على مدى الأشهر الماضية، ومنذ إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التدخل العسكري في ليبيا، نقلت بلاده آلاف المرتزقة السوريين إلى طرابلس لدعم المليشيات المسلحة، في معاركها ضد الجيش الوطني الليبي في غرب البلاد،وبالرغم من الحديث عن المرتزقة السوريين كرأس حربة لمخططات أردوغان لنشر الفوضى في بلد عمر المختار فان جنسيات أخرى للمرتزقة برزت في الساحة الليبية خدمة لأطماع أنقرة.

آخر التطورات كشفت عن قيام المخابرات التركية،بنقل مئات المسلحين من تنظيمات إرهابية، يحمل معظمهم الجنسية التونسية، من الأراضي السورية إلى ليبيا خلال الأشهر الأخيرة، بحسب ما كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، الجمعة.وقال المرصد إن المخابرات التركية نقلت أكثر 2500 من عناصر داعش، ممن يحملون الجنسية التونسية إلى ليبيا، بأوامر من حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان.

وبعد يوم واحد فقط على كشف إرسال تركيا مجموعات من الإرهابيين من ذوي الجنسية التونسية إلى ليبيا، أعلنت تونس التحرك عسكريا لتأمين حدودها مع الدولة الغارقة في الفوضى، خشية أن يتسلل هؤلاء إلى بلادهم ويعيثون فيها فسادا. وحذر وزير الدفاع التونسي، عماد الحزقي من خطورة الوضع في ليبيا وحالة الحرب التي تشهدها، مشيرا "تصاعد في وتيرة محاولات التسلل" من ليبيا إلى تونس.

وأكد أن السلطات "ضاعفت من الحيطة والحذر" على حدود ليبيا بعد تصاعد محاولات اختراق الحدود.وقال إن الخشية من تسلل الأجانب إلى تونس لا تمكن في فيروس كورونا، إنما في احتمال تدفق مرتزقة إليها.وشدد على أن "الجيش الوطني سيتصدى بكل صرامة وحرفية لكل ما من شأنه أن يهدد سلامة التراب الوطني وأمن تونس".

وبالاضافة الى الجنسية التونسية عمد النظام التركي الى ارسال مرتزقة يمنيين للقتال في ليبيا،وأكدت مصادر عسكرية واستخباراتية ليبية وصول 200 من المرتزقة اليمنيين إلى ليبيا،أواخر يونيو الماضي، للقتال نيابة عن حكومة الوفاق المدعومة من تركيا.وأضافت المصادر، أوردتها "بوابة، أن ميليشيات تابعة لحزب الإصلاح في مأرب أرسلت مقاتلين إلى تركيا تحت ستار تلقي العلاج في المستشفى، حيث تم نقلهم إلى العاصمة الليبية طرابلس.

وأكد موقع صحيفة 4 مايو الإلكترونية اليمنية، أن حزب الإصلاح يحاول توطيد التحالف العسكري مع تركيا من خلال القتال إلى جانبها في ليبيا، تمهيدا لاستدعائها للتدخل في اليمن.ونقلت الصحيفة عن مصادر، أن القوات المسلحة العربية الليبية، أسرت عددا من المقاتلين اليمنيين من حزب الإصلاح في ليبيا، من بينهم (طه الأهدل طالب كان يدرس في تركيا، ومحمد ردمان وعبد الرزاق ردمان، وكلاهما من مديرية الرجم في المحويت).

وتداول ناشطون يمنيون في مواقع التواصل الاجتماعي فيديو، يظهر فيه أسر الجيش الليبي لمرتزقة يمنيين تم القبض عليهم في ليبيا، وهم يقاتلون إلى جانب مرتزقة من سوريا وتونس،حيث اعترفوا بانتمائهم إلى محافظة تعز وسط اليمن، وهي المحافظة التي يسيطر عليها الإخوان المسلمين بالشراكة مع المليشيا الحوثية، وفقًا لما أظهرت لقطات الفيديو.

وتزامن ذلك مع ظهور دعوات إخوانية يمنية، تطالب بالاستغناء عن دور التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، واستبداله بتركيا، وهو ما كشف بحسب مراقبين التنسيق والإعداد الكامل الذي يقوم به التنظيم الدولي، لإعادة الاحتلال التركي للوطن العربي.وفي مايو الماضي، حذرت مجلة "ذا اراب ويكلي" البريطانية الأسبوعية في تقرير لها، من أن الوجود المتزايد لتركيا في اليمن، وخاصة في المناطق الجنوبية، يثير القلق في جميع أنحاء المنطقة بشأن الأمن في خليج عدن وباب المندب.

وفي سياق متصل،تحدثت تقارير إعلامية عن توجّه تركي للاستعانة بمقاتلين صوماليين تدربوا في قطر، للمشاركة في المعارك الدائرة في ليبيا إلى جانب الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق ضدّ الجيش الوطني الليبي،وذلك بالتزامن مع زيارة وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إلى قطر ولقائه بأميرها تميم بن حمد آل ثاني له بالعاصمة الدوحة.

