تمثل تركيا منصّة رئيسية للقنوات التابعة للجماعات الإسلاميّة السياسية منها والحركيّة الجهاديّة. وتوفّر تركيا لهذه القنوات كل الظروف الملائمة لبث خطابها التحريضي والتكفيري ضد الدّول والأفراد والمؤسسات الوطنية في الدّول العربيّة.

المتابع لخطاب تلك القنوات وهي بالعشرات يرصد مشتركات عديدة، أهمها وحدة الانتماء للجماعات الإسلامية بمختلف تياراتها، ولائها ودعنها للنظام التركي وتمجيد الرئيس طيب أردوغان، وتحريض على الدّول والأنظمة العربية وخطاب تكفيري موحّد يستهدف كافة القوى الوطنية والقومية العربية.

هذا الخطاب التكفيري والتحريضي وصل إلى درجات غير مسبوقة من الخطورة إلى درجة الجرائم الإعلاميّة، من خلال التحريض المباشر على القتل أو الحملات الممنهجة التي تستهدف أشخاصًا بعينهم في ما يشبه عمليات الإيعاز للتصفية والقتل.

آخر هذه العمليات التحريضية استهدفت السياسي التونسي محسن مرزوق، الذي وصلته تهديد جدية بالاغتيال من جهات أجنبية حسب ما ذكرت مصادر اعلامية ورسميّة في تونس. وجاءت هذه التهديدات على خلفية تحريض من أحد القنوات المصرية التبعة لجماعة الإخوان المسلمين التي تبث من تركيا.

ليخرج مرزوق بعد ذلك ببيان توضيحي قال فيه: " شكر كل من تضامن معي وندّد بالتحريض الدنيء والخطير الذي قام به من تركيا المتطرف المصري الهارب ودمية المخابرات التركية الذي كان يهدف لزعزعة الامن الوطني وخلق الفتنة في سياق ما يحصل في ليبيا والوضع السياسي في تونس".

وتابع مرزوق بالقول: "لا أشك ان وزارة الداخلية وأبطال أمننا الذين يوفرون لي ولغيري مشكورين الحماية منذ وقت طويل سيقطعون كل يد آثمة داخل الحدود وخارجها. وهم يفعلون ذلك بصمت وفاعلية. فما يحصل هو عدوان خارجي علينا وعلى أمننا قبل أن يكون على شخصي أو غيري"

وطالب مرزوق  وزارة الخارجية التونسية أن "تدعو السفير التركي لتحتج عليه لان كل ما يحصل على التراب التركي هو مسؤولية تركيا خاصة لما يأتي من دمية مخابراتية يقوم بدور في إطار سياسة تركيا الاقليمية. هكذا تفعل الدول لما تهدد دول أخرى بشكل مباشر أو غير مباشر أمنها"

وليست هذه المرّة التي تمارس فيها هذه القنوات جرائم تحريضية تتجاوز بيها كل أخلاق ومبادئ الإعلام، بل حتى القوانين المدنية العادية من خلال التحريض على التصفية والقتل، مع خطاب تكفيري وتحريضي على درجة عالية من التحريض. 


** تحريض علني بالصوت والصورة: 

موقع دقائق نت المصري نشر تقريرا مفصلا رصد عددا من المشاهد التحريضية الصريحة والدعوات العلنية للقتل والممارسات الإجرامية والتحريضية.

ونشر التقرير خمس نماذج بالفيديو لهذه العمليات التحريضية، وكلها من قنوات تابعة للجماعات الإسلامية وللأنظمة القطرية والتركيّة كقناة العربي وقناة رابعة وقناة الشرق وقناة الجزيرة وقناة الشرق وغيرها من المنصات التابعة للمنظمات والجماعات الإسلامية والدّول الداعمة لها.

أولى النماذج التي نشرها التقرير هو مقطع لأشرف عبد الغفار الذي ظهر على قناة العربي ، المملوكة لقطر، ليعلن عن سياسة استهداف الأهداف المدنية. وصف السياسة بقوله “لا سلمية مطلقة، ولا مواجهة مطلقة.” أشرف عبد الغفار، بحسب التقرير والفيديو المصاحب، ذكر بالتحديد استهداف أهداف مدنية كأبراج الكهرباء. وبرر ذلك بأن الشعب المصري رأى ما يحدث للإخوان ولم يتحرك.


