في مبنى التحقيقات الجنائية تقبع هذه الأيام الزوجة الثانية للرئيس السوداني المعزول عمر البشير وداد بابكر، المنحدرة من أسرة بسيطة كانت تسكن أحد الأحياء الطرفية في العاصمة الخرطوم قبل أن يتزوجها العقيد إبراهيم شمس الدين، وهو إسلامي متشدد وأحد أعضاء مجلس قيادة الانقلاب الذي أتى بالبشير رئيساً، وتوفي في حادث طائرة ليتزوجها بعده البشير، ومنذ أن دخلت وداد للمقر الرئاسي بدأ نجمها يلمع واسمها يرتبط في صوالين السياسة السودانية باساطين الفساد في البلاد.
عاشت وداد حياة غاية في الرفاهية، تتناقض تماماً مع كونها زوجة رئيس بلد يحسب من البلدان الفقيرة، مما دفع المتظاهرين إلى ترديد اسمها ضمن المطلوبين للمحاسبة، في هتافاتهم ابان الثورة، وفي أعقاب الإطاحة بزوجها البشير توارت وداد عن الأنظار.
ولم يعرف مكانها بالضبط لفترة امتدت لقرابة الأربعة أشهر، ليتم كشف مخبئها، وإيداعها حراسة التحقيقات الجنائية مواجهة بتهم عديدة أبرزها الثراء الحرام وتبديد المال العام وغيرها من التهم، وبحسب متابعين للقضية أن وداد التي أنكرت امتلاكها لثروة كبيرة، وأقرت فقط بأنها تملك منزلين في الخرطوم، صودرت منها حلي ومشغولات ذهبية تقدر بمئات الملايين من الجنيهات السودانية.
ونقلت العديد من الوسائط الإخبارية عن النيابة أن تحقيقات موسعة جرت مع مقربين من زوجة المخلوع أو «ماري أنطوانيت السودان» كما يحلو للبعض تسميتها، وأن النيابة ألقت القبض على عشرات الأشخاص واستجوبتهم بشأن أراض زراعية وسكنية يشتبه أن حرم المعزول قامت بتسجيلها بأسمائهم حتى تتفادى الشبهات حول فسادها.
وشملت تحقيقات نيابة الثراء الحرام والمشبوه، أراضي سكنية في أحياء راقية بالعاصمة الخرطوم، ومشاريع زراعية ضخمة بولاية القضارف شرقي البلاد.
ويقول الناشط في الحراك الذي أطاح زوجها ايمن سلامة إن وداد نموذج للفساد الذي كان مستشرياً في عهد زوجها، وأنها تدخلت مستخدمة نفوذ زوجها في عالم المال والأعمال ومعروف أن العديد من رجال الأعمال كانوا يعملون تحت غطائها مشيراً إلى أن وداد المولودة في سبعينيات القرن الماضي والتي لم تستطع أن تكمل تعليمها، الجامعي باتت بذات النفوذ تحمل درجة الدكتوراه من إحدى الجامعات السودانية.
لافتاً إلى أن محدودية خبرتها جعلتها ومع تصاعد الاحتجاجات ضد زوجها تستمر في عقد الصفقات التجارية وشراء أفخم العقارات في الخرطوم الأمر الذي يوحي بأنها لاتعلم أن كل ذلك سيكون مرصوداً ويستخدم ضدها.