تحتضن القاهرة الأسبوع المقبل المؤتمر الثاني للقبائل الليبية، وسط توجه أوروبي وعربي للتعويل عليها في إيجاد مخرج لحل الأزمة في ليبيا.

وقال السفير بدر عبدالعاطي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، إن المؤتمر يعزز الأهمية البالغة لدور القبيلة والمجتمع الأهلي، وتأثيرهما الواسع على جهود إعادة الوئام والاستقرار إلى الساحة الليبية.

وأكد في تصريحات لصحيفة ”العرب” أن هذا الدور يدعم ويساند المؤسسات الشرعية للدولة الليبية، المتمثلة في مجلس النواب والحكومة، ويدعم التوصل لتوافق وطني، يساهم في نجاح مسار الحوار الذي تقوده الأمم المتحدة في ليبيا، من خلال المبعوث برناردينو ليون.

من جانبه، شدد ماتيو رينزي رئيس الوزراء الإيطالي على أهمية القبائل للدفع باتجاه السلام في ليبيا نافيا إرسال جنود إلى هذا البلد.

وقال رينزي، خلال حوار له مع محطة “راديو أونو راي” أمس الأول (الجمعة) إن “القبائل الليبية فقط هي القادرة على إحلال السلام بالبلاد.. ولا يمكن أن يحل السلام هناك بفعل التدخل العسكري، ولا يمكن جلبه إلى البلاد عن طريق غزوها”.

ويرى مراقبون أن هناك توجها واضحا صوب القبائل بعد تعاظم التهديدات وفشل النخب السياسية والحكومات المتعاقبة في إعادة الاستقرار إلى ليبيا.

وأكد السفير أسامة المجدوب مساعد وزير الخارجية المصري لشؤون دول الجوار، أن احتضان مصر لمؤتمر القبائل الليبية، والذي سيمتد على مدار ثلاثة أيام، يأتي إيماناً بالدور الحيوي، الذي يمكن أن يلعبه مشايخ ورموز القبائل في توحيد الشعب الليبي.

من جانبه، قال الشيخ عادل الفايدي، رئيس اللجنة التحضيرية لملتقى القبائل الليبية بالقاهرة ورئيس لجنة التواصل الاجتماعي المصرية – الليبية “فشل النخب السياسية والحكومات المتواترة، هو ما دفع القبائل للتحرك، والبحث عن سبل لإعادة الاستقرار للبلاد”.

واعتبر الفايدي أن “الأزمة في ليبيا تدار اليوم من خارج حدود الدولة وهناك أقطاب دولية تصب الزيت على النار، وتساهم في إطالة أمد الصراع، ولها أجندتها السياسية والاقتصادية، على حساب الشعب الليبي”.

واستنكر الفايدي موقف المجتمع الدولي عقب ثورة 17 فبراير، وقال كان “سلبيا للغاية، فبعد أن أطاحوا بنظام معمر القذافي السابق، تركوا الشعب الليبي في منتصف الطريق، دون سياسة ورؤية معينة أو مؤسسات قوية تحمي مقدرات الشعب، وكأن الأمر مقصود لفرض حلول صعبة على الشعب الليبي”.

وتابع الفايدي قائلا “كان هناك تهاون من المجتمع الدولي تجاه الأزمة، حيث سمح للإرهابيين المعروفين على المستوى الدولي بالتنقل بكل سهولة للاستقرار في ليبيا، من خلال المنافذ الحدودية، إلى أن أصبحت ليبيا بؤرة يجتمع فيها أكبر عدد من الإرهابيين”.

وكشف منسق ملتقى القبائل أن هذا الأمر لم يكن مصادفة، وأن هناك مؤامرة حجمها كبير، ولها أبعاد سياسية واقتصادية، وهناك عملية التفاف للإبقاء على تيارات الإسلام السياسي، بعد أن منيت بهزيمة كبيرة في كل من مصر وتونس، فكان لا بد من إيجاد موطئ قدم لها في المنطقة، وأفضل موضع هو ليبيا، لكي تعيد بناء نفسها من جديد وتمثل شوكة في ظهر دول الجوار.

