اتهم محسن مرزوق القيادي البارز بحركة نداء تونس، برئاسة الباجي قائد السبسي، حركة النهضة الإسلامية بقيادة راشد الغنوشي، بأنها تُغير خطابها بسرعة مُحرك رباعي الدفع، واعتبر أن الفرق بين تنظيمي جماعة الإخوان، وداعش يكمن في مستوى حجم جرعة العنف والإرهاب لدى التنظيمين.

وقال في حديث نشرته اليوم الأربعاء صحيفة ”العرب”، قبل أربعة أيام من توجه الناخب التونسي إلى صناديق الاقتراع لاختيار أعضاء البرلمان التونسي الجديد، إن حركة النهضة الإسلامية تدخل الانتخابات على أنها “حفلة تنكرية”، حيث تنكرت لمواقفها السابقة، وبدأت تقول كل ما لا تفعله أصلا.

وبحسب محسن مرزوق الذي اختاره الباجي قائد السبسي لإدارة حملته للاستحقاق الرئاسي المُقرر تنظيم دورته الأولى في 23 نوفمبر المُقبل، فإن الأيام الماضية أظهرت خطة لدى النهضة تهدف إلى تعويم الخلافات التي تعرفها الساحة السياسية في البلاد، بالإضافة إلى إبراز نوع من الباطنية الذي عُرفت به جماعة الإخوان المسلمين.

وأوضح في هذا السياق، أن حركة النهضة سعت خلال الحملة الانتخابية للاستحقاق التشريعي إلى الاستحواذ على مواقف خصومها السياسيين، ونسبها لنفسها، وسط حجب كامل لمواقفها وخطابها الحقيقي من جملة القضايا التي تهم الشأن العام.

وكانت حركة النهضة الإسلامية قد سعت خلال الحملة الانتخابية للاستحقاق التشريعي التي شارفت على الانتهاء، إلى الظهور في صورة الحزب المدني، والبعيد عن الدين، ولكنها لم تفلح في ذلك، حيث كثيرا ما عاد قادتها إلى استحضار بعض المفردات الدينية، إلى جانب توظيف المساجد للتسويق لبرامجها.

ويؤكد محسن مرزوق في حديثه أن محاولات النهضة الابتعاد عن العباءة الدينية، “فشلت، حيث كانت هناك محطات ولحظات مهمة أظهرت فيها الحركة تلك المواقف والرؤى التي سعت إلى حجبها”.

واستحضر في هذا الصدد دعوة راشد الغنوشي الشباب إلى الإقبال على الزواج من المُسنات والمُطلقات والعوانس، و”هو زواج يدخل في إطار نوع جديد يمكن تسميته زواج “المزية” أو زواج “الفضل”، وذلك على عكس زواج الحب والرضا الذي هو أساس أي زواج”.

واعتبر أن مثل هذه الدعوات تُعد أمرا في غاية الخطورة لأنها تُمهد لقبول تعدد الزوجات بهدف ترسيخه، وهو ما يتناقض مع المكاسب المدنية والحداثية التي حققتها تونس، وخاصة منها قانون الأحوال الشخصية الذي مكن المرأة التونسية من مكاسب عديدة.

ولم يتردد محسن مرزوق في القول إن التضليل والمغالطات التي تمارسها حركة النهضة الإسلامية هدفها الأساسي هو التعتيم على حقيقة الصراع الدائر حاليا في البلاد، وهو “صراع بين مشروعين متضادين، الأول وطني عصري يذهب إلى الأمام ويريد حل المشاكل على أساس دولة قوية، الدين يُحترم فيها ولكن لا يُوظف في السياسة، وفي نفس الوقت اعتماد المعايير الدولية في مجال حقوق الإنسان”.

كما يُشدد هذا المشروع على أن علاقات تونس مع الأطراف الإقليمية والدولية “يجب أن تكون مرتبطة بمصالحها، وليس بشبكة دولية أيديولوجية، أي جماعة الإخوان المسلمين”.

أما المشروع الثاني، بحسب محسن مرزوق، “فهو الذي رأيناه خلال العامين الماضيين من حكم الترويكا بقيادة حركة النهضة الإسلامية، وهو مشروع يريد إرجاع البلاد إلى الوراء، ويقوم على عدم الكفاءة، وعلى عدم تقدير المصلحة الوطنية العليا، وعلى الارتباط بمصالح شبكات فوق المصلحة الوطنية، وعلى محاولة تغيير نمط حياة التونسيين، وعلى اعتماد العنف وسيلة لحل المشاكل”.

وأكد” أنه و”في كل الحالات، فإن ما تُمارسه جماعة حركة النهضة الإسلامية الآن هو محاولة للتكيف التكتيكي، وليس تغيرا استراتيجيا، وبالتالي فإن حركة النهضة ليس لها خطاب مزدوج، وإنما تُمارس خطابا رباعي الدفع”.

واعتبر أن هذا الخطاب التضليلي الذي تعتمده حركة النهضة الإسلامية برئاسة راشد الغنوشي مستمد من الخطاب العام لجماعة الإخوان المسلمين، ولا يُمكن لأي كان أن ينكر وجود مثل هذا الارتباط، حيث “رأينا في محطات مُعينة، لما تطلب الأمر اتخاذ مواقف استراتيجية في مجال السياسة الخارجية لم تتخذ النهضة تلك المواقف بناء على المصلحة الوطنية العليا، وإنما بناء على مصلحة الانتماء لشبكة التنظيم الدولي لجماعة الإخوان”.

ولفت في هذا السياق إلى الموقف من مصر الذي اتخذته حكومة الترويكا بقيادة حركة النهضة الإسلامية، حيث “أخذت النهضة موقفا مع جماعة الإخوان ضد الدولة المصرية، رغم أن ما شهدته مصر يبقى مسألة داخلية”.

وخلص محسن مرزوق إلى القول إنه رغم محاولات التضليل من خلال القول إن حركة النهضة لا تنتمي إلى جماعة الإخوان، فإن كل المؤشرات تدل على وجود مثل هذه العلاقة، كما أنه من الخطإ القول إن هناك إمكانية لحصول تغيير استراتيجي في مواقف النهضــة، لأن رأسمالها المعنوي والرمزي قائم على هذا المعطى، وهو ما يجب التحذير منه لأن الفرق بين جماعة الإخوان وداعش يكمن فقط في مستوى جرعة العنف والإرهاب المُمارس على أرض الواقع.