في بيان استثنائي، أعلن المركز الوطني لمكافحة الأمراض مساء الأربعاء 27 مايو 2020 تسجيل 20 إصابة بفيروس كورونا المستجد، في أعلى حصيلة تسجلها ليبيا منذ دخول الوباء للبلاد.
ليلة مؤلمة على الشعب الليبي، ولكن كان لها الأثر الأكبر على سكان وأهالي الجنوب الليبي، وخاصة في مدينة سبها التي شهدت الثلاثاء تسجيل إصابتين، واستيقظت الأربعاء على خبر وفاة أحد الحالات ومن ثم توالت على المدينة توابع الكارثة ليعلن المركز في ذات اليوم عن تسجيل 17 حالة موجبة مخالطة للحالتين التي سجلتا بمدينة سبها، كما أعلن الخميس 28 مايو 2020 تسجيل 6 حالات إصابة جديدة لمخالطين.
ونظرا لتطور الوضع الوبائي في مدينة سبها، أهاب المركز الوطني لمكافحة الأمراض المواطنون المقيمون في المدينة ضرورة اتباع الإرشادات الوقائية والاحترازية اللازمة والتي تشمل حظر التجول والحجر المنزلي والتباعد الاجتماعي والاستمرار في عمليات التعقيم والتطهير والنظافة الشخصية.
كما طلب المركز الوطني لمكافحة الأمراض، المواطنين بمدينة سبها عدم مغادرة المدينة حتى يتم حصر المخالطين واستقرار الوضع الوبائي، مهيبا بالمواطنين التواصل على رقم الطوارئ المجاني للمركز 195 لأي استفسار أو عند الشعور بأعراض اشتباه لفيروس كورونا والحاجة للمساعدة.
عميد المجلس البلدي سبها الشاوش عبدالسلام، قال في ذات الليلة إنه وبعد التشاور مع وزارة الصحة وكافة القطاعات والجهات المختصة، وبناءً على القانون سيتم إعلان حالة الحجر الصحي العام في مدينة سبها، والبدء في التطبيق الفوري لإجراءات الإغلاق العام بالمدينة، على أن يصدر لاحقاً قراراً يفيد بذلك.
مسؤول مركز العزل النهائي واللجنة المختصة، كان قد توجه عبر بلدية سبها، بنداء ملح إلى أطباء الباطنة والاختصاصيين في المدينة "للفزعة" لوطنهم ولأهلهم في سبها، بالوقوف وقفة وطنية مجيدة في الخط الأمامي بجبهة مواجهة وباء كورونا "كوفيد 19" الذي يهدد الجميع وذلك بالالتحاق بهم بمراكز العزل.
إدارة الخدمات الصحية سبها، لم تمل على مدار يومان من توجيه ندائها إلى كل المواطنين ممن قاموا بواجب العزاء في المأتم الذي خالطته أولى الحالات أو كان متواجد أثناء مراسم الجنازة أن يعزل نفسه بالمنزل لمدة 14 يوم، وفي حال ظهور أي أعراض مشتبه بها، الاتصال بفريق الرصد والاستجابة، مشيرا إلى أن الفريق يستقبل العينات في مركز السرية الطبية بحي الثانوية.
تحركات متسارعة، حيث وجهت وزارة الصحة بالحكومة الليبية نداء لكافة الأطباء الباطني والتخدير والعناية الفائقة ببلدية سبها وما جاورها للالتحاق فورا بمركز العزل السريري بالمدينة المخصص لمكافحة فيروس كورونا بهدف سد النقص في عدد من التخصصات، فيما قرر مركز سبها الطبي، تقليص العمل داخل المركز واقتصار العمل على استقبال حالات الولادة والحالات الطارئة فقط، للمحافظ على سلامة المواطنين وسلامة أقسام المركز من تفشي المرض داخلها بكون المركز هو المركز الإيوائي الوحيد بالمنطقة الجنوبية، وهو المكان الوحيد الذي يلجأ له كل أهل الجنوب، ومن جانبها قررت إدارة الخدمات الصحية سبها إقفال المراكز والمرافق الصحية واستثناء من ذلك عدد 6 مراكز صحية لاستقبال الحالات المرضية غير فيروس كورونا، مطالبة مدراء المرافق ووحدات الرعاية الصحية وعيادة الاسنان المركزية الالتزام بالقرار وتنفيذه.
الجنوب الليبي.. معاناة مستمرة
رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن الجنوب علي ابوسبيحة، وصف الوضع في منطقة الجنوب الليبي بالوضع "الخطر" وخاصة بعد تسجيل عدد كبير من الحالات المصابة بفيروس كورونا المستجد في مدينة سبها.
