يبدو الوضع الوبائي في تونس هادئا نسبيا, وهو ما وصفه وزير الصحة عبد اللطيف المكي, اليوم الأربعاء 15 أفريل الجاري, بالهدوء الحذر أو "الهش".
واعتبر المكي, في تصريح إعلامي, أن الوضع الوبائي في تونس يتسم بالهدوء "الهش", وذلك بعد تسجيل شبه إستقرار في عدد الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا المستجد منذ نهاية الأسبوع الفارط, تواصل إلى غاية أمس الثلاثاء, حيث أعلنت وزارة الصحة تسجيل 27 تحليلا إيجابيا, 6 منها حالات إصابة سابقة لا تزال حاملة للفيروس و21 حالة إصابة جديدة ليصبح العدد الجملي للمصابين بهذا الفيروس, وذلك بعد التثبت من المعطيات وتحيينها، 747 حالة مؤكدة من بين 12415 تحليل جملي, تتوزع على 23 محافظة.
وشدد المكي على ضرورة مواصلة الإلتزام بإجراءات الحجر الصحي العام مهما كان قرار الحكومة المنتظر الإعلان عنه عقب إنعقاد مجلس الأمن القومي غدا الخميس.
وأكد المكي أن المواطنين مطالبون بمواصلة الإلتزام بالحجر الصحي العام حتى بعد موعد 19 أفريل الجاري (تاريخ إنتهاء فترة الحجر الصحي الحالية في إنتظار قرار تمديدها من عدمه.
كما أكد المكي ضرورة مواصلة الإستعدادات على المستوى الصحي والطبي تحسبا لكل طارئ في علاقة بإنتشار الفيروس.
كما توجه وزير الصحة بدعوة للمواطنين لعدم التردد في التوجه إلى أقسام الإستعجالي و الحرص على إجراء التلاقيح الطبية كالعادة دون خوف من عدوى فيروس كورونا المستجد, مؤكدا أنه تم إتخاذ كافة الإحتياطات الوقائية لحماية الجميع.
ومسح فيروس كورونا المستجد أغلب المحافظات التونسية بإستثناء محافظة سليانة, الواقعة شمال غرب البلاد, وتصدرت العاصمة تونس طليعة عدد الإصابات ب 174 حالة, تليها محافظة أريانة ب 84 حالة, فبن عروس ب 79 حالة, ومدنين ب 70 حالة وسوسة ب 64 حالة, ثم قبلي ب 45 حالة, ومنوبة والمنستير ب 35 حالة في كلتا المدينتين, فيما تراوح عدد الإصابات بين 31 و 1 حالة في بقية المحافظات.
وتم منذ تاريخ 22 مارس 2020 إجلاء 2390 شخصا من بينهم 818 شخصا أتموا فترة الحجر الصحي الإجباري, كما سجلت من بينهم 29 حالة إصابة وافدة وقع التكفل بها في مراكز الإيواء التي تم وضعها للغرض.
كما تم إخضاع حوالي 3500 شخصا من بين المخالطين للحالات المؤكدة المسجلة إلى هذا التاريخ للحجر الصحي الذاتي.
أما عدد الوفيات, فبلغ إلى حدود أمس الثلاثاء 34 حالة, توزعت على محافظات تونس وأريانة وصفاقس وسوسة ومنوبة وبن عروس ومدنين ونابل وبنزرت والكاف والمهدية وسيدي بوزيد وتطاوين.
في المقابل, بلغ عدد المتعافين من فيروس كورونا المستجد 43 حالة, وفق ما أكده وزير الصحة عبد اللطيف المكي مؤخرا.
في الأثناء, اعتمدت وزارة الصحة إستراتيجية وطنية تقوم بالأساس على إجراء التحاليل المخبرية للحالات المشتبه بها والمحتمل إصابتها بالفيروس, إضافة إلى المخالطين للحالات المؤكدة, وذلك حسب تعريف الحالة المعتمد حاليا, في إنتظار تفعيل الية التحاليل السريعة قريبا.
ومن المنتظر أن تنطلق الوزارة خلال الأيام القليلة القادمة في إستعمال التحاليل السريعة, علما وأن هذه التحاليل ستجرى حسب الأولويات وستشمل من هم في الصفوف الأولى, أي أعوان الصحة والأمن والديوانة, ومن المنتظر أن تشمل هذه النوعية من قرابة 200 ألف عون.
