تشهد المنطقة الغربية في ليبيا ترديا أمنيا واسعا في ظل انتشار المليشيات المسلحة والىلاف من المرتزقة والارهابيين الذين دفعت بهم تركيا خلال الأشهر الماضية للقتال ضد الجيش الوطني الليبي.وتواصل المليشيات انتهاكاتها التي طالت العمالة الأجنبية على غرار حادثة العمال المصريين التي ألقت بظلالها على المشهد الليبي خلال الساعات الماضية.

وأظهر مقطع فيديو على مواقع التواصل،اعتقال مئات المصريين في مدينة ترهونة، بتهمة العمل في صفوف الجيش الليبي.وتعاملت الميليشيات المسلحة مع المعتقلين بطريقة مهينة، إذ أجبرتهم على الوقوف تحت أشعة الشمس حفاة على قدم واحدة، ورفع أيديهم، والهتاف باسم مدينة مصراتة، كما ظهر في الفيديو.

وقدر حسين العبيدي المسؤول في التوجيه المعنوي التابع للجيش الليبي، عدد المصريين الذين اعتقلوا على يد ميليشيات حكومة الوفاق في مدينة ترهونة، بنحو 200 مصري.ونقل موقع "ارم نيوز" الاخباري عن العبيدي،قوله إن "هؤلاء المصريين مجرد عمال، ولا صلة لهم بالجيش، أو بأي نشاط سياسي، وإن الميليشيات اعتقلتهم بشكل عنيف، وروعتهم انتقامًا من الدور المصري بحل الأزمة الليبية".

وبدوره قال المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري،إن الميليشيات قامت باعتقال وتعذيب عمال مصريين في ترهونة، مشددا على أن "هذه الانتهاكات لا تمثل الشعب الليبي".وقال المسماري، خلال مؤتمر صحفي "رصدنا انتهاكات للميليشيات تخالف المواثيق الدولية في ترهونة والأصابعة وعدة مدن ليبية.

وقدم المسماري اعتذاره "للشعب المصري الشقيق والقيادة المصرية وكل منظمات المجتمع المدني وذلك بسبب الفيديو.وأردف قائلا "هؤلاء لا يمثلون الشعب الليبي ولا العرب، بل يمثلون الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لأن هذا الاخير هو من أدخلهم.. وبالتالي فإن أردوغان هو المسؤول المباشر عن هذه الجريمة".

وتأسف المسماري لما وقع قائلا "نحن نتألم أمام هذه الجرائم، خصوصا حين تطال ضيوفا أتوا من أجل لقمة العيش".وطالب المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي بالتحقيق في ما حصل، قائلا "هذا الملف يجب أن نسمع عنه شيئا في بعثة الأمم المتحدة، نحن نرحب بالتحقيق في أسرع وقت قبل أن تضيع الأدلة".وفق ما اوردت "سكاي نبوز".

وفي المقابل لم يجد وزير الداخلية المفوض في حكومة الوفاق  فتحي باشاغا،بدا من محاولة التقليل من الحادثة عبر التشكيك في صحة الفيديو.وقال باشاغا -في اتصال هاتفي مع وكالة بلومبيرغ الأميركية- "أشك بصحة المقطع الذي تداولته وسائل إعلام محلية، وبكل الأحوال فإن هذه الممارسات مرفوضة ومستنكرة ولا علاقة لها بالأخلاق الليبية".

ولقيت الانتهاكات في حق العمال المصريين تنديدا واسعا في الاوساط المصرية،وأكدت وزيرة الهجرة المصرية نبيلة مكرم  خلال اجتماع لجنة الشئون العربية بمجلس النواب أن الدولة المصرية لا تصمت إزاء أي اعتداء على المصريين في الخارج وإنما تتخذ موقفا عمليا وترد و تحمي المصريين.وبحسب اليوم السابع قالت الوزيرة "اكيد الفيديو مش هيعدي على خير  والدولة المصرية لا تسمح بالاعتداء على المصريين الخارج".

واضافت مكرم "لا أتحدث بمنطق الشعارات و لكن الدولة تترجم كلامها  لأفعال ولا تتدخر جهد في حماية الأبناء و الدولة لا تصمت عندما يتعلق الامر بحماية المصري في الخارج أو كرامته".مذكرة مكرم،بأن مصر ردت على جريمة داعش التي ارتكبتها في حق المصريين بليبيا حيث ردت الدولة بضربة جوية على موقع العناصر الارهابية   ووجهت ضربات لأهداف تابعة لهذه   العناصر الإجرامية في ليبيا.

فيما طالب رئيس البرلمان المصري، علي عبدالعال، بطرد سفير حكومة الوفاق الليبية من القاهرة،وشدد عبد العال، على أن مصر لن تفرط في حق أبنائها، قائلا:"نحن من نُحدد توقيت ومكان الرد، اصبروا، كل شيء سيتم لكن بحسابانتظروا الرسالة ستكون عملية".وجاء حديث رئيس البرلمان المصري، ردا على عدد من طلبات النواب، خلال الجلسة العامة التي انعقدت الإثنين، للتحرك نحو إنقاذ العمال في ترهونة.