وقال ابوسبيحة، في تصريح خاص لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية"، "هذا ما حذرنا منه من قبل ونراه اليوم نتيجة للإهمال المتعمد للجنوب، فتسجيل هذا العدد من الإصابات خلال يومين يعد مؤشر غير مطمئن وخطير جدا، وقد حذرنا مرارا وتكرارا من إهمال الحكومات سواء في الشرق أو الغرب لمدن الجنوب وما حدث جاء نتيجة لهذا الإهمال وعدم تزويد الجنوب بالعناصر الطبية اللازمة في ظل جائحة كورونا".
وأوضح ابوسبيحة، أن الحالة التي توفيت الأربعاء 27 مايو 2020 في مركز العزل الصحي جراء إصابتها بالفيروس، توفيت نتيجة "الفساد" المتمثل في عدم وجود طبيب تخدير لتركيب جهاز التنفس الصناعي، مشيرا إلى أن أغلب اللجان التي تشكلت في الجنوب لمكافحة كورونا تخلل عملية اختيار عناصرها نوع من الفساد فتم دمج أشخاص ليسوا بأطباء فقط للحصول على مكافآت مالية.
كما قال رئيس المجلس الأعلى لقبائل ومدن الجنوب، "إن هذه اللجان وكوادرها غير الملائمة للحالة الإنسانية والصحية في الجنوب، جاءت أيضا نتيجة للحكومات الفاسدة التي أضرت بالمواطن، فهذا الصراع على السلطة والتنازع على الشرعية جعل كل حكومة تدعي الشرعية في الجنوب ولكن لا تقدم له شيء، ومن هنا نقول لحكومة الوفاق أنه كان من الأحرى إرسال الفرق الطبية للجنوب بدلا عن إرسالهم إلى إيطاليا، وكذلك نسأل القيادة العامة أين المستشفى الميداني التي وعدتم الجنوب بها"، بحسب تعبيره.
ووجه ابوسبيحة، نداء إلى المجتمع الدولي والمنظمات الطبية والصحية العالمية بالتدخل السريع وبشكل عاجل وفوري لإنقاذ الجنوب الليبي من الوباء، مناشدا في الوقت ذاته أهالي الجنوب بالالتزام التام بالإجراءات الاحترازية من حيث النظافة العامة والتباعد والالتزام بالحجر الصحي في المنازل للحفاظ على أنفسهم من هذا الوباء.
من جهته قال الصحفي من مدينة سبها أسامة الوافي، إن معاناة القطاع الصحي في الجنوب الليبي نابعة من انقسام إداراته، مشيرا إلى أن إدارات الخدمات الصحية في سبها تعاني حالة من الانقسام الداخلية.
وأضاف الوافي في تصريح خاص لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية"، "المستوصفات والمراكز الصحية في سبها تعاني من الانقسام، فهناك إدارات تتبع لحكومة الوفاق وأخرى تتبع للحكومة الليبية "المؤقتة"، وهذا الشيء بالطبع يؤدي إلى ضعف في التنسيق وبالتالي ضعف في تقديم الخدمات"، وأضاف "كذلك وجود مجلسين بلديين أحداهما مجلس منتخب، والأخر مجلس تسييري انعكس على الوضع الخدمي والبيئي، مما يؤثر أيضا على المراكز الصحية وعلى مراكز العزل الصحي التي لديها أكثر من مدير في آن واحد، وغيرها من الخدمات في الجنوب أي ليس القطاع الصحي فقط هو من يعاني نتيجة الانقسام".
فيما رجح الناشط المدني وأحد أعيان مدينة مرزق محمود الدريحو، ارتفاع أعداد حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا في الجنوب الليبي خلال الـ24 ساعة القادمة.
وقال الدريحو، في تصريح خاص لـ"بوابة إفريقيا الإخبارية"، إن "عدد الحالات التي تم تسجيلها في سبها خلال اليومين الماضيين يشير بشكل عام إلى خطورة الوضع الوبائي في الجنوب، لافتا إلى أن التباعد الاجتماعي لم يطبق في الجنوب خلال الفترة الأخيرة مما يزيد من احتمالية تسجيل حالات إصابة جديدة خلال الساعات القادمة وذلك بعد أخذ العينات العشوائية والمسحات للمخالطين".
وأوضح الدريحو، أن المراكز الصحية في الجنوب تعاني نقص في الطواقم الطبية، قائلا" لا يوجد أي استعدادات لمواجهة الأزمة الصحية في الجنوب مالم تتدخل الأجهزة والسلطات لاحتواء الوضع في أسرع وقت ممكن".
الجنوب الليبي يتألم، وعاصمة الجنوب "سبها" تشعر بخطر محدق، فهل ستنجح الأجهزة والسلطات الليبية في إنقاذ الجنوب من هذا الخطر قبل أن يدق ناقوسه في باقي المدن الليبية، أم سيكون للحرب رأي أخر في هذا.... الأيام القادمة ستحمل معطيات كثيرة، فيما يدعو الشارع الليبي أن يستمع الله لدعائه ويفرج كربته.