تتواصل الإحتجاجات في مدينة بن قردان التونسيّة لليوم السّابع على التّوالي وسط حالة من الإحتقان الشّعبي على إستمرار غلق معبر راس جدير الحدودي مع ليبيا ،حيث يواصل المعتصمون في خيمة "الصمود2" وسط المدينة إعتصامهم المفتوح كما أعلنوا عن ذلك منذ يوم الأحد الماضي حتّى تحقيق مطالبهم المتمثّلة في فتح المعبر كإجراء أوّلي و الشّروع في إنجاز مشاريع تنمويّة تنهض بالجهة المهمّشة وفق تعبيرهم .
و تعيش المدينة منذ أيّام على وقع تجمّعات شعبيّة حاشدة و مهرجانات خطابيّة يتداول فيها المتدّخلون بالتعبير عن غضبهم من تجاهل الحكومة و السلطات التونسية لمطالب الجهة على حدّ قول الكثير منهم و المطالبة بالتعجيل في فتح ملف التنمية في الجهة و التفاعل مع إعتصامهم الشّعبي المفتوح التي يأطّره مجموعة من نشطاء المجتمع المدني و الشباب العاطل عن العمل .
و كان رئيس الجمهورية التونسيّة المؤقت محمد المنصف المرزوقي قد إجتمع أمس السبت بوفد ممثل للمجتمع المدني والمنظمات الوطنية عن المدينة بشأن الوضع بالجهة بعد اغلاق المعبر الحدودي براس جدير وسبل النهوض بالتنمية فيها والطرق المثلى لتنفيذ المشاريع المعطّلة بالمنطقة وفق ما ذكر بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية التونسيّة .
و أضاف البلاغ بأنّ رئيس الجمهورية قد "أكّد بهذه المناسبة ضرورة ربط التجارة الحدودية بالتنمية ، مشدّدا على ضرورة دفع نسق التنمية بجهة بن قردان وبمختلف المناطق الحدودية عبر بعث مناطق للتجارة الحرّة ومناطق لوجيستية والشروع في تنفيذها في أقرب الآجال" وفق نص البلاغ .
وعقب الاجتماع أوضح رئيس الاتحاد المحلي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ببن قردان لزهر ديبو، نيابة عن الوفد الذي تحوّل الى قصر قرطاج للقاء رئيس الجمهورية ،بأنّ "الاجتماع تناول في جانب منه الوضع العام في الجهة وسبل حلحلته لفتح المعبر الحدودي، مشيرا إلى وجود مفاوضات جادّة بين السلطات التونسية والليبية لفتح المعبر التي من المنتظر أن تأتي أكلها في وقت قريب" حسب ذات البيان .
وشدّد لزهر ديبر على أنّ "الوفد نقل لرئيس الجمهورية الصورة الحقيقية عن الأوضاع بجهة بن قردان التي تختلف تماما عن الصورة التي يسوّقها البعض منددا بما يتم تناقله من أخبار مغلوطة عن أنّ الجهة أرض عبور للمنوعات والتهريب والإرهاب .
كما أشار إلى أنه تمّ دراسة الوضع التنموي بالجهة والمشاريع المعطلة لبحث سبل تنفيذها بالتعاون والشراكة مع الهياكل الجهوية والمنظمات الوطنية وممثلي المجتمع المدني بالمنطقة لخلق نسيج مؤسساتي جديد قادر على توفير مواطن شغل جديدة فضلا عن تشخيص واقع قطاع التجارة الحدودية التي أكد رئيس الجمهورية وممثلو جهة بن قردان على حد السواء على ضرورة ربطها بالتنمية الشاملة بالمنطقة نظرا لدورها المحوري في تنشيط الحركية الاقتصادية بالمنطقة ولمساهمتها الكبيرة في توفير مواطن شغل لأبناء الجهة" وفق ما ذكر بيان الرئاسة التونسيّة
و في ذات السياق أصدرت الفعاليات الشّعبية و "المعتصمون بخيمة الصّمود 2" بيانًا حصلت "بوّابة افريقيا الإخبارية" على نسخة منه إستنكرت فيه ما سمّته "التوظيف الحزبي لهذه الأحداث" معتبرين أنّ المجموعة التي توجّهت الى قصر قرطاج "لا تمثّل الحراك الشّعبي و لا تعبّر عن مطالبهم" وفق نصّ البيان ،داعين الحكومة إلى "تحمّل المسؤولية في تحقيق الإستقرار الأمني و الإجتماعي بالجهة" و مطالبين إيّاها "بتحقيق كلّ مطالب أهالي بن قردان المستعجلة في التتمية و التشغيل" على حدّ تعبير البيان .
هذا و يذكر أنّه تمّ منع الناطق الرّسمي بإسم حزب التّحرير رضا بالحاج يوم أمس من إلقاء كلمة في مهرجان الخطابي الذي أقيم في وسط المدينة وفق ما أكّد لنا المعتصمون حيث يرفض المحتجون ما سمّوه "الرّكوب السياسي على الحدث" و مأكّدين على شعبيّة المطالب و عدم التوظيف السياسي لها على حدّ تعبيرهم.
و في سياق آخر أجرى رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي مساء أمس مكالمة هاتفية مع رئيس الحكومة الليبية "تناولت الوضع في معبر راس جدير وسبل تحسين الوضع الأمني والاقتصادي في المنطقة الحدودية بين البلدين الشقيقين" حسب ما ذكر بيان صادر عن دائرة الإعلام برئاسة الجمهوريّة ،و أضاف البيان بأنّه "قد تم الاتفاق بناء على ذلك على إرسال وفد رسمي ليبي رفيع المستوى يقوده وزير الداخلية الليبي للقيام بمحادثات مع السيد لطفي بن جدو وزير الداخلية بهدف تفعيل فتح المعبر الحدودي براس جدير في الأيام القليلة القادمة مع تدارس كل ضمانات حفظ كرامة مستعملي المعبر من التونسيين والليبيين" وفق نص البيان .
هذا و يذكر أنّ الوضع مستقر في مدينة بن قردان رغم الغياب التام للأمن الذي إنسحب الى ثكناته منذ أكثر من ثلاثة أيّام ،و لم نشاهد أي أعمال عنف أو تخريب وسط المدينة التي تشهد هدوءًا حذرًا و ترقبًا لما ستسفر عنه القادمات من الساعات .
و يعلّق الكثير من الاهالي أمالا كبيرة على عودة النشاط في المعبر الحدودي الذي يعتبر الشريان الرئيسي للحياة في المدينة ،مما سيخفّف من حدّة الإحتقان الشّعبي و عودة الحياة الى طبيعتها التي تأثّرت كثيرا خاصة من الناحية الإقتصادية بسبب توقّف حركة عبور و مرور المسافرين ، مطالبين في المقابل بإيجاد حلول جذرية لمشكلة المعبر و لمشكلة التنمية بالجهة حتّى لا يبقى مصير الألاف معلقا على منفذ راس جدير الذي يعرف حالة من عدم الإستقرار منذ ثلاث سنوات مما إنعكس سلبا على كل القطاعات في الجهة .