يتناول كتاب صدر حديثاً موسوماً بعنوان "تجارة العظام البشرية خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين"، لصاحبه الدكتور سمير بوزويتة، إحدى القضايا الغريبة في تاريخ المغرب الذي لم تتعود عليها الكتابة التاريخية من قبل.

ويحاول كتاب الأستاذ بجامعة فاس الجواب عن سؤال يتعلق بأسباب غياب تجارة العظام البشرية من دفاتر الفقهاء والمؤرخين، متوجهاً نحو إعادة قراءة تاريخ المغرب انطلاقاً من الظواهر التاريخية الشائكة التي تخلق الدهشة حين اكتشاف مثل هذه الظواهر الشاذة.

وقال الدكتور سمير بوزويتة في تصريحات نشرتها عنه "العربية.نت": "إن المغزى الحقيقي لهذا العمل هو نبش الذاكرة المظلمة في تاريخ المغرب، وزيارة الأمكنة الصادمة والمثيرة للجدل، عند مغاربة القرن 19 ومطلع القرن 20 الذين عايشوا نباشي ولصوص المقابر".

وتابع المؤلف أن السؤال المحير الذي يستبطنه الكتاب هو: "لماذا غياب موضوع تجارة العظام البشرية من اهتمامات المؤرخين"، متسائلاً: "هل الوثائق المعتمدة في هذا الكتاب لم تكن كافية لإثارة انتباه هؤلاء المؤرخين إلى موضوع نبش المقابر".

واسترسل بوزويتة بأن "موضوع كتاب تجارة العظام البشرية يرمي إلى جعل الموضوع يتحدث لغته الخاصة به، ويجعل نصوصه تحكي التاريخ الخفي لتجارة عظام الموتى لمغرب القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين".

وأبرز المتحدث أنه وفق هذا التصور جاءت فكرة كتابة تاريخ نباشي ولصوص المقابر، من أجل إقامة تاريخ مسكوت عنه أو لا مفكّر فيه، ومحاولة نبش التاريخ ووضع حفريات للصمت.

وأضاف "تحكمت في السياق العام الذي وجّه هذا الكتاب لحظات الوقوف عند الفترات التاريخية التي زاغت فيها شريحة من المغاربة نحو بيع عظام الآباء والأجداد خلال فترة زمنية معينة، وتبني سلوك محرّم ينبذه المجتمع المغربي برمته".

وذهب بوزويتة إلى أن "الكتاب هو دعوة لإعادة قراءة التاريخ المغربي في أصعب لحظاته، وتحريك الجوانب الخفية فيه، وتفكيك الأسباب المساهمة في تكريس المنعطف التاريخي الذي عاشه مغرب القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين".

 

وخلص المؤلف إلى أن الكتاب يرمي إلى "تعرية الجوانب الخفية من النوايا الاستعمارية لفرنسا، والتي لا تخضع إلى أي معيار ثقافي أو أخلاقي، والكشف عن التناقض الصارخ بين الوجه الحقيقي للغرب الذي لا يظهر جلياً، والوجه الثقافي العام الذي يجسده التقدم الغربي".