أطلقت معظم المستشفيات التونسية صيحة فزع بعد أن قاربت معدلات الإيواء قدرتها القصوى بل وفاقتها في بعضها. ففي مستشفى الرابطة بالعاصمة التونسية أكّدت الدكتورة ريم عبد الملك، المختصة في الأمراض الجرثومية، أن المستشفى سجل خلال عطلة نهاية الأسبوع 14 حالة وفاة بفيروس كورونا بسبب عدم توفر أسرة الإنعاش.
وأضافت الدكتورة عبد الملك، في حوار مع القناة الوطنية التونسية الأولى، أن سيارات الإسعاف قضت تلك الفترة في التنقل من مستشفى إلى مستشفى لإيجاد مكان شاغر للمرضى لكن دون جدوى، مشيرة إلى أن إمكانيات المستشفيات التونسية ضعيفة جدا خاصة بأقسام الإنعاش. مشهد مأساوي بات يلقي بضلاله الكثيفة علة الوضع الوبائي الخطير الذي تعيشه البلاد التونسية وفق ما أكدته اللجنة العلمية التونسية والعديد من الأطباء والخبراء.
بلغ عدد الإصابات في تونس حسب آخر التحيينات لوزارة الصحة التونسية 263,043 إصابة مؤكدة أي بنسبة 2.21 % من إجمالي عدد السكان بينما بلغ عدد الوفيات 8,993 حالة وفاة أي بنسبة 3.44 % من إجمالي الإصابات وهي نسب تعتبر عالية مقارنة بعدد السكان. ورغم استقرار نسبة الشفاء منذ بداية العام الحالي والتي تقارب 84 % إلا أن تسارع وتيرة العدوى والإصابات خاصة بعد اكتشاف السلالة البريطانية بالبلاد.
وأفاد وزير الصحة التونسية فوزي المهدي، أمس الاثنين، أنّ الوضع الوبائي في البلاد يُنبىء بالخطر خاصةً مع الانتشار السريع للسلالة البريطانيّة لفيروس كورونا، مؤكدا أنّ السلالة البريطانية هي السلالة الوحيدة الموجودة في البلاد، نافيا وجود سلالات أخرى. وأشار المهدي إلى تسجيل 192 حالة بالسلالة البريطانيّة موزّعة على 17 محافظة بنسب متفاوتة.
من جهة أخرى تشير كل مؤشرات انتشار فيروس كوفيد 19 بتونس إلى "تدهور خطير" حيث بلغ معدل "إيجابية الاختبارات 22.9 ، و معدل الوفيات الإجمالي75.3 لكل 100.000 شخص إضافة إلى بلوغ معظم المستشفيات طاقتها القصوى في استعاب مرضى كورونا.
وقد اكدت أستاذة علم المناعة بمعهد باستور بتونس، الدكتورة سمر صمود، انها "أطلقت صيحة فزع لأن المستشفيات بلغت درجة الاستيعاب القصوى"، وأشارت صمود، في تصريحات إعلامية إلى ارتفاع معدل انتقال العدوى بجائحة" كورونا" بين الأفراد، قائلة " في الموجات السابقة المصاب بفيروس كورونا ينقل العدوى إلى شخصين والآن بالسلالة الجديدة يمكن أن ينقل العدوى إلى 11 شخصا ".وكانت صمود قد حذّرت من ''طوفان إصابات بفيروس كورونا المستجد لا يستثني أحدا''.
كما وجّه الدكتور رفيق بوجدارية رئيس قسم الاستعجالي بمستشفى عبد الرحمان مامي بمحافظة أريانة، نداء استغاثة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، بسبب ''خطورة الوضع الوبائي". وقال الدكتور رفيق بوجدارية، إن تونس تشهد هذه الأيام موجة خطيرة من الكوفيد بسبب فيروس متجدد وسط لامبالات جماعية خطيرة وحملة تلقيح بطيئة جدا وأزمة حكم غير مسبوقة تشل كل مؤسسات الدولة مما ينذر بكارثة صحية حقيقية''.
ووفق اللجنة العلمية التونسية لمكافحة كورونا فإن "تونس تواجه موجة وباء ثالثة تعد الأخطر منذ بدء الجائحة نتيجة الانتشار السريع للعدوى، بسبب تفشي السلالة البريطانية التي تستهدف حتى الشبان."
و أعلنت اللجنة أنه تم تسجيل زيادة غير مسبوقة في عدد الإصابات بفيروس كورونا، في ظرف زمني وجيز، حيث تم تصنيف أكثر من 17 محافظة و 95 معتمدية كمناطق خطرة إلى شديدة الخطورة، فيما اتخذت بعض السلطات المحلية قرارات بتعليق الدروس ومنع التجمعات وإغلاق محلات عامة، في انتظار القرارات الحكومية الجديدة التي سيتم الإعلان عنها غدا الأربعاء من أجل التصدي "لطوفان الإصابات" الذي يحذر منه الخبراء والمختصون، حسب ما أفادته الناطقة الرسمية باسم اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا، الدكتورة جليلة بن خليل،في تصريح تلفزي.
و للإشارة فإن تونس قد بدأت التلقيح ضد كورونا منذ 13 مارس من العام الحلي، وبلغ العدد الجملي للملقحين في اليوم الرابع والعشرين من انطلاق الحملة الوطنية للملقحين في المراكز الوطنية للتلقيح في كامل البلاد 98057 شخصا من مهنيي الصحة والأشخاص البالغين 75 سنة فما فوق بحسب بيان صادر اليوم الثلاثاء، عن وزارة الصحة التونسية. كما بلغ عدد المسجلين في المنظومة الوطنية للتلقيح "إيفاكس" إلى غاية يوم الاثنين 5 أفريل الجاري 916229 شخصا، وفق آخر تحيين لهذه المنظومة الالكترونية.