اتهم حزب إسلامي معارض بالسودان، حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالبلاد، بعرقلة حصوله على ترخيص لمزاولة نشاطه السياسي بسبب الخصومة التاريخية بينهما. وقالت أسماء محمود طه، القيادية في الحزب "الجمهوري"، الذي أسسه والدها المفكر الإسلامي محمود محمد طه عام 1943، وحكم عليه بالإعدام في العام 1985 بتهمة الردة، إن حزبها "تقدم بطعن ضد قرار مجلس شؤون الأحزاب (الجهة الحكومية المسؤولة عن تنظيم عمل الأحزاب بالسودان) الذي رفض منحنا ترخيصا لمزاولة نشاطنا استنادا إلى طعون قدمها ضدنا رجال دين مواليين للسلطة (لم تسمهم)".

وأضافت أسماء، خلال مؤتمر صحفي اليوم الاثنين بالخرطوم، إن "استقراء الأحداث يؤكد بوضوح أن القرار (الذي صدر يوم الثلاثاء الماضي) سياسي ولا سند دستوري أو قانوني أو ديني له والسلطة هي من تقف خلفه"، في إشارة إلى قرار الرفض.

وأوضحت أن المجلس استند في قراره إلى طعون مقدمة من رجال دين مواليين للسلطة نسبوا في دعواهم أقوال محرفة ومبتورة لوالدها. ولم يتسن الحصول على رد رسمي من السلطات السودانية على تلك الاتهامات حتى الساعة .

وأعدم محمود طه في يناير/كانون الثاني العام 1985 بعد أن أدانته محكمة قضائية بـ"الردة" بسبب أراءه الفقهية المثيرة للجدل، ويتهم أنصاره الحركة الإسلامية، المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، بالوقوف وراء حكم الإعدام، وإقناع الرئيس السوداني السابق جعفر نميري بالمصادقة عليه.

ويقول مؤرخون إن إعدام محمود كان من الأسباب التي أدت إلى الانتفاضة الشعبية ضد الرئيس الأسبق جعفر نميري، وإسقاط حكومته بعد أقل من ثلاثة شهور من إعدام طه، الذي برأته محكمة سودانية، عقب الإنتفاضة، من تهمة الردة. وقالت أسماء طه إن "الكل يعلم أن المحكمة التي حكمت على الأستاذ (والدها) كانت سياسية والمحكمة العليا أبطلت قرارها عقب الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحكومة نميري في 1985"، ووصفت الحكم بإعدام والدها بأنه "غير دستوري وغير قانوني ويرقى إلى جريمة القتل".

وأضافت أسماء "اتهمونا بأننا نعارض العقيدة والشريعة الإسلامية دون أن يأتوا بنص واحد من الدين يدعم اتهامهم". ومضت قائلة "نحن حزب سياسي يسعى لحل أزمات البلاد ونقل الصراع من صراع حول السلطة إلى صراع حول الأفكار ولن يثنينا عن هذا الإرهاب الديني الذي يمارس ضدنا".

وأضافت "سنناهض هذا القرار في كل مراحل التقاضي وصولا للمحكمة الدستورية العليا (أعلى محكمة في البلاد) وسنقود حملة لتنوير الرأي العام مقابلة لحملة رجال الدين المواليين للسلطة والذين يستغلون منابر المساجد ضدنا ونحن مستعدون لعقد مناظرات معهم". ورأت أن قرار المجلس "يشكك في جدية الحزب الحاكم في دعوته للحوار لأنه يقصي الرأي الآخر ولا يؤمن به".

وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، دعا الرئيس السوداني كل القوى السياسية في بلاده إلى حوار بشأن خطة إصلاحية تتمثل في 4 محاور هي: وقف الحرب وتحقيق السلام، المجتمع السياسي الحر، محاربة الفقر، وإنعاش الهوية الوطنية. وتسببت دعوة البشير إلى الحوار في انقسام تحالف المعارضة، الذي يضم نحو 20 حزبا.

ويعتقد على نطاق واسع أن المساعي الإصلاحية من قبل البشير سببها هو الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في سبتمبر/ أيلول الماضي؛ جراء خطة تقشف حكومية، وهي الاحتجاجات التي خلفت عشرات القتلى وكانت الأقوى التي يواجهها البشير على مدار حكمه.

وكان الحزب الجمهوري من أكثر الأحزاب التي تعرضت لمضايقات أمنية عقب وصول الرئيس عمر البشير إلى السلطة عبر انقلاب مدعوم من الحركة الإسلامية في 1989، حيث حظر الأحزاب قبل أن يسمح لها باستئناف نشاطها بموجب اتفاقية السلام الشامل بين الشمال والجنوب في 2005 والتي نصت على صياغة دستور انتقالي أقر التعددية الحزبية.

لكن الحزب الجمهوري لم يشرع في إجراءات حزبه، إلا قبل نحو شهرين بعد دعوة الحوار التي أطلقها الرئيس البشير للحوار وتسببت في انقسام أحزاب المعارضة ما بين مؤيد ومعارض واقتصر نشاطه سابقا على الجوانب الدعوية والثقافية عبر منظمة مجتمع مدني تحمل اسم مؤسس الحزب.

والعام الماضي منع الأمن السوداني أنصار الحزب من الاحتفال بالذكرى السنوية لرحيل مؤسسه (18 يناير/كانون الثاني من كل عام) الذي ينظرون إليه كمجدد ومحي لسنة نبي الإسلام.