يبدو أن ما يسمى بالتمدّد الفرنسي في ليبيا و سعي ماكرون للمسك بزمام العملية السياسية في ليبيا أقلق روما و واشنطن ما دفع السلطين لترفيع درجات التنسيق فيما يخص المسألة الليبية و لعدم فقدان موطأ القدم هناك.
قمة واشنطن
ذكرت وكالة الأبناء الايطالية، أكي، الاثنين، أن رئيس الوزراء الايطالي، جوزيبي كونتي سيطلب من الرئيس الامريكي، دونالد ترامب خلال قمة سيعقدانها في واشنطن تنسيقاً بين البلدين يستهدف مرافقة الانتقال السياسي في ليبيا. وقالت الوكالة أن كونتي يتطلع إلى تنسيق بين روما وواشنطن بشأن قضايا منطقة البحر الابيض المتوسط عبر تشكيل غرفة عمليات مشتركة بين وزراء الخارجية والدفاع في البلدين.
وأضافت أن التنسيق الذي يطالب به كونتي يأتي في ظل خلافات بين فرنسا وإيطاليا حيث تريد فرنسا انتخابات في ليبيا قبل نهاية العام الجاري، في حين تطالب إيطاليا بأولوية المصالحة بين الفرقاء الليبيين قبل الانتخابات، وفق آكي. يشار إلى أن وزير الخارجية الفرنسي، جان لودريان زار طرابلس وطبرق وبنغازي منتصف الشهر الجاري؛ لتمرير الخطة الفرنسية التي اتفق عليها في اجتماع باريس مايو الماضي.
ونقلت وكالة آكي الإيطالية للأنباء اليوم عن مصادر إعلامية إيطالية، أن حكومة جوزيبي كونتي تتطلع إلى تنسيق بين روما وواشنطن بشأن قضايا منطقة البحر الأبيض المتوسط عبر تشكيل غرفة عمليات مشتركة بين وزراء الخارجية والدفاع في البلدين. وبحسب المصادر، فإن التنسيق بين الجانبين، يراه رئيس الحكومة الإيطالية حاسما لإدارة قضية الهجرة بشكل أفضل ولمكافحة الإرهاب، وكذلك مرافقة الانتقال السياسي في ليبيا، وفق ما ذكرت وكالة (آكي).
وأشارت المصادر، إلى التباعد في وجهات النظر بين الحكومتين الإيطالية والفرنسية، حيث ترى إيطاليا أولوية للمصالحة بين الفرقاء الليبيين قبل الانتخابات في ليبيا، والتي حددت قمة باريس العاشر من شهر ديسمبر المقبل موعدا لها دون ضرورة احتواء الصراع بين طرابلس وطبرق. وقالت آكي، إن كونتي سيقترح لعب دور الميسر لتجاوز الجمود في العلاقات بين ضفتي الأطلسي، مستفيدا من الكثير من الأمور التي توحد بين روما وواشنطن، كما أشار رئيس الوزراء الإيطالي نفسه في وقت سابق، فكلا الإدارتين تتقاسمان معاداة النخب السياسية التقليدية. وكان رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، قد صرح لصحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية الجمعة، أنه أخبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن إيطاليا لن تدعم تسريع العملية الانتخابية في ليبيا قبل إكمال عملية التوافق السياسي بين الفرقاء الليبيين.
تنسيق لمواجهة التطرف
أدّى وزير الداخلية الإيطالي، ماركو مينيتي، زيارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية في شهر فبراير من هذه السنة، نتج عنها التوصل إلى "استعداد واشنطن منح "تفويض" لإيطاليا في ليبيا بهدف تحقيق الاستقرار هناك". والتقى الوزير الإيطالي، كلا من وزير الأمن الداخلي والعدل الأمريكيين ومسؤول جهاز الشرطة الاتحادية الأمريكية كريس وراي، وناقشوا التعاون الاستراتيجي بين البلدين بخصوص ليبيا، بحسب صحيفة "لاستامبا" الإيطالية.
ونقلت الصحيفة الإيطالية عن مرافق للوزير الإيطالي إلى واشنطن، أنه جرى خلال اللقاءات في واشنطن بحث تعزيز التعاون الأمني في مكافحة الإرهاب بين البلدين، وذلك لمنع تحول ليبيا إلى قاعدة خلفية لتنظيم الدولة. من جهته، أكد مينيتي أن المعضلة الأولى تتمثل في تمركز تنظيم الدولة في ليبيا وتحويلها إلى منصة انطلاق للإرهابيين ضد أوروبا، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة يمكنها متابعة تحركات التنظيم بدقة، وأنها تملك كنزا من المعلومات في ليبيا، ويمكن توظيفها بشكل مشترك، حسب قوله.
صدى هذا التقارب في ليبيا
أكد عضو البرلمان الليبي، صالح فحيمة، أن إيطاليا تأمل في القسم الأكبر من "الكعكة" الليبية كونها المستعمر القديم، ونواياها لا تخفى على العالم فضلا عن الليبيين أنفسهم، لكن مسألة التفويض الأمريكي فهو بمثابة عطاء من لا يملك لمن لا يستحق.
وأشار في تصريحات تلفزية، أن اتفاق روما و واشنطن على عدم السماح بأن تكون ليبيا حديقة خلفية لتنظيم الدولة هو أمر إيجابي ونرحب به، لكن أقل ما يقوم به الطرفان هو المساهمة في رفع حظر التسليح المفروض على الجيش الليبي، حسب كلامه.
وقال الكاتب والباحث السياسي الليبي، عزالدين عقيل، إن إيطاليا في حاجة إلى استغلال ليبيا لإصلاح اقتصادها المتردي، وذلك عبر نهب النفط والغاز الليبي، وتم من قبل سرقة غاز ليبي عبر الحكومة الإيطالية وهذا مثبت، وكذلك سرقة الثروة السمكية. وأوضح في تصريحات للمتوسط أن إيطاليا سعت وجمعت الدول الكبرى وضغطت في كل الاتجاه حتى تعود قضية ليبيا إلى الأمم المتحدة لمنع فرنسا من التفرد بليبيا، وكل ذلك يتم في إطار الاتفاقات السرية ما بين إيطاليا والرئاسي الليبي برعاية واشنطن، وفق قوله.
من جهته، رأى السياسي الليبي، إدريس بن الطيب، أن الولايات المتحدة دائما ما تعتبر ليبيا ملفا أوروبيا، وأن إيطاليا بالخصوص لها الأفضلية بالتنسيق طبعا بين كل القوى الدولية، لكن انطلاقا من مسألة النفوذ التقليدي الإيطالي في ليبيا.