مع اعلان القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر عن انطلاق  "ساعة الصفر" لجميع الوحدات العسكرية الليبية لتحرير العاصمة طرابلس من سطوة المليشيات المسلحة واستعادة مؤسسات الدولة،تسارعت الأحداث على الأرض مع تقدم قوات الجيش الليبي في عدة محاور وسط تراجع كبير للقوات الموالية لحكومة الوفاق فيما تزايدت مؤشرات التدخل التركي في سير المعارك.
وتتواصل المعارك على أشدها في عدة محاور،وكشف مصدر عسكري تابع للكتيبة 127 مجحفلة التابعة للقوات المسلحة العربية الليبية،في تصريح خاص لبوابة افريقيا الإخبارية، ان عناصر سرية المشاة حققوا يوم امس الجمعة واليوم السبت تقدمات مهمة في محور عين زارة جنوب شرقي العاصمة طرابلس.
وبين المصدر، أن مجموعات المقدمة التابعة للكتيبة 127 التحقت بزملائها في عمليات اجدابيا، وتمكنت من الاستيلاء على مراصد ومواقع كانت خطوط دفاع لقوات الوفاق، كما تمكنوا من السيطرة على المخازن " الهناقر" في منطقة الابيار بعين زارة،  مضيفا ان قوات المشاة التي تقدمت كبدت قوات الوفاق خسائر فادحة في الأرواح والمعدات والعتاد، في حين أصيب خمسة جنود إصاباتهم بسيطة.
 وكان الجيش الليبي قد سيطر في وقت سابق على امتداد الطريق الرئيسية بمنطقة الساعدية وصولًا إلى منطقة التوغار.بالاضافة الى سيطرته على مقر كلية ضباط الشرطة في منطقة صلاح الدين.وفق ما أكدت شعبة الإعلام الحربي أن الفرق العسكرية بالقوات المُسلحة في بيان مقتضب على صفحتها الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
كما تمكنت قوات الجيش الليبي، من فرض سيطرتها على معسكر حمزة جنوب العاصمة طرابلس.وأكدت مصادر عسكرية مطلعة، أن قوات الجيش الليبي سيطرت على معسكر حمزة، الواقع بمنطقة مشروع الهضبة بالجنوب الشرقي للعاصمة والذي يبعد بمسافة 4 كم تقريبا عن طريق الشط المؤدية لقلب طرابلس، لافتة إلى أن الاشتباكات متواصلة في أكثر من محور بجنوب طرابلس.
وأكد مدير إدارة التوجيه المعنوي العميد خالد المحجوب، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام ليبية، إنّ قوات الجيش تمكنت من السيطرة على جسر الزهراء والناصرية، إضافة إلى مصنع الهريسة.وأوضح أن تقدم الجيش أربك المجموعات المسلحة، وأن الوحدات العسكرية تمكنت من تأمين شمال غرب مخيم اليرموك، جنوب العاصمة.
وقالت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الوطني الليبي في وقت سابق،إن "11 مسلحًا من الشباب المُغرّر بهم والذين يتبعون لمجموعات الحشد الميليشاوي، قاموا بتسليم أنفسهم للقوات المسلحة بمحور صلاح الدين".فيما أعلن اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الليبي، أن القوات المسلحة لديها "سيطرة جوية ومدفعية كاملة على العدو في طرابلس".
في خضم المعارك العنيفة،يطفو على السطح التدخل التركي الساعي لدعم المليشيات الاخوانية لمنع سقوطها في العاصمة الليبية.حيث أعلنت شعبة الإعلام الحربي، التابعة للجيش الوطني الليبي، في بيان،الجمعة، إسقاط طائرة مسيَّرة تركية،  خلال مشاركتها في المعارك الدائرة في العاصمة طرابلس.ووفقًا للبيان فإن"وسائط الدفاع الجوي استهدفت طائرة مسيّرة تركية وقامت بإسقاطها في سماء العاصمة طرابلس وتحديدًا بمحور عين زارة".
وتعد هذه المرة الأولى التي يتم فيها إسقاط طائرة بعد فرض حالة الحظر الجوي جنوب طرابلس من قبل القيادة العامة للجيش الليبي.وقال قائد عمليات المنطقة الغربية للواء المبروك الغزوي، قال إن الدفاعات الجوية للقوات المسلحة أسقطت طائرة تركية مسيّرة دخلت مسرح العمليات ومنطقة الحظر الجوي جنوب طرابلس.
