بينما تتواصل حدة المعارك في العاصمة الليبية طرابلس،بين قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر والقوات الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج،تتسارع التحركات من أطراف دولية في مساعي جديدة لوقف الصراع المتفاقم بين الطرفين والعودة الى اولة الحوار للوصول الى تسوية سياسية شاملة في البلاد.
الى ذلك،وصل وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي، لويجي دي مايو،والوفد المرافق له إلى ليبيا  في زيارة بدأها في العاصمة طرابلس،حيث التقى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج ،صباح اليوم الثلاثاء بمقر المجلس بالعاصمة،وحضر اللقاء وزير الخارجية محمد طاهر سيالة، وسفير ليبيا لدى الاتحاد الأوروبي حافظ قدور.
وافاد به المكتب الإعلامي بأن رئيس الوزراء جوزيبي كونتي، جدّد، دعم إيطاليا لحكومة الوفاق الوطني،مؤكدا أن لا حل عسكري للازمة الليبية وإن بلاده تؤيد جهود المبعوث ألأممي غسان للعودة للمسار السياسي، وتأمل ان يحقق مؤتمر برلين المزمع عقده لبحث الازمة الليبية توافقا بين كافة الدول المهتمة بالشأن الليبي.
ومن جانبه أكد رئيس المجلس الرئاسي تواصل متابعة الترتيبات التي تجرى لعقد مؤتمر برلين،وشدد على "ضرورة دعوة كل الدول المعنية بالشأن الليبي إلى هذا اللقاء دون اَي إقصاء" ،مشيرا إلى أن مثل هذه اللقاءات تتيح الفرصة للتشاور و تبادل وجهات النظر.كما تناولت المحادثات عدد من ملفات التعاون المشترك في مجالات الأمن والاقتصاد والهجرة غير الشرعية.
 كما التقى وزير الخارجية الايطالي مع نائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق،بحضور وزير الخارجية" محمد سيالة" والسفير الايطالي في ليبيا "جوزيبي بوتشيني ".وبينت إدارة التواصل بحكومة الوفاق أن دي مايو جدد التأكيد على موقف بلاده في دعمها لحكومة الوفاق الوطني وعلى ضرورة إيجاد حل سلمي للازمة.ورحب معيتيق بزيارة دي مايو التي تأتي في ظل اشتباكات العاصمة طرابلس للتأكيد على  الدور الهام الذي تلعبه ايطاليا لحل الأزمة الليبية.
عقب ذلك انتقل وزير الخارجية الايطالي إلى الرجمة في بنغازي للقاء المشير خليفة حفتر. بينما ستكون المحطة الأخيرة للرحلة في طبرق، حيث يلتقي رئيس مجلس النواب عقيلة صالح.وأشار المتحدث الرسمي باسم المجلس، عبدالله بليحق، في وقت سابق الثلاثاء إلى أن صالح و دي مايو سيحثان "تطورات ومستجدات الأوضاع في ليبيا والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين".
وتحاول روما استعادة دورها في الساحة الليبية حيث تتعرض السياسة الايطالية في ليبيا الى انتقادات بأنهاغير قادرة على مواكبة التطورات في الملف الليبي،وتوصف كذلك بأنها مترددة ونزعت أكثر إلى التعويل على الدور الأممي لمواجهة الإرهاب في هذا البلد أو التوسط لتسوية الأزمة بين المتنازعين، وفق ما ذهب إليه رئيس الوزراء السابق ماتيو رينزي في تصريحات سابقة.
الصراع الليبي كان حاضرا أيضا في مباحثات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.وبين المكتب الصحفي للكرملين أن الجانبان بحثا خلال اتصال هاتفي الأزمة الليبية، وأكدا ضرورة منع زيادة تفاقم الوضع والحاجة إلى استئناف الحوار السلمي.وأكد بوتين استعداد روسيا لمواصلة تسهيل جهود الوساطة الألمانية ومن قبل الأمم المتحدة في المسار الليبي.
وتسعى ألمانيا لاستضافة مؤتمر حول ليبيا لحلحلة الأزمة الشائكة فيها،وأكدت المستشارة الألمانية "أنغيلا ميركل"، في سبتمبر/أيلول الماضي، نية بلادها استضافة مؤتمر دولي حول ليبيا، إلا أنه حتى الساعة لم يجرِ الإعلان عن موعده وأجنداته والأطراف المشاركة فيه وسط حديث عن عزم ألمانيا توفير أكبر قدر من شروط النجاح عبر مشاورات غير معلنة للتوصل إلى  توافق دولي.
وتحاول ألمانيا التوفيق بين مواقف الدول الحاضرة في الساحة الليبية،حيث يرى مراقبون أن مفتاح نجاح مؤتمر برلين القادم مرتبط بالاضافة الى تحقيق التوافق بين الأطراف الليبية بمدى نجاح ألمانيا في لم شمل الرأي الدولي وإقناع الخصوم بصياغة رؤية موحدة بشأن مصالحها المتضاربة في ليبيا.
من جهته؛يواصل المبعوث الأممي الي ليبيا غسان سلامة،تحركاته في محاولة للوصول الى تهدئة قبل الذهاب الى مؤتمر برلين القادم.والتقى سلامة، مساء الاثنين، مع رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، في القاهرة،حيث  أكد المبعوث الأممي على ضرورة انهاء الاقتتال وإفساح المجال لحل سياسي.وبينت البعثة الأممية في تغريدة لها بموقع "تويتر" أن سلامة ونائبته للشؤون السياسة ستيفاني ويليامز بحثا مع صالح الأوضاع الراهنة ومسار برلين والمسار الليبي المزمع انطلاقه قريبا.
