تاورغاء قد لا يعني هذا الإسم شيئا لمحترفي الدفاع عن حقوق الإنسان وللمنظمات الدولية والإقليمية وللدعاة وشيوخ الدين والمتاجرين بمعاناة البشر ،وقد يكشف لآخرين عن حقيقة المآسي الخفية للربيع العربي وعن الجرائم التي ترتكب بإسم الحرية والديمقراطية والثورة ، وأمام صمت ضمير العالم وتجاهل وسائل الإعلام تستمر المأساة وتتسع رقعة الجريمة ،ويعاني آلاف من ليبييي الداخل التهجير القسري من مناطقهم ،حيث تعتبر مأساة مدينة تاورغاء الساحلية نموذجا للمأساة الليبية بوجهها المؤلم والذي يتخذ بعدا عنصريا خصوصا عندما نعرف أن تاورغاء كان يسكنها أربعون ألفا من ذوي البشرة السمراء تم إجلاؤهم من قبل ميلشيات مسلحة من مدينة مصراتة بدعوى دعمهم لنظام القذافي الذي كان يحترم السود ويرتبط بعلاقات متميزة مع الأفارقة وحقق المساواة بين السود والبيض أمام القانون في حين بقيت رواسب العبودية في ثقافة نسبة من الليبيين

وبعد الإطاحة بنظام القذافي تم تهجير سكان تاورغاء من مدينتهم وهدم مساكنهم وقتل المئات منهم وإعتقال عدد كبير من التاورغيين في سجون الميلشيات ، وتم نشر إشاعات عن إغتصاب  مجندين من تاورغاء لنساء غير أن لجنة تحقيق محايدة أكدت عدم صحة الإشاعة وهو ما نفاه المجتمع المصراتي الذي إعتبر الإشاعة مسيئة للنساء المحليات وللتقاليد العربية الإسلامية 

وعجزت الحكومة الليبية عن إيجاد حل لأهالي تاورغاء رغم أن  أعضاء المؤتمر الوطني العام في ليبيا صوتوا يوم  8 ديسمبر الماضي على خارطة طريق معنية بعودة المهجرين من منطقة باطن الجبل ومدينة تاورغاء إلى ديارهم. وذكر مصدر من المؤتمر الوطني أن عدد الذين صوتوا على هذا القرار 118 عضوا من بين 135 حضروا الجلسة . وأوضح المصدر أن المهجرين من منطقة باطن الجبل سيتم التنسيق لعودتهم إلى منطقتهم خلال 10 أيام من التصويت على هذا القرار. وأضاف أن المؤتمر سيشكل لجنة معنية بقضية أهالي تاورغاء المهجرين تعمل على استقبال الشكاوي منهم، وبدورها ستقوم وزارة العدل بإنشاء محاكم مستعجلة للبت في قضايا سجناء تاورغاء الذين سيتم تسليمهم للجيش الوطني والنائب العام من قبل المدن المتواجدين بها. وتابع المصدر أن الحكومة ستقوم بعد ذلك بوضع آلية محددة لعودة أهالي تاورغاء لمدينتهم وبناء وتأهيل المنطقة من جديد ومحاولة تعويض المتضررين.

وفي يوليوالماضي صرح عبدالرحمن السويحلى، وهو أحد أبرز زعماء الحرب وقادة الميلشيات بمدينة مصراته، بأنه تم الاتفاق مع إحدى الشركات التركية لبناءمدينتين كبيرتين لسكان مدينة تاورغاء وأضاف السويحلى - فى تصريحات صحفية لقناة أوديسا الليبية أنه سيتم بناء مدينتين لسكان تاورغاء، وأن مدينة منهم سوف تكون غرب مدينة بنغازى "شرق ليبيا" والأخرى سوف تكون بالقرب من مدينة جالو، وذلك لاحتواء كل سكان تاورغاء، واتهم السويحلى السكان بأنهم من عناصر النظام الليبى السابق ولايمكن أن يكونوا بجانب مدينة مصراته، وأنه لا يمكن مسامحتهم على ما وقع خلال أحداث الثورة الليبية، على حد تعبيره . وفي العشرين من يونيه دعا رئيس الحكومة الليبية  علي زيدان، وكذلك المفتي  الصادق الغريانى سكان مدينة تاورغاء النازحين فى عدد من المدن الليبية بتأجيل العودة إلى مدينتهم في الوقت الراهن، وأن يبقوا حيث هم حتى تتم معالجة بعض الأمور التنظيمية.

