شاهد صحافيون زاروا مخيماً للنازحين في شمال شرق سوريا، أجنبيات من أتباع تنظيم داعش الإرهابي، وهن يحاولن الاعتداء على أخريات يعتبرهن من "الكفار"، في محاولة لفرض آرائهن المتطرفة عليهن رغم مواجهة التنظيم هزيمة وشيكة على الأرض.

وقالت سورية في مخيم الهول الذي نقل إليه نساء وأطفال من آخر جيب لداعش في شرق سوريا "يصرخن علينا بأننا كافرات لأننا لا نغطي وجوهنا... حاولن ضربنا".

والباغوز آخر منطقة مأهولة بالسكان يسيطر عليها التنظيم المتشدد، بعد أن أدت هجمات في السنوات الماضية إلى تقليص أراضي دولة "الخلافة" التي أعلنها التنظيم في سوريا والعراق.

لكن الهزيمة الوشيكة للتنظيم أدت إلى مواجهة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة لمشكلة تتعلق بمصير الأعداد المتزايدة من الناس الذين يخرجون من الجيب ومنهم كثيرون من أتباع داعش.

وتم إرسال معظمهم إلى مخيم الهول المكتظ بالفعل بنازحين ولاجئين سوريين وعراقيين. ويقول مسؤولو المخيم إن ليس لديهم ما يكفي من الخيام أو الطعام أو الدواء.

ويحذر موظفو إغاثة من انتشار الأمراض كما توفي عشرات الأطفال في الطريق إلى هناك.

وقالت الأمم المتحدة أمس الجمعة، إن 62 ألف شخص على الأقل تدفقوا على المخيم حتى الآن، وهو ما يفوق بكثير طاقته الاستيعابية. وأكثر من 90 % من الوافدين الجدد من النساء والأطفال.

وطوقت السلطات السورية الكردية التي تسيطر على المخيم الأجنبيات. وتجمعت النساء المنقبات في ملابس سوداء يوم الجمعة خلف سياج أغلقت بوابته.

وقال مسؤول أمني في المخيم: "الأجنبيات يلقين الحجارة. ويسبون السوريات أو العراقيات ومسؤولي المخيم. حتى الأطفال يوجهون التهديدات".

بحاجة للمساعدة

أطلق حراس النار في الهواء لتفريق بضع مشاجرات واستخدموا صاعقاً كهربائياً في إحدى المرات للسيطرة على أجنبية معتقلة، وفقاً لما روته سورية في المخيم.

وأبدت بعض النساء اللائي خرجن من الباغوز في الأسابيع الأخيرة تعاطفاً قوياً مع تنظيم داعش.

كما استسلم المئات من المتشددين لكن قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد تعتقد أن الأكثر تشدداً مازالوا داخل الجيب يستعدون لخوض معركة حتى الموت.

وقبل شن الهجوم الأخير على الباغوز، قالت قوات سوريا الديمقراطية إنها تحتجز نحو 800 من مسلحي داعش وألفين من زوجاتهم وأطفالهم.

وعلى الرغم من عدم إعلانها أحدث الأرقام إلا أن الأعداد تزايدت بشدة مما أثار مطالب جديدة للحصول على مساعدات.

وقال مازن شيخي وهو مسؤول في المخيم: "الوضع بالمخيم مأساوي جداً لأن أعداد النازحين واللاجئين في تزايد مستمر، نحاول تغطية احتياجات الناس بأكبر قدر ممكن، لكننا نحتاج لمساعدات أيضاً لإننا وحدنا ليس بإمكاننا أن نقوم بهذا الواجب إنه عبء ثقيل".

وأضاف أنه لدى وصول أطفال صغار بمفردهم يقوم المسؤولون بتسليمهم لمنظمات إغاثة أو يحاولون العثور على بالغين لرعايتهم في المخيم في الوقت الراهن.

وأشار إلى أن كل الخيام حتى الكبيرة منها امتلأت مما أجبر البعض على النوم في العراء.

وقالت لجنة الإنقاذ الدولية، إن 100 شخص على الأقل توفوا أغلبهم من الأطفال وهم في طريقهم للمخيم أو بعد فترة وجيزة من الوصول إليه وحذرت من أن المخيم وصل لنقطة الانهيار.

يعكس التوتر في الهول خلافاً موجوداً منذ سنوات بين المتشددين الذين سافروا إلى سوريا للانضمام لداعش الذين يطلق عليهم "المهاجرين"، والمحليين الذين انضموا للتنظيم أو عاشوا تحت حكمه.

وقالت امرأة من تركستان تبلغ من العمر 30 عاماً: "واجهنا مشكلات مع بعض الناس"، وأضافت أن عائلتها بأكملها جاءت معها إلى سوريا للفرار من القمع في بلادهم وتابعت قائلة "أردنا أن نعيش في ظل دولة الخلافة"، وجاءت والدتها ووالدها وإخوتها إلى سوريا معها.

وقال شيخي: "وضعنا المهاجرات في قسم خاص تفادياً لأي مشاكل قد تحصل مع النازحين واللاجئين، إلا أن هناك الكثير من المناوشات فيما بينهم".

ويشير الولاء القوي لدى أتباع داعش إلى أن خطره سيستمر حتى بعد السيطرة على الباغوز.

ومن المتوقع أيضاً على نطاق واسع أن يظل المتشددون يمثلون تهديداً بسيطرتهم على مناطق نائية وشن هجمات على غرار حرب العصابات.