مازال الجدل قائما حول رسالة التكليف التي أرسلها المنصف المرزوقي إلى قائد السبسي لتشكيل الحكومة الجديدة، ورغم أن خبراء القانون الدستوري في تونس أكدوا أنه لا يحق لرئيس الجمهورية المؤقت أن يكلف حزب "نداء تونس" بتشكيل الحكومة في ظرف أسبوع، وأنه غير مؤهل دستورياً للقيام بهذه الخطوة، لأن الرئيس الذّي سيتمّ انتخابه هو صاحب الأحقية في ذلك إلاّ أن المرزوقي يصرّ على افتعال المشاكل والأزمات السياسية للتشويش على الانتخابات الرئاسية في دورتها الثانية.

أكدت مصادر من الرباعي الراعي للحوار في تونس أن ممثلين عن المنظمات التي تشرف على الحوار الوطني اجتمعوا بالرئيس المنتهية ولايته منصف المرزوقي بخصوص موضوع الرسالة التي وجهها للباجي قائد السبسي رئيس حزب نداء تونس، صاحب الأغلبية النسبية في الانتخابات التشريعية، طالبه فيها بضرورة تشكيل الحكومة في غضون أسبوع.

وأكدت ذات المصادر أن اللقاء مع المرزوقي دار في أجواء إيجابية بما يؤشر لإمكانية إيجاد مخرج للأزمة السياسية التي اعتبرها البعض زوبعة في “فنجان الرئاسة” واعتبرها آخرون إشكالا قانونيا كبيرا.

ورغم أن الرباعي الراعي للحوار الوطني طمأن المتابعين إلا أنه لم يكشف بعد كيف سيكون حل هذا الإشكال، وسط تخوف من أن يصبح الموضوع محل تجاذب في وضع سياسي شديد الحرارة.

وفي هذا الإطار قال الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي في تصريح نشرته صحيفة ”العرب” إن “مسألة تكليف الرئيس الحالي لرئيس نداء تونس باختيار رئيس للحكومة القادمة هو أزمة مفتعلة من طرف الرئيس المؤقت، لأن الإطار الذي لجأ له الجميع هو الحوار الوطني وقد حسمت طاولة الحوار في القضية منذ مدة”.

وشدّد الهمامي على أنه وجب احترام الحوار الوطني كإطار لحل الخلافات الكبرى في البلاد، موضّحا أن الجبهة متمسكة بقرار الحوار الوطني ولا مجال للانفلات في هذه النقطة.

ومن جهته قال ماهر بن ضياء الأمين العام للاتحاد الوطني الحر المتحصل على المرتبة الثالثة في التشريعية إن المسألة لم تنته بما تم الإعلان عنه من اتفاق بين الرباعي الراعي للحوار والرئيس المؤقت، باعتبار أن هناك اجتماعات أخرى صلب الحوار الوطني ستنظر في الانعكاسات المحتملة لهذا القرار الذي اتخذه المرزوقي كمناورة سياسية أكثر منها حرصا على الدستور والقوانين في البلاد.

ويذكر أن الرباعي الراعي للحوار الوطني رفض رسالة التكليف التي وجهها المرزوقي للسبسي خلال جلسة حضرتها كل قيادات الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني، كما تم الاتفاق على أن الرئيس المنتخب وليس المؤقت سيقوم بدعوة رئيس الحزب الفائز بالأغلبية في الانتخابات التشريعية بتكليف شخصية لتشكيل الحكومة الجديدة.
ويرى المتابعون للشأن السياسي التونسي أن مفاتيح قصر قرطاج اليوم تقع في يد طرفين بالأساس، أولهما الجبهة الشعبية التي تمكنت من حصد أصوات مكنت مرشحها للرئاسية من نيل المركز الثالث، بالإضافة إلى التيار الوطني الحر الذي حصد مرشحه سليم الرياحي أصواتا مهمة بوأته المركز الخامس في السباق.

وأكد الهمامي أن مجلس أمناء الجبهة الشعبية سينظر اليوم الخميس في مسألة تحديد موقفهم بخصوص الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية وإمكانية دعم أحد المرشحين، وحول تعليقه على تصريحات زياد الأخضر ومنجي الرحوي القياديين في الجبهة اللّذين أكدا أن إمكانية دعم المرزوقي مستحيلة، شدد الهمامي على أن هذا هو موقف كل الجبهة باعتبار أن كلام قيادات الجبهة كان جزئيا عن المسألة ولا يعني دعم السبسي آليا في المرحلة القادمة.

ولعل ما يدور في كواليس الاتحاد الوطني الحر غير بعيد عن نظرة الجبهة الشعبية، حيث كشف ماهر بن ضياء أن جلسة سيعقدها حزبه قريبا ستبت في هذا الموضوع وقد يمرّ الحزب إلى تشكيل لجنة داخلية لاستشارة قواعده والاقتراب منهم أكثر قبل إصدار أي قرار. ويرفض الأمين العام للاتحاد الوطني الحر الاصطفاف سريعا وراء أي طرف رغم إقراره بالقرب الكبير من حزب نداء تونس على مستوى الطرح الاقتصادي والاجتماعي.

ومن جهته أكد ناجي جلول القيادي في نداء تونس أنه متأكد من دعم سليم الرياحي لمرشحهم الباجي قائد السبسي، وهو ما أيدته تسريبات تشير إلى أن لقاء غير معلن جمع رئيس نداء تونس برئيس الاتحاد الوطني الحر لم يتم كشف نتائجه للعلن. وهو ما يؤكده النداء أيضا بخصوص الجبهة التي يؤكد أغلب المقربين من الباجي قائد السبسي أنها ستكون في صف مرشحهم.