تعتزم الحكومة التونسية تطبيق خطة جديدة ستنطلق في تنفيذها في القريب العاجل وتقضي بإقامة سياج عازل محكم المنافذ والمداخل يكون المنفذ الوحيد للمسافرين والمارين من وإلى ليبيا. وذكرت مصادر قمرقية لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الإجراء يتمثل في سياج عال لا يمكن تجاوزه أو اختراقه وهو كفيل بإيقاف معظم عمليات التهريب الحاصلة مع ليبيا المحاورة. كما أقرت انتداب عناصر أمنية وعسكرية من مناطق تونسية أخرى لا تربطها أي علاقات قرابة مع المهمين بالتهريب وتمكينها من مبيتات على عين المكان وليس الاستقرار في مدينة بن قردان كما هو الأمر الآن في محاولة لمزيد تضييق الخناق على المهربين.
وتخوض الحكومة التونسية مواجهات متواصلة مع المهربين وتعمل خلال هذه الفترة بالذات على مقاومة كل أشكال التهريب ومظاهر التجارة الموازية في محاولة لدعم موارد الدولة وإعادة التوازن إلى ميزانيتها التي تعاني من عجز متفاقم. وأقرت لهذا الغرض في قانون المالية التكميلي لسنة 2014. ملاحقة المهربين واتخذت عدة إجراءات صارمة بشأنهم تصل إلى حد مصادرة أملاكهم وتغريمهم بخطايا مالية مرتفعة.
ويمثل تهريب المحروقات من الجزائر وليبيا إلى تونس أبرز المواد المهربة لانخفاض أسعارها في البلدين النفطيين بالمقارنة مع الأسعار في تونس. كما يعاني الاقتصاد التونسي من تهريب منتجات متنوعة من البلدان الآسيوية تباع في الأسواق الموازية وتخلف أضرارا جسيمة للمؤسسات التونسية.
وطالب الاتحاد التونسي للتجارة والصناعة (منظمة رجال الأعمال) من ناحيته، الحكومة التونسية بإقرار استراتيجية مختلفة في مقاومة ظاهرة التهريب، وقالت قياداتها النقابية إن التهريب يقف وراء انتشار الأسلحة والمخدرات وغيرها من المنتجات المهربة. وأكدت وداد بوشماوي رئيسة المنظمة في مؤتمر صحافي عقدته يوم الثلاثاء الماضي إن خسائر ميناء رادس الموجود بالضاحية الجنوبية للعاصمة التونسية (وهو أكبر الموانئ التجارية في تونس) بلغت حدود 700 مليون دينار تونسي (نحو 500 مليون دولار أميركي) نتيجة تعطيل إجراءات إدخال البضائع وعرقلة عمل البواخر المحملة ببضائع قانونية يوردها رجال الأعمال.
وقالت بوشماوي إن المنظمة لا تقف ضد مصالح التجار الصغار بل ضد المهربين الكبار الذين يعملون ضد الدولة ويغرقون البلاد بالمنتجات المهربة. وقال خليل الغرياني القيادي في منظمة رجال الأعمال التونسية إن الاقتصاد التونسي خسر نحو 50 ألف موطن شغل نتيجة مغادرة 300 شركة أجنبية تونس نحو بلدان مجاورة نتيجة الصعوبات الإدارية والقانونية التي ترافق مختلف عمليات الاستثمار.
وكانت دراسة أعدها البنك الدولي قد أظهرت أن التهريب بين كل من تونس والجزائر وليبيا يكبد تونس خسارة بأكثر من 1.6 مليار دينار تونسي (قرابة المليار دولار أميركي سنويا). ووفق خبراء من البنك الدولي يتكبد الاقتصاد التونسي سنويا جراء ظاهرة التهريب والتجارة الموازية، خسارة بنحو 12 في المائة من مجمل المداخيل الجبائية.
ويقدر حجم الخسارة المتعلقة بالعائدات الجبائية بنحو 1.2 مليار دينار تونسي (نحو 730 مليون دولار أميركي)، وتنجر عن هذه الخسائر ضياع قرابة 500 مليون دينار تونسي (نحو 300 مليون دولار أميركي على شكل أداءات جمركية لا يجري تحصيلها بسبب التهرب الجبائي).

 

*نقلا عن العرب اللندنية