وجدير بالذكر أن مدينة تاورغاء هي مدينة ليبية تاريخية، تتبع محافظة مصراتة، تبعد عن مدينة مصراتة حوالى 38 كيلومترا، وتم اتهام سكانها خلال حرب التحرير الليبية فى 2011 بأنها تساعد كتائب النظام الليبى السابق، وأنهم قاموا بجرائم حرب بحق سكان مدينة مصراتة من قتل واغتصاب، وعقب الثورة تم طردهم من مناطقهم، وأصبح سكان المدينة من النازحين فى ليبيا

منع من العودة

 وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن على السلطات الليبية أن تسمح لسكان مدينة تاورغاء النازحين بالعودة إلى ديارهم سالمين. وقامت السلطات المحلية في أجدابيا بإعادة مجموعة من سكان تاورغاء في 25 يونيو2013 من حيث جاءوا. غادر بعضهم بنغازي في قافلة من حوالي 40 سيارة متجهين إلى تاورغاء، التي تقع على مسافة 750 كيلومتراً إلى الغرب، ثم مُنعوا من المرور في أجدابيا، على مسافة 150 كيلومتراً من بنغازي.وأوضحت المنظمة : فر سكان تاورغاء من بلدتهم  في أغسطس2011 مع اقتراب المقاتلين المسلحين من مدينة مصراتة القريبة من تاورغاء. هناك نحو 35 ألف شخص من سكان تاورغاء موزعين على أنحاء ليبيا وقد منعتهم جماعات مسلحة من مصراتة من العودة.تتهم جماعات مصراتة المسلحة سكان تاورغاء بالقتال في صفوف قوات القذافي أثناء نزاع 2011 وبارتكاب جرائم حرب في مصراتة. وأضافت إنه بينما من المفهوم أن بعض أهالي مصراتة قد تكون لديهم رغبة في إحقاق العدالة على جرائم ارتكبت بحقهم من قِبل بعض الأفراد، فهذا لا يعطيهم الحق في منع حق العودة عن أشخاص نازحين. إن النزوح القسري الممنهج أو المُمارس على نطاق واسع الذي يُنفذ كسياسة – كما في هذه الحالة – قد يرقى إلى كونه جريمة ضد الإنسانية.وقال إريك غولدستين نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "هناك تجمع سكاني كامل سقط رهينة لجرائم يُزعم أن قلة منه قد ارتكبتها. العبء الآن على كاهل الحكومة، أن تنهي هذا العقاب الجماعي من خلال ضمان قدرة سكان تاورغاء على ممارسة حقهم كاملاً في العودة إلى ديارهم أخيراً".على مدار تلك الفترة  حذّرت الحكومة وحذرت قيادات دينية وقبلية وبعثة الأمم المتحدة في ليبيا من مبادرة أحادية معلنة من سكان تاورغاء بالعودة إلى ديارهم في 25 يونيو الماضي . قالت الحكومة وآخرون إنهم قلقون إزاء احتمالات وقوع مواجهات مع جماعات تعارض عودة أهل تاورغاء.وكان مجلس تاورغاء المحلي – وهو الجهة الأساسية المسؤولة عن سكان تاورغاء النازحين –  قرر أن يرجئ عملية العودة. لكن مجموعة صغيرة من سكان تاورغاء، مدفوعين جزئياً بالقلق من وجود خطة في طور التحضير لإعادة توطينهم بشكل نهائي في مكان آخر غير تاورغاء، شرعوا في العودة. تم منعهم على يد السلطات المحلية في أجدابيا. يبدو أن المسؤولين المحليين قد اتخذوا إجراءاتهم بالاتفاق مع الحكومة المركزية، التي خشت من وقوع هجمات على القافلة من قبل مجموعات من مصراتة، على حد قول شخص من القافلة حضر اجتماعات مع السلطات المحلية لـ هيومن رايتس ووتش.وكانت هيومن رايتس ووتش زارت  تاورغاء بانتظام عامي 2011 و2012 وراجعت صورا  للدمار اللاحق بالمدينة في عدة مراحل. ورصد الباحثون أعمال حرق موسعة ونهب للبنايات السكنية والتجارية في أغلب مناطق المدينة، من إحراق عمدي وهدم للمباني بعد القتال الذي توقف أواسط عام 2011، في محاولة ظاهرة لمنع سكان تاورغاء من العودة إلى ديارهم. وكانت الحكومة غير مستعدة أو غير قادرة على التدخل لإنهاء حالة رفض العودة التي تبنتها ميليشيات مصراتة، إزاء عودة أهل تاورغاء.وقال إريك غولدستين: "منع الناس من العودة إلى بيوتهم هو بمثابة احتجاز لهم". وتابع: "على السلطات ألا تدعهم يرجعون إلى ديارهم فحسب، بل عليها أيضاً أن تضمن أمنهم أثناء الرحلة وبعد العودة إلى هناك".

