تشهد العاصمة الليبية طرابلس تطورات متسارعة جراء إنتشار المرتزقة الموالين لتركيا والذين يواصلون التدفق الى المدينة لدعم حكومة الوفاق التي تتهم بتوفير التمويل لهم في وقت تعيش فيه البلاد أزمة اقتصادية خانقة ويعاني المواطن الليبي لتوفير احتياجاته اليومية،فيما تتصاعد وتيرة الصراعات بين المليشيات المسلحة التابعة لحكومة السراج في مشهد يرسم صورة واضحة لعجزها.

إلى ذلك،شهدت منطقة زاوية الدهماني بطرابلس،اشتباكات ورماية متبادلة بين قوة الردع وكتيبة ثوار طرابلس التابعتين لقوات الوفاق.وأكدت تقارير اعلامية أن سبب الاشتباكات، التي استُعملت فيها الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، يرجع إلى إلقاء قوة الردع الخاصة القبض على أحد الأشخاص المعروفين داخل كتيبة ثوار طرابلس من دون إيضاح دوافع الاعتقال.

ونقل موقع "ارم نيوز" الاخباري عن الضابط في أمن عين زارة محمد الزايدي،قوله إن مجموعة تتبع لقوة الردع التي يقودها عبد الغني الككلي هاجمت مقار تابعة لمليشيا ثوار طرابلس التي يقودها هيثم التاجوري .وأشار الزايدي إلى أن الاشتباكات بين مليشيا الردع ومليشيا ثوار طرابلس حدثت في عدة مناطق بوسط العاصمة طرابلس منها منطقة الظهرة وزاوية الدهماني.وأوضح الزايدي بأن مليشيا ثوار طرابلس سحبت كل عناصرها المتواجدة بمحور القتال خصوصا محور عين زارة حيث يشكل عناصر هذه المليشيا أغلبية المقاتلين التابعين لحكومة الوفاق.


ووصفت"كتيبة ثوار طرابلس" ما حدث من اشتباكات بينها وبين الردع الخاصة بأنها ما هي ألا "بعض الحركات البهلوانية" التي قام بها بعض الأفراد الذين لا يمثلون الا أنفسهم.وزعمت الكتيبة، في بيان لها، أن كل ما ورد عنها وعن قوة الردع الخاصة من شائعات وأكاذيب بجميع أنواعها، وأنها لا وجود لأي مشاكل بين الكتيبتين.

لكن تقارير اعلامية أكدت أن هذه الاشتباكات نتيجة لعمليات الاعتقال التي تشنها "قوة الردع"،والتي استهدفت قيادات الصف الأول بكتيبة "ثوار طرابلس"،على غرار أدهم ناصوفي وهاني مصباح،وتسببت الاعتقالات في حالة احتقان وتوتر في صفوف ميليشيات طرابلس، التي أمهلت "قوة الردع"، ساعات لإطلاق سراح القياديين التابعين لها أو الانسحاب من محاور القتال.

وفي الفترة الأخيرة، تصاعدت حدّة الخلافات بين ميليشيات طرابلس ووزير الداخلية فتحي باشاغا المحسوب على ميليشيات مصراتة التي تمثل تنظيم الإخوان، وذلك بعدما هاجم باشاغا الميليشيات الطرابلسية واتهمها بالفساد وباستغلال النفوذ والابتزاز والتآمر ضد وزارة الداخلية واختراق جهاز المخابرات واستخدامه ضد مؤسسات الدولة، كما هدد بملاحقتهم قضائيا، وخص باشاغا بالذكر "ميليشيا النواصي".

وبحسب "العربية نت"،يرى مراقبون، أن باشاعا منذ توليه منصب وزير الداخلية، استهدف بشكل متكرّر ميليشيات طرابلس، وهدفه تفكيكها وإنهاء سيطرتها على مؤسسات الدولة خاصة المالية منها، لفسح المجال أمام ميليشيات مصراتة الموالية للإخوان، للاستحواذ على السلطة ومراكز القرار في العاصمة طرابلس.

