بعد إستقالة القيادي حمادي الجبالي من حركة النهضة وإنسحابه منها نهائيا ، أعلن القياديان الحبيب اللوز والصادق شورو المعروفان بأنها يمثلان الجناح المتشدد في الحركة عن موقف لا يقل حدة عن موقف الجبالي حيث أكدا دعمهما الكامل للمترشح الرئاسي المنصف المرزوقي وإنتقدا موقف حركة النهضة الغامض وإعتبراه غير مبرر ،وهو ما يؤكد حقيقة الصراعات التي بدأت تطفو على سطح حركة النهضة
وفيما يلي الموقفان كما وردا في رسالتي الصادق شورو والحبيب اللوز
موقف الصادق شورو
تمر بلادنا هذه الايام بلحظة تاريخية هي من اخطر اللحظات في تاريخ بلادنا ما بعد الثورة ، ذلك ان نتيجة الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية القادمة سترسم مصير البلاد ، ليس لفترة السنوات الخمسة القادمة فحسب ، وانما لعشر سنوات او اكثر، ولان هذا المصير سيكون من بين احد مشروعين كبيرين متناقضين :
الاول : سمته الكبرى انه سيقود البلاد ، بعد اجل لن يتجاوز السنة ، الى وضع لن يختلف كثيرا عن الوضع الذي عشناه في حقبة ما قبل الثورة ، بكل مآسيه وآلامه وأحزانه وفساده وظلمه وظلماته ، ذلك ان القائمين على هذا المشروع اليوم كانوا هم الفاعلين الرئيسيين والضالعين الى الأذقان في مشروع الدكتاتورية الفاحشة الذي اطاحت به ثورة الشعب العارمة ، وكل ما في الامر انهم غيروا اسمهم خداعا للراي العام ، فهؤلاء لن ينتظر منهم الا ما تعودوا عليه من قمع للحريات واستبداد بالسلطة واستحواذ على خيرات البلاد لفائدتهم الخاصة وارتهانهم لمشاريع الهيمنة الخارجية ، فهذه هي حقيقة المرشح عن هذا المشروع الاول للدور الثاني من الانتخابات الرئيسية .
الثاني : هو نقيض المشروع الاول ، لانه يبشر بالمضي قدما في مشروع الحرية والكرامة والعدالة وبالسعي الى ترسيخ هذا المشروع في الواقع السياسي والاجتماعي ، وبالعمل على استكمال استحقاقات
الثورة ، وأولها التصدي للقوى المضادة للثورة التي جمعت كل وسائلها الخبيثة للاجهاز على كل نفس ثوري في البلاد ، ومرشح هذا المشروع للدور الثاني من الانتخابات الرآسية ، قد برهن ، سواء من خلال ماضيه
النضالي في مجال الحقوق والحريات ، او من خلال المسؤولية التي تحملها طيلة السنوات الثلاثة الماضية ،
بانه جدير بان يكون حامل لواء هذا المشروع في الفترة الرآسية القادمة بإذن الله تعالى
ازاء هذا الوضع الخطير اريد ان اقول ثلاث كلمات للتاريخ :
الاولى: الى قيادة النهضة ، انها ان لم تعلن انحيازها للمشروع الثاني اعلانا لا لبس فيه في هذا الضرف بالذات فإنها تخطيء خطئين تاريخيين كبيرين :
الاول : في حق البلاد ، لانها ستفوت عن البلاد المصلحة الكبرى التي ستتحقق اذا كتب لهذا المشروع الفوز
في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية ، وستفتح الباب لمفسدة كبرى وكارثة عظمى ستصيب البلاد حتما بفوز المشروع الاول ، ان هي تمادت في غموضها او صدر عنها ما يفهم منه انحياز للخيارالاسوء
الثاني : في حق النهضة ، لان اي قرار تتخذه القيادة يفهم منه مساندة الخيار الاول ، ولو بطريقة غير مباشرة، سيحدث في الحركة شرخا كبيرا بدأت تباشيره تظهر للعيان في صورة استقالات وانسحابات فعلية في القيادات المركزية ، وقد ينتهي الى ما لا يحمد عقباه ، فضلا عما هو حاصل الآن من تناقض كبير بين
موقف القيادة والقواعد من المرشحين للرآسية ،
على القيادة ان تتقي الله في مصلحة البلاد ، وعليها ان تتق الله في وحدة الحركة ، ولتستشعر عظم مسؤوليتها
في هذا الشأن ، ولتحذر محاكمة التاريخ لتبعات أخطائها فان التاريخ لا يرحم .
الثانية : الى قواعد الحركة ، لا ارى خيارا لكم الا ان تلتزموا دعم مرشح الخيار الثاني ، لانه دعم لخيار الحق ، إنكم مسؤولون عن خياركم ومحاسبون عليه ، لا عذر لكم ان انتم وقفتم وقفة المتفرج ، ولن يشفع لكم احد ان انتم اخترتم اختيار السوء ، ولن ينجيكم من سوء العاقبة الا ان تقفوا مع الحق وتسندوه .
