مع إعلان البرلمان التركي موافقته على إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا خدمة لمخططات الرئيس التركي طيب أردوغان، الساعية لغزو البلاد ومد نفوذه في المنطقة، تسارعت ردود الفعل الرافضة لهذا الغزو التركي السافر وبدا الاصطفاف الليبي ضد المشروع الأردوغاني الأكبر منذ اندلاع الأزمة الليبية في العام 2011،وتزامن ذلك مع تقدم كبير باتت تحرزه قوات الجيش الليبي في معركة العاصمة طرابلس.
وفي الوقت الذي بدأت فيه حدة الاشتباكات في التصاعد مع تواصل تقدم الجيش الليبي وتكثيفه لضرباته الجوية مستهدفا القوات الموالية لحكومة الوفاق،استهدف قصف عنيف مساء السبت الكلية الحربية في العاصمة الليبية طرابلس،ما أسفر عن سقوط عدد من الضحايا من طلبة الكلية العسكرية بين قتيل وجريح وفقا لتقارير اعلامية.
وسارعت القوات الموالية لحكومة الوفاق الى وصف الهجوم على الاكاديمية بأنه قصف جوي من قبل الجيش الوطني الليبي،فيما سارع المجلس الرئاسي بدوره،من خلال بيان له،الى اتهام الجيش الليبي باستهداف الكلية العسكرية بطرابلس، مضيفا: "الرد على المعتدي سيكون موجعا في ميدان القتال، وسنعمل على محاسبة مرتكبي الانتهاكات والدول الداعمة للمعتدي".
من جهته وجه وزير الخارجية بحكومة الوفاق محمد سيالة البعثة الليبية بنيويورك بطلب عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي بشأن ليبيا.وأوضحت وزارة الخارجية بحكومة الوفاق أن ذلك جاء على خلفية ما قالت إنه قصف لقوات الجيش لمقر الكلية العسكرية بالعاصمة طرابلس.وطالبت الوزارة المجتمع الدولي بتدخل فوري وعاجل لمنع الأحداث في طرابلس وحماية المدنيين مطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته وتقديم قائد الجيش خليفة حفتر ومن معه للمحكمة الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحسب الوزارة.
الحكومةالتركية الحليف الأبرز لحكومة الوفاق،دخلت بدورها على الخط حيث أكدت الخارجية التركية في بيان نقلته وكالة "الأناضول" إدانة قصف الكلية العسكرية في العاصمة طرابلس متهمة الجيش بالقصف معتبرة أنه "يتوجب على المجتمع الدولي اتخاذ الخطوات الضرورية بأسرع وقت، من أجل إنهاء الدعم الخارجي لحفتر في ليبيا".على حد تعبيرها.
الاتهامات السريعة للجيش الليبي أثارت تساؤلات كبيرة خاصة مع عدم وجود أي تحقيق في الحادثة،وبدا أن ردود الافعال كانت جاهزة.وسارع الجيش الليبي الى نفي الاتهامات الموجهة اليه،وقال الناطق باسم القيادة العامة للجيش الليبي أحمد المسماري،خلال مؤتمر صحفي عقده عصر اليوم الأحد، إن جريمة استهداف طلبة الكلية العسكرية في طرابلس تهدف لتشويه صورة الجيش الليبي وتأليب الرأي العام على الجيش في طرابلس، قائلا "هذه العملية الإرهابية ستزيدنا إصرارا على تحرير العاصمة طرابلس".
واستعرض المسماري،صورا توضح ملابسات العملية وأنها تمت من داخل الكلية العسكرية وليس من خارجها أو من خلال قصف جوي، قائلا "بكل المعايير والمقاييس لم يحدث أبدا تفجير بدون إحداث آثار في المباني المجاورة، والتحقيقات ستكشف تفاصيل عملية استهداف الكلية العسكرية بطرابلس".وأوضح المسماري، أن جميع المؤشرات تؤكد وجود عمل إرهابي ضد طلبة الكلية العسكرية بطرابلس، مؤكدا أن القيادة العامة ستحقق في قضية مقتل طلبة الكلية العسكرية بطرابلس، مطالبا في الوقت ذاته الأمم المتحدة إرسال لجان للتحقيق.