وقال عضو مجلس النواب المصري، مصطفى بكري، إن"حكومة الوفاق تحتجز 200 مواطن مصري من العاملين في ليبيا، ويجري تعذيبهم وإجبارهم على الهتاف لصالح رئيس حكومة الوفاق فائز السراج".وطالب بكري، خلال جلسة البرلمان المصري الأحد، باتخاذ موقف تجاه حكومة السراج، والطلب من الجهات المعنية الإفراج عنهم.

بدورها، حذرت لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب المصري، النظام التركي ممثلا بالرئيس رجب طيب أردوغان من "قيام المليشيات الإرهابية والمرتزقة التابعين لها  بإهانة المصريين داخل ليبيا".وشدد رئيس اللجنة علاء عابد، على أن "أي مساس أو إهانة للمصريين في الخارج لن يمر مرور الكرام، وسوف يحاسب من يفعل ذلك ضد مواطنينا في ليبيا حسابا عسيرا".

ولفت عابد إلى أنه "يجب على النظام التركي الإرهابي أن يعلم أن المصريين داخل ليبيا خط أحمر، وأن أساليب الميلشيات وممارساتها العنصرية ضد بعض المصريين العاملين بليبيا أمر مرفوض جملة وتفصيلا".وأردف أن "تركيا تتخذ النهج الإرهابي مع المواطنين المصريين الخارجين في سبيل الرزق، والعالم كله لن ينسى لأنقرة أبدا الممارسات الإرهابية العنصرية منذ قتل وإبادة الأرمن ومحاوله احتلال ليبيا وسرقه ثرواتها"، مطالبا "باتخاذ موقف قوي ورادع ضد الانتهاكات التي تمارس ضد العمالة المصرية في ليبيا من جانب حكومة الوفاق".

وأدان ناشطون بأشد العبارات الأفعال الإجرامية المشينة واللاإنسانية التي ارتكبتها الميليشيات في حق عمال مصريين أبرياء، و لا ذنب لهم في الحرب الدائرة بليبيا، معتبرين أنها تختصر المشهد في مدينة ترهونة ومعاناة أهلها منذ دخول قوات الوفاق إليها حيث شهدت المدينة عمليات حرق للممتلكات العامة والخاصة وانتهاكات في حق المدنييين وعمليات قتل وتهجير.

وتلقي حادثة تعذيب العمال المصريين الضوء على مدى عجز حكومة الوفاق أمام سطوة المليشيات المسلحة حيث لا تجد هذه الحكومة سوى الحديث عن اجراء تحقيق كلما ظهرت انتهاكات المليشيات للعلن لكنها تحقيقات بدون أي نتائج.فخلال الاسابيع الماضية تكررت مشاهد التعذيب والقتل واحراق الممتلكات العامة والخاصة في عدة مدن كالأصابعة وصبراتة وصرمان وغيرها من مدن الغرب الليبي التي استهدفتها المليشيات بدعم من آلاف المرتزقة والارهابيين الموالين لتركيا.

وعبرت تغريدات فتحي باشاغا وزير داخلية حكومة الوفاق في طرابلس عن حقيقة فوضى الميليشيات في العاصمة والمناطق المستعادة من سيطرة الجيش،حيث قال متحدثا عن الميليشيات "إن إهمال المقاتلين الذين بذلوا الغالي والنفيس لأجل أمن العاصمة والدفاع عن مدنية الدولة وديمقراطيتها سيؤدي إلى استمرار الفوضى ويقوض من قدرات الدولة لأداء واجباتها.. لم يعد ثمة مجال للفوضى والمزايدات باسم الثورة لمصالح فئوية ضيقة".على حد زعمه.

وجاءت تصريحات باشاغا بعد سلسلة من الجرائم وعمليات النهب والحرق التي ارتكبتها ميليشياته في ترهونة وأحياء جنوب طرابلس، إضافة إلى تداول نشطاء مقاطعَ فيديو لمرتزقة سوريين رفضوا الخروج من منزل أحد الليبيين الذي استولوا عليه بعد انسحاب الجيش الوطني الليبي وهو ما اثار موجة غضب عارمة في الأوساط الليبية.

وشهدت ترهونة إنتهاكات بشعة،وقال اللواء أحمد المسماري الناطق باسم الجيش الليبي إن جرائم الحرب التي ارتكبتها مليشيا فائز السراح بترهونة "لن تسقط بالتقادم".وشدد المتحدث باسم الجيش الليبي على ضرورة إجراء تحقيق دولي بشأن وجود مقابر جماعية في ترهونة ونأمل أن يكون غير ليبي من أجل الشفافية.

وأوضح أن تلك الجرائم وبينها المقابر الجماعية قامت بها مليشيات السراج وباسمه، مؤكدا أن الجيش يؤكد ويطالب بسرعة إجراء تحقيقات موسعة حول المقابر الجماعية في ترهونة وكل الانتهاكات غربي ليبيا.وأكد المسماري أن كل تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم، والجيش الليبي لن يترك حق الليبيين ولن يتهاون فيه وسوف يقدم ما لديه من أدلة ودلائل لجهات التحقيق الدولية لمحاسبة المجرمين.