لم يكتمل مرور عام على فضيحة إرسال أنقرة سفينة بمواد لتصنيع المتفجرات حتى فجرت حادثة مشابهة ردود فعل ساخطة في الأوساط الليبية بعد أن ضبطت الجمارك في ميناء الخمس شرق العاصمة طرابلس حاوية قادمة من تركيا محملة بكميات كبيرة من الأسلحة و الذخيرة.

شحنت الأسلحة في حاويات لمواد البناء  وضمت آلاف المسدسات و البنادق إضافة إلى 4.2 مليون رصاصة.

وشهدت الساعات الأخيرة تحركات نشطة على حميع المستويات تفاعلا مع هذا المستجد الخطير.

حيث أصدر رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج أمس تعليماته للأجهزة الأمنية المعنية بفتح تحقيق شامل في واقعة ضبط حاويتين تركيتين محملتين بأسلحة وذخائر بميناء الخمس البحري، طالب المشير خليفة حفتر الأمم المتحدة بفتح تحقيق فوري بشأن تهريب أسلحة من تركيا إلى ليبيا تم ضبطها في أحد موانئ البلاد.

كما أصدر السراج تعليماته، بحسب الناطق باسمه، محمد السلاك إلى وزارة الخارجية بمخاطبة السلطات التركية ومطالبتها بالوقوف على كامل ملابسات الواقعة وحيثياتها.

و تفاعلا مع التحركات الليبية،وصل وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إلى ليبيا اليوم السبت، لمناقشة إلغاء التأشيرة وعودة الشركات التركية إلى طرابلس.

يأتي ذلك عقب أربعة أيام من ضبط السلطات الوطنية الليبية، في ميناء الخمس، غرب ليبيا، شحنتي أسلحة ضخمتين وذخائر قادمة من الجمهورية التركية.

وقال تشاووش أوغلو، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الليبي، محمد الطاهر سيالة، في طرابلس: "لم تكن هناك سفن محملة بالأسلحة، ولكن سفينتين محملتان ببعض المسدسات والبنادق"، موضحا أن المراسلات الرسمية كانت تفيد بأن السفينتين محملتان بـ "مواد بناء".

وتابع الوزير التركي "نحن حساسون تجاه هذا الموضوع، ونتخذ إجراءات صارمة بهذا الشأن، وسنسير تحقيقا مشتركا فيه، وسنحاسب من تورط بهذه الأعمال".

وخلال لقاء الوزير التركي مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي، وبحسب بيان للمكتب الإعلامي للسراج، فقد "أبلغ رئيس المجلس الرئاسي الوزير التركي انزعاجه الشديد فيما يخص شحنة الأسلحة التي تم ضبطها الأيام الماضية في ميناء الخمس والقادمة من تركيا، مؤكداً على ضرورة كشف حقيقة الأمر ومن كان وراء هذا الفعل".

واتفق الجانبان على فتح تحقيق مشترك عاجل لبحث ملابسات الحادثة وكشف المتورطين.

وأكد الوزير التركي تفهمه لموقف السراج، زاعما "أن الحكومة التركية ترفض هذه الأفعال والتي لا تمثل سياسة أو نهج الدولة التركية".

الجيش الليبي و هو احد الفاعلين الرئيسيين في العملية السياسية الليبية لم يكتفي بالوقوف على الربوة بل طالب الجيش الوطني الليبي، مجلس الأمن، بفتح تحقيق  فوري في شحنة الأسلحة والذخيرة التركية المضبوطة في ميناء  الخمس البحري الواقع غرب ليبيا.

واتهم الجيش في بيان له، تركيا بـمحاولة زعزعة استقرار ليبيا عبر دعم الإرهاب، وإطالة عمر الأزمة من خلال عملائها في البلاد.

وقال البيان "إن القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية تابعت وبقلق بالغ تمكن السلطات في ميناء الخمس غرب ليبيا يومي 17 و 18 ديسمبر الجاري من ضبط شحنتي أسلحة ضخمتين وذخائر قادمة من تركيا".

وأكد أن "تركيا لم ولن تتوقف عن تصدير شحنات الأسلحة إلى ليبيا والتي سبق أن عثرنا عليها في مناطق القتال في ضواحي مدينة بنغازي لدى الإرهابيين، وكذلك أطنان المتفجرات التي ضبطتها اليونان في يناير الماضي والتي سبق أن تحدثنا عنها في مرات سابقة، وقدمنا الأدلة والإثباتات التي تؤكد تورط تركيا ودول أخرى في إسناد الإرهابيين في ليبيا، ودعمهم في محاربتهم للجيش الوطني".

في نفس السياق،أكد المحلل السياسي في الشأن الليبي عثمان بركة، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن تركيا شريك أساسي في التآمر على استقرار ليبيا منذ عام 2011، و"هذا الخبر ليس مفاجئاً أو غريباً".

ويقول بركة إن "تركيا دولة مساهمة بشكل يومي في استنزاف الدم والمال الليبي"، مضيفاً أن "الدولة التركية حكومة ورئيس تعد حاضنة آمنة لكل قيادات تنظيم الإخوان وقيادات الجماعة الإرهابية"، مستنكراً توجيه الدعوة بالأساس إلى أنقرة في مؤتمر باليرمو، "لأنها ليست دولة جوار، لكنها شريك فقط في سرقة ثروة الشعب الليبي".

ويرى مراقبون إلى أن ضبط هذه الشحنات، يوقع تركيا في أزمة دولية نتيجة خرقها للقرار الدولي المفروض على ليبيا بشأن حظر توريد الأسلحة لعام 2011، نتيجة الحرب الأهلية التي تشهدها البلاد منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي.