الباب في تونس ما يزال مغلقا بالنسبة لجراحة تحويل الجنس من ذكر إلى أنثى أو العكس رغم وجود عديد المطالب للخضوع لمثل هذه العمليات،موانع قانونية تمنع من مغامرة الخوض في التجربة الأولى رغم تطور الطب في تونس واحتلالها مراتب متقدّمة عالميا في جراحة التجميل والتقويم.وهو ما سيدفع محمد علي إلى التحول قريبا إلى تركيا.وهناك فتاة تدعى فاطمة (م)على قائمة الانتظار قررت إجراء عملية تحويل من أنثى إلى ذكر لتصبح محمد علي بسبب تشوه خلقي في الجهاز التناسلي.
تمكنت فاطمة من الاتفاق مع أطراف أجنبية لإجراء العملية لأنها تحمل عضوا ذكريا و أنثويا في نفس الوقت،وترى نفسها الأقرب إلى الرجل من حيث الصوت والشكل الخارجي.و عند الاتصال بها أكدت أنها غيرت مظهرها الخارجي وهويتها من أنثى إلى ذكر بحكم المحكمة لكنها تنتظر إجراء العملية الدقيقة التي تأخرت بسبب كلفتها.هي/هو الآن يشتغل في مؤسسة رياضية تونسية وفرض هويته الجديدة و حلق شعره وغير مظهره ويتطلع أيضا إلى الزواج،ولم يكشف خلال الاتصال به عن أي حرج لاقتناعه أنه ضحية تشوه جنسي ولا يرغب في التحويل من باب الشذوذ إنما الضرورة فرضت عليه ذلك.
موانع وتحدي
أما الحالة الأخرى فهي لشاب تونسي عمره 26 سنة اجتاز البكالوريا وتحدى العائلة والمجتمع وأجرى عملية تكبير الثديين في تونس لأنه يشكو من تغلّب الهرمونات الأنثوية على هرمونات الذكورة في جسمه ، ثم طلب اللجوء السياسي إلى تركيا على "خلفية جنسية" وهو شبيه باللجوء على خلفية سياسية ،وقال الدكتور هشام الشريف مختص في علم الجنس بأن طلب اللجوء إلى تركيا خوفا من ردود الأفعال السلبية تجاهه بسبب الخضوع لتحويل جنسي شامل. و قد تمكّن من الإقامة فيها عن طريق منظمة دولية سهّلت له المسألة وسوف يخضع قريبا لعملية زرع جهاز تناسلي أنثوي اصطناعي بعد نزع جهازه الذكوري وتعتبر العملية الأولى من نوعها من حيث التحويل الجنسي الكامل من المظهر الخارجي إلى الجهاز التناسلي.
هذا الشخص المتحول إلى أنثى مثلما أفادنا الدكتور الشريف، غير قادر على الإنجاب أو التبني،لكنه يستطيع اللجوء إلى تقنية الأم الحاضنة من خلال تأجير رحم امرأة طبيعية بالاتفاق المسبق أو تبني طفل.لكن من حق هؤلاء الحصول على هويتهم الجنسية الجديدة في الوثائق الرسمية مثل شهادة الميلاد وبطاقة التعريف الوطنية وجواز السفر بحكم قضائي.لكن تصطدم كل هذه الحقوق بموانع قانونية ودينية جعلت ملف التحويل يختم بالشمع الأحمر في أكثر من بلد.
وقال الدكتور الشريف في هذا الإطار بأنّ "التخنّث" يعود إلى تشوهات عضوية وهرمونية طبيعية كما ينشأ نتيجة التربية،فالطفل الذكر الذي يتربى في أحضان النساء ويجالسهن ويلبس لباس الأنثى منذ الصغر ويمارس سلوكاتها ويتشبّه بها في المظهر ويقلّد أمه وأخته في أحمر الشفاء وطلاء الأظافر ولباس الحذاء الأنثوي وملابسها وحتى في اختيار اللعب هو عرضة أكثر من غيره للتخنّث خلال فترة المراهقة،وهو تخنث مكتسب على غير التخنث البيولوجي الطبيعي.
وحذّر من التساهل في التربية ،مؤكدا على ضرورة احترام الهوية الجنسية للطفل منذ الصغر ،فالذكر ذكر والأنثى أنثى وكل من يلجأ إلى خلاف ذلك على العائلة أن تؤطّره وتساعده على التشبّث بهويته الحقيقية الجنسية دون ضرب أو قسوة في العقاب.
الكفاءات التونسية قادرة ولكن...
في الجانب الطبي أوضح الدكتور جلال مرشاوي مختص في طب النساء والتوليد أن مطالب كثيرة ببلادنا ترغب في التغيير الجنسي الجزئي أو الكامل لكن ذلك غير ممكن إذ لا وجود بالبلاد لتقاليد في جراحة التحويل ولم يتجرأ أحد على اتخاذ هذه الخطوة الجريئة.من الناحية التقنية هناك كفاءات قادرة على ذلك ويمكن تكوين فريق متعدد الاختصاصات يتكون من طب النساء وجراحة الكلى والمجاري البولية وغيرها للاطلاع على التجارب المتطورة في الخارج و المبادرة بالتجربة الأولى،وهي ليست صعبة ويمكن في غضون شهر واحد فقط إجراء التجربة الأولى وليس ذلك بصعب.
وأوضح الدكتور مرشاوي بأن التغيير الجنسي للذكر يخضع لاستئصال الخصيتين وتغيير الجهاز التناسلي بآخر أنثوي اصطناعي ،كما يحصل العكس بالنسبة للأنثى بزراعة عضو ذكري،موضحا أن هذا التغيير يوفر الجنس فقط للطرف المقابل،و لا يساهم في الإنجاب من الطرفين الذكر والأنثى، فالأنثى المتحوّلة تفتقد الرحم و البويضات المساعدة على الحمل ،كما أن الذكر المتحول ليس له المني المساعد على الإخصاب.ثم إن الإنجاب على غير الصيغ القانونية في تونس جريمة يعاقب عليها القانون.
وقال في هذا المجال، إن هذه الجراحة ممكنة ببلادنا لكن من الضروري أن يدرك من يرغب في التحويل الجنسي أن الأدوية الهرمونية التي سيتناولها تسبب له قائمة مطولة من الأمراض مثل ضغط الدم والكولستيرول وهشاشة العظام ،إذ أن كل شيء ضدّ الطبيعة له ثمنه من الخطورة المضاعفة.