وأكد موقع "ليبيا ريفيو"،الناطق بالإنجليزية، أنّ الزيارة مرتبطة، على الأرجح، بالملف الليبي الذي يشهد تطورات سريعة في المشهدين؛ السياسي والعسكري.وقال الموقع نقلاً عن مصادر خاصة: إنّ تركيا تدرس الآن خيارات أخرى، والتي قد تشمل إرسال عدد من الضباط الصوماليين لدعم حكومة الوفاق في ليبيا.

وجاءت زيارة أكار المفاجئة إلى قطر بعد يوم واحد من إصدار البنتاغون تقريراً كشف فيه أنّ تركيا أرسلت ما بين 3500 و 3800 مقاتل مدفوع الأجر إلى ليبيا لدعم ميليشيات حكومة الوفاق، في إشارة إلى المرتزقة من الفصائل السورية المختلفة الذين نقلتهم تركيا إلى ليبيا.وكشف التقرير الأمريكي عن انتهاكات النظام التركي وإرسال المرتزقة السوريين إلى ليبيا،وهو ما كشفت عنه بالفعل في العديد من التقارير المحلية والدولية السابقة.

وكان المرصد السوري نشر قبل أيام، أن دفعة جديدة من المقاتلين الجهاديين أرسلتهم الحكومة التركية إلى ليبيا، للمشاركة في العمليات العسكرية إلى جانب حكومة الوفاق ضدّ الجيش الوطني الليبي.ووفقاً لإحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن أعداد المجندين الذين ذهبوا إلى الأراضي الليبية حتى الآن، ترتفع إلى نحو 16100 مرتزق من الجنسية السورية قُتل منهم حوالي 500 مسلح، في حين تواصل تركيا جلب المزيد من عناصر الفصائل المرتزقة إلى معسكراتها وتدريبهم.

وترى منظمات دولية ان عدد المرتزقة الذين ارسلتهم تركيا الى ليبيا اكبر من ذلك بكثير وان كثيرا منهم قيادات بارزة في القاعدة وداعش.وكان الجيش الوطني الليبي القى القبض في مايو /ايار الماضي،على قيادي سوري من امراء داعش يدعى محمد الرويضاني ويكنى بابو بكر الرويضاني وهو ما يؤكد صلة المرتزقة بالمتشددين.

في مايو الماضي، وصل والي حمص الأمني السابق في تنظيم داعش، إلى ليبيا مع 50 عنصراً من الجنسية السورية ممن كانوا معه في ريف حمص الشرقي في منطقة تدمر.وأكد رامي عبدالرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنّ المرصد "في حوزته الأسماء الكاملة للدواعش الذين تمّ نقلهم من سوريا إلى الأراضي الليبية، وذلك في حال طلبها الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان الذي لطالما تمّ اتهامه بأدلة قاطعة بتقديم كافة أشكال الدعم لتنظيم الدولة الإسلامية".

ومع تنامي خطر المرتزقة الذين تورطوا في جرائم خلال الاشهر الماضية عند اقتحام عدد من مدن الغرب الليبي تصاعدت التحذيرات الاقليمية والدولية من امكانية تهديد امن المنطقة بعمليات ارهابية.وعبرت عدد من الدول العربية والأوروبية عن مخاوفها الشديدة من تهديد المجموعات المتشددة لامنهما القومي.

هددت القاهرة بالتدخل العسكري في حال قررت الميليشيات وامرتزقة، مهاجمة مدينة سرت وقاعدة الجفرة.وأعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في 20 يونيو / حزيران ،عن سرت والجفرة خطًا أحمر ، إذا تم تجاوزه ، فإن تدخل مصر المباشر سيكون مشروعًا دوليًا. وذلك لأن مجلس النواب والقبائل الليبية المنتخبة سيطلبها ، وتتوافق مع قرارات مجلس الأمن الدولي ومؤتمر برلين الداعي إلى حل سياسي ، وحظر نقل الأسلحة إلى ليبيا.

في 16 يوليو،التقى قادة القبائل الليبية بالرئيس عبد الفتاح السيسي حيث فوضوا القوات المسلحة المصرية لصد تركيا ومرتزقتها من دخول وسط ليبيا.وجاء ذلك بعد أن قدم مجلس النواب الليبي في 14 يوليو / تموز طلب التدخل المصري لدحر العدوان التركي.وأكد الرئيس المصري،خلال لقائه بمشايخ وأعيان القبائل الليبية، أكد السيسي خلاله أن مصر "لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة أي تحركات تمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري والليبي"، وفق بيان للرئاسة المصرية.

و تطمح تركيا إلى بقاء دائم في ليبيا وتثبيت حكم الإخوان والاستيلاء على الثروات الليبية ومنطقة المتوسط الغنية بالمحروقات.واشترط النظام التركي في وقت سابق وقف اطلاق النار في ليبيا بانسحاب الجيش الوطني الليبي من مدينة سرت والحقول الليبية ما كشف بوضوح أطماع أردوغان في الثروات النفطية الليبية.لكن هذه الأطماع تصطدم بإصرار ليبي على حماية ثروات البلاد وبدع من بمصر،الجارة القوية لليبيا والتي يرى مراقبون أنها قادرة على دحر مرتزقة تركيا مهما كانت أعدادهم وتسليحهم.