 

تمييز وتهجير

 

وفي أكتوبر الماضي قالت منظمة العفو الدولية إنه يتعين على السلطات الليبية أن تجد حلولاً مستدامة على وجه السرعة تضع حداً للنزوح القسري المستمر لعشرات الآلاف من التاورغاء وغيرهم من المجتمعات التي هجرت من ديارها إبان النزاع المسلح في 2011.فقد نزح جميع أهالي مدينة تاورغاء- البالغ عددهم نحو 40,000 نسمة- من ديارهم قسراً على أيدي جماعات مسلحة من مصراتة اتهمتهم بدعم حكومة العقيد القذافي. ويسلط تقرير موجز بعنوان « ممنوعون عن ديارهم » أصدرته منظمة العفو الدولية في الذكرى الثانية لانتهاء النزاع، الضوء على استمرار التمييز وعمليات الاختطاف والاعتقال التعسفي للتاورغاء، الذين ما برحوا يواجهون التهديدات والهجمات الانتقامية على أيدي ميليشيات وضعت نفسها فوق القانون.وفي هذا السياق، قالت حسيبة حاج صحراوي، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: "رغم انقضاء سنتين على النزاع، ما زال التاورغاء وغيرهم من المجتمعات المهجرة ينتظرون العدالة والجبر الفعال عما عانوا من انتهاكات.

 وما برح العديد منهم يواجهون التمييز ويعيشون في مخيمات تفتقر إلى الموارد والخدمات دونما أفق منظور للحل" وتبدو تاورغاء اليوم كمدينة أشباح. إذ عمَد المقاتلون المناهضون للقذافي، في مسعى منهم للانتقام لما اعتقدوا أنها جرائم ارتكبها التاورغاء بالنيابة عن القذافي في مصراتة، إلى نهب وسلب وإحراق البيوت في المدينة. ولشهور عديدة عقب انتهاء النزاع، ظلت الميليشيات تطارد التاورغاء، الذين عانوا الاعتقال التعسفي والتعذيب والقتل.ولا يزال التاورغاء يواجهون التهديدات والهجمات في مخيماتهم على يد أعضاء ميليشيات يهددون بوقف أية محاولة من جانب سكانها للعودة إلى ديارهم. بينما تخاذلت السلطات عن ضمان عودتهم الآمنة، وحالت بصورة متكررة دون عودة التاورغاء إلى منازلهم لأسباب أمنية 

وقالت حسيبة حاج صحراوي: "لا يمكن تصديق أن يُطلب من ضحايا الانتهاكات التخلي عن حقهم في العودة الآمنة، بينما لا يتصدى أحد لتهديدات الميليشيات وسواها "فمطالب أهالي مصراتة للمساءلة عن جرائم الحرب في مدينتهم أمر مبرر، ولكن لا يمكن أن تكون العدالة انتقائية، وأن يعاقب مجتمع بأكمله بهذه الصورة الجماعية."ويبلغ إجمالي عدد الأشخاص المهجرين داخلياً في مختلف أرجاء ليبيا نحو 65,000 نازح، وهم إلى جانب التاورغاء من أبناء قبيلة المشاشية التي تقطن جبال نفوسة، وأهالي سرت وبني وليد والطوارق من أهالي غدامس أيضاً. ولكن أبناء التاورغاء، وهم من أصول إثنية ليبية من ذوي البشرة السوداء، من أشد هذه الجماعات معاناة.

