ما يميز الحوار مع الإمام "الصادق المهدي" أنه دائماً يأتي بالجديد، إما في العبارات أو الأمثال أو المعلومات.. ولأكثر من ساعة جلسنا معه في حوار تناول العديد من القضايا التي تعج بها الساحة السياسية الداخلية، خاصة ما طرحه رئيس الجمهورية من حوار مع الأحزاب السياسية، كما تطرقنا إلى: لماذا وافق المؤتمر الوطني على الحوار في هذا الوقت مع كل القوى السياسية ورؤية حزب الأمة لهذا الحوار؟ وما هي وجهة نظره حول حوار المؤتمرين الوطني والشعبي؟ وما مدى تأثيره على حزبه؟ وهل بالإمكان أن يكون هناك تقارب بين الأمة القومي وأحزاب الأمة المنسلخة؟ وهل هناك شروط لهذه العودة؟ ولماذا وافق على تجميد عضوية السيد "نصر الدين الهادي" ثم وافق على إعفائه؟ وموقفه من السيد "مبارك الفاضل" والدكتور "آدم مادبو"؟ وهل هناك محاولة لقتل شخصيته من قبل الإنقاذ؟ وهل هناك أيادٍ تعمل في ذلك؟ وهل الحكومة جادة هذه المرة في حل قضايا الوطن والجلوس مع الأحزاب والقوى السياسية المختلفة؟!
نترك القارئ مع الجزء الأول من حوارنا مع الإمام "الصادق المهدي" بمنزله في الملازمين.

 الساحة السياسة مليئة بكثير من المشاكل.. كيف تقرأ الواقع السياسي فيما طرحه المؤتمر الوطني من حوار مع الأحزاب السياسية.. وما هو موقفكم منه من خلال جلوسكم معه؟
- اعتقد الآن كل الناس تريد إفادة فيما يحدث، فنحن منذ أكثر من عام نعتقد أن هذا النظام فشل وكل المعطيات تدل على ذلك، فالحالة الأمنية سيئة.. دارفور استمرت لاثني عشر عاماً وما زال الموقف فيها كما هو.. اتفاقية السلام فاشلة.. الموقف الاقتصادي سيء.. العلاقات الخارجية متدهورة، وقلنا لا يوجد حل لهذه المشاكل إلا بنظام جديد.. وقلنا أية محالة للإطاحة به بالقوة ستأتي بنتائج عكسية، فمن يغير النظام بالقوة سيقيم نظاماً يحميه بالقوة.. لذلك هذا أسلوب (غلط).
 إذن.. ما هو (الأسلوب الصاح)؟
- (الأسلوب الصاح) في رأينا القيام بأنشطة نسميها أنشطة القوى الناعمة والجهاد المدني للضغط بكل الوسائل السلمية، عسى أن يستجيب النظام، فإن استجاب، هناك سيناريوهات كثيرة فيها التجربة الإنسانية، وهي تجارب مفيدة كما حدث في جنوب أفريقيا وكما حدث في شيلي وفي أسبانيا، فهذا أسلوب ممكن.. أما الأسلوب الآخر، إذا النظام رفض، فهو الاستمرار في الاعتصامات والمواكب والمذكرات، وهذا سيقود في النهاية إلى اتفاقية. ونعتقد أن هذا هو الأسلوب الأسلم، وفي هذه الأثناء أدرك النظام حقيقة الصعوبة التي ظل يواجهها خصوصاً بعد (أحداث سبتمبر)، وفي رأيي أن النظام في تلك الأحداث اهتز اهتزازاً كبيراً مع أننا لم ندخل فيها رسمياً، إنما شبابنا استطاعوا أن يقوموا بعمل هزّ هذا النظام، وفي رأيي هذا كان مؤشراً جديداً.. فالنظام بدأ يشعر أن الأرض من تحت حزبه تتحرك، وهناك حوالي ثماني حركات كلها تنادي بنوع من التغيير وترفض الاستمرار في السياسات الحالية.
