مرّ أسبوع على إغتيال محمد إشتيوي عميد بلدية مصراتة دون البض على الجناة أو إعلان هوياتهم . وجاء إغتيال عميد بلدية مصراتة بعد تحذيرات و تهديدات تعرض لها سابقا بسبب مواقفه التي يرى معارضوه أنها تتعارض مع أهداف قوى الإسلام السياسي والميلشيات المتحالفة معها ، ومن ذلك مساهمته في إطلاق سراح عدد من سجناء النظام السابق في سجون الميلشيات بالمدينة ، وإبرامه إتفاق المصالحة مع بلدية تاورغاء المجاورة التي تم تهجير سكانها وعددهم 45 آلف نسمة الى مخيمات داخل البلاد من قبل الجماعات المسلحة ، ودعوته للمصالحة الوطنية ، إضافة الى مواقفه الحازمة من مسلحي مجلس ثوار بنغازي الإرهابي المرتبط بتنظيم القاعدة ، والذي لجأ عدد من عناصره الى المدينة
وفي مارس الماضي ، أعلن المجلس العسكري مصراتة ، تنحية المجلس البلدي المنتخب بكامل أعضائه وتشكيل لجنة تسييرية لإدارة شؤون المدينة، في إطار ما سمي آنذاك بإنقلاب الميلشيات القريبة من المفتي المعزول الإرهابي الصادق الغرياني على السلطة المدنية المنتخبة ، ومن جانبه قال المجلس البلدي مصراتة إن المدينة تشهد نوعاً من الفوضى واللغط يقوم بها مجموعة لاتمثل كافة أطياف المدينة «وتريد فرض رأيها بالقوة و بطريقة غير مقبولة».وأكد «أنه مستمر في عمله ولن يرضى بالتعدي على شرعية من انتخبوه لإدارة المدينة بطريقة سلمية وحضارية»، معرباً عن رفضه القاطع لـ«تزعم وتدخل ضباط عسكريون في الشؤون المدنية للمدينة».
وفي مايو الماضي ، أفاد عميد بلدية مصراتة محمد اشتيوي أنه "خلال جلسة عقدها المجلس البلدي مصراتة مع وفدٍ من أعيان مدينة سرت، وبعض قيادات البنيان المرصوص بقاعة جهاز الإسكان والمرافق، اقتحم مجموعةٌ من المعتصمين ضد المجلس البلدي، واعتدوا بالضرب على بعض العناصر الأمنية التي كانت تقوم بتأمين الإجتماع". وأضاف اشتيوي أن تلك المجموعة "تمكنت، تحت التهديد والإكراه، من انتزاع طلب استقالة منه"، مؤكدا أنه "لم يكن أمامه من خيار إلا الحفاظ على سلامة الحاضرين والضيوف، وسط إقفال القاعة، ومنع الجميع من مغادرتها وتوقيع طلب الإستقالة تحت هذا الإكراه".
وأوضح اشتيوي أن "طلب الإستقالة المنتزع تحت التهديد لا يمثله في شيء، ولا عبرة له من الناحية القانونية، وإنما يُعد خرقاً واعتداءً أخلاقياً ارتكبته مجموعةٌ خارجة عن القانون ضد مؤسسة منتخبة تمثل مدينة مصراتة"، مؤكدا أنه "مستمرٌ في ممارسة عملي بصفة عميد بلدية مصراتة"، على حد تعبيره.
ومساء الأحد الماضي ، تعرض إشتيوي للإختطاف بالقرب من مطار مصراتة ، ثم أغتيل وتم الرمي بجثته في وسط المدينة ، تزامنا مع إحياء الذكرى الثانية للإتفاق السياسي بمدينة الصخيرات المغربية الذي كان من أبرز داعميه ،
ويرى مراقبون أن هذه الحادثة يمكن أن تؤدي الى مواجهات دموية بين ميلشيات مصراتة ذات التوجهات المتناقضة ، والتي يدعم بعضها المصالحة الوطنية ويعمل على تقديم مصالح البلاد العليا ، في حين يأتمر البعض الأخر بأوامر قوى الاسلام السياسي المرتبطة بقطر والتي تعمل على تعقيد الأوضاع من خلال تحالفها من الجماعات الإرهابية الفارة من مناطق سيطرة الجيش الوطني والمطرودة من العاصمة طرابلس
ويرى مراقبون أن على جهات الإختصاص العودة الى الماضي القريب وملاحقة من قاموا بتهديد اشتيوي وإجباره على الإستقالة وإقتحام المجلس البلدي ، مشيرين الى عملية الإغتيال تفضح هوية من قاموا بها ، وهي وفق تفاصيلها ، مرتبطة بهدف سياسي واضح وليست عملا إرهابيا من تلك الأعمال التي إعتاد على تنفيذها تنظيم داعش إو تنظيم القاعدة
وقد أعربت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا عن إدانتها واستنكارها الشديدين حيال واقعة إغتيال عميد بلدية مصراتة محمد اشتيوي من قبل مسلحين مجهولي الهوية قرب مطار مصراتة عقب عودته من تركيا ليلة البارحة بمدينة مصراتة.
