أعلنت إيمان قزارة عضو هيئة الدفاع عن المعارضين اليساريين شكري بلعيد ومحمد البراهمي أن الهيئة تقدمت بشكاية جزائية ضد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وحارسه الشخصي عبد ذي الجلال والإكرام وابنه معاذ الغنوشي والقيادي بالحركة ورئيس الحكومة الأسبق علي العريض من أجل المشاركة في جرائم إرهابية أدت إلى مقتل بلعيد.
وأضافت قزارة، خلال مؤتمر صحفي عقدته الهيئة وعمادة المحامين الأربعاء بالعاصمة، أنه تم تعهيد القطب القضائي لمكافحة الإرهاب بهذه الشكاية التي ستنطلق فيها الأبحاث في دائرة الأبحاث بالقرجاني، مشيرة إلى أن الهيئة كلما تقدمت في هذه القضية إلا وتفرعت الملفات وظهرت قضايا تهم أمن الدولة، قائلة في هذا الصدد: "سقط القناع واكتملت الصورة التي تكشف أخطبوطا إجراميا له امتدادات أجنبية شاركت في الاعتداء على أمن الدولة".
وبينت قزارة بخصوص عبد ذي الجلال والإكرام، الذي لم يذكر سابقا في الملف، أنه ابن محمد منصف الورغي صاحب قاعة "رياضة الزمقتال" التي كان يتدرب فيها كمال القضقاضي، وهو الحارس الشخصي لراشد الغنوشي في منزله.
وعرضت هيئة الدفاع صورا لحارس الغنوشي وهو يتدرب على سلاح "الكلاشنيكوف"، وأخرى وهو يرافق كمال القضقاضي الذي كان يقابله يوميا وتدرب رفقته في قبلي، وقابله يوم 2 فيفري قبل أربعة أيام من عملية الاغتيال.
وأفادت قزارة بأن الحارس الشخصي للغنوشي كان على اتصال مباشر مع ابنه معاذ، كما أنه اتصل لحظة إيقافه يوم 8 جانفي 2014 بقياديين في حركة النهضة، واستعان بهم لتعويم الملف و إخراجه وتركه بحالة سراح ثم ترحيله إلى ماليزيا، رغم تورطه في القضية بطريقة واضحة.
ومن بين المعطيات الجديدة في هذه القضية، تحدثت قزارة عن توجيه الاتهام لقيادات أمنية كبرى في ملف الغرفة السوداء، وإصدار ثلاث بطاقات إيداع بالسجن، وتوجيه الاتهام لوزير الداخلية الأسبق هشام الفوراتي، الذي أكد خلال التحقيق معه أنه "لم تكن له نية ولا مصلحة في المغالطة، وأنه لا علم له بهذه الغرفة وأن التقرير الذي تلاه في مجلس النواب حول الغرفة السوداء قد تم تحضيره له، ولم يكن على علم بتفاصيل الموضوع".
وذكرت بأن ملف بلعيد قد تفرعت عنه عديد الملفات التي كشفت "الأخطبوط الإجرامي للجهاز السري لحركة النهضة" الذي ترأسه راشد الغنوشي، وكشفت عن الجهاز السري المالي الذي تفرع عنه الذراع الجمعياتي، والأموال المتدفقة على تونس من تنظيمات إرهابية ووفود وشخصيات مدرجة على لوائح وقائمات الإرهاب في العالم.
ومن بين المعطيات التي توصلت إليها الهيئة هي الاتصالات (1676 اتصالا) بين عبد الكريم سليمان (عضو بحركة النهضة) وفتحي البلدي (قيادي أمني سابق) ل "تسهيل تأشيرات الدخول لشخصيات دمرت الشباب التونسي وسفرته لبؤر التوتر، وأمراء قطريين أدخلوا الأموال إلى تونس للمساهمة في تسفير الشباب التونسي لبؤر التوتر"، وفق قزارة.
واستعرضت قزارة أيضا معطيات بخصوص حجم الأموال المتدفقة على الجهاز السري لحركة النهضة عبر "الأخطبوط الجمعياتي"، ذاكرة في هذا السياق محمد الحشفي المعروف بانتمائه لحركة النهضة، والذي أسس العديد من الشركات ويتعامل مع التجار بالعملة الصعبة في السوق السوداء، وعبد الكريم سليمان وهو من قيادات الحركة ومن مؤسسي جمعية "نماء تونس" وجمعية "مرحمة للخدمات الخيرية"، كما أنه أسس عشر شركات في المجال العقاري والفلاحي والإنتاج السمعي البصري بعد الثورة، برأسمال كبير جدا، وفق قولها.
وتحدثت قزارة أيضا عن تمويلات أجنبية من تركيا، كانت تحول على الحساب الشخصي لعبد الكريم سليمان، وعن تلقي جمعية "مرحمة" مساعدات بقيمة تجاوزت ال 16 مليون دينار، مشددة على أن قضية شكري بلعيد "هي معركة وطنية بامتياز، يتحمل فيها القضاة والمؤسسات المالية ومكونات المجتمع المدني المسؤولية الوطنية".
وقالت إن "عديد القيادات في حركة النهضة قد هربت، فبعضها في إسبانيا وماليزيا وقطر وفرنسا ومنهم من يختبئ في الجحور".
وأكدت قزارة، أنه لا يمكن كشف حقيقة الاغتيال بعيدا على بعض الملفات الأخرى المتعلقة بأمن الدولة، مشيرة إلى أن الهيئة خاضت معركة لسنوات طويلة من أجل الحصول فقط على نسخة تضاف لملف الاغتيالات، أو معلومات حول متهمين غير موجودين في ملف بلعيد.
وذكرت في هذا السياق أن مصطفى خذر المتهم في قضية الغرفة السوداء كانت له معلومات حول أبوبكر الحكيم وأبو عياض، وحول اتصال شكري بلعيد بوزير الدفاع أنداك إلى جانب معطيات كثيرة.
من جهته، استعرض المحامي الناصر العويني المعطيات التي تثبت العلاقة بين حركة النهضة وتنظيم "أنصار الشريعة" المحظور، وتحدث عن شكري بن عثمان المكنى ب "أبو مهند"، الذي بينت الشهادات الحديثة في ملفات التحقيق أنه تم سماعه في ملف الشعانبي كمتهم، إلا أن القاضي بشير العكرمي قرر اعتباره كشاهد في قضية اغتيال بلعيد، رغم تورطه المباشر فيها وإطلاق سراحه.
وذكر بأن شكري بن عثمان هو أول من نظم خيمة دعوية بعد الثورة، وكان عضوا ب الجناح الدعوي ل "أنصار الشريعة"، وله علاقة وثيقة بكمال القضقاضي.
وبين العويني، أن الملفات الجديدة في ما يتعلق بقضية التسفير، كشفت أن هناك شخص يدعى نور الدين قندوز وهو قيادي سابق في حركة النهضة، وأصبح وسيطا بين الحركة و"أنصار الشريعة"، حيث تم الاتفاق على ألا ينظم "أنصار الشريعة" مؤتمرهم، مقابل عدم تتبع بن عثمان، ليتم لاحقا إرساله إلى قطر بحجة مواصلة التعليم.
يذكر أن المحامي والسياسي اليساري شكري بلعيد تم اغتياله بالرصاص أمام منزله في 6 فيفري/فبراير 2013.