لا يزال أهالي جزيرة جربة التونسية (جنوب) محافظين في شهر رمضان على عادة إقامة مأدبة عشاء يحضرها الأقارب قبل رمضان بيومين، وذلك في البيوت التي بها أطفال يصومون أول مرة، ويطلقون على هذه العادة "تصييم الصغار".
وقال الحاج علي بالراجح، 68 سنة، لوكالة الأناضول، إن "هذه العادة توارثناها منذ عهد الأجداد، والهدف منها هو إشعار الصغير بالمسؤولية وأنه لم يعد طفلا من جهة".
وأضاف "وهي من جهة ثانية بمثابة الالتزام بأن لا يتراجع الطفل عن الصيام في السنة القادمة بعد أن علم الناس بأن فريضة الصوم قد فرضت عليه منذ هذه السنة". وتعمد العائلة الجربية بمجرد أن يكون لها ابن (ولد أو بنت) بلغ سن الصوم (عادة ما يكون 13 سنة) إقامة مأدبة عشاء بهذه المناسبة قبل شهر رمضان بيومين، وتستدعي لها الأقارب والأحباب الذين يأتون للمباركة وإعطاء القليل من المال إلى الطفل (ليس ملزما) لتشجيعه على الصيام.
وتابع الحاج علي "خلال الحفل الذي يقام للطفل قبل شهر رمضان تقوم الأم بتحضير البسيسة (تُصنع من القمح إضافة إلى الفواكه بكل أنواعها واللوز والفستق) من أجل ابنها أو ابنتها، إضافة إلى وضع الحنة على يد الشاب الصغير".
وبمجرد دخول اليوم الأول من شهر رمضان، بحسب الحاج علي، تقوم العائلات المقربة لعائلة الطفل باستضافته لتناول فطور رمضان. وتختلف تلك العادة من منطقة إلى أخرى، وعادة ما يفطر الطفل في رمضان عند بيت خاله أو بيت خالته أو بيت عمه أو بيت عمته.
وتعمد الجهة المضيفة إلى إفطار الصغير عندها وتعطيه القليل من النقود، ويبيت عندها في تلك الليلة، وأحيانا قد تتم استضافة أخ الطفل الصائم معه من أجل تحضيره للصيام في السنوات القادمة.
وقال عبد الرؤوف محمد، أب لطفلين ومن أبناء الجزيرة، "يمكن للطفل الصغير أن يجمع ما يقارب الـ 900 دينار (600 دولار) خلال شهر رمضان من العائلات المقربة".
الحاج سالم رجب، أحد ساكني الجزيرة ويبلغ من العمر 92 سنة، قال للأناضول إن "هذه العادة تعود إلى عهد الأجداد ويقوم بها أهالي الجزيرة من أجل تشجيع الأطفال الصغار على الصيام، وعرفت جميع مناطق جزيرة جربة هذه العادة في الماضي. أما الآن، أضاف الحاج سالم، فهنالك مناطق محدودة مازالت وفيّة لمثل هذه العادات، ومنها منطقة قلالة، أجيم، والصرندي، وسدويكش.
ولفت الحاج علي بن راجع إلى أنه "عادة ما يأخذ الولد القليل من النقود عند استضافته عند أقاربه، أما البنت فيعطوها ملابس لتحتفط بها عند الزواج". وقالت حليمة السيد، 38 سنة، للأناضول إن "هنالك غاية أخرى مهمة من هذه العادة، وهي أن تبرز العائلة للمجتمع أن ابنتهم أصبحت راشدة وحاضرة للزواج بعد أن فُرض عليها الصيام".