واستطرد الفايدي “تأكدنا أن الإسلام السياسي سبب الأزمة في ليبيا، المدعوم من قبل بعض الدول، وحتى هذه اللحظة لا تزال هناك دول، مثل تركيا وقطر، تدعم عناصر هذا التيار”.

وأشار إلى أن القبائل لا ترغب في لعب دور سياسي، وهي تعمل في الإطار العرفي والشعبي، لافتا إلى أنه وجهت دعوات لكل أطياف المجتمع الليبي لحضور مؤتمر القاهرة، سواء من أتباع النظام السابق، وقبائل مصراتة، وغيرها.

وأوضحت مصادر أن الاجتماع الموسع للقبائل الليبية، يضم نحو 150 من زعماء القبائل من جميع أنحاء البلاد كما سيكون مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة برناردينو ليون حاضرا في هذا الملتقى الذي يتم برعاية مصرية.

وعن جدول أعمال الملتقى قال مصدر قبلي (رفض ذكر اسمه)، لم يتم وضع جدول أعمال محدد حتى الآن، ولكن من المتوقع أن تتم مناقشة الكثير من النقاط، مثل الاتفاق على الثوابت السياسية لإعادة الأمن، وعودة المهجرين، ودعم الشرعية، باعتبارها من النقاط الأساسية التي تمس الشارع الليبي بشكل مباشر، وستخرج عن المؤتمر هيئة ضامنة لتنفيذ بنوده التي سيتفق عليها.

وأكدت المصادر أن الأيام القليلة القادمة ربما ستشهد الإعلان عن نجاحات في اتجاه إعادة الاستقرار لليبيا، لأن المؤتمر سوف يكون السد الأخير في الدفاع عن عدم تقسيم الدولة، وهناك حرص شديد على أن يتناول كل الأمور، وتكون هناك مخرجات على الأرض، وليس مجرد بيان ختامي تتناقله وسائل الإعلام، بل سعي لتحقيق إنجازات، لوقف حالة الارتباك التي تحرص بعض القوى على استمرارها، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين.

وشدد مصدر قبلي حسب الصحيفة أنهم سوف يضربون بيد من حديد على يد كل من تسوّل له نفسه العبث بأمن واستقرار الدولة الليبية، ولن ينتظروا تحركات المجتمع الدولي، ويكفيهم أن لديهم شركاء وإخوة وجيرانا يمكنهم الاعتماد عليهم، كلما اقتضت الحاجة.

ونفى أن تكون مصر لها علاقة بالجدول أو أجندة المؤتمر، وأنها التزمت بدعم مخرجات المؤتمر مهما كانت.

وقال المصدر القبلي “نحن الآن في ليبيا نتمتع بمنظومة قيم كبيرة جداً وعريقة، وفي بعض الأحيان تكون أقوى من القانون وأقل من الشرع، بالتالي كان لا بد من استخدام هذه المنظومة في محاولة خلق توازن في المعادلة الليبية، من هنا انطلق العمل على حشد التأييد للقاء زعماء القبائل الفاعلين، ومشايخ وأعيان المناطق والمدن، إيمانا بأن أيّ مبادرات أو أعمال في الداخل أو الخارج لا يمكن أن يكتب لها النجاح أو الفشل، إلا إذا تهيأت لها الظروف، والقبيلة هي الجسم الأقوى الذي سيدعم هذا الأمر ويسانده”.

ونوه المصدر إلى أن القبائل لم تغفل دعوة الأعراق والأقليات، على غرار الأمازيغ والتبو والطوارق.

وأكد أن رسالة المؤتمر الأساسية “ليبيا تمر بأزمة كبيرة الآن، والسيادة على الدولة شبه معدومة، والشعب يود أن يعيش في وطن له سيادة مطلقة على أرضه وقراره، بالتالي لا بد من التكاتف، وهذا المفهوم يجب أن يصل للجميع”.