الثالثة : الى عامة الشعب ، لا تغتروا بالوعود الكاذبة التي يقدمها لكم من كانوا سببا في مآسيكم وفقركم
وبؤسكم والبغي عليكم ومصادرة حقكم في العيش الكريم ، إنكم ان اخترتم مرشحهم او ان انسحبتم من الانتخابات فإنكم ستندمون يوم لا ينفع الندم ، لأنكم سترون منهم ما هو أدهى وامر مما اصابكم منهم في سنوات الذل والمهانة ، انه لن ينجيكم من شرورهم الا ان تعطوا صوتكم الى مرشح خيار الحرية والكرامة والعيش الكريم .
أخوكم الصادق شورو
موقف الحبيب اللوز
تقاطرت علي في الآونة الأخيرة عديد المكالمات الهاتفية يستفسر أصحابها عن حقيقة موقف الحركة من الانتخابات الرئاسية وعما تناهى إلى مسامعهم من تصريحات توهم أن الحركة تتجه إلى التحالف أو التشارك مع حزب نداء تونس و أنا استشعارا مني بالمسؤولية تجاه أبناء حركتنا وتجاه عموم شعبنا أجدني مضطرا إلى الإدلاء بهذا التوضيح :
أولا: إن قرار مجلس الشورى هو وحده الكفيل بتحديد موقف الحركة وهذا القرار هو : ( المحافظة على الموقف السابق لمجلس الشورى و المتمثل في دعوة أبناء الحركة وعموم الناخبين إلى الانخراط في العملية الانتخابية بكثافة من أجل انتخاب من يرونه مناسبا لاستكمال المسار الديمقراطي و تحقيق أهداف الثورة في الحرية والديمقراطية والعدالة ) و إني في هذا السياق ألفت النظر الى أن الموقف الأصلي الذي انبنى عليه قرار مجلس الشورى الأخير قد تأسس على مقدمات مبدئية منها قطع الطريق على عودة منظومة الفساد والاستبداد ومنع التغول والانفراد وتحقيق التوازن السياسي في البلاد وهو موقف كان استجابة لرأي عام عبر عنه عموم أبناء الحركة في الداخل والخراج ودعوا فيه إلى رفض أي تحالف مع حزب نداء تونس كما دعوا بقوة إلى دعم مرشح بعينه رأوه أكثر قدرة على خدمة أهداف الثورة لذلك فإن كل التصريحات الداعية إلى الحياد التام السلبي أو إلى عدم الاقتراع أو وضع ورقة بيضاء هي تصريحات منافية للصواب وغير منضبطة لقرار مجلس الشورى بل إن التصريحات التي عنونت موقف الحركة على أنه( حياد أو عدم انحياز) لم تكن دقيقة ولا هي منبثقة من قرارات المؤسسات إذ العنوان الذي أقرته المؤسسات مرارا في مداولاتها وعبر عنه رئيس مجلس الشورى بنفسه هو التفويض لأبناء الحركة وأنصارها وعموم الناخبين في سياق التوجيه الذي عرضه البيان نفسه .
ثانيا: إن كل التصريحات التي ظهرت في الأيام الأخيرة زاعمة أنها تعبر عن موقف الحركة و التي أعلنت عن مد اليد الى حزب نداء تونس وعن الاستعداد الى التحالف أو التشارك معه هي تصريحات متجاوزة أيا كان المدلي بها باعتبارها لم تلتزم بحدود ما قرره مجلس الشورى الممثل لأعلى سلطة في الحركة بين مؤتمرين.
ثالثا : إن هذه الدعوات تمثل مسلكا غريبا عن حركتنا وخياراتها الإستراتيجية طيلة تاريخها إذ ظلت حركتنا باستمرار حركة مشروع حضاري متميز وقيم ونضال سياسي ضد الفساد والاستبداد لهذا فإني أعتبر أن هذا الدفع المتكرر نحو حزب نداء تونس من طرف البعض يمثل خطرا على مناخات الشورى داخل الحركة وبالتالي على وحدتها وتماسكها و إني أحسب أن موقف الأخ حمادي الجبالي الأخير كان مترتبا في جزئ منه عن تلك التجاوزات والتكريسات غير المبررة لذا فإني أهيب برئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي أن يتحمل مسؤوليته كاملة لوقف هذه التجاوزات والإحاطة الجادة بالموقف عبر الدفع من موقعه الى الانضباط التام لمؤسسة القرار الأولى وعبر منع كل أشكال التكريس والتفلت وذلك من أجل ضمان وحدة الحركة قيادة و مناضلين وأنصارا وبما يضمن استمرار مناخات التوالف والانسجام والحكمة والحلم والرشد
'' فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160) آل عمران
والله من وراء القصد وهو الهادي الى سواء السبيل والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم الحبيب اللوز