ولا يحظى باشاغا، الذي تنحدر أصوله من مدينة مصراتة، بعلاقات جيدة مع أغلب قادة الميليشيات المسلحة في طرابلس، لكنه مسنود من ميليشيات مصراتة التي بدأت بتقوية ذراعها العسكرية في العاصمة طرابلس منذ التحاقها بمعركة العاصمة في أبريل لمنع الجيش الوطني الليبي من استعادتها، وذلك بعد 4 سنوات من طردها منها من قبل "الميليشيات الطرابلسية" المعادية للإخوان.


وتلقي هذه الصراعات المتكررة بين المليشيات الضوء على نوعية التحالفات التي أقامتها حكومة الوفاق ومدى عجزها عن بسط سيطرتها.وفي هذا السياق،أكد السياسي الليبي سعيد رشوان أن العناصر التي تقاتل في صفوف قوات الوفاق بالعاصمة طرابلس عبارة عن مليشيات مسلحة لا تمتثل لأوامر أحد.

وقال رشوان في تدوينة له بموقع "فيسبوك"، "بمناسبة القتال الدائر في طرابلس بين مليشيا ثوار طرابلس ومليشيا النواصي" فإن "قوات الوفاق في طرابلس تتكون من مليشيا ثوار طرابلس والردع والنواصي وشوري بنغازي وشوري درنه والبقرة والمرتزقه السوريه التي جلبتها تركيا ومختلفين مع بعضهم".وأضاف رشوان "هذه حقيقة القوات التي تقاتل في طرابلس ولا يمتثلون لأوامر أحد قادتهم فقط باعتراف وزير الداخلية باشا اغا ولا يوجد بينهم عسكري نظامي في الجيش الليبي إلا بعض الأفراد الذين يرتدون البدلة العسكرية للتصوير فقط  فمن يمكن أن يمثلهم؟".

وفي غضون ذلك،يتواصل تدفق المرتزقة الموالين لتركيا الى طرابلس دعما لحكومة السراج،حيث أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان،الأحد 26 أبريل/نيسان 2020،أن تركيا جنّدت قرابة 10 آلاف مقاتل للحرب في طرابلس، مشيراً إلى أن "أعداد المقاتلين المجندين الذين وصلوا إلى الأراضي الليبية حتى الآن، بلغ 7400 مرتزق، بينهم مجموعة غير سورية. في حين أن عدد المجندين الذين وصلوا إلى المعسكرات التركية لتلقي التدريب بلغ نحو 2500 مجند".

كما أشار المرصد إلى أن هناك مئات من المقاتلين يستعدون للانتقال من سوريا إلى تركيا، حيث تستمر عملية تسجيل قوائم أسماء جديدة من فصائل ما يعرف باسم "الجيش الوطني" الموالي لأنقرة، بأمر من الاستخبارات التركية، لافتا إلى وجود رفض من قبل بعض الفصائل للانتقال إلى ليبيا، إلا أن الفصائل الرافضة تتعرض لضغوط كبيرة، وتهديد بإيقاف الدعم عنها لإجبارها على إرسال دفعات جديدة من مقاتليها إلى ليبيا.

وكشف المرصد عن إرسال تركيا نحو 37 من إرهابيي تنظيم داعش إلى ليبيا، قائلا: "هؤلاء الدواعش باتوا الآن في ليبيا وبعلم المخابرات التركية".وأشار المرصد إلى قيام تركيا بتفريغ إدلب (مدينة عرفت بكونها مركز تجمع المتشددين في سوريا) من الجهاديين وإرسالهم إلى ليبيا ومناطق أخرى في شمال أفريقيا.


وبحسب المرصد، فإن لمشاركة "المرتزقة" دور كبير في قلب موازين القوى في معارك غرب ليبيا، وقال إن حصيلة القتلى في صفوف الفصائل الموالية لتركيا، جراء العمليات العسكرية في ليبيا، وصلت إلى 223 مقاتلاً، قضوا خلال الاشتباكات على محاور حي صلاح الدين جنوب العاصمة، ومحور الرملة قرب مطار طرابلس، ومحور مشروع الهضبة، بالإضافة لمعارك مصراتة.