مفقودون ومعتقلون

وتشير التقديرات إلى أن ما يربو على 1300 من التاورغاء هم في عداد المفقودين أو المعتقلين، أو أخضعوا للاختفاء القسري، وبصورة رئيسية في مصراتة. وقبض على معظمهم على أيدي الميليشيات وأخضعوا للتعذيب ولغيره من صنوف سوء المعاملة، كالصعق بالصدمات الكهربائية والجلد والضرب المتكرر بقضبان معدنية وخراطيم المياه أثناء اعتقالهم.وتحث منظمة العفو الدولية السلطات الليبية على التحقيق في جميع حالات الاختفاء القسري والتعذيب دون تمييز، بما في ذلك ضد الضحايا الذين ينظر إليهم على أنهم من أنصار القذافي.وقد احتجز مئات من التاورغاء كذلك، بينهم أطفال، لأكثر من سنتين في سجون تابعة  للدولة، دون توجيه تهم إليهم أو محاكمتهم، وفي ظروف اعتقال سيئة، ودون أن تقدم لهم الرعاية الطبية الكافية أو يسمح لهم بزيارت منتظمة من أهاليهم. ويخشى أفراد عائلات المعتقلين من التاورغاء التعرض لأعمال انتقامية في كل مرة يذهبون فيها إلى مصراتة. وقد التقت منظمة العفو الدولية، في سجن الوحدة في مصراتة، تسعة من القصَّر كانوا محتجزين دون تهمة منذ القبض عليهم في 2011.ومضت حسيبة حاج صحراوي إلى القول: "يتعين الإفراج عن جميع المحتجزين دون اتهام، أو توجيه تهمة جنائية معترف بها إليهم. وينبغي أن لا يستخدم اعتقال الأطفال أبداً إلا كخيار أخير ولأقصر فترة زمنية ممكنة".

وتواجه ليبيا في الوقت الراهن أسوأ أزمة سياسية وأمنية منذ نزاع 2011. فقد جرى تقويض حكم القانون وسط انتشار لحالة من انعدام الأمن والاعتقالات التعسفية وعمليات الاختطاف والهجمات على المؤسسات الحكومية على أيدي ميليشيات ذات صلة بالدولة. وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن على السلطات الليبية مسؤولية في أن تضمن الحماية للمجتمعات المهجّرة داخلياً، التي تواجه أشد المخاطر.

وقالت حسيبة حاج صحراوي: "إن إيجاد حل دائم لمشكلة النزوح في ليبيا سوف يستغرق وقتاً، ولكن ثمة خطوات فورية تستطيع السلطات اتخاذها كي تُظهر بأنها جادة بشأن احترام حقوق التاورغاء وسواهم من الجماعات المهجرة. وليس هناك من سبب في أن لا يتمتع هؤلاء بحقهم في التعليم وفي مستوى معيشي مناسب مثل بقية الليبيين".

ويواجه عشرات التاورغاء عقبات في الحصول على وثائق يحتاجونها لمتابعة تعليمهم العالي من المؤسسات التعليمية في مصراتة. ولا تتلقى أسر الأشخاص المفقودين مساعدات حكومية، وعلى ما يبدو لسبب وحيد هو النظر إليهم على أنهم من الموالين للعقيد القذافي.وفي  سبتمبر الماضي  أقر "المؤتمر الوطني العام" الليبي من حيث المبدأ قانوناً للعدالة الانتقالية يتضمن مجموعة من التدابير لكشف الحقيقة وتحقيق المساءلة وتقديم التعويضات لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت إبان حكم القذافي ومنذ ذلك الحين. ويُنشئ مشروع القانون، الذي ينتظر التصويت النهائي عليه، "هيئة تقصي الحقائق والمصالحة"، المكلفة، بين جملة أمور، بالتصدي لحالات الأشخاص المهجرين داخلياً دونما تمييز.

واختتمت حسيبة حاج صحراوي بالقول: "إن اعتماد هذا القانون يمكن أن يكون خطوة أولى نحو تحقيق العدالة للتاورغاء ولغيرهم من المجتمعات المهجّرة. ويتعين على السلطات، حالما يتم تبني القانون،  ضمان تزويد الهيئة بالموارد والحماية اللازمتين للقيام بعملها على نحو محايد، بعيداً عن التهديدات، وعن ضغوط الجمهور وهجمات الميليشيات."ومن شأن فشلها في القيام بذلك أن يعرِّض للخطر المكتسبات المتواضعة التي تحققت للضحايا في نضالهم من أجل الحقيقة والعدالة، وأن يحوِّل القانون الجديد إلى مجرد مبادرة أخرى لم تشهد النور."