ثالثاً، كان واضحاً لنا أن الإجراءات التي جاءت بـ(حوادث سبتمبر) لم تكن حالمة والنظام سيضطر لإجراءات مماثلة، وهذا يعني الدخول في مواجهات، لأن الحالة الاقتصادية سيئة للغاية.. وكذلك من المستجدات، كل العناصر التي ترفع السلاح ضد النظام اتحدت في الجبهة الثورية السودانية، وهذه مشكلة من ناحية تدهور الأوضاع الأمنية، وكذلك لم يستطع النظام أن يخرج من الحصار الخارجي، وما زال موضوع المحكمة قائماً، وما زالت العقوبات المفروضة قائمة، إضافة إلى عدم الاستجابة لإعفاء الديون، والسودان بسبب عدم إعفاء الديون مشلول شللاً حقيقياً، فلم يستطع التحرك في الأوساط المالية الدولية، ويبدو لنا أن هذه العوامل معاً أدت إلى إفاقة النظام من حالة النوم في العسل الذي كانوا دائماً يمنون به أنفسهم، وهناك تطورات جديدة في دول الجوار غير إيجابية بالنسبة للنظام.
 مثلاً؟
- التغيير الذي حدث في مصر فيه استهداف لكل الجهات ذات المرجعية الإخوانية، وهذا يعني أنهم بصورة أو أخرى لن يكونوا راضين عن النظام الموجود في السودان، وهم في هذا لا يقفون وحدهم، هناك السعودية، الكويت وجهات مختلفة لديها نفس التوجه.. وما يحدث في الجنوب سيصدر لنا اضطراباً من ناحية اللاجئين.. وما يحدث في الجنوب أياً كانت اتجاهاته لن تكون فيه إيجابيات بالنسبة لنا.. وكل هذه العوامل مجتمعة، إذا كان هناك نظام حريص على مصلحة الأمن سيدرك أن هناك حاجة إلى وضع جديد.
وماذا عن الحوار؟
- لقد وضعنا صيغة واضحة لنظام جديد عبر التفاوض، فجاء تصريح الأخ الرئيس في 27 يناير، ونحن حضرنا.. (فأي إنسان يقول ليك عاوز اتفاوض معاك بدون سقوف وبدون عزل لجهة، إذا رفضت، هذا يعني واحد من اثنين إما أن تكون لك جيوش جاهزة تحاول التحرك بها أو أنك لا تقدر المصلحة العامة).. فإذا كانت هناك جهة تقول لك وهي عندها السلطة وتريد أن تتحاور معك بدون سقوف وبدون استثناء لأحد (فطوالي نحن نقول نعم).. نحن نريد الحوار وندخل فيه، لأن ذلك لا يغير في موقفنا، ولدينا الخطة (ب).. إذا لم تنجح الخطة (أ) فالخطة (ب) قائمة، لذلك عندما قيل هذا الكلام قلنا صحيح العرض كان عاماً، وعندما دعينا للمقابلة في بيت الضيافة ذهبنا مع بعض قيادات حزبنا وجاء الطرف الآخر بقيادات حزبه ووجدنا منهم أذناً صاغية.
 ماذا قلتم في هذا اللقاء؟
- قدمنا شيئاً مكتوباً سميناه (بوصلة المستقبل) تقول الآتي: يجب ضبط الحوار بأن يكون عبر آلية متفق عليها، ويجب تحديد الزمن.. وقلنا فيما يتعلق بهذه البوصلة أن يُتفق على مؤتمر تحضيري، فاقترحنا أن يضم هذا المؤتمر التحضيري عشرة أحزاب.
