باتت وسائل التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة "إعلاما اجتماعيا أو مجتمعيا" يلعب دوره الهام في تناقل المعلومة وتداولها وحتى صناعتها فقد تجاوزت وسائل التواصل الاجتماعي مفهومها الضيق من تبادل للتعارف والدردشات وغيرها إلى صناعة المحتوى وتوزيعه على أوسع نطاق وباتت أهم أدوات التأثير في صناعة الرأي العام وتشكيله و"تثقيف المجتمعات" بتقريب الأحداث والمفاهيم على اختلافها. لكن يبقى التساؤل قائما هل وسائل التواصل الاجتماعي إعلام بديل؟ ماهي تأثيرات ذلك على الصحافة في محيطنا المغاربي؟

اختلفت التسميات وتعددت حول الأخبار والأحداث الموثقة بالصور والفيديوهات التي يتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي فمنها من يلقبها بـ"صحافة المواطن" ومنها من يسميها "صحافة المجتمع" وغيرها من التسميات عربيا وعالميا. فلا يمكن أن خفى دور وسائل التواصل الاجتماعي على أحد في تغيير مفاهيم تداول المعلومة ونشرها.

كما في دول العالم تلعب وسائل التواصل الإجتماعي في الدول المغاربية دورا مهما في طرح القضايا على الرأي العام الذي بات يستطيع النفاذ إلى المعلومة في كل وقت وفي أي مكان من خلال جهازه المحمول سواء كان حاسوبا أو هاتفا جوالا فلم تعد المعلومة تتطلب ذلك المجهود الكبير من السعي خلفها بل أصبحت متاحة بقرصة زرّ. فحسب المحللين لم يتأخر المغرب العربي عن مواكبة التطورات الرقمية الإلكترونية المتسارعة رغم بعض العقبات.

لذلك لم تكن الصحافة المغاربية هي الأخرى أقل مواكبة لهذه التطورات المتسارعة بل اتخذت بدورها من وسائل الاجتماعي وسيلة لنشر المعلومة وتداولها بالوصول إلى أكبر عدد ممكن من المتابعين ووسيلة للاستيقاء المعلومات والأخبار والفيديوهات بعد التأكد من صحتها خاصة وأن مساحة الزيف في وسائل التواصل الاجتماعي واسعة جدا.

تطور استخدام الأنترنت على نحو متسارع خلال السنوات الأخيرة ببلدان المغرب العربي وحقق الشباب المغاربي إنجازات رقمية هامة وكان من أكثر المواكبين لهذا التطور السريع عربيا وعالميا. كذلك الصحافة المغاربية التي سارعت بدورها إلى مواكبة ركب التطورات الرقمية واستغلال ذلك لمصلحتها. فوسائل التواصل الاجتماعي توفر الكثير للصحافة اليوم رغم بعض السلبيات التي لا تقارن بإيجابياتها.

لم تكن المعلومة متاحة للجميع ولم يكن نشر الخبر يسيرا إلى هذا الحد بل لم تكن أشكال الصحافة متعددة ومتنوعة أيضا. لقد فرضت وسائل التواصل الاجتماعي على الصحافة  المغاربية أنماطا جديدة تواكب التطورات الرقمية بأساليب تخدمهما معا وتقدم للمتابع مادة وإن لم تكن دسمة أحيانا ولا ترقى للصحافة التقليدية وعمقها إلا أنه واقع العرض والطلب بين الصحافة ووسائل الإعلام في وقتنا الحاضر.

تعتبر وسائل التواصل الإجتماعي حسب الخبراء والمحللين نهضة تاريخية من انتكاسة الإعلام التقليدي المقيد بدول المغرب العربي وهوامشه المحدودة إلى فضاء أرحب بتقنيات كثيرة ومختلفة. فبفضل شبكات التواصل الاجتماعي، يزداد عدد مشاهدات الأخبار والمقالات ويتضخم الجمهور الذي كان مقتصرا على الفئة المثقفة القادرة على الوصول للنسخ الورقية، يفيد المحللون أنه لا يمكن القول أن شبكات وسائل التواصل الاجتماعي ليست ضارة بوسائل الإعلام بقدر إفادته. بل إنها تمثل نقطة انطلاق قوية لإبراز ما تقدمه الصحافة بكل أنواعها للمجتمعات.

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مصدرا للتمويل والرزق للكثير من الصحفيين والمواقع الإعلامية حيث يوفر الكثير منها مقابلا لعدد المشاهدات والمتابعين ما يفتح أمام الصحفيين مجالات أوسع لنشر مقالاتهم وأعمالهم. وقد لعب هذا التكامل بين الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي والانتشار الواسع على خدمة الكثير من القضايا في المجتمعات المغاربية.

يبقى أهم النقاط السلبية هي الأخبار الزائفة والمضللة وانعدام المصداقية التي من شأنها المس من شفافية ومصداقية بعض وسائل الإعلام لكنها حسب الخبراء والمحللين لا تؤثر بشكل كبير على علاقة التكامل العام بين الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي حيث تبقى وسائل الإعلام الموثوقة مصدرا هام للمعلومة الصحيحة والمؤكدة. وتبقى الصحافة وتداول المعلومة ونشرها بدورها من أبرز وأهم أعمدة التواصل الاجتماعي فمنذ تغيير الشكل التقليدي لوسائل التواصل الاجتماعي أيضا لتصبح مجالا لتبادل المعلومات والأخبار ازداد انتشار استعمالها بدورها.

لذلك فإن الصحافة المغاربية لا يمكنها التخلف عن ركب التطورات الرقمية السريعة واستغلالها لصالح تطورها وانتشارها خاصة وأن العالم يعيش ثورة رقمية متسارعة وغزو غير مسبوق لمواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت من العادات اليومية للشعوب العالمية.