مخلوف عامر:  كان من عادتي أن أعرض في هذا الركن بعض الكتب في الأدب والفكر، لكن هذه المرة وقع بين يديّ كتابٌ ليس ككل الكتب .لأنه يتعلَّق بإنسان كبير هو:المرحوم (ديلْمي درّاجي).

نشأ فقيراً وعرف متاعب الفقراء، لأنّ والده اضطرّ للهجرة بحْثاً عن لقمة العيش.دخل الكُتَّاب وحفظ ما تيسَّر من القرآن ثم التحق بالمدرسة في سنّ متأخرة.لكن ذكاءه الحاد جعله يتخطَّى بعض المستويات فحصِّل تكويناً مُميَّزاً خاصَّة بعدما التحق بمركب الحديد والصلب بعنّابة واستفاد من تربّصات زادَتْه كفاءةً.

وأنا، بالرغم من أنني عرفتُه في اللجنة المركزية لحزب الطليعة الاشتراكية(P.A.G.S)إلا أنني لا أعرف عنه أكثر من الشهادة الواردة في هذا الكتاب وهي ممَّن عاشَروه عن قرب مدة من الزمن أمثال: (عبد العزيز آيت سي محند) وفريد مايزة).

انخرط في النضال النقابي فكان وجهاً بارزاً بفضل ما تحلَّى به من مبادئ صلبة ومواقف نبيلة جعلته محلَّ ثقة لدى آلاف العُمّال لما تميَّز به من تواضع وأخلاق عالية.وقد أفنى حياته دفاعاً عن الحرية وحقوق المظلومين كما كان لا يُهادِن التكفيريين، وهو الذي أدْرك مُبكّراً أن خطاب الحقد والكراهية من شأنه أنْ يُدخل البلاد في حقبة دموية مظلمة.

إنه نموذج الإنسان الوطني الذي يحلم ويعمل من أجل جزائر تسود فيها العدالة الاجتماعية،فهو لم يكن مُنظّراً وإن احتكَّ بالنظرية، لكنَّه كان مقتنعاً بأنَّ النظرية ستبقى رمادية باهتة إذا هي لم تقترنْ بالممارسة.

(ديلْمي دراجي) نذر حياته للدفاع عن المستضعفين. وإنَّه من الصعب على المرْء أن يعيش من أجل خدمة الآخرين،إلا نادراً. لقد كان شعارُه الثابت((Servir sans se servir))فشتَّان ما بينه وبيْن مَنْ يؤلِّف عشرات الكتُب ولا يُعْرف عنه أيُّ موقف مُشرِّف طول عُمره