كشفت النيابة العامة الإيطالية عن شبكة لتهريب البشر التي تمتد إلى كندا عبر أوروبا انطلاقا من شمال أفريقيا. ويجري التحقيق فيها حول مجموعة من الأنشطة الإجرامية، بما في ذلك تسليم عدد من الإرهابيين إلى أمريكا الشمالية.
تسجيلات وافية لمكالمات هاتفية واسعة بين مهربين من شمال افريقيا وزبائنهم ، مع إشارات إلى كندا.
وفي واحدة من هذه المحادثات ، يقول مهرب أريتري سيء السمعة يدعى مدهني يهديغو يعمل في ليبيا ويتفاخر بقوله  "سأكون القذافي الجديد"، (يقول) إنه يعتزم استثمار 170،000 دولار أو يورو (لم يتم تحديد العملة) من دخل عملياته للتهريب إلى كندا.

وفي مكالمة أخرى، يُعرض مبلغ 5000 € (حوالي 7800 $) كسعر للوصول إلى كندا باستخدام جوازات سفر أميركية أو إيطالية مزورة.
وقد أسفرت المراحل الأولى من التحقيق، الذي قاده بعض من كبار مسؤولي مكافحة المافيا ومكافحة الإرهاب في النيابة العامة في إيطاليا عن الكشف عما يقرب من عشرين من أعضاء عصابات التهريب في شمال أفريقيا التي تُقدِّم بدم بارد الآلاف المهاجرين للموت في عرض البحر المتوسط.
وستبدأ قريبا محاكمة ثانية لمهربي البشر في باليرمو عاصمة صقلية، وربما تؤدي إلى سقوط المزيد من المهربين، وأحكام بحق المتهمين قد تصل إلى 30 عاما من السجن.
وتُعرف التحقيقات باسم عملية "غلوكو" أو "قديس البحارة". وقد انتهى التحقيق الأول، "غلوكو 1" ، ويوشك الثاني، "غلوكو 2" ،على الانتهاء قبل بدء محاكمات جديدة. وسيلي التحقيقين ، تحقيق للمتابعة، سيكون أوسع بكثير من حيث نطاقه الجغرافي، لمعرفة كيفية وصول مخالب شبكة تهريب البشر إلى شمال أوروبا وأمريكا الشمالية.

في "غلوكو 1"، :"ركزنا في الغالب على إيطاليا"، يقول كالوغيرو فيرارا، المدعي العام بوزارة العدل الإيطالية الذي يقود التحقيقات، " وفي "غلوكو2" ركزنا على إيطاليا بالإضافة إلى أوروبا، فيما سيركز التحقيق الذي سيليهما على إيطاليا وأوروبا وبقية العالم."

 وفي مقابلة في باليرمو الأسبوع الماضي قال فيرارا البالغ من العمر 45 عاما إن ممثلين للسلطات الأميركية زاروا بالفعل مكتبه للاستفسار عن شبكات تهريب الاتصالات عبر الأطلسي. ويتوقع أن يفعل المحققون الكنديون الأمر نفسه، خاصة وأن المحققين في شمال أوروبا شرعوا في تحقيقاتهم الخاصة استنادا إلى نتائج إيطالية، والصدى المحيط بنجاح الجهود في سياق عملية "غلوكو 1" يتعاظم.
 
وقد حصل المحققون الإيطاليون على كنز من المعلومات والخيوط انطلاقا من تحليل هواتف نقالة ووثائق، فضلا عن مقابلات مع الناجين.
"قضية لامبيدوزا"، والتي من شأنها أن تشكل أساس عملية "غلوكو1"، كشفت أيضا عن معلومات مروعة تقشعر لها الأبدان لمعاملة المهربين للمهاجرين. يقول أحد المهاجرين الناجين من الموت: "النساء اللواتي لم يكن يمقدورهن أن تدفعن سعر الرحلة تعرضن للاعتداء الجنسي في تجمع للاجئين في ليبيا ، ويضيف: "جميع النساء في المركز تعرضن للاغتصاب من قبل مهربين صوماليين وليبيين. لقد كان المركز مثل معسكر اعتقال".
 
ومن بين المحادثات المهمة التي تم التنصت عليها، والمترجمة بشق الأنفس من العربية ولهجات افريقية، مكالمات من إرمياس غيرماي ، مهرب أريتري فار ، لا صورة له حتى الآن ، يعيش في ليبيا ويعد أكثر الرجال المطلوبين على الأرض. وفي مكالمة هاتفية تم اعتراضها يوم 31 اكتوبر 2013، لم يعرب عن أي تعاطف بسبب كارثة لامبيدوزا. وفي حديثه لمهرب سوداني يدعى جون مهري الذي لا يزال بدوره طليقا، يصب (غيرماي)، الذي يعتقد أنه هو من نظم الرحلة المشؤومة على متن قارب لامبيدوسا، اللوم على المهاجرين أنفسهم لغرق السفينة، قائلا : "لقد كان خطأهم ، وكان عليهم أن يطلبوا المساعدة عندما كانوا في عرض البحر ، لا أن ينتظروا حتى اللحظة الأخيرة ليحرقوا بطانية ويتسببوا في غرق السفينة".
وقد كان المحققون محظوظين، لأن أحد الرجال الذين اعتقلوا في يونيو عام 2014، كجزء من التحقيق في عملية "غلوكو 1"، وافق على التعاون معهم كجاسوس. وهو الإريتري نور الدين عطا واهابريبي الذي يبلغ من العمر 32 عاما، والذي كان يعالج في صقلية وروما، وهو الآن تحت حماية الشرطة في مكان ما في إيطاليا.
وقال للمدعين إنه عمل لمدة عشر سنوات في تهريب طالبي اللجوء إلى إيطاليا ومنها إلى شمال أوروبا ، وقد وافق على التعاون لأنه شعر بالذنب تجاه وفاة المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط. وفي المقابل، فإن النيابة العامة توصي بأن يحصل على حكم مخفف، ربما خمس سنوات، بدلا من 20 أو 30 عاما. وتبرر ذلك بأنه " قدم آلاف المعلومات القيمة التي سيتم استخدامها في التحقيقات في المستقبل".

صلة المهربين بأمريكا الشمالية تم الكشف عنها في مكالمة لـ "واهابريبي" وقصاصات من المحادثات بين مهربين آخرين، وهو ما أقنع النيابة العامة بأن شبكة التهريب الإجرامية كان لها أفراد في كندا والمكسيك وربما في الولايات المتحدة. واعترف واهابريبيب أنه يستخدم مجموعة متنوعة من الأساليب غير المشروعة، بما في ذلك جوازات السفر والتأشيرات المزورة وعقود الزواج الوهمية، لنقل المهاجرين هناك. وأكد أنه أحضر المهاجرين إلى المكسيك ومنها إلى الولايات المتحدة بمساعدة شخص في المكسيك. كما قدم اسمي اثنين من المهربين في كندا.