ما هي تلك الأحزاب؟
- الأحزاب التي كانت ممثلة في الجمعية التأسيسية بالإضافة إلى الأحزاب التي استجدت، بجانب القوى الجديدة التي وقعت على سلام دارفور وسلام الشرق، وقلنا هؤلاء العشرة يكونون ممثلين في المؤتمر التحضيري، وهذا المؤتمر يرأسه شخص محايد ليس منضماً للمؤتمر الوطني ولا حزب الأمة ولا غيره، ويكون المقرر أو المقررة بنفس الطريقة.. وقلنا يجب أن ينعقد هذا المؤتمر في أقرب فرصة ممكنة لا تتجاوز الأسبوعين.
 ما هي المهام التي يقوم بها هذا المؤتمر؟
- المؤتمر التحضيري من مهامه الدعوة إلى مؤتمر جامع يتفق على اسمه.. يسمى (مؤتمر قومي دستوري) كما اقترحنا أو يسمى (مائدة مستديرة) أو (ملتقى جامع)، المهم أن يتم الاتفاق على الاسم.. ثانياً أن يتفق على أن المؤتمر الجامع يبحث كل قضايا السلام ، الاقتصاد، الحكم ، الدستور والانتخابات.. كل القضايا الموجودة بالساحة، كما يتفق على زمان ومكان المؤتمر أيضاً، ويتفق على تقديم الدعوة للكل بدوتن استثناء، بمعنى أن تشارك فيه كل القوى السياسية والإدارة الأهلية والطرق الصوفية، بمعنى أن يكون بمثابة برلمان شعبي.
ما هي القضايا التي ستتم مناقشتها في هذا المؤتمر؟
- يناقش المؤتمر قضايا مستقبل السودان.
 هل هناك فترة زمنية لانعقاده؟
- طالبنا بالا تزيد مدة انعقاده عن شهرين، وتحدثنا أيضاً عن أن هيكل السلام بشكله الحالي خاطئ لأنه ثنائي، لذلك قلنا نحن نقترح الهيكل الذي يبحث في قضية السلام ما دام اتضح أن كل الاتفاقات الثنائية فاشلة، ودعونا لتكوين مجلس قومي للسلام، وهذا المجلس يكون مسؤولاً عن التعبير للشعب السوداني والحكومة في التفاوض، كما قلنا إن هذا المجلس يدخل مع الطرف الآخر بدون تحفظ في الاعتراف بالجبهة الثورية طالما هي تعترف بالآتي: عدم السعي للإطاحة بالنظام بالقوة، إذ إنه ليس من المنطق أن تقول للنظام أريد أن أطيح بك بالقوة وتعال نتفاوض.. هذا يكون غير منطقي.
ثانياً، عدم المطالبة بتقرير المصير، وهذا هو الذي يؤدي إلى تمزيق الوطن.. ما عدا هذين الأمرين، كل القضايا لا مركزية السلطة، الثروة، الداخلية، الثقافة وغير ذلك من الأمور يجب أن تُبحث ويوضع ما يتفق عليه في الدستور، لأن الاتفاقات السابقة سواء اتفاق (أبوجا) أو (الدوحة) كانت اتفاقات معلقة في الهواء لم تدخل في الدستور، لذلك (الناس العندهم صلاحيات بموجبها) لا يستطيعون ممارسة الصلاحيات طالما لم تكن لها صلاحيات في الدستور.. وقلنا إن هذا المجلس ينبغي الاتفاق عليه بسرعة حتى قبل المؤتمر القومي الدستوري، لأن موضوع السلام (الناس بتموت) وطالما (الناس بتموت) بهذه السرعة، لابد أن تكون لنا آلية لبحث السلام تخرج من الإطار الثنائي إلى هذا الإطار الشامل.. وقلنا هناك اتهام بأن النظام ليس على قدر من الجدية، فمخاطبة هذا الاتهام تكون من خلال بناء الثقة، وبناء الثقة يكون بالسماح للأحزاب بممارسة نشاطها حسب الدستور، وكذلك الصحافة بأن تبعد عنها الرقابة القبلية والبعدية، وعودة كل الأقلام التي منعت من ممارسة عملها يسمح لها باستئناف كتابتها، وإطلاق سراح المسجونين، وإرجاع الصحف الموقوفة عن العمل، وأن ترد للأحزاب أموالها، فنحن لدينا أموال لم ترد.