بين فلسطين والهنود الحمر

 ويقارن المراقبون بين مأساة تاورغاء ومآس أخرى في مناطق مختلفة من العالم وخاصة في فلسطين المحتلة عندما تم تهجير سكانها الأصليين ،وكتب الأكاديمي أحمد الهادي في جريدة « الوطن » الليبية « بعد الهنود الحمر الذي أصبحوا بلا وطن، واليهود الذين أحرقوا وعذبوا للمرة الأولى بحجة وقوفهم مع المسلمين في الأندلس ثم للمرة الثانية بحجة تبعيتهم لتحالفات مضادة للنازية وهجروا من أوطانهم التي عاشوا عليها ألاف السنين  ليصنع لهم وطنا بديلا  لتخفيف عقدة الذنب ولشل حركة التاريخ لقوم آخرين بوجودهم، وبعد الأكراد الذين أحرقوا بالكيماوي  وشردوا في طول البسيطة وعرضها وأصبح وطنهم الذي عاشوا عليه منذ الأزل مقسما بين الترك والشركس والعرب والفرس،  أتى دور السود في شمال ليبيا لكي يهجروا من أرضهم ويتم تعقبهم في أرجاء ليبيا للقضاء على أي تجمع لهم خوفا من أن يفكروا في العودة إلي إليها. فهم - حسب رأي بعض أهل الجوار- جسم غريب على المنطقة ويجب استغلال كافة الحجج لكي تعود الأرض لأصحابها الأصلين رغم أن الجوار هو ذو أصول متعددة ووجودهم في ليبيا ليس بأبعد من أصحاب البشرة السوداء التي سميت القارة عليها ما يدل أنهم اسبق من الوجود على غيرهم. وبحجج متعددة أصبح التاورغيون معذبين مهجرين ومطاردين وتحولوا- بعد اليهود والفلسطينيين والأكراد- الي أرض الشتات في الداخل والخارج،  وأدخلوا في الفئات المضطهدة في تقدير الدول الأوربية بحيث يكونون من المفضلين في إعطاء اللجوء السياسي. وما لم تتدارك الدولة الليبية الأمر وتقوم بايقاف المعتدين الذين يشيرون إلي أن تاورغاء على بعد ثلاثة ألاف كيلومتر من موقعها الحالي وهو ما يشير إلي دولة تشاد أو النيجر أو مالي، فإن التاورغيين الليبيين الأصليين سيكون تقسيمهم في الداخل أو الخارج هو نتيجة لأكبر عملية تطهير عرقي ممنهج  وهو أمر يتم على مشهد ومسمع السلطات الليبية والعالم أجمعه . والتي- وإن حاولت فإنها تحاول ذلك بالبحت عن رضاء الفاعل وهو ما لا يمكن قبوله عندما يتعلق الأمر بأشد الجرائم ضد الإنسانية جسامة ومصادمة للضمير الإنساني المستقيم وليس السقيم.  فكما كان هناك تتريك وتعريب وتفريس لأرض الاكراد وتهويد لأرض فلسطين نشاهد اليوم بداية مخطط تمصريت لأرض تاورغاء بحجة أنهم أزلام النظام السابق. وهي حجة من الحماقة حتى مجرد ترديدها والسماع لها لأن منظري النظام السابق هم من الطرف الأخر» 