كما تعتمد الصحة التونسية 5 مخابر مرجعية لإجراء التحاليل الخاصة بفيروس كورونا في إنتظار ترفيع عدد المخابر خلال الفترة القادمة, كما سيتم تركيز تجهيزات ومخابر متنقلة خاصة بالتحاليل المخبرية في كل جهات البلاد.
إلى ذلك, أعلنت تونس رسميا إعتماد دواء "الكلوروكين" الذي يوجد في مخازنها الطبية الإستراتيجية لمعالجة المصابين بفيروس كوفيد 19, كما تسملت في الغرض دفعتين من "الكلوروكين" كهبة من الأردن.
وفي سياق متصل, يعكف معهد "باستور" العلمي, الذي كانت له تجربة إيجابية في السابق في تطوير لقاح ضد داء الكلب, وهو إكتشاف تونسي تم إعتماده على مستوى دولي, على إيجاد لقاح ضد فيروس كورونا.
وأكد مدير المعهد الهاشمي الوزير أن فريقا علميا بالمعهد يتابع عن كثب تجارب وأبحاث البلدان التي سبقت المعهد في هذا المجال, موضحا أنه كان لا بد من إجراء هذا النوع من الأبحاث في تونس نظرا لأنه حتى وإن تم اكتشاف اللقاح في بلدان أخرى لا يمكن ضمان توفره في تونس في الوقت المناسب.
وقال الوزير إن مخبر معهد "باستور" يقوم بثلاثة أنواع من البحوث, مبينا أن الصنف الأول هو بحوث بشأن تطوير التحاليل والكشوفات لتشمل عددا أكبر مما يسمح بمعرفة حقيقة الوضع الوبائي في تونس.
أما الصنف الثاني, فهو مقارنة الوضعية التونسية بالوضعيات الأخرى في العالم لإمكان رسم استراتيجيات مستقبلية للتحكم في الوباء.
وتابع مدير معهد باستور بأن الصنف الثالث من البحوث متعلق بتطوير تلقيح ضد كورونا,  مضيفا أن المعهد يستعين في الغرض بخبرة باحث تونسي في الميدان, مؤكدا أن هذا الهدف طموح جدا بالنسبة لبلد صغير وامكانياته محدودة كتونس, لكن يوجد عبر العالم 70 فريقا طبيا فقط يعمل على لقاح وتونس من ضمن هذه الفرق ممثلة بمعهد "باستور".
وقال الوزير: "لنا هدف قد يبدو صعبا لكنه ممكن.. ونحن في المراحل الأولى من البحث حول تطوير اللقاح.. وفي أحسن الحالات وإذا نجحت المراحل الأولى ورأينا بوادر المرور إلى المرحلة السريرية لإختبار اللقاح يمكن أن تكون مدة تطويره من سنة إلى سنة ونصف".
ومنذ أيام تمكن فريق طبي تونسي بالمخبر المرجعي بمستشفى شارل نيكول الحكومي بالعاصمة من التعرف على التسلسل الجيني لفيروس كورونا.
ووفق النتائج الأولية لهذا الإكتشاف, فإن الفيروس الموجود في تونس شبيه بالتسلسل الجيني للفيروس الموجود في الولايات المتحدة الأمريكية.
وقام الفريق الطبي التونسي بالمخبر المرجعي بمستشفى شارل نيكول بتحليل جيني لثلاث عينات من فيروس كورونا على مدى أسبوع لمعرفة مسار الفيروس وتغييراته ومكوناته ومصدره, وتم إعتماد البروتوكول التونسي والتجهيزات التونسية البحتة في هذا الإكتشاف العلمي.
وقام الطاقم الطبي التونسي, مكتشف التسلسل الجيني لفيروس كورونا, بنشر الجينات في البنك العالمي للجينات بأمريكا.
وسيمكن هذا الإكتشاف العلمي التونسي من معرفة الفيروس ومساره ومدى خطورته وكيف يمكن تفاديه في اتجاه السيطرة عليه.
جدير بالذكر أن تونس سجلت أول إصابة مؤكدة بفيروس كورونا المستجد بتاريخ 2 مارس الماضي, وهي حالة وافدة من إيطاليا.