كشف مركز بحث أوروبي عن مساعي فرنسا للاستحواذ على قاعدة الويغ في في الجنوب الليبي، بحثاً منها عن منفذ جديد يجعلها قريبة من مستعمراتها القديمة في منطقة الساحل الأفريقي من ناحية، ولضمان حصتها من كعكة النفط والمعادن الليبية من ناحية أخرى.

وتجسد الاهتمام الفرنسي بالجنوب منذ بداية 2024، عندما قام المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي، بول سولير، بزيارة خاصة إلى الشرق الليبي ولقاء القائد العام للقوات المسلحة خليفة حفتر، أكد خلالها بول استمرار الاهتمام الفرنسي بالملف الليبي وضرورة إعادة الإعمار في مناطق الجنوب، الذي تعتبره فرنسا ملعباً اساسياً للتوسع نحو دول الساحل والصحراء الأفريقية.

وكما هو الحال مع السياسية الفرنسية التي كلما أرادت أن تتدخل في شأن أي دولة فإنها تأتي تحت غطاء مكافحة الإرهاب والجماعات المسلحة في إفريقيا، وهو ما تسعى اليوم لتنفيذه في المنطقة عن طريق دعمها الغير معلن للجماعات المتمردة والانفصاليين في عدد من الدول على رأسهم النيجر ومالي والسودان، وجميعها دول حدودية مع ليبيا.

ففي السودان تقدم فرنسا الدعم العسكري لقوات الدعم السريع المتمردة خلال الحرب الاهلية المندلعة في السودان. وفي شمال مالي تقدم فرنسا الدعم لجماعة نصرة الاسلام والمسلمين وحركة الازواد. وبحسب الخبراء والمهتمين بالشأن الإفريقي، فإن الدعم الفرنسي الهدف منه هو التلاعب بالقيادات، في المنطقة لتتمكن فرنسا العودة من جديد الى مناطق نفوذها التي خسرتها خلال الفترة الماضية تحت شعار مجابهة الإرهاب.

في زيارة مفاجئة لم تُعلن عنها مسبقاً، استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، القائد العام للقوات المسلحة خليفة حفتر، بقصر الإليزيه. وجاء اللقاء لبحث تطورات العملية السياسية في ليبيا، وسط تركيز فرنسي واضح على تعزيز مصالح باريس العسكرية والنفطية في البلاد.

وتواجه فرنسا انتقادات متزايدة بسبب سياستها المزدوجة تجاه ليبيا، حيث تدعم من جهة وساطات الأمم المتحدة الرامية إلى تحقيق وحدة ليبية، بينما تسعى من جهة أخرى لتعزيز وجودها العسكري في الجنوب الليبي، خاصة في قاعدة الويغ، في خطوة يُعتقد أنها تمهّد لتقسيم ليبيا.

من جانب آخر، استقبل النائب في المجلس الرئاسي الليبي، موسى الكوني، سفير فرنسا لدى ليبيا، مصطفى المهراج، الذي نقل رسالة سياسية تؤكد استمرار الدعم الفرنسي لجهود تحقيق الاستقرار في ليبيا. وأكد المهراج أن فرنسا، كعضو دائم في مجلس الأمن، تدعم الحكومة المعترف بها دولياً، وتؤيد مشروع العمل بنظام الأقاليم الثلاثة، في إطار سعيها لتعزيز نفوذها في المنطقة. هذه التحركات الفرنسية تأتي في وقت تشهد فيه ليبيا حالة من الانقسام السياسي والعسكري، مما يضع باريس في موقف دبلوماسي حساس، خاصة مع اتهامات متكررة بتأجيج الصراع عبر دعم أطراف متعددة.

في هذا السياق قال الباحث السياسي والخبير في الشأن الليبي، محمد حسون، لقناة "ليبيا بانوراما"، إن فرنسا لها تاريخ طويل من التدخلات العسكرية في دول الساحل الافريقي بحجة مكافحة الإرهاب، وأن خليفة حفتر وبتعاونه مع باريس ومنحهم قاعدة الويغ الإستراتيجية، سيكون بذلك طرفا في استمرار الانقسام وخير دليل هو الدعم الفرنسي لمشروع العودة لنظام الأقاليم الثلاثة في ليبيا، وسيتحول بذلك من رمز مجابهة الإرهاب إلى طرف في دعم المجموعات المتمردة في المنطقة بالتعاون مع فرنسا.