واعتبر سلامة أن مؤتمر برلين سيسعى لرعاية اتفاق يحظى بتأييد الليبيين، مشيرا إلى أن مقترح رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح بتشكيل حكومة وطنية يمهد لاتفاق بين الليبيين.وكان صالح ، قال إنه سيتم بعد تطهير العاصمة طرابلس، تشكيل حكومة جديدة في ليبيا من الأقاليم الثلاثة، معرباً عن رفضه التدخل الخارجي في البلاد.
ودعا في كلمة تلفزيونية مسجلة، سكان طرابلس إلى الوقوف بجانب الجيش الوطني، مشيراً إلى أنه سيتم صياغة دستور جديد لليبيا، وستجرى انتخابات عامة، مؤكداً أن أولوياتِ الحكومة المقبلة ستركز على توحيد مؤسسات الدولة، وحل الأزمات المعيشية للمواطن الليبي.كما جدد الأحد، في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، مطالبته بعدم الاعتراف بمذكرة التفاهم بين حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج وتركيا.
وزاد التدخل التركي السافر والتهديدات المتواصلة التي يطلقها المسؤولون الأتراك من حدة التوتر في ليبيا،حيث باتت أنقرة طرفا في الصراع الدائر منذ أشهر في العاصمة الليبية طرابلس وذلك بهدف منع سقوط حلفائها من جماعة "الاخوان" ومد النفوذ التركي وهو ما أكده أردوغان نفسه حين أشار في تصريح له الى أطماعه وأحلامه الاستعمارية زاعما بأن له الحق في التواجد في ليبيا وسوريا.
وفي غضون ذلك،تتواصل الاشتباكات العنيفة في العاصمة طرابلس مع تواصل تقدم الجيش الوطني الليبي الذي نجحت قواته الثلاثاء،في السيطرة بشكل كامل على كوبري الزهراء جنوب المدينة، بعد فرار القوات التابعة للوفاق، عقب معارك عنيفة مع قوّات الجيش.وأظهر مقطع فيديو أوردته "العربية.نت" اللحظات الأولى لدخول الوحدات العسكرية التابعة للجيش الليبي إلى محور كوبري الزهراء بعد هروب جماعي لعناصر الميليشيات، التي كانت تسيطر عليه، تحت وقع ضربات الجيش.
ونقلت "العربية نت" عن مصدر عسكري ميداني قوله إن قوات الجيش تخوض الآن معارك عنيفة مع مسلّحي قوات الوفاق، وتتقدم بشكل مستمر على أكثر من جبهة، أبرزها محورا صلاح الدين واليرموك وكذلك الساعدية.فيما أعلنت غرفة عمليات "الكرامة" التابعة للجيش الوطني الليبي على "فيسبوك"، في وقت سابق الثلاثاء، أن سلاح الجو قصف أهدافا تابعة "لميليشيات" مصراتة بالقرب من المحطة البخارية بمدينة سرت.
وبالتزامن مع هذا التقدم الكبير دفع الجيش الليبي بتعزيزات عسكرية جديدة إلى محاور القتال، حيث وصلت الثلاثاء 17 ديسمبر 2019، الكتيبة 302 صاعقة بكامل عتادها، لمساندة الوحدات العسكرية المتواجدة هناك والمشاركة في العمليات القتالية ضد القوات الموالية لحكومة الوفاق، تمهيداً لتحرير العاصمة طرابلس.
وقال الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري ،مساء اليوم الثلاثاء، في حوار مع قناة "العربية الحدث"،أنه تم اسناد كل المحاور بوحدات قتالية متدربة على اقتحام المدن وقتال الشوارع وقد نجحت هذه القوات ،في تحقيق تقدّم كبير جدا في محور مشروع الهضبة بإتجاه أبو سليم مجبرة قوات العدو على التراجع وهي تقوم بقصف مدفعي من داخل حي بوسليم.
وأكد المسماري ان الوضع بمحور بوسليم حذر جدا،إذ تفصل قوات الجيش مسافة أقل من كلم للوصول إلى الإشارة الضوئية الأولى بصلاح الدين،و بعد ذلك ستلتحم القوات مع سكان الهضبة،وسكان حي بوسليم بشكل كامل،كما أحرزت القوات تقدما بمحور عين زارة جنوبا وهي تقترب من حي الفرناج ومن شارع الشوك.مشيرا الى إنه تم اعلان رسميا عن قيام احدى سرايا القوات الخاصة قوات النخبة الليبية وهي تقوم بعمليات نوعية لضرب تجمعات قوات الوفاق.
وكان القائد العام للجيش الليبي قد أعلن، مساء الخميس، انطلاق "ساعة الصفر" في معركة السيطرة على طرابلس، وذلك بعد زهاء ثمانية أشهر من بدء عملية عسكرية لاستعادة المدينة.وخلال الأشهر الأخيرة لم تتغير خطوط القتال إلا قليلاً، بتمسك كل طرف بمواقعه وتبادلهما القصف جنوب العاصمة.ويشير مراقبون أن الأيام القادمة ستكون حاسمة في المعارك الحالية وستحدد ملامح المشهد الليبي القادم.