أعلن تنظيم ليبي ذو توجهات سلفية جهادية يطلق على نفسه "مجلس شورى شباب الإسلام" و يتمركز  بمدينة درنة في أقصى الشرق الليبي ، عن تشكيل ما يسمى بــ" لجنة شرعية لفض النزاعات والصلح بين الناس بشرع الله" على حد تعبيره، و مهمتها "تطبيق الشريعة "على حد زعم القائمين عليها.

و قال التنظيم في بيان له نشره على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي الخميس :" نبشر أهلنا وأحبابنا أننا سنعمل على تأمين البلاد بكل ما أوتينا من قوة بعون الله،دعوا إخواننا وأهلنا إلى الالتفاف حولنا لتأمين بلادنا والسعي معنا في تحكيم شرع الله بما استطعنا".

و ينشط في منطقة الشرق الليبي العديد من المجاميع الجهادية المسلحة من بينها "جماعة أنصار الشريعة" و"مجلس شورى شباب الإسلام" و"الجبهة الإسلامية لقوات المجاهدين درنة" و يجمع بينها مشروع واحد و هو "إقامة دولة إسلامية في المنطقة الشرقية"،كما تعرف مدينة درنة منذ عهد القذافي بحضور جهادي كبير حيث شكلت الى جانب طبرق و بنغازي و الجبل الأخضر المعاقل التاريخية للجماعة الليبية المقاتلة في تسعينات القرن الماضي.

في وقت سابق نشرت مجلة «نيوزويك» الأميركية تحقيق حول مدينة درنة الليبية واصفة إياها بالمصدر الأكبر للــ«جهاديين» لتنظيم القاعدة ،فقد وجد المحققون الأميركيون في مقر لـ «مجلس شورى المجاهدين» بسنجار، شمال العراق، وثائق مكتوبة هي استمارات ملأها المرشحون للقتال في العراق تحت لواء «القاعدة». وأظهر تحليلها أن 19 في المئة من المقاتلين الأجانب جاؤوا من ليبيا. وهذه النسبة تلي مباشرة نسبة القادمين من بعض بلدان الخليج القريبة. وقياساً على عدد سكان البلد الأصلي، تفوق نسبة الليبيين النسب الأخرى بكثير.ومن 112 (والعدد الإجمالي هو 606) مقاتلاً ليبياً، ثمة 52 قدموا من مدينة درنة.

و بحسب العديد من التقارير الإعلامية فقان المدينة تشهد ومنذ سقوط نظام العقيد القذافي نشاطا محموما للعناصر الجهادية الليبية البارزة  التي سبق لها أن نشطت ضمن تنظيم القاعدة في أفغانستان و العراق من بينها سفيان بن قومو ، عضو القاعدة و نزيل سجن جوانتانامو السابق والسائق السابق لأسامة بن لادن، على جزء كبير من المدينة التي يقطنها 90 ألف نسمة،كما ينشط في المنطقة كذلك جهادي آخر مطلوب وهو أحمد بوختالة ، و يتهم بوختالة بارتكاب العديد من الإعمال الإرهابية في درنة ، منها اغتيال عدة مدنيين في الأيام القليلة الماضية، بسبب علاقاته مع الجماعات المتطرفة المحلية.و منها أيضا اغتيال القائد العسكري للثوار في 2011 عبد الفتاح يونس ، والهجوم على البعثة الأمريكية في بنغازي.

ولا يزال تنظيم «القاعدة» مستمراً في تعزيز وجوده في ليبيا أيضاً. هذا ونشرت مكتبة الكونغرس الأمريكي في الآونة الأخيرة، في آب/أغسطس 2012، تقريراً غير سري يشير إلى تزايد أعداد خلايا تنظيم «القاعدة» في ليبيا. كما اعتزم القيادي البارز في تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري فضلاً عن أبو يحيى وعطية الله قبل مقتلهما إنشاء قاعدة للجهاد في ليبيا. ويشير التقرير إلى أن أبو أنس هو "مؤسس شبكة تنظيم «القاعدة» في ليبيا" وأشار إليه على أنه الوسيط بين القيادة العليا لـ تنظيم «القاعدة» في باكستان وقادة الجماعة على الأرض في ليبيا. ويؤكد التقرير أيضاً أن تنظيم «القاعدة» يستخدم اسم "أنصار الشريعة" كواجهة.

فبعد سقوط نظام العقيد الليبي،معمر القذافي،خريف العام 2011 و تهاوي سلطة الدولة المركزية في ليبيا،تعاظمت قوة الجماعات و التشكيلات المسلحة الموازية للدولة بقدر كبير،مما أدى الى مصادمات دامية ،في الآونة الأخيرة ،شهدتها العاصمة طرابلس و عاصمة الشرق الليبي بنغازي،مخلفة العشرات من الضحايا،الأمر الذي دفع الحكومة الليبية إلى التلويح بإمكانية طلب المساعدة الدولية لضبط الأمن و نزع أسلحة التشكيلات المسلحة ،و تكليف شركات أمنية دولية بمراقبة الحدود البرية ومنع تدفق أو خروج الأسلحة التي أصبحت دول الجوار تعاني من تبعات انتشارها في أيدي الجماعات الجهادية الناشطة في منطقة الساحل و الصحراء.

و إلى جانب الانتشار المكثف للجماعات المسلحة ،ذات الانتماء القبلي في ليبيا،توجد جماعات أخرى تتحرك على أرضية دينية،جهادية إسلامية بالأساس،منها من يحمل أفكارا سلفية جهادية كأنصار الشريعة و بعض المجاميع الصغيرة الأخرى من بقايا الجماعة الليبية المقاتلة ،و منها جماعات ذات ميول إسلامية اخوانية كقوات "درع ليبيا" و غيرها.

و كان تقرير أمريكي نشر في "مجلس السياسة الخارجية الأمريكية" في نيسان/أبريل 2013،أشار فيه صاحبه هارون زيلين،المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية بشمال افريقيا ،قد أشار إلى وجود تنظيم جديد تحت اسم  "كتائب السجين الشيخ عمر عبد الرحمن" و قد اعتبرها التقرير "لاعباً آخراً جديداً غير معروف على الساحة وسميت تيمناً باسم الزعيم الروحي لـ "الجماعة الإسلامية المصرية" والذي يقضى حالياً عقوبة بالسجن مدى الحياة في الولايات المتحدة لضلوعه في أحداث الهجوم على "مركز التجارة العالمي" عام 1993، بين مجموعة أخرى من المتآمرين. ولا يعرف الكثير عن قيادة الجماعة أو حتى حجمها، غير أنها كانت مسؤولة عن سلسلة من الهجمات في بنغازي في شهري أيار/مايو وحزيران/يونيو عام 2012، بما فيهم هجومين ضد "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" وهجوم بالقنابل على القنصلية الأمريكية وتنفيذ هجوم على موكب السفير البريطاني."