جددت حوادث العنف المتتالية التي وقعت في شمال سيناء مؤخرا، مشاعر الخوف والقلق في نفوس الكثير من المصريين، خصوصا مع زيادة حجم الخسائر البشرية التي تنجم عنها، حسب سكاي نيوز.

وعادت الهجمات في شمال سيناء بشكل ملحوظ، بعد أشهر توالت فيها عمليات الملاحقة الأمنية للعناصر المسلحة وأوكارها، قامت بها قوات الجيش مدعومة بطائرات الأباتشي.

ويرى مراقبون أن استقراء أسلوب تنفيذ تلك الحوادث يكشف عن تطور نوعي ملحوظ في أساليب وأدوات التنفيذ، وكذا اختيار الأماكن المستهدفة.

كما يكشف تنفيذ تلك الحوادث عن نجاح استعادة المسلحين لقدراتهم على تجنيد عناصر انتحارية، بعد فترة توقف خلالها المسلحون عن استخدامهم، وهو ما كشف عنه أسلوب تنفيذ حادث مبنى قسم شرطة ثالث العريش الذي تم استهدافه بسيارة محملة بكمية كبيرة من المتفجرات كان يقودها انتحاري.

وقام أفراد القوة المكلفة حماية القسم بإطلاق النار على السيارة قبيل اصطدامها بمبناه، فانفجرت قرب السياج الأمني المحيط مما أوقع عددا من القتلى المصابين وأحدث تلفيات كبيرة بمبني القسم وعدد من البنايات المحيطة.

وقالت مصادر أمنية في حينه إن مبادرة قوات الحراسة بإطلاق الرصاص على السيارة وتفجيرها قبيل الاصطدام بمبنى القسم، خفف وطأة آثار الحادث وقلص عدد الضحايا.

وكشفت سلسلة الحوادث الأخيرة أيضا عن بدء استعانة المسلحين بالقناصة، في تنفيذ بعض حوادث الاستهداف لقوات الأمن المكلفة التواجد في الحواجز الأمنية في أنحاء متفرقة من شمال سيناء، حيث سقط جراء هذا الأسلوب الذي لم يكن معهودا من قبل خلال المواجهات السابقة، عدد من الجنود.

وتشكل هذه التطورات دلالات عن ورود دعم منوع للعناصر المسلحة من الأسلحة والمتفجرات والأفراد.

وعلى جانب آخر، قالت مصادر أمنية في سيناء إن حوادث العنف التي وقعت مؤخرا في مناطق متفرقة بشمال سيناء، رغم الخسائر الكبيرة التي أسفرت عنها، جاءت في إطار التوقعات والتقديرات التي وضعتها الأجهزة الأمنية عند مبادرتها بتنفيذ عمليات مواجهة العناصر المسلحة في شمال سيناء.

وأضافت المصادر أن توقع حدوث الهجمات ورد خلال تصريحات كثيرة لقيادة القوات، التي أعلنت منذ بداية المواجهات قبل ما يقرب من عامين، أنها تدرك أن حسم المواجهة مع تلك العناصر لن يأتي سريعا، بل ستكون معركة طويلة بها خسائر متبادلة، وإن كانت القيادة قد أعلنت عن تأكيد ثقتها في حسم المواجهة في النهاية لصالح الأمن والاستقرار في سيناء.

وقالت مصادر مطلعة إن أجهزة الأمن طورت خطط المواجهة مع المسلحين، حيث أنجزت إعادة بناء الحواجز الأمنية التي تم تدميرها في عمليات سابقة، ومن بينها الحاجز الأمني بقرية كرم القواديس الذي تم استهدافه أواخر أكتوبر الماضي بهجوم منوع بالرشاشات ومدافع الهاون، وأوقع عشرات القتلى والمصابين من الجيش.

وأعيد تشييد هذا الحاجز على منطقة مرتفعة، تتيح للقوات السيطرة التامة على حركة السير على طريق العريش رفح الدولي، أحد محاور التنقل المهمة للمسلحين بين أرجاء منطقة المواجهات الممتدة من العريش إلى رفح على الحدود مع قطاع غزة، بطول 50 كيلو متر، مرورا بمدينة الشيخ زويد.

والقرى التابعة للمدن الثلاث تعد مراكز تجمع المسلحين، مستغلين الظهير الصحراوي المتسع ومنطقة الأحراش الملاصقة التي تربط المنطقة بوسط سيناء، حيث يلجأ إليها المسلحون للاختباء وتخزين الأسلحة وتجهيز العبوات المتفجرة في كهوفها الجبلية.

ويعد استكمال مراحل إخلاء الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة من أهم المهام التي تقوم قوات الجيش باستكمال المرحلة الثانية منها حاليا بطول ألف متر، لضمان عدم اختراق الأنفاق لأراضي شمال سيناء، خصوصا أنها تستخدم في تهريب الأفراد والأسلحة.

ونجحت القوات في الفترة الأخيرة في ضبط العديد من الأنفاق التي تجاوز طول بعضها ألفي متر، ومجهزة بمولدات كهربائية وفتحات تهوية وغرف قيادة وسيطرة مجهزة بمعدات متطورة.

كما أن تراجع تعاون المواطنين من أهالي سيناء يعد تحديا آخر يواجه القوات الأمنية بسيناء، خصوصا بعد استهداف المسلحين لمواطنين بحجة تعاونهم مع أجهزة الأمن، وفي الوقت ذاته تتحدث تقارير عن أن المسلحين بدأوا مؤخرا في استخدام المطلوبين جنائيا في عمليات المراقبة والرصد للأماكن المستهدفة، عوضا عن الخسائر المتوالية في الأفراد التي تكبدتها هذه الجماعات خلال عمليات الملاحقة التي تقوم بها قوات الجيش.

وبحسب متابعين فإن انتهاك المسلحين لأساليب حروب العصابات يشكل تحديا آخر أمام أجهزة الأمن، التي يغلب على أدائها نمط الحروب النظامية.