تقرير جديد، هو الأكثر تفصيلا بشأن تدفق الأسلحة غير المشروعة في منطقة الساحل منذ عدة سنوات، يؤكد أن الأسلحة المنهوبة من المخزونات الليبية الضخمة بعد الإطاحة بالعقيد معمر القذافي قد غذت المتمردين الإسلاميين في شمال وغرب أفريقيا منذ عام 2012.

لكن الجهاديين والمقاتلين الطوارق نوّعوا سلسلة التوريد الخاصة بهم وأضافوا مصادر جديدة مع تراجع منسوب التدفق من ليبيا، جزئيا بسبب جهود المنع ولكن أيضا لارتفاع الطلب الداخلي في ليبيا على الأسلحة مع اتجاه الصراع الداخلي للتصعيد.

وقد نهب الجهاديون والمتمردون الإسلاميون الآخرون الأسلحة من مخزونات وطنية غير مؤمنة بشكل كاف في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، وساحل العاج، وفقا لتقرير صادر عن Conflict Armament Research ، وهي منظمة مستقلة مقرها لندن تتعقب حركات السلاح غير المشروعة.

ويستخدم الجهاديون في منطقة الساحل أيضا بنادق هجومية يعود مصدرها إلى سوريا والعراق، وذلك بفضل سلسلة التوريد من تنظيم داعش الإرهابي الذي سيطر على الأرجح على أسلحة من القوات الحكومية السورية والعراقية مع تقدم مقاتليه في عام 2014 و الجزء الأول من العام الماضي.

تقرير  Conflict Armament Research يحذر المسؤولين الأمنيين الأوروبيين و نظراءهم في منطقة الساحل وغرب أفريقيا. وقد تم تمويل هذه الدراسة من قبل عدد من حكومات الاتحاد الأوروبي، التي تخشى أن يتم تهريب الأسلحة، بينها صواريخ أرض جو تطلق من على الكتف ، إلى أوروبا على طول طرق الهجرة واستخدامها في شن هجمات إرهابية في العواصم الأوروبية.

تهريب الأسلحة

في يونيو، أذن مجلس الأمن الدولى بمنع السفن التي يشتبه بأنها تقوم بتهريب أسلحة إلى داخل وخارج ليبيا في المياه الدولية ، على أمل أن تُصَعِب على الجهاديين وغيرهم من المتمردين تأمين الأسلحة والحد من قوة نيران الإسلاميين في منطقة الساحل.
وتسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون إلى اجتثات التجارة غير المنظمة للأسلحة الليبية، التي أغرقت المنطقة منذ سقوط القذافي، وهو جهد يهدف إلى مساعدة الحكومات المضغوطة بشدة في منطقة الساحل وكذلك الحد من فرص الأسلحة التي يجري تهريبها إلى أوروبا.

ويقول التقرير إن الفصائل المختلفة يمكنها الوصول إلى مجموعة مرعبة من الأسلحة بما في ذلك صواريخ موجهة تطلق من على الكتف، والألغام الأرضية المضادة للدبابات وقذائف صاروخية.

الصورة التي رسمها  Conflict Armament Research تقدم لمحة عن تدفقات الأسلحة الأكثر تعقيدا والتي تحولت وتطورت على مدى العامين الماضيين.
وبينما يرى مسؤولون أن القوة البحرية الأوروبية "صوفيا" التي تهدف إلى متابعة مهربي اللاجئين والمهاجرين كمهمة رئيسية في أعالي البحار، قد تساعد على تعطيل تهريب الأسلحة إلى أوروبا، فإنهم يقرون بأنه ليس لها أي تأثير على السلاح الذي يتدفق عبر منطقة الساحل.

ويقول مسؤول فرنسي في مكافحة الإرهاب لـ VOA. " تهريب الأسلحة على درجة عالية من التنظيم والجهاديون لديهم بالفعل مخزونات كبيرة.... سنبدأ في رؤية تلك الأسلحة في أوروبا".
 
"منذ عام 2011،  ركزت البحوث والإعلام حول انتشار الأسلحة غير المشروعة في الساحل الغربي في المقام الأول على أسلحة منشؤها مخزونات ليبية أو تلك التي تتاجر بها جماعات ليبية مسلحة"، وفق ما يلاحظ تقرير Conflict Armament Research. هذه التدفقات كبيرة، لكنها "تتناقص"، وفق التقرير.

"على الرغم من أن هذه التغييرات ترجع جزئيا الى إنفاذ الأمن على الحدود والجهود الوطنية والدولية ، فإنها تعكس ارتفاع الطلب الداخلي الليبي، لا سيما في المناطق الجنوبية من البلاد،" وفقا لدراسة تحقيقية حول الأسحة العابرة للحدود في الساحل.

نمط معقد للتهريب

يتفاقم العنف المسلح في منطقة الساحل الآن بالأسلحة والذخيرة المتدفقة من خارج ليبيا.

وجد تقرير أدلة على تداول أسلحة سودانية صغيرة في جنوب ليبيا ومالي، وذخيرة روسية وصينية مصنوعة حديثا ، يجري تداولها في جنوب ليبيا ، إلى جانب بنادق هجومية صينية أحدث من طراز 56-1  تشبه في نوعها وسنة الإنتاج البنادق التي استولت عليها القوات الكردية من المسلحين في "عين العرب"، في سوريا، وأيضا بنادق هجومية عراقية محلية ومستوردة.

ويشتبه الباحثون أن الجماعات الاسلامية المسؤولة عن الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل، بما في ذلك على الفنادق الدولية، "لديها مصدر مشترك للإمدادات أو تشكل خلية واحدة، ويشير مبدئيا إلى احتمال وجود صلات أو قواسم مشتركة بين مصادر التوريد لدى مقاتلين اسلاميين في غرب أفريقيا وأولئك الذين ينشطون في العراق وسوريا ".

واحدة من الاكتشافات الأكثر إثارة للدهشة في هذه الدراسة هو العدد الكبير من الأسلحة القادمة من كوت ديفوار. ويقول الباحثون "انتشار الأسلحة الصغيرة الإيفوارية الأصل في جميع أنحاء المنطقة هو نتيجة غير متوقعة وخصوصا من هذا التحقيق".

كما يجري تهريب الأسلحة المنهوبة من قبل المتشددين الإسلاميين والانفصاليين من مخزونات كبيرة لقوات الأمن في مالي منذ عام 2012 ، في جميع أنحاء المنطقة.