و إعتبرت في بيان لها ، حادثة إغتيال عميد بلدية مصراتة محمد اشتيوي مؤشرا خطيرا جداً على عودة موجة الاغتيالات السياسية لتصفية حسابات سياسية وعلى حالة انعدام الأمن والإستقرار والفوضى التي تشهدها البلاد نتيجةً لانتشار السلاح وسيطرة الجماعات والتشكيلات المسلحة.
وأشارت اللجنة إلى أن هذه الحادثة تعد مؤشر على تصاعد مؤشرات وسائل قمع وتكيميم الافوه والإقصاء وكما تدل هذه الجريمة النكراء على حجم المخاطر والتهديدات التي تستهدف الشرائح الإجتماعية للمجتمع الليبي والتي من بينها عمداء البلديات وأعضاء الهيئات القضائية والمشائخ والحكماء والأعيان ونشطاء المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان التي تعمل على وقف العنف والنزاعات ورأب الصدع وتسعى إلى دعم جهود ومساعي التسوية السياسية وتحقيق المصالحة الوطنية والاجتماعية الشاملة في ليبيا.
وطالبت اللجنة مكتب النائب العام ووزارة الداخلية بحكومة الوفاق بفتح تحقيق شامل وعاجل في واقعة إغتيال عميد بلدية مصراتة محمد اشتيوي وكشف ملابساتها وتحديد الطرف المسؤول عن هذه الجريمة وتقديمه للعدالة ومحاسبتة.
ودعت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان للعمل بشكل جاد وسريع على حماية شرائح عمداء البلديات وأعضاء الهيئات القضائية والمشائخ والحكماء والأعيان ونشطاء المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان في عموم ليبيا وذلك نظراً لحجم المخاطر والتهديدات التي تستهدفهم بشكل مباشر من قبل الجماعات الخارجة عن القانون وعصابات الجريمة المنظمة والجماعات والتنظيمات الإرهابية والمتطرفة.
إختطاف ثم إغتيال
وكان المجلس البلدي لمدينة مصراتة الليبية ، أعلن الحداد 3 أيام على مقتل اشتيوي الذي اغتاله مسلحون مجهولون رميا بالرصاص مساء الأحد الماضي بعد خروجه من مطار مصراتة فور عودته من تركيا.
في الأثناء ، أكد الناطق باسم مستشفى مصراتة المركزي، أكرم قليوان، أن مجموعة مسلحة مجهولة خطفت اشتيوي فور خروجه من مطار مصراتة قبل أن تغتاله رميًا بالرصاص ، وقال إن عميد بلدية مصراتة المنتخب كان عائدًا من زيارة رسمية إلى تركيا رفقة عدد من الحكماء والأعيان وأعضاء مجلسي النواب والدولة عن مصراتة ، وقد «تم اقتياده إلى مكان مجهول من قبل مجموعة مسلحة مجهولة الهوية نفذت عملية تصفيته بطريقة بشعة، حيث تم إطلاق الرصاص على رجليه وضربه بآلة حادة على الرأس وتم رمي الجثة أمام إحدى المصحات الخاصة بمدينة مصراتة، ومن هناك تم نقله إلى مشرحة مستشفى مصراتة المركزي».
وأبرزت مصادر محلية أن اشتيوي أطلق عليه الرصاص عند الإشارة الضوئية التي تبعد عن مدخل المطار بـ 500 متر تقريبًا وقتل على الفور، ثم ألقيت جثته بجانب مستشفى الصفوة في المدينة.