احتل الوضع السياسي في تونس، أيام العيد، أغلب صفحات الصحافة العربية و أثارت"الحرب السياسية الباردة" المندلعة في تونس تساؤلات عدة عن قدرة تونس التي تعاني كباقي دول العالم من جائحة وبائية عالمية، رغم النسب الضعيفة المسجلة و استقرار الوضع الوبائي في البلاد،و من وضع إقتصادي هش ينذر بكارثة اقتصادية حادة حسب الخبراء و الإحصائيات،لكن يبدو ظهور"صراع" سياسي و المطالبة بتغيير النظام السياسي سابق لأوانه في ظل الأزمات الحالية التي تعانيها البلاد.
ظل الجدل السياسي في تونس يخبو أحيانا و يطفو أحيانا أخرى منذ ثورة 14 جانفي و شهدت تونس تعاقبا لحكومات عدة و تجاذبات سياسية حادة مع ولادة أحزاب كثيرة جعلت المشهد السياسي التونسي مثقلا بالتراكمات و الصراعات التي بدأت تحتد و تبرز بقوة على ساحة الأحداث التونسية.
تميز الخطاب السياسي في تونس خلال التهنئة بعيد الفطر المبارك بطابع "سياسي تحذيري" أكثر منه "احتفالي" حيث تضمن خطاب الرئيس التونسي قيس سعيد رسائل تحذيرية حملت بعض التوعد لكل من يفكر بالعودة إلى الديكتاتورية وبث الفوضى في البلاد.
 قال الرئيس التونسي في خطابه "هناك من يريد العيش في الفوضى.. فوضى الشارع وفوضى المفاهيم ولكن للدولة مؤسساتها وقوانينها.. الدولة ليست صفقات تبرم في الصباح وفي المساء." وتابع قيس سعيد: " لا أبحث عن خلق الأزمات في تونس، أو إدارة الأزمات، كما يفعل بعض الأطراف السياسية"، مؤكدا أنه لن يسمح لأي طرف بتجاوز القانون أو تجاوز صلاحياته التي منحها الدستور. كلمات من خطابه المطول، بمناسبة العيد، تضمنت رسائل اعتبرها الكثيرون "واضحة و موجهة"، "لكن العهد هو العهد، ستُقدم هذه المبادرات وليتحمل يومئذ كل طرف مسؤولياته كاملة أمام الله وأمام الشعب وأمام التاريخ".
فيما تم خلال المكالمة الهاتفية التي أجراها رئيس الحكومة التونسية الياس الفخفاخ مع راشد  الغنوشي رئيس مجلس النواب التونسي ،يوم العيد، التطرّق إلى أهميّة الإسراع في معالجة المسائل المتعلقة بالشأنين الاجتماعي والاقتصادي مع التأكيد على ضرورة رصّ الصفوف وتوحيد الجهود بين مختلف مؤسّسات الدولة وسائر القوى الوطنيّة وخلق مناخ إيجابي يسودهُ الحوار والتفاهم وأعلى درجات التنسيق استعدادا لمرحلة ما بعد أزمة الكورونا لتجاوز كلّ العقبات وتحقيق تطلّعات المواطنين في التنمية والحياة الكريمة.
و قد دعا رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، في وقت سابق، إلى التضامن والتهدئة في ظل المناخ السياسي المشحون في البلاد. بعج أن أصدرت عديد الأحزاب والكتل البرلمانية خلال الأيام الأخيرة بيانات منددة بتدخل راشد الغنوشي في الشأن الليبي. وقد اتسعت رقعة المحتجين ضد الغنوشي لتشمل 7 أحزاب يسارية و قومية، إضافة إلى أربعة كتل برلمانية وهي الكتلة الديمقراطية (40مقعدا) و الكتلة الوطنية (10مقاعد) و كتلة الدستوري الحر (18مقعدا) و كتلة تحيا تونس (14مقعدا) و كتلة قلب تونس (26مقعدا).
كما قرر مكتب البرلمان التونسي جلسة مساءلة يوم 3 يونيو القادم لرئيس البرلمان راشد الغنوشي حول تجاوزاته الخطيرة وأدواره المشبوهة وارتباطاته بالتنظيمات الإرهابية في ليبيا. كما طالبت عريضة شعبية في تونس بالتحقيق في مصادر ثروة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ومصادر تمويل الحركة.
أزمة سياسية تلوح في أفق النظام التونسي الحالي الذي يعاني من تصدعات كثيرة و صدامات حزبية عديدة، يزج بتونس في منعرج " جديد و خطير"، يشتت الجهود و التوافق أمام ما يهدد البلاد من أزمة إقتصادية و اجتماعية خانقة، إضافة إلى جائحة كورونا التي تجوب العالم و تطيح بأقوى الإقتصادات و تعصف بأعتى الدول. وضع يجعل البلاد التونسية في أزمة حقيقية تهدد استقرارها و تضعف جهودها في مجابهة الأزمات الراهنة.