وتزايد انخراط تركيا في الصراع الليبي عقب توقيع مذكرتي التفاهم اللتين أباحتا لأنقرة إرسال مرتزقة وجنود أتراك للقتال إلى جانب قوات الوفاق ضد الجيش الوطني الليبي في طرابلس،وباتت حكومة السراج البوابة التي من خلالها يسعى أردوغان لغزو ليبيا وتمرير أجنداته المشبوهة فيها ودفع ذلك البرلمان الليبي لاتهام السراج بـ"الخيانة العظمى" في ظل تواطئه مع مخططات النظام التركي.

ويثير تواطئ حكومة الوفاق مع أردوغان غضبا في الأوساط الليبية التي كثفت خلال اليومين الماضيين من دعواتها لاسقاط "الاتفاق السياسي" والمجلس الرئاسي الذي بات بوابة للغزو التركي للبلاد،وتفويض القيادة العامة للجيش الوطني الليبي بادارة شؤون البلاد بما يضمن اعادة الأمن والاستقرار في كامل ربوعها.

وتوالت البيانات والبرقيات من المدن الليبية والهيئات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني الليبية لتفويض الجيش وامتدت رقعة حملات التفويض التي انطلقت من بنغازي ومدن الشرق والوسط مثل درنة وطبرق والبيضاء وسلوق والمرج وسرت وبعض مدن الغرب كترهونة والزنتان لتصل إلى مدن الجنوب الليبي، وأبناء المناطق التي تسيطر عليها المليشيات كمصراتة.

أعرب مجلس ومشايخ وأعيان وادي الشاطئ في الجنوب الليبي عن تفويض القائد العام المشير خليفة حفتر صراحة وعلانية لقيادة المرحلة المقبلة وإدارة البلاد إلى حين استقرار الأوضاع.كما صرح شباب قبائل مصراتة -التي تسيطر عليها المليشيات- المقيمون بالمنطقة الشرقية بإعلان تفويض المؤسسة العسكرية التي يثق بها الليبيون لأن تتولى مباشرة زمام الأمور في البلاد، لاستكمال مهمتها الوطنية التاريخية.

وفي أقصى الغرب الليبي قرب الحدود التونسية أعلن مجلس أعيان ومشايخ الزنتان أنهم فوضوا القيادة العامة للجيش الليبي لإدارة البلاد لمرحلة انتقالية.وأضاف المجلس، في بيان، أن "القوات المسلحة الليبية هي المؤسسة الوحيد القادرة على تحمل الفشل المتراكم الذي خلفته الأجسام السياسية المتصارعة فيما بينها".


وفي وقت سابق، فوض المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية القيادة العامة للجيش الليبي لتولي زمام الأمور في البلاد حتى إعداد دستور وإقرار انتخابات عامة.كما خرجت عشرات الحملات في المدن الليبية المختلفة لتفويض المؤسسة العسكرية بعد ساعات قليلة على دعوة القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، الشعب لإسقاط ما يُسمى "الاتفاق السياسي"، وتفويض المؤسسة المؤهلة لإدارة شؤون البلاد.

ويرى مراقبون، إن حكومة الوفاق رهينة للميليشيات والتنظيمات الارهابية التي تتلقى الدعم التركي في محاولة لعرقلة تحرير العاصمة طرابلس.ويؤكد هؤلاء أن دخول الجيش الوطني الليبي الى العاصمة طرابلس واستعادة سلطة الدولة بات ضرورة قصوى لانهاء فوضى المليشيات ومنع الغزو التركي للبلاد كما من شأنه وضع ليبيا في الطريق الصحيح نحو بداية البناء واستعادة ليبيا لمكانتها الاقليمية والدولية.