قدم الدكتور حامد القروي أسباب فشل مبادرته لتوحيد العائلة الدستورية والتجمعية وتحدث في حوارمع بوابة افريقيا الإخبارية  ، اتسم بالصراحة ، عن تضارب مواقف الهيئة العليا للانتخابات حول موضوع التمديد في أجال التسجيل مؤكدا أن ذلك يضع حياد الهيئة ورئيسها على المحك

القروي تحدث عن المحاسبة والعدالة الانتقالية وأكد آنهم يطالبون بتغطية هذه المحاكمات إعلاميا حتى يكون الشعب حاكما على الإنجازات والسلبيات. ولأول مرة يعترف القروي أن النظام السابق ارتكب أخطاء في ملفي حقوق الانسان والديمقراطية تضرر منها حتى الحزب الحاكم السابق

 س: كيف تقيمون سنة من إطلاق مبادرتكم لجمع العائلة الدستورية ثم تأسيس حزب الحركة الدستورية؟ 

ج : يمكن القول أن الحصاد  كان إيجابيا في العموم : فنحن وضعنا هدفين أساسيين وهما المشاركة في الانتخابات التشريعية والرئاسية والمساهمة  في إنقاذ البلاد بفضل خبرتنا في تسيير الدولة والكفاءات التي لدينا ، نحن لا نزعم بأننا الأحق أو الأفضل للحكم ، لكننا نعتقد ، كما كثيرين ، أن لا أحد من الأحزاب السياسية قادر على حكم البلاد بمفرده ، وهو ما يعني اننا سنساهم مع كل الأطراف في وضع برنامج مشترك لإنقاذ البلاد ٠

الهدف الثاني الذي وضعناه هو تكوين طبقة سياسية جديدة عبر المراهنة على  الشباب ،  فعلى سبيل المثال فان معدل إعمار أعضاء المكتب السياسي للحركة لا يتجاوز أربعين عاما  يعملون مع كفاءات  معروفة بخبرتها تتولى تأطيرهم حتى يكون لنا في أفق 2020 أي في مائوية تأسيس الحزب الدستوري ( 1920 2020 ) طبقة جديدة ونكون وقتها قد طبقنا شعارنا " حفظ الأمانة استمرارا للرسالة"  ، كما قطعنا أشواطا هامة في هيكلة الحركة التي تملك اليوم جامعات في كل الجهات وهى تلقى إقبالا متزايدا وخاصة من الشباب 

س: لكنكم في المقابل قلتم أن هدفكم الأكبر الذي عدتم من أجله للساحة السياسية هو توحيد الأحزاب الدستورية أو ذات المرجعيات الدستورية ؟ 

ج نعم أقر بفشلنا في هذا الهدف لكن سأحاول أن أقدم بعض المعطيات الدقيقة حول مساعي التوحيد وأهم اللقاءات التي قمنا بها من أجل ذلك 

المبادرة الاولى التي قمنا بها في هذا الاتجاه كانت بالاجتماع مع رؤساء الأحزاب الدستورية وقد اقترحنا بعث حزب موحد يكون فيه رؤساء الأحزاب الدستورية قياديون في الحزب الدستوري الجديد لكن لم تنجح هذه المبادرة اذ لاحظت آن كل رئيس يخشى فقدان منصبه ويتمسك بحزبه 

وعند فشل هذه الخطوة الاولى قررت تأسيس الحركة الدستورية دون التراجع عن فكرة التوحيد ، التي بادرت  بطرحها بمناسبة ذكرى 18 جانفي  من جديد وتوصلنا الى اتفاقات هامة بما في ذلك  اسم الحزب الجديد ، علما وأن هذه المساعي تمت بين الحركة وعديد الأحزاب وأساسا مكونات الجبهة الدستورية  كما اتفقنا على  اختيار رئيس توافقي له ولم تنجح الخطوة

وفي 2مارس  وبمناسبة تآسيس الحزب الدستوري اجتمعنا في سوسة  واتفقنا على تسمية مقرر عام وبدأنا في العمل لكننا اختلفنا مجددا واعتقد أن كل هذه المساعي لم تنجح بسبب عدم استقرار مواقف حزب المبادرة قبل أن يفاجئنا بخبر  الانضمام الى الاتحاد من أجل تونس وهو ما أفشل مسعى التوحيد٠

وعلى كل نحن مازلنا نؤمن بالتوحيد وسنصل اليه ،  وبخصوص مشاركتنا في الانتخابات التشريعية بقائماتنا الخاصة أو عبر تحالف مع بعض الأحزاب الدستورية فان الامر يبقى مرتبطا بعدد الأحزاب التي ستقبل هذا المبدأ وتتعاون معنا من اجل قائمات موحدة ،  فإذا اقتصر الامر على حزب أو حزبين فسنضطر لخوض الانتخابات بقائماتنا ، علما وأننا نؤمن بأن حدود الحركة الدستورية ستكون وافرة خلال الاستحقاق الانتخابي القادم ،  كما اننا نؤمن بآن نجاح عديد الأحزاب الدستورية في الدخول الى البرلمان القادم سيتيح تكوين كتلة دستورية  وهو ما سيجعل الطريق سالكة أمام الشباب لبعث الحزب الموحد للعائلة التجمعية الدستورية  .