وفي اعقاب ذلك،شن سلاح الجو التابع للجيش الليبي غارة ليلية على مطار مصراتة استهدفت مهبط الكلية الجوية.وبحسب مصدر عسكري بعمليات السلاح الجوي الليبي فإن الهدف الذي تم استهدافه عبر إحدى طائرات سلاح الجو الليبي تمثل في طائرة شحن عسكرية هبطت في مهبط الكلية الجوية سابقًا.وأضاف المصدر أن الغارة شنت بعد ورود معلومات استخباراتية مؤكدة من داخل مصراتة بأن الطائرة التي هبطت في مهبط الكلية قادمة من تركيا وعلى متنها شحنة أسلحة وذخائر لدعم ميليشيات مصراته في حربها ضد الجيش الليبي.وفق ما أورد موقع "ارم نيوز" الاخباري.
وكانت القيادة العامة للجيش الليبي،كشفت في بيان لها، مساء الجمعة،عن ورود معلومات استخبارية متواترة عن شحن كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمدرعات والمعدات العسكرية المتنوعة من عدة منافذ تركية بحرية وجوية إلى المنافذ البحرية والجوية التي تسيطر عليها قوات حكومة الوفاق.ورجّح البيان، أن شحنات الأسلحة والذخائر أتت تنفيذاً لالتزام تركيا في اتفاق الـ 27 من نوفمبر الماضي، بتقديم دعم عسكري كبير ونوعي لقوات حكومة الوفاق  مقابل شرط توقيعها على اتفاقية الحدود البحرية، والتي تنازلت بموجبها حكومة الوفاق عن مصالح الشعب الليبي ومصالح دول منطقة شرق البحر المتوسط، بحسب البيان.
كما أعلنت القيادة العامة للجيش، خلال البيان، للمجتمع الدولي وللشعب الليبي ولسكان مدينة مصراته، أنها رصدت وصول ونقل وتخزين شحنات عسكرية تركية في مواقع مدنية غير ملائمه لتخزين معدات خطرة من الأسلحة والذخائر والمعدات، موضحة أن بعضها مخازن شركات تجارية مدنية ويقع بعضها قرب المناطق السكنية.ودعا البيان، سكان مدينة مصراته، إلى الابتعاد عن هذه المواقع الخطرة بسرعة لتجنب استخدامهم من قبل المليشيات كدروع بشرية لحماية مخزون العسكري.
وحذرت القيادة العامة للجيش، سفن وطائرات الشحن المدنية من نقل المعدات العسكرية التركية إلى جميع منافذ ليبيا، وإلا سوف تكون هدف مشروع لسلاح الجو الليبي، معتبرة ذلك إنذار علني ونهائي. وطالبت القيادة العامة، سكان مدينة مصراته، برفض تخزين هذه الذخائر قرب أحيائهم السكنية ومطالبة تجار السلاح وقادة المجموعات بإخراج هذه الذخائر الخطرة بعيداً عن تواجد السكان المدنيين.
ومن جهته أكد آمر التوجيه المعنوي التابع للجيش خالد المحجوب ،اليوم السبت،جاهزية الجيش لأي تدخل عسكري تركي يستهدف ليبيا.و قال المحجوب إن القوات البحرية والجوية التابعة للجيش ستستهدف أي سفينة عسكرية في المياه الإقليمية لليبيا ، مشيرا إلى سعي أنقرة للسيطرة على الثروات الليبية.و شدد المحجوب على أن استقواء حكومة الوفاق بالقوات التركية أفقدها شرعيتها على حد وصفه ، مشددا على دعم قبائل ومدن ليبيا للجيش في تصديه للعدوان التركي.
وبالتزامن مع هذه التطورات الميدانية التي تؤكد الانخراط التركي الواضح في الصراع الليبي الدائر في العاصمة طرابلس،التقى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج اليوم السبت على هامش منتدى الدوحة،كل من وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، ووزير الدفاع خلوصي أكار، بحضور وزير الخارجية محمد طاهر سيالة.
وبين المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي أن اللقاء تناول مستجدات الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا والجهود الدولية لحل الازمة الليبية، والعلاقات الثنائية بين البلدين.وبحث الجانبان الخطوات العملية لتنفيذ مذكرتي التفاهم التي وقعها البلدين حول التعاون الأمني، وتحديد مجالات الصلاحية البحرية في البحر المتوسط.
 الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد وقع مذكرتي تفاهم مع فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي للحكومة الليبية، في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تتعلق بالتعاون الأمني والعسكري، وتحديد مناطق الصلاحية البحرية، بهدف حماية حقوق البلدين المنبثقة عن القانون الدولي.وصادق البرلمان التركي على مذكرة التفاهم المتعلقة بتحديد مناطق الصلاحية البحرية مع ليبيا، في 5 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، فيما نشرت الجريدة الرسمية للدولة التركية، المذكرة في عددها الصادر يوم 7 من الشهر ذاته.
