تشهد الأحداث في ليبيا تطورات متسارعة مع تحرك حكومة الوحدة الوطنية بعد نيلها ثقة مجلس النواب لمباشرة مهامها وقطع خطوات أولية وسط توافق ودعم سياسي واجتماعي كبير لها وللمجلس الرئاسي تقودها آمال كبيرة في التوجه بالبلاد الى مرحلة جديدة من الاستقرار بعد سنوات من الانقسامات التي كرست الفوضى والصراعات.
وفي تطور ايجابي جديد في المشهد الليبي،تم الأربعاء،الإفراج عن نحو 120 فرد من عناصر الكتيبة 107 التابعة للجيش الليبي.وجاء ذلك من خلال مبادرة لجنة الحوار بالزاوية وبدعم من حكومة الوحدة الوطنية، وتنظيم مديرية الأمن بالمدينة.وتأتي هذه المبادرة كخطوة أولية من حكومة الوحدة الوطنية حول المصالحة الشاملة في كافة ربوع البلاد.
خطوة اعتبرها رئيس المجلس الرئاسي الليبي الدكتور محمد المنفي ،مهمة في إطار المصالحة الوطنية التي كان قد أطلقها المجلس الرئاسي الليبي منذ استلامه زمام أمور البلاد.وأكد المنفي ،أن تحقيق مصالحة وطنية شاملة يوجد في أعلى سلم أولويات المجلس الرئاسي لكونه حجر الأساس لبناء دولة موحدة من أجل تحقيق العيش المشترك بين الليبين ،داعيا إلى ضرورة ترسيخ قيم العفو والتسامح وإعلاء المصلحة الوطنية العليا لأن ليبيا لن تكون إلا واحدة موحدة.
وبالتزامن مع ذلك،التقى رئيس المجلس محمد المنفي ونائبيه عبدالله اللافي وموسى الكوني، الأربعاء، خبراء من مركز دراسات القانون والمجتمع التابع لجامعة بنغازي شرق ليبيا لبحث أسس المصالحة الوطنية،حيث قدم فريق الخبراء مقترحاً عن دور القانون في المصالحة الوطنية الذي قارب المركز على الانتهاء من إعداده للمشاركة في وضع أسس وقواعد المصالحة الوطنية في ليبيا بسنده علمي.وفق المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي الليبي.
وتمثل المصالحة الوطنية أولوية قصوى لحكومة الوحدة وسط تأكيدات بأن لا حل سياسياً، ولا انتخابات شرعية ونزيهة، ولا توحيد فعلياً للمؤسسات، دون تكريس مصالحة اجتماعية تشكل الخطوة الأبرز لطي صفحة الصراع.وكان ئيس المجلس الرئاسي الليبي الدكتور محمد المنفي ونائباه عبدالله اللافي وموسى الكوني إنشاء مفوضية للمصالحة الوطنية.
ووفق بيان للمكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي، شدد المنفي على ضرورة الإسراع في إنشاء المفوضية، من أجل وضع أسس وركائز لتحقيق مصالحة وطنية شاملة تجمع كل الليبيين، فيما قدم فريق العمل الخطوط العريضة لعمل المفوضية، وهيكلها التنظيمي والأهداف والاختصاصات المنوطة بها..
بدوره، لفت رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، إلى أنّ حكومته ستعمل من أجل تحقيق المصالحة الوطنية بين جميع الليبيين نواباً وشعباً وحكومة، قائلاً: "إن ليبيا واحدة ولا يمكن أن نقول إلا ليبيا واحدة".وأوضح أنّ حكومة الوحدة الوطنية هي حكومة كل الليبيين، مبيناً أنّ هناك الكثير من الاستحقاقات تنتظر مجلس النواب الليبي.
وناشد الدبيبة، الليبيين الالتئام وتعويض ما فاتهم خلال فترة الانقسام، مؤكداً أن الأمة الليبية مازالت بحاجة إلى نوابها لأن الكثير من الاستحقاقات التي مازالت تنتظرهم بداية من إقرار الموازنة الموحدة وقانون الاستفتاء أولاً، وصولاً إلى قانون فعال للحكم المحلي ومن ثم الانتخابات.
وبحسب المتابعين للشأن الليبي فأنّ المصالحة الوطنية تحتل صدارة التحديات التي تواجه السلطات الجديدة، وتمثل شرطاً أساسياً لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة في موعدها المقرر ديسمبر القادم،ويؤكد هؤلاء ان الأطراف الليبية مطالبة جميعا بدعم الحكومة الوطنية والوقوف خلفها للوصول الى انجاز هذه المصالحة على الصعيدين السياسي والاجتماعي.
في غضون ذلك،بدأت حكومة الوحدة تحركاتها على الصعيد الأمني حيث أكد رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، الاثنين، وضعه خطة لتفكيك الميليشيات.وقال المنفي في بيان "لن يكون للميليشيات المسلحة أي مكان داخل أروقة الدولة وسيُنزع سلاح أي مجموعة مسلحة، وقد وضعنا خطة لتفكيك جميع المجموعات المسلحة التي لا تتبع الدولة ولا تأتمر بأوامر الجهات العليا ويرغب أفرادها في المساهمة ببناء ليبيا.
وأشار المنفي إلى أن خطة تفكيك الميليشيات ستبدأ من مطلع مايو القادم وتنتهي أواخر اكتوبر، وستتضمن مهلة لتسليم السلاح للدولة ومؤسساتها العسكرية المعتمدة لدى وزارة الدفاع ووزارة الداخلية.واكد أنه في حال رفض تسليم الأسلحة التي تهدد أمن الدولة سيتم فرض عقوبات محلية صارمة وعقوبات دولية من مجلس الأمن والدول الكبرى والداعمة لاستقرار ليبيا.
وحذر المنفي من أنه سيتم الضرب "بيدٍ من حديد كل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن وزعزعة استقراره والعبث بحياة المواطنين".مشيرا الى أنه سيكون هناك تدخل دولي قوي لدعم هذا المشروع الذي يؤدي لبناء ليبيا وحمايتها واستقرارها.كما دعا المنفي "كل المجموعات المسلحة شرقاً وغرباً وجنوباً إلى الانضمام للوحدات العسكرية النظامية بالجيش وتكوين اللبنة الأولى للجيش الليبي".
وكان رئيس الحكومة الليبية عبدالحميد الدبيبة قال في وقت سابق،إنه "يجب حل الميليشيات بشكل شامل عبر دمجها في القوات الأمنية أو الشرطة أو هياكل الدولة المدنية"، لافتا إلى أن المسألة الكبرى تكمن في إنشاء جيش وطني واحد، مضيفا أن "الجيش توحد من خلال المحادثات التي جرت بوساطة الأمم المتحدة في جنيف، والتي سمحت بوقف إطلاق النار في أكتوبر / تشرين الأول الماضي".
واكد الدبيبة في مقابلة مع جريدة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية نشرتها الثلاثاء،ان وزير داخليتيه كان في بنغازي منذ يومين وقال ان "الشرطة المحلية تعتمد علينا" مضيف ان وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش قامت بزيارة المدينة ايضا.
وأكد الدبيبة ان الامن العام في البلاد اليوم أفضل مما كان عليه قبل خمسة أشهر، مشيرا الى إنه يعتزم إعادة فتح الباب قريبا للمستثمرين والشركات الإيطالية، وقال موضحا: "أود منهم أن يعتبروا ليبيا بيتهم وليس مجرد استثمار"، وأشار إلى "التفاوض مع مجموعات إيطالية كبيرة، على غرار ساليني إيمبريليو، التي يجري التفاوض معها على عقد بأكثر من مليار دولار".
وتعتبر هذه التحركات بداية مشجعة لحكومة الوحدة الوطنية التي ينتظر منها توحيد مؤسسات الدولة والإشراف على المرحلة الانتقالية إلى حين حلول الانتخابات المرتقبة في 24 كانون الأول/ديسمبر.ويشير مراقبون الى ان الدعم المحلي والدولي الذي تحضى به هذه الحكومة يمثل حافزا كبيرا لنجاحها في مهامها.وتزيد التطورات المتسارعة من منسوب الأمل لدى الليبيين في انهاء الأزمة الممتدة لسنوات واستعادة بلادهم لاستقرارها وسيادتها.