وتابع التقرير بالقول أنّ أشرف عبد الغفار معروف بهذه الآراء العنيفة، وبترويجه للإرهاب. مضيفًا أن القنوات الإعلامية التي تستضيفه تعلم ذلك مسبقا. 

وتابع تقرير موقع "دقائق نت" بالقول: هنا ينبغي التذكير بأن القوانين الإعلامية البريطانية تحظر استخدام القنوات الإعلامية للتحريض على الإرهاب. في الفيديو التالي مثل صريح لتحريض القيادي الإخواني على العمليات الإرهابية.


النموذج التحريضي الثاني، هو البيان التحذيري الذي أطقلته جماعة الإخوان المسلمين عبر قناة رابعة، التي أطلقتها الجماعة من إسطنبول/تركيا، والبيان لحسب التقرير هو الأوضح في استخدام القنوات الفضائية لغرض الإرهاب. البيان شبيه ببيانات تنظيم القاعدة، وداعش. لا يختلف عنهما إلا في ملمح واحد. المذيع يرتدي بذلة وربطة عنق، وفق نص التقرير 

وقال التقرير أن هذا يشير إلى التطور الأساسي الذي أضافته قطر وتركيا على صنعة الإرهاب. صار الإرهابيون يرتدون ملابس حديثة، ويبثون من استديوهات.

وأوضح التقرير بالقول: في الفيديو تهديد باستهداف السياح والبعثات الدبلوماسية والمصالح الأجنبية في أنحاء الشرق الأوسط، والتابعة للدول التي لم تقاطع الدولة المصرية بعد الإطاحة بمرسي.


ثالث النماذج، هو الفيديو الذي يظهر فيه محمد ناصر، وهو مذيع في قناة الشرق التي تبث من تركيا، وهو يقول “اقتلوهم،” مشيرا إلى ضباط الشرطة، ويضيف “وأنا بقول لزوجة كل ظابط، زوجك هيموت.. العيال دي راصدة الضباط وأسرهم وهتقتلهم وناويين على جريمة، العنف هيبقى جوا بيوت الظباط”.

وعلّق التقرير بالقول أن، قناة الشرق، ومحمد ناصر بالتحديد، تستضيف مسؤولين أتراكا رسميين.


أمّا النموذج الرابع، فهو فيديو حين يسأل الشيخ يوسف القرضاوي: هل يجوز لشخص أن يفجر نفسه في مجموعة تابعة للنظام السوري، وإن أسفر ذلك عن سقوط مدنيين؟

وملخص القرضاوي أنه يجوز، ما دام الأمر من الجماعة. هذا ما تستند إليه التنظيمات الإرهابية حول العالم في تفجيراتها. أنها صادرة بأمر الجماعة لتحقيق مكاسب لها.


وتابع التقرير أنّ الخطوة التالية بعد نشر الفتاوى المحرضة على الإرهاب على قناة الجزيرة وغيرها من القنوات التابعة للتحالف العثماني (تركيا قطر الإخوان)، هي نشر الأوامر المباشرة من قادة في الجماعة. بحيث يكون “أمر الجماعة” قد صدر.

النموذج الخامس بحسب التقرير هو ما أسمته "تمجيد الإرهاب والتغطية عليه" من خلال مثال عمر الديب، ابن القيادي الإخواني إبراهيم الديب، الذي اعتبره التقرير "النتيجة الطبيعية للشحن الذي تقوم به القنوات الإخوانية عبر الدعم القطري التركي".

وتابع التقرير بالقول أنّ "عمر الديب التحق بصفوف الجناح العسكري، داعش، ونفذ عمليات ضد الشرطة المصرية، قتل في أحدها" غير أنّ القنوات القطرية والتركية نظمت حملة تدعي أنه كان مختف قسريا، وأنه قتل قتلا متعمدا، ووصفته بالشهيد، بحسب التقرير.


وتابع التقرير أنّه لاحقًا، ظهر الديب الابن في فيديو بثته داعش، يعلن البيعة لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، ويكشف عن عدد من العمليات التي انخرط فيها ضمن صفوفها، ويعلن التنظيم أنه قتل ضمن صفوفها.