 س: قلتم أنكم ستقدمون مرشحا لكم في الانتخابات الرئاسية لكن رغم أن كل الأحزاب أعلنت عن مرشحيها فإننا لم نعرف اسم مرشحكم الى الان ؟ 

ج في الحقيقة نحن لم نحسم الامر نهائيا ، فلنا شخصيتان من كفاءاتنا يرغبان في الترشح ، وإذا لم يتنازل احدهما للآخر فسنحسم الامر داخل الهياكل 

س: طرحت حركة النهضة فكرة الرئيس التوافقي وتحادثت بشأنها مع الأحزاب والمنظمات ، فكيف تفاعلتم منها؟

ج في الحقيقة يصعب الوصول الى رئيس توافقي ، فبعد الثورة لم تبرز شخصية وطنية لتكون محل إجماع او توافق، خاصة آن الثورة لم تنجزها الأحزاب ولا الزعامات اضافة الى أن صلاحيات رئيس الجمهورية محدودة والحكم يمارس أساسا عبر رئيس الحكومة٠

لكننا في المقابل نلح على تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات تضم كل الأحزاب الممثلة في البرلمان الجديد ، باستثناء المتطرفين يميناً ويسارا ، خاصة وأن برامجها الاقتصادية والاجتماعية متشابهة وأن الدستور حسم مسألة الهوية العربية الاسلامية للبلاد ٠

ولا بد للحكومة الجديدة أن تعمل في ظروف جيدة ويتوفر لها الأمن وتعمل على تحقيق الاستقرار والتنمية .وأود في هذا الإطار التذكير بموقف مبدئي للحركة يتعلق بضرورة تفادي هيمنة طرف واحد على الحكم لان ذلك سيؤدي الى الدكتاتورية

س: على ذكر حركة النهضة تبد وعلاقتكم طيبة معها وخاصة مع حمادي الجبالي ، وقيل في وقت من الأوقات انه طلب مشورتك في بداية عهده برئاسة الحكومة ؟

ج صحيح طلب الجبالي مشورتي بعد تكليفه برئاسة الحكومة وقد اقترحت عليه شخصية كنت عملت معها في الوزارة الاولى وهو يعد ذاكرة للوزارة لكنه لم يعد يستشيرني بعد ذلك

وفي الحقيقة التقيت الجبالي ثلاث مرات أولها في عهد المرحوم محمد مزالي  سنة 1983 ،وكان الجبالي من قيادات حركة الاتجاه الاسلامي وقتها وكان يريد الحصول على حزب سياسي وتناقشنا ورفضنا أن يكون الحزب دينيا وبعد ذلك تم ايقاف الجبالي وقيادات أخرى من الحركة قبل أن يعود الى الساحة سنة 1988لالتقيه بعد انتخابات 1989 التي شارك فيها الإسلاميون كمستقلين وجاؤوا في المرتبة الثانية وطلب منا التدخل لدى بن علي للاعتراف بهم كحزب سياسي وتحدثت مع بن علي واتفقنا على منحهم جريدة ناطقة باسمهم لنعرف ماذا سيكونون حزبا سياسيا ام دينيا وبعد فترة جاءت احداث العنف والقتل في باب سويقة ومرحلة السجن الثانية

وكانت قناعتي راسخة ان القضايا السياسية لا تحل أمنيا وعبر المحاكمات وأن السجون يقوي المعارضين فالنهضة خرجت من السجن في عهد بن علي لتحل ثانية في الانتخابات ثم خرجت من السجون وعادت من المنفى بعد الثورة لتفوز بالانتخابات

 س: هناك اليوم تخوف من ضعف التسجيل في الانتخابات ، ماهي الأسباب حسب رايك  ؟ وكيف يكون الحل لتجنب المقاطعة أو ضعف الإقبال ؟ 

ج هيئة الانتخابات ظلت فترة طويلة متوقفة عن العمل في انتظار إتمام التشريعات اللازمة واضطرت لتحديد فترة التسجيل بشهر تزامن مع الصيف ونتائج الامتحانات ومونديال الكرة ورمضان ٠٠٠٠٠

كما ان التونسي معروف بقضاء شؤونه في اخر لحظة، وهو ما سيرفع في نسبة الإقبال ومع ذلك نطالب بتمديد الآجال ونتفق على فترة التمديد مع إقرار التسجيل الآلي والانتخاب بواسطة بطاقة التعريف الوطنية ، فعلى مدى التجارب الماضية لاحظنا أن حماس التونسي للانتخابات يزداد كلما اقترب موعد الحملة والتصويت.