واتهم المسماري، قناة الجزيرة الفضائية "بعرض فيديو لأحد المصابين في الحادث وحذفه من موقع القناة خلال ساعات من نشره، للتضخيم من الحادثة"، قائلا "الكلية العسكرية في طرابلس مزودة بكاميرات مراقبة مقابلة للساحة، نطلب من العاملين بالكلية بالحفاظ على تسجيلاتها لاستخدامها في التحقيق".
تصريحات المسماري أكدها فيديو تداوله نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، يوثق لحظة استهداف مقر الكلية العسكرية في طرابلس،وأفاد مصدر عسكري، أنه وبحسب التحليل الأولي للفيديو فأن استهداف الجمع تم على الأرجح باستخدام قاذف لهب (نابلم) من مسافة قريبة جدا، قد يكون مبنى عالي بالقرب من الكلية، مشيرا إلى أن هذا النوع من القاذف يكون مشتعل وبه مادة لزجة تنتشر بمجرد ملامسة الأرض وتلتصق المادة بالأهداف البشرية وتحرقها، بالإضافة لعدم وجود أثر على الأرض في حال كان الاستهداف تم باستخدام القصف صاروخي.
النقطة الأخرى كانت مع تداول بعض صفحات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو،عبارة عن حديث مجتزأ لمدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الليبي خالد المحجوب،، خلال مقابلة مع قناة "الحرة"، حول تبعية المتواجدين داخل الكلية العسكرية بطرابلس لـ "اغنيوة الككلي"،كدليل على ضلوع الجيش الليبي في الهجوم على الكلية العسكرية،وهو ما نفاه المحجوب مؤكداً أن مقطع الفيديو المتداول "مفبرك"،بحسب المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة.
ويبدو أن الهجوم على الكلية العسكرية قد مثل فرصة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان،لتبرير غزو ليبيا،حيث أعلن أردوغان، مساء اليوم الأحد، بدء تحرك وحدات الجيش التركي إلى ليبيا،قائلا أن"وحدات الجيش التركي بدأت التحرك إلى ليبيا من أجل التنسيق والاستقرار، وسنؤسس في بادئ الأمر مركزا لتنسيق العمليات في ليبيا يقوده ضابط تركي كبير".
وبالتزامن مع ذلك تواصل الحديث عن تدفق المرتزقة الموالين لتركيا الى يليبيا دعما لحكومة الوفاق.وكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن أعداد مرتزقة أردوغان الذين وصلوا إلى العاصمة الليبية طرابلس، بلغ حتى الآن نحو 1000 مقاتل، في حين أن عدد المجندين الذين وصلوا المعسكرات التركية لتلقي التدريب بلغ نحو 1700 مجند.
وكان المرصد السوري، قد أعلن في وقت سابق ارتفاع عدد المجندين الذين وصلوا المعسكرات التركية لتلقي التدريب إلى ما لا يقل عن 1600 مرتزق من مقاتلي فصائل السلطان مراد وسليمان شاه وفرقة المعتصم الموالية لتركيا، لافتا إلى ن هؤلاء المرتزقة جرى نقلهم من منطقة عفرين بعد تسجيل أسمائهم في الوقت الذي تتواصل عملية تسجيل الأسماء بشكل واسع.
ويشير الكثير من المتابعين للشأن الليبي الى أن اتهام الجيش الليبي بقصف الكلية العسكرية لا يعدو أن يكون محاولة جديدة من المليشيات المسلحة لتشويه الجيش الليبي في وقت بات يحضى فيه بدعم محلي واسع واصطفاف ليبي كبير ضد المساعي الأخيرة لتركيا لغزو ليبيا عبر بوابة حكومة الوفاق التي وجدت نفسها في مرمى الاتهامات بالخيانة العضمى جراء طلبها للتدخل التركي في الأراضي الليبية.
وشهدت الأيام الماضية بيانات متتالية للقبائل والمدن الليبية الداعية للتصدي للغزو التركي كما خرجت مظاهرات شعبية حاشدة لدعم الجيش الليبي والدعوة للاصطفاف خلفه في مواجهة العدوان التركي السافر الذي يهدد بمزيد تأجيج الصراع في ليبيا خدمة لاطماع أردوغان الاستعمارية وأحلامه في مد نفوذه في البلاد الغنية بالثروات النفطية.
وصوّت البرلمان الليبي في جلسة طارئة عقدها في شرق البلاد السبت، لقطع العلاقات مع تركيا، في ضوء عزمها على إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا دعما لحكومة الوفاق.وقال عبدالله بليحق المتحدث باسم البرلمان الليبي في بيان نشر على الموقع الرسمي للبرلمان إن "مجلس النواب (البرلمان) صوّت بالإجماع على قطع العلاقات مع تركيا"، وكذلك على "إلغاء مذكرتي التعاون الأمني والعسكري وترسيم الحدود البحرية الموقعة بين حكومة الوفاق غير الشرعية والنظام التركي واعتبارها كأن لم تكن".
كما صوّت على "إحالة رئيس حكومة الوفاق ووزيري خارجيته وداخليته وكل من ساهم في جلب الاستعمار إلى بلادنا للقضاء بتهمة الخيانة العظمى". كما أشار إلى التصويت على مطالبة المجتمع الدولي بسحب الاعتراف من حكومة الوفاق في طرابلس.
وتزايدت مخاوف حكومة الوفاق بعد الاصطفاف الشعبي الكبير خلف الجيش الليبي ضد الغزو التركي،وهو ما أكده شن قوات تابعة لها حملة اعتقالات بحق ناشطين مؤيدين للجيش الوطني بالتزامن مع دعوات لإشعال انتفاضة شعبية ضدها.بحسب ما أورد موقع "ارم نيوز" الاخباري.
وقال الموقع أن ميليشيا النواصي المتشددة،أعلنت إلقاءها القبض ليل السبت، على 6 أشخاص، قالت إنهم "يحرضون على قواتنا ويسخرون من أبنائنا ويهتفون لجماعة الكرامة".وقالت الميليشيا في بيان على "فيسبوك"، إن "المعتقلين سيتعرضون إلى أشد العقاب بتهمة التحريض والفتنة"، مشيرة إلى أنها "ستتعامل مع من يتم القبض عليه ويحرض على قوات حكومة الوفاق كما يتم التعامل مع الإرهابيين، فلم يعد لهم حرية تعبير".
وحثت الصفحة "كل من لديه معلومات عن أي شخص يحرض على قوات حكومة الوفاقن أن يرسل المعلومات إليها ليصار إلى القبض عليه". وكان شباب العاصمة الليبية وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي حددوا الساعة العاشرة من ليل الأحد، موعدا لبدء انتفاضتهم ضد الميليشيات.بحسب ما أورد الموقع الاخباري.
وتواجه المظاهرات السلميّة في العاصمة الليبية طرابلس،بالرصاص الحيّ، لاسيّما إذا ما تجرّأت جموع المتظاهرين على المطالبة بإخراج جميع التشكيلات المسلحة غير الشرعية من العاصمة طرابلس.ويتعرض كل من يخالف المليشيات للإختطاف أو الإعتقال التعسفي أو القتل دون رادع.وتعتبر سياسة تكميم الأفواه أمرا واقعا يعيشه سكان العاصمة منذ سنوات في ظل سطوة الميليشيات المسلحة التي تعتبر أبرز اسباب الأزمة الليبية.