى عدم الاستقرار، والحكومة هناك تقول إن مليوني ليبي يعيشون في تونس حالياً، وأعتقد أن العدد مبالغ فيه، لكن هناك على الأقل مئات آلاف اللاجئين"، مشيراً إلى سعي باريس لتعزيز التعاون الأمني مع تونس".

دعم

وتطرق المصدر الدبلوماسي الذي وصفه قنبير برفيع المستوى إلى موقف بلاده من وجود برلمانين وحكومتين في ليبيا، قائلاً إن بلاده تدعم البرلمان المنبثق عن انتخابات الخامس والعشرين من يونيو الماضي (برلمان طبرق)، وتدعو في الوقت نفسه سلطات طبرق إلى حوار يشمل كل الأطراف، خصوصاً نواب مدينة مصراتة ، الذين يرفضون الالتحاق بمقر مجلس النواب هناك.

ووصف المصدر المحادثات التي جرت بين الطرفين في مدينة غدامس الاثنين، برعاية المبعوث الأممي الجديد، برناردينو ليون، بأنها مجرد موافقة منهما على مبدأ الحوار الذي سيبدأ على نطاق أوسع بعد عطلة عيد الأضحى، موضحاً أن "اجتماعات جرت في نيويورك مؤخراً حول الوضع في ليبيا بين جون كيري ونظرائه في دول المنطقة، خصوصاً تلك التي تقيم علاقات مع الأطراف الفاعلة في ليبيا، وهي مصر والإمارات وقطر وتركيا".

تدريب

وأوضح الدبلوماسي الفرنسي أن الجزائر ومصر تطالبان بدور أكبر لدول الجوار الليبي في مسعىلحل الأزمة وضبط الوضع على حدودهما مع ليبيا، وفي هذا السياق تندرج استضافة الجزائر هذا الشهر حواراً بين الأطراف الليبية.

وأشار إلى أن "وعد فرنسا بتدريب ألف شرطي ليبي لا يمكن تنفيذه حالياً بالنظر إلى عدم وجود حكومة موحدة"، وأوضح أنه لم يعد هناك دبلوماسيون فرنسيون في ليبيا منذ إغلاق السفارة في طرابلس قبل شهرين لأسباب أمنية، وتحدث عن "تصدع كامل للسلطة".

خارطة

وقال قنيبر إن المسؤول الفرنسي رسم خارطة الصراع في ليبيا على الشكل التالي "في الغرب، أي طرابلس ومحيطها، تتواجد قوات "فجر ليبيا" (تحالف ميليشيات إسلامية تطغى عليه كتائب مصراتة وتدعمه رموز من البرلمان السابق) مع "ميليشيا" الزنتان التابعة "للجيش الوطني الليبي" (التي تؤيد البرلمان المنتخب حديثاً).

أما في الشرق فتختلف طبيعة الصراع وأطرافه، إذ تتواجه قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر مع من وصفهم بالمتطرفين من "أنصار الشريعة" ينضوون تحت لواء "مجلس شورى ثوار بنغازي"، بحسب الدبلوماسي.

وعن الوضع جنوب ليبيا (الذي يُخشى أن يتحول إلى مقصد لإرهابيين يأتون إليه من مالي مروراً بالجزائر)، قال إن القبائل "تتقاسم السيطرة على الجنوب مع فصائل إرهابية تعزز قواتها، في ظل غياب قوى أمنية مركزية توقف تمددها)".

وزعم الدبلوماسي الفرنسي أن حفتر هو الوحيد عملياً الذي يواجه "الإرهابيين"، "وإن كان حاليا أقل قدرة على الحسم مما كنا نعتقد في البداية"، فمواجهته مع "المتطرفين" في بنغازي ودرنة لم تحسم الأمور لصالحه، في بنغازي مثلاً لا هو ولا "أنصار الشريعة" يسيطرون، بل يتقاسم الطرفان السيطرة.

نقطة

وأشار قنيبر إلى أن النقطة المضيئة الوحيدة تقريباً في ضوء هذا الواقع تتمثل، بحسب الدبلوماسي الفرنسي، تتمثل في ارتفاع مستوى إنتاج النفط الليبي إلى 900 ألف برميل يومياً بعد أن كان انخفض بعد الثورة على نظام القذافي إلى نحو مائتي ألف برميل في اليوم، وهو مازال، رغم ارتفاعه بعيداً عن مستوى الإنتاج قبل الثورة، حيث كان يصل إلى مليون وستمائة ألف برميل يومياً.

كما أشار إلى أن المصدر الفرنسي أشاد بجهود المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا طارق متري "الذي كانت لديه معرفة جيدة بالوضع هناك، لكنه فوجئ بوجود أطراف عديدة من قبائل وفصائل وميليشيات وألوية وشخصيات متناحرة ومتناقضة المصالح، ولم يستطع جمع كل الأطراف في ضوء هذا الواقع".