وقد لاحظنا تضاربا في مواقف رئيس هيئة الانتخابات فمرة يقول ان التمديد مستبعد  ثم يتراجع ليقول انه ممكن قبل أن يصرح في النهاية بانه لا يتناقض مع القانون ، وهو مايطرح تساؤلات حول حياد الادارة ورئيسها

كما يبقى دور الحكومة مهما في إنجاح المسار الانتخابي اذ أن مهمتها الأصلية التي جاءت من اجلها كانت تنظيم  انتخابات حرة ونزيهة

لكن اذا لم يتم ذلك وكان الإقبال ضعيفا فان ذلك سيغير النتائج الحقيقية لإرادة الشعب ، وأخشى ما نخشاه أن تكون الحكومة الجديدة لها أغلبية في المجلس لكن المعارضة الشعبية تكون أقوى وهذا ما يؤدي الى عدم الاستقرار ، وعلى  كل نعتبر أن الحكومة الحالية التي استبشرنا بها خيرا مطالبة ببذل مزيدا من الجهود لتأمين الظروف المثلى للانتخابات ونعتقد أن دورها في هذا الإطار أهم حتى من دور الهيئة 

س: تنطلق قريبا أعمال هيئة الحقيقة والكرامة تنفيذا لقانون العدالة الانتقالية ، كيف ستتعاملون معها؟ 

ج : هذا القانون يريد إرساء عدالة انتقامية فهو لم يحترم الدستور ولا المواثيق الدولية ولا الإجراءات العادية في كل القضايا التي تقر الاستئناف 

كما ان أعضاء الهيئة تم انتخابهم من أعضاء المجلس التاسيسي ، وهم خصومنا الذين كان جزء كبير منهم يطالب باقصائنا، وهو ما ينبيء بان هذا المسار سيخلق فتنة في البلاد

واعتقد أن العدالة الانتقالية تهدف الى التصالح وبلادنا في أمس الحاجة الى المصالحة وتنقية الأجواء وتظافر كل الجهود لإنقاذ البلاد

س: لكن العدالة الانتقالية تقوم أيضاً وقبل ذلك  على المحاسبة ؟ 

نحن لسنا ضد المحاسبة ولن نهرب منها ،  لكننا نريد أن تتم في ظروف عادية لنضمن انصافنا ، ونحن نطالب بتغطية هذه المحاكمات تلفزيا حتى يعرف الشعب ماذا أنجزنا وماهي سلبياتنا وايجابياتنا،  ويقارن بين ما حققناه وما حققه غيرنا بعدنا٠

ان تمسك بعض الذين وصلوا الى الحكم بفواضل الأصوات بمحاكمتنا بعدما فشلوا في اقصائنا يقيم الدليل على انهم يخشون عودة الدساترة وعجزهم على منافستهم عبر صناديق الاقتراع٠

س: عندما ترد بهذا الطريقة نحس وكآن النظام السابق لم يرتكب أخطاء ؟

ج لا ، النظام السابق ارتكب اخطاء ولنا الشجاعة في الاعتراف بها وقمنا بمراجعة ذاتية فالنظام السابق ظلم التونسيين في مجال حقوق الانسان والديمقراطية ، وهو ظلم تعرض له أيضاً الحزب الحاكم الذي فقد دوره ولم يعد يتدخل في المسائل الحساسة والمهمة 

س: لاحظنا ان هناك شبه قطيعة بين حركتكم ونداء تونس ، ماهي خلفياتها ، وهل لها علاقة بفشل توحيد الدساترة ؟

ج : لا ، الباجي قائد السبسي قال ان الحزب الدستوري قام بمهمته ومات ، وان نداء تونس ليس حزبا دستوريا كما صرح أيضاً انه يتعامل مع كل الأحزاب الا الحركة الدستورية وحامد القروي 

ورغم ذلك أقول ان تأسيس نداء تونس كان عملا مهما وان هذا الحزب طور المشهد السياسي وشخصيا تمنيت لو أن الباجي أسسه في المنستير عقب الاجتماع الكبير الذي نظمته جمعية الفكر البورقيبي والذي كانت نسبة 80 بالمائة من الحاضرين تنتظر تآسيس حزب دستوري

واجدد القول ان التعامل مع نداء تونس سيكون مستقبلا عبر الشباب الدستوري في كل الأحزاب الدستورية والذين يتواصلون مع بعضهم وسينجزون في يوم من الأيام الحزب الدستوري الموحد 

س: ما هو تشخيصكم لأسباب الأزمة الحادة التي وقعت فيها البلاد بعد 14جانفي وأساسا في ظل حكومة الترويكا ؟ 

ج اعتقد انه توجد ثلاثة أخطاء جوهرية أولها الإقصاء عبر حرمان عديد الكفاءات من الترشح وحرمان الشعب من حقه في الاختيار وكانت نتيجته الأزمة السياسية ثم ابعاد عديد الكفاءات الإدارية أو وضعها في الثلاجة وهو ما اضعف الادارة وكانت له تداعيات خطيرة على الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسير العادي لدواليب البلاد 

فيما تمثل الخطأ الثالث في حل جهاز أمن الدولة أو البوليس السياسي فكان الإرهاب والاغتيالات