تتسارع الأحداث في ليبيا وسط أجواء من التوتر تتزايد وتيرتها مع تواصل حدة الاشتباكات بين الجيش الليبي والقوات الموالية لحكومة الوفاق في وقت تتجه فيه تركيا الى مزيد من التدخلات في الشأن الليبي تحت مظلة حكومة الوفاق وحلفائها من تيار الاسلام السياسي ما ينذر بمزيد من التصعيد واطالة أمد الصراع في بلد يعاني منذ سنوات من الفوضى وغياب الاستقرار.
وبالتزامن مع تصاعد حدة القتال بعد اعلان الجيش الليبي عن اطلاق ساعة الصفر لتحرير العاصمة الليبية من سطوة المليشيات المسلحة،تصاعدت وتيرة التصريحات من مسؤولين أتراك حول امكانية التدخل العسكري في ليبيا لدعم القوات الموالية لحكومة الوفاق التي باتت بحسب الكثيرين بوابة أنقرة لمد نفوذها في البلاد وتحقيق أطماع الرئيس التركي الاستعمارية التي لم يتوانى في كشفها في وقت سابق.
الى ذلك،قال ياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن ليبيا باتت تحت مسؤولية تركيا، وذلك بموجب مذكرة التفاهم التي وقعها الرئيس التركي ورئيس حكومة الوفاق فائز السراج.ونفى أقطاي الذي تحدث لقناة "التناصح" الذراع الإعلامية للمفتي السابق الصادق الغرياني، الأنباء المتداولة حول زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تركيا".وفق ما أورد موقع "ارم نيوز" الاخباري.
وأفاد أقطاي بأن "تركيا لا تعير نظرة الآخرين للاتفاقية البحرية مع ليبيا أيَّ اهتمام، فما يهمها في ذلك هو البحث عن مصالحها".واعتبر أقطاي البقية، في إشارة منه إلى الجيش الوطني الليبي ومجلس النواب، أنهم ”لا يمثلون الدولة الليبية، وأن كل من يتعامل معهم يرتكب جريمة" منوهًا إلى أن تركيا " في مقام تستطيع من خلاله تقدير مَن هو على الحق، ومن هو على الباطل".على حد زعمه.
وتأتي تصريحات أقطاي هذه في أعقاب لقاء جمع بين الرئيس التركي رجب طيب أوردغان،ورئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج، مساء الأحد،والي أعرب خلاله السراج عن تقديره لموقف تركيا الرافض للاعتداء على العاصمة طرابلس، والحريص على عودة الاستقرار إلى ليبيا.فيما جدد أردوغان "دعم بلاده لحكومة الوفاق الوطني، مشيدا بتضحيات أبناء الشعب الليبي دفاعا عن العاصمة الليبية وعن مدنية الدولة".وفق بيان صادر عن المكتب الإعلامي للسراج.
وتشير هذه التطورات الى أن السراج ومن ورائه تيار الاسلام السياسي وعلى رأسه جماعة "الاخوان" قد فتح الباب أمام التدخل العسكري في ليبيا خاصة في ظل التطورات الميدانية المتسارعة التي كشفت وبوضوح تقدم قوات الجيش الليبي في أغلب محاور القتال واقترابها من السيطرة على العاصمة طرابلس فيما تراجعت قوات الوفاق التي منيت بخسائر كبيرة وفق تصريحات المسؤولين العسكريين.
مؤشرات أكدتها وسائل إعلام تركية،اليوم الاثنين،بقولها أن أنقرة تعتزم إنشاء قاعدة عسكرية في ليبيا، فيما بدأت التجهيزات لإرسال قوات ومستلزمات عسكرية إلى ليبيا.وقالت قناة وصحيفة "خبر ترك"، أن أنقرة ستنشئ قاعدة عسكرية في طرابلس، فيما قد يقدم رئيس حكومة الوفاق فائز السراج، طلبا لإرسال قوات تركية إلى طرابلس، مع حلول 20 فبراير المقبل، وقد يتغير هذا التاريخ  وفق الصحيفة مع تواتر التطورات في ليبيا، مشيرة إلى أن أنقرة أكملت دراسة الجدوى المتعلقة بذلك.
بدورها، قالت صحيفة "يني شفق"، إن تركيا بدأت بالتجهيزات اللازمة لتقديم الدعم اللازم لحكومة الوفاق، بالتزامن مع عملية تحرير طرابلس.ونقلت من مصادر عسكرية، أن الحكومة طلبت من القوات المسلحة التركية تجهيز السفن والطائرات الحربية استعدادا لنقل القوات التركية إلى ليبيا.وأكدت المصادر العسكرية، أن عملية النقل إلى مدينة طرابلس بدأت، والسفن التي ستقوم بنقل الطائرات المسيرة والدبابات والقوات الخاصة ووحدات الكوماندوز التابعة لقيادة مجموعة الهجوم تحت الماء باتت جاهزة.
وسبق أن نقلت قناة "تي آر تي" التركية على تويتر عن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قوله: "سنتخذ الخطوات اللازمة إذا تلقينا دعوة لإرسال جنود إلى ليبيا". وأعلن أنه سيقدم كل دعم إلى حكومة الوفاق ضد الجيش الليبي، معتبراً أن الاتفاقيات المبرمة مع حكومة الوفاق تمت وفق أُطر القانون الدولي.