وقوبلت الاتفاقية الموقعة بين السراج وأردوغان برفض محلي ودولي واسع،واعتبر مراقبون أنها ستار للتدخل التركي في ليبيا بهدف دعم المليشيات الموالية لها للسيطرة على البلاد.وتأكد ذلك عقب تصريحات أردوغان التي أعرب فيها عن استعداد بلاده لإرسال قوات إلى طرابلس، لمساعدة حكومة فايز السراج والميليشيات التابعة لها على التصدي للجيش الوطني الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر، مشترطًا أن يكون التحرك عقب طلب حكومة الوفاق ذلك.
تصريحات أكدها وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو،الذي قال في تصريحات خلال "منتدى الدوحة" اليوم السبت: "حكومة الوفاق الليبية لم تطلب إرسال جنود إلى طرابلس حتى الآن، وفي حال طلبت من تركيا نشر قوات في ليبيا سنقبل ذلك"، متابعا "إرسال جنود هو أسهل شيء يمكن أن يحدث".في مؤشر واضح وصريح على عزم تركيا التدخل عسكريا في البلاد وهو ما يشكل منعرجا خطيرا للأحداث في ليبيا.
ويرى مراقبون أن أردوغان الساعي لمد نفوذه في ليبيا والمنطقة بات قلقا من خسارة حلفائه لمعركة طرابلس وهو ما يعنى انتهاء مخططاته الاستعمارية التي كشف عنها في وقت سابق حين زعم أن "الأتراك يتواجدون فى ليبيا وسوريا، من أجل حقهم، وحق إخوانهم فى المستقبل"،مشيرا إلى سعيه لإحياء ما وصفه بالمجد القديم للأتراك.
 ومثلت الاتفاقية الجديدة بوابة أردوغان لشرعنة تدخله في ليبيا عبر حكومة الوفاق وتمرير أجنداته في شرق المتوسط،لكن هذه الخطوة التي كشفت ارتهان حكومة السراج لمخططات أردوغان قوبلت برفض محلي ودولي واسع،ووجدت حكومة الوفاق نفسها في مواجهة اقليمية ودولية بدأت بوادرها بطرد اليونان لسفير السراج ثم سحب الاعتراف بحكومته فيما تتالت بيانات الدول الرافضة لمذكرتي التفاهم.
وتشير الوقائع على الارض الى أن الجيش الوطني الليبي يسعى لتحييد الدعم التركي لحكومة الوفاق التي باتت قواتها تتداعى في ظل التقدم الكبير للقوات المسلحة،ويتزامن ذلك مع تحركات دبلوماسية ضد هذا التدخل حيث أعلنت وزارة الخارجية بالحكومة الليبية المؤقتة، اليوم السبت، أنها بصدد رفع دعوى قضائية دولية ضد تركيا وقطر، بسبب دعمهما للميليشيات في ليبيا.
وجاء ذلك خلال لقاء لمسؤولين بالوزارة مع لجنة حكومية جرى تشكيلها لحصر الأضرار التي خلفتها الأعمال الإرهابية في ليبيا، ورصد أدلة حول تورط قطر وتركيا في هذه الأعمال.وأشار المكتب الإعلامي لوزارة الخارجية، في بيان عقب الاجتماع، إلى أن "اللجنة تقوم بحصر الأضرار التي خلفتها الأعمال الإرهابية التي لحقت بالليبيين جراء دعم قطر وتركيا للجماعات المتطرفة الإرهابية".وتابع البيان:"سيتم التنسيق مع القضاء المحلي والدولي لرفع دعاوى بالخصوص ضد الدولتين والمطالبة بمعاقبة المتورطين بدعم الإرهاب في ليبيا".
وتتهم الحكومة الليبية المحور التركي-القطري بدعم الميليشيات المسلحة في البلاد خلال السنوات الخمس الماضية.وهو ما اكده رصد الجيش الوطني الليبي خلال السنوات الماضية لوقائع دعم من الدولتين للجماعات المسلحة،عبر شحنات السلاح المتتالية التي تم ضبطها في أكثر من مناسبة،كما تمثل الدولتين ملاذا للعديد من القيادات الارهابية.
  ويجمع المتابعون للشأن الليبي أن معركة طرابلس التي باتت تحضى بدعم شعبي كبير ولقيت ضوءا أخضر من بعض الدول الكبرى،تمثل الطريق الوحيد لانهاء سطوة المليشيات المسلحة والتنظيمات الارهابية كما أنها تقطع الريق أمام الأطماع الخارجية وخاصة منها التركية التي باتت أكثر وضوحا.ويشير هؤلاء الى أن حسم المعركة سيفتح الباب أما اعادة بناء مؤسسات الدولة عبر ارساء الأمن والاستقرار فيها وتحقيق المصالحة في كل ربوع ليبيا من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة.