منذ العام 2011، مثل انتشار السلاح أحد أهم التحديات التي تواجه المساعي الداخلية والدولية لإعادة الاستقرار إلى ليبيا، ورغم إصدار مجلس الأمن الدولي قراره رقم 1970، في مارس/آذار 2011، بحظر بيع أو توريد الأسلحة إلى ليبيا، إلا أن تدفق الأسلحة المتجهة للجماعات المسلحة، تواصل من دول داعمة لهذه الجماعات وعلى رأسها تركيا، التي ترتبط بعلاقات إيديولوجية مع هذه الجماعات المتشددة.

أول تمظهرات الدعم التركي، برز في يناير 2013، عندما أوردت صحيفة "حرية" التركية أن السلطات اليونانية عثرت على أسلحةً تركية على متن سفينةٍ متجهة إلى ليبيا بعد توقفها في اليونان بسبب سوء الأحوال الجوية.  وفي ديسمبر من ذات العام، ذكرت الصحافة المصرية أيضًا أن إدارة الجمارك المصرية اعترضت أربع حاوياتٍ من الأسلحة قادمة من تركيا ويُعتقد أنها كانت موجهة للمليشيات الليبية.

في ديسمبر 2014، قال تقريرٍ أعدته الصحافة اللبنانية، إن السلطات الليبية اعترضت باخرةً كورية كانت في طريقها إلى مدينة مصراتة الساحلية المحاصرة، وذكر التقرير أنها كانت منطلقةً من تركيا. وكانت السفينة محملةً بحاويات الأسلحة والذخائر التي يُقال إنها كانت موجهةً للمليشيات الإسلامية.

وفي يناير2015، كشف مسؤول بالجيش الليبي أن كلًا من تركيا وقطر كانتا تزودان عملية فجر ليبيا بالأسلحة عبر السودان، الأمر الذي يمثل انتهاكًا مباشرًا لحظر الأمم المتحدة على الأسلحة المفروض على ليبيا منذ 2011. 

اتهامات دعمها، في فبراير من ذات العام، رئيس الوزراء الليبي، عبد الله الثني، الذى أكد إرسال أسلحة للمليشيات وعناصرها من الإسلاميين الذين استولوا على العاصمة الليبية، طرابلس، في 2014. وقال في تصريحات للتليفزيون المصري:" إن تركيا بلدٌ لا يتعامل بصدقٍ معنا، إنها تصدر أسلحة لنا يقتل بها الليبيون بعضهم البعض، وهي لم تحاول إخفاء دعمها لإسلاميي البلاد بعد سقوط القذافي في 2011، وتتواصل علنًا مع الحكومة الإسلامية التي أعلنت عن نفسها في طرابلس".

مؤخرا،إعلنت السلطات الليبية، عن ضبط سفينة تركية محملة بالأسلحة، فى ميناء الخمس البحرى شرقى العاصمة طرابلس. وحسب مصادر رسمية ليبية،تضمنت الشحنة أكثر من مليونى طلقة مسدس تركى، ونحو 3 آلاف مسدس و400 بندقية صيد.

بدوره، طالب الجيش الوطنى الليبى، مجلس الأمن، بفتح تحقيق فورى فى شحنة الأسلحة والذخيرة المضبوطة فى ميناء الخمس، متهما تركيا بـ"محاولة زعزعة استقرار ليبيا عبر دعم الإرهاب، وإطالة عمر الأزمة من خلال عملائها فى البلاد".

وقال البيان إن "القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية تابعت وبقلق بالغ تمكن السلطات فى ميناء الخمس، من ضبط شحنتى أسلحة ضخمتين وذخائر قادمة من تركيا".

وأضاف أن "عدد الذخائر فى هاتين الشحنتين يكفى لقتل قرابة 80% من الشعب الليبى، إضافة لآلاف المسدسات والبنادق ولوازمها بما فيها تلك القابلة للتحوير بكواتم صوت لتنفيذ الاغتيالات، وهذا ما يدل على استعمالها فى عمليات إرهابية داخل الأراضى الليبية".

يقر متابعون أن هذه المؤشرات مجتمعة تفيد بلعب تركيا   لدور تخريبي حيث أنه  كان جليا من خلال دعم  جماعات متشددة  خاصة الجماعة الليبية المقاتلة التى يقودها عبد الحكيم بلحاج.

فضلا عن عمليات تهريب الأسلحة والصواريخ إلى طرابلس لاستهداف قوات الجيش الليبى، ومعالجة الإرهابيين المصابين فى معارك مع القوات المسحلة الليبية، كان من أهم الأدوار المؤثرة لتركيا فى الملف الليبى لجعل الجماعات التابعة للإخوان باقية على الساحة سياسيًا وعسكريا.

وسبق للبعثة الأممية أن تفاعلت مع الخروقات التركية المتكررة،حيث دعا المبعوث الأممي في يناير الماضي، خلال إفادة أدلى بها عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من تونس، أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي، إلى ضرورة استمرار الحظر الدولي المفروض على تصدير السلاح إلى ليبيا منذ مارس/آذار 2011. مؤكدا بأن الحظر الدولي المفروض على السلاح لم يكن أكثر أهمية في أي وقت مضى من الوقت الحالي. وكان مجلس الأمن الدولي، مدد في يونيو 2017، حظر السلاح على ليبيا، مشددا على ضرورة تطبيقه في أعالي البحار بشكل صارم.

يذهب مراقبون أن تركيا لم تنسَ الضربة السياسية الموجعة التى وجهت لها خلال مؤتمر "باليرمو" الأخير الذى عقد فى إيطاليا، وعملية التهميش التى تعرضت لها، وبالتالى تسعى للانتقام من خلال تكثيف عمليات التهريب من أجل تخريب ليبيا.