وانخرطت تركيا في الصراع الدائر في العاصمة منذ أبريل الماضي دعما للمليشيات الموالية لها،وخلال الأشهر الماضية، أصبح جليا طبيعة الدور الذي تمارسه أنقرة في ليبيا، إذ تكشّف يوما بعد يوم، التدخل التركي المتمثل في إرسال أسلحة وخبراء عسكريين، لدعم ميليشيات طرابلس، التي تضم الكثير من العناصر الإرهابية المطلوبة دوليا.
وكان الجيش الوطني الليبي قد أعلن، في يونيو الماضي، أنه تم استهداف طائرة مسيرة تركية في طرابلس، كانت تستعد لتنفيذ غارات على مواقع تابعة له.وقال المتحدث باسم الجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري، إن الجيش يخوض "معركة حقيقية مع تركيا على الأرض"، مؤكدا أنها "تقاتل منذ عام 2014 مع الجماعات الإرهابية في بنغازي ودرنة وغيرها من المدن".
وجاءت تصريحات المسماري متزامنة مع أدلة على التورط التركي إذ تم ضبط شحنات أسلحة تركية محملة على متن سفن، كان أبرزها السفينة التي تحمل اسم "أمازون"، والتي خرجت من ميناء سامسون في التاسع من مايو الماضي، محملة بآليات عسكرية وأسلحة متنوعة، قبل أن تصل إلى ميناء طرابلس.وسبق هذه الشحنة من السلاح، موقف مثير للجدل أطلقه أردوغان، عقب بدء عمليات الجيش الوطني الليبي العسكرية لتحرير طرابلس من قبضة الجماعات الإرهابية، ليعلن الرجل صراحة دعم بلاده لحكومة فايز السراج، وتدخله لصالح الأخير.
وتعتبر التحركات التركية الأخيرة تصعيدا خطيرا تشهده الأحداث في ليبيا،حيث يرى مراقبون أن حكومة السراج فتحت الباب أمام الاحتلال التركي للأراضي الليبية بضغط من جماعة "الاخوان" التي كثفت قياداتها في الفترة الماضية من دعواتها لحكوم الوفاق بضرورة طلب اتدخل العسكري التركي لمنع دخول الجيش الليبي الى العاصمة طرابلس.
وتعتبر هذه فرصة لأردوغان الطامح الى مد نفوذه في ليبيا حاملا معه أطماع في ثرواتها ,احلاما استعمارية عبر عنها في أكتوبر الماضي حين زعم أن "الأتراك يتواجدون فى ليبيا وسوريا، من أجل حقهم، وحق إخوانهم فى المستقبل"،وأضاف "تركيا وريث الإمبراطورية العثمانية"، مشيرا إلى سعيه لإحياء ما وصفه بالمجد القديم للأتراك،في مشهد كشف وبدون لبس عن النوايا الحقيقية من وراء الدعم الذى تقدمه أنقرة إلى حكومة الوفاق وجماعة "الاخوان"،والذي يقوم على مد النفوذ التركي في ليبيا ومواصلة نهب ثرواتها.
وتثير محاولات اردوغان الزج بتركيا في مستنقع الصراع الليبي رفضا في الداخل التركي الذي  يعيش وضعا اقتصاديا صعبا بسبب أزمات مع دول مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الخليج.وقال أوتكو جاكيروزر، وهو نائب عن حزب الشعب الجمهوري المعارض وعضو في الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي، إن حديث أردوغان عن إمكانية إرسال قوات والانحياز إلى طرف دون آخر في الصراع الليبي "يثير القلق".وأضاف "ينبغي ألا تدخل تركيا في مغامرة جديدة. يتعين على حكومة العدالة والتنمية التوقف فورا عن أن تكون طرفا في الحرب في ليبيا".
وتاتي هذه التطورات في وقت يواصل فيه الجيش الليبي تكثيف ضرباته وتقدمه الميداني،حيث أعلن المتحدث باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري ،مساء الاثنين، إنه تم إسقاط طائرة مسيّرة تركية حاولت استهداف الجيش الوطني.وأضاف المسماري خلال مؤتمر صحفي استثنائي، أن هناك تقدماً للجيش الوطني في محاور طرابلس، مشيراً إلى غارات جوية على مواقع قوات الوفاق في مصراتة مستمرة إلى حين تحرير العاصمة طرابلس.
و أكد المسماري ،أن غرفة عمليات المنطقة الغربية تقوم برصد الأسلحة التي تزود بها تركيا ميليشيات مصراته والجيش الوطني شن غارات على مواقع الميليشيات ومواقع تخزين الأسلحة التركية في مصراته ،مؤكدا أن قوات الجيش أحرزت تقدما كبيرا بعد معركة أستنزاف على مدى ثماني أشهر الماضية ،لتصل معركة طرابلس إلى مراحلها الأخيرة تم خلالها تدمير قوة كبيرة و قتل مآت الإرهابين على تخوم العاصمة وقد بلغ عدد القتلى نحو نحو 940 قتيلا.
وكان المشير خليفة حفتر أطلق الأسبوع الماضي إشارة الهجوم الحاسم للسيطرة على طرابلس بعد نحو تسعة أشهر من بدء عملية تحرير العاصمة من الميليشيات والمجموعات الإرهابية، وهي الخطوة التي جاءت حسب رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، استباقا لتدخل تركي لوح به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من شأنه تغيير موازين القوى لصالح الميليشيات التي تقهقرت بعد أشهر من المعارك.