من ليبيا يأتي الجديد

وكتبت ياسمين الشيباني « لم يحدث في التاريخ البشري ان يهجر أهل مدينة كاملة من مدينتهم بسبب انتقام في ظل اي دولة من قبل الا في ليبيا الجديدة وفي هذا الوقت الغريب . فمدينة مصراتة التي اصبحت تشكل دوله داخل ليبيا تقف لهذا القرار بشتي الطرق والوسائل .وانها لسابقة ان يصبح اناس مشردين في بلدهم يطاردهم الخوف اينما حلوا واينما ذهبوا وفعلا مع ليبيا فبراير ((مش هتقدر تكذب اي شي تشوفه او تسمعه )) فكل العجيب صار واقع موجود وصدق من قال من ليبيا ((يأتي الجديد)) ولكن أي جديد هذه المرة فقد كنت دائما ومنذ زمن قبل حتي ولادتي و وجودي في هذا العالم الذي صار مليئ بالمتناقضات واللغط . وانا اسمع عن حق العودة للفلسطينيين الي أرضهم التي سلبت منهم وأعطها من لا يملك لمن لا يستحق وصار هذا الشعب العربي مهجر في أصقاع الأرض … كنت أشارك دائما في هذا اليوم ويوم الأرض الفلسطيني بحزن عميق وشعور بالغضب اتجاه ماحدث وما يحدث حتي هذه اللحظة لشعبنا العربي الفلسطيني وهذه النكبة التي سلبت هذا الشعب ارضه، . فالإنسان الفلسطيني يحارب أخبث شعوب الأرض قاطبة الذين هم بعيدين كل البعد عن معتقداتنا يختلفون عنا دما وخلقا ودينا لتكون حرب إخواننا في فلسطين مشروعة في محاربة هذا العدو اللعين ورغم الشتات والاحتلال يزداد شعبنا الفلسطيني تشبثا بالأرض المقدسة وحقه في تراب فلسطين الطاهر رغم التخاذل والجدل والمتاجرة بالقضية .. الا ان مايحدث لليبيا والتي طوئ صفحتها اعلاميا بعد خرابها ودمارها طبعا من قبل كل القنوات التي اضرمت نار الفتنة وجعلت من ليبيا افغانستان وعراق جديد فبعد ماسمي بثورة فبراير من انتقام وتشفي وانتهاك لحقوق الإنسان الذي فائق كل تصور .يصل اليه الفكر الانساني هاهي الحكومة الليبية الفبرايريه تقف عاجزة حتي بعدما قرر أهالي تاورغاء الذين انهكهم الشتات والتيه في وطنهم من العودة لمدينتهم مدينة السواقي والنخيل هذه المدينة المعروفة بطيب أهلها وكرمهم ،،اهالي تاورغاء قضيتهم لا تحتاج لكثرة القرارات او الاجتماعات من اجل عودتهم لمدينتهم . وهي ليست في غاية التعقيد ياحكومة فبراير وليست صعبة ويمكن أن تحل بكل بساطة وخاصة بعد ماقمت به وأسميتموه بثورة فبراير واستنصرتم غربا وعربا علي اهلكم من اجل تحقيق الحرية والتعبير عن الرأي والديمقراطية ومن اجل حقوق الانسان المهدوره علي حد زعمكم . فلما هذا التناقض الان ولما يعامل أهالي تاورغاء بهذا الظلم والجور وانتهاك حقهم الإنساني وتهجيرهم المتعمد من قبل دولة مصراته دونما الاكتراث لحكومة أو مؤتمر وطني أو أي قوانين ومواثيق دوليه ،وللأسف ان ماتقوم به الميليشات في مصراتة من تخويف وترهيب وتشويه لصورة أهالي تاورغاء بكم من الأكاذيب والمعلومات الغير حقيقية إبان الأزمة الليبية التي جعلت من ليبيا خراب ودمار وجعلوا من هذا ليبيا وطن لا سيادة له وشعب يقبع تحت الترهيب والتخويف ليطالب اهالي تاورغاء من القبائل الليبية والمجالس المحلية ومجالس الأحياء الواقعة في طريق عودة الأهالي إلى مد يد العون والمساعدة ومرافقة العائلات العائدة إلى أراضيهم وديارهم حفاظا على الأرواح وحقنا للدماء وحفاظا على السلم الاجتماعي واني التعجب واستغرب حتي الآن من عدم قيام قبائلنا بدورها الفعال كما في السابق ولكن في خضم ما تعيشه ليبيا من تصفيات عرقية وانتقامية لكل من يعارض مليشيات فبراير يهان ويعتقل او يقتل ليكون جلي وواضح صمت القبائل الليبية “فإذا عرف السبب بطل العجب ” فحق العودة هذه الكلمة التي كنت أجدها حق حصري ومقدس لشعبنا الفلسطيني اجد الآن في ليبيا أهالي تاورغاء يطالبون بني جلدتهم بذلك وبالسماح لهم بالعودة الي بيوتهم التي طردوا منها لقاربة اكثر من العامين دونما اكتراث للعالم الذي شن حربا علي ليبيا تحت بند حماية المدنيين وتلك القصص التي تم حبكها ان ذاك .فاكثر من 42 ألف نسمة نازح يقبعون في الشتات ويعانون في أقسي الظروف » .