 كم مبالغكم التي لم ترد؟
- حسب ما أعده ابننا "صديق" مسؤول الملف الاقتصادي بالحزب، أموالنا (49) مليار جنيه.
ألم تمنحوا منها شيئاً؟
- منحنا، ولكن ما أخذناه لا يتجاوز الخُمس ولم نمنح بالصورة التي تمكننا من الاستفادة منه.. منحنا بـ(المجادعة).. نحن نريد أن نمنح مبلغاً نستطيع إدخاله في عمل استثماري

كم هي حقوقكم على الدولة؟
- حقوقنا تقدر بـ(49) مليار جنيه.. منحنا جزءاً منها بـ(المجادعة)، وهو لا يتعدى الخُمس.. كنا نريد أن نمنح المبلغ كاملاً حتى نستطيع الاستفادة منه في عمل استثماري، وهذا واحد من المطالب.. أما المطالب المهمة، فالمؤتمر التحضيري يسمح له بتكوين لجنة تحضيرية للتحقيق في (أحداث سبتمبر) إضافة إلى الأحداث التي وقعت مؤخراً بالجامعة وهناك (غلاط) حولها، لذلك من الضروري أن يكون للجامعات من الآن فصاعداً قانون حتى تكون مستقلة، لأن الاستقطاب أصبح حاداً وسط طلبة الجامعات، ويجب أن يتبع الحرس الجامعي لها، وكذلك صناديق دعم الطلبة حتى لا تكون تلك الصناديق بغرض الولاء السياسي.. وطالبنا الأحزاب أن تتخلى عن أي معنى للإطاحة بالنظام بالقوة لأنه ليس من المنطق أن تطالب بإطاحتي بالقوة ومن ثم تطالب بالحوار معي، لذا لابد أن تكون هناك جدية في قبول الحوار، ويجب كذلك ضبط التصريحات من الطرفين حتى لا تأتي التصريحات بردود فعل سالبة.. الرئيس "البشير" قال في بورتسودان (مافي كذا وكذا) لكن قال في حديثه (لو مافي برنامج) وهذه (جات في الآخر)، والصحيح الذي كان بالإمكان أن يقوله "البشير" (نسعى للبرنامج)، وإلى أن يحدث هذا (ما حيكون في تغيير).. ولكن كلام البرنامج الذي جاء في الآخر أعطى انطباعاً أنه قال كلاماً ثم تراجع عنه.
 هل تعتقد أن النظام جاد في مسعاه مع الأحزاب؟
- أنا في رأيي أن النظام جاد لظروفه، والإنسان دائماً ينظر إلى ظروفه الموضوعية وإلى أي مدى ظروفه الموضوعية ضاغطة.. وفي رأينا هي ضاغطة.. فنحن كقوى سياسية لم نخسر شيئاً فليست لدينا جيوش لنغير بها، وليست لدينا قوى لنغير بها.. نحن نريد أن نتفق على شيء لمصلحة السودان بإنشاء نظام جديد بالطريقة التي حدثت في جنوب أفريقيا أو الاستمرار في التعبئة لقيام انتفاضة.. لذلك إذا دخلنا في الحوار ولم يأت بنتيجة سيكون نفس الحوار تسخيناً للعمل المتعلق بالانتفاضة، لأننا سنستخدم نفس الشعارات إذا لجأنا إلى وسيلة الضغط الشعبي.
إذن الحكومة جادة في الحوار؟
- نعم.. هناك عوامل تؤكد جدية الحكومة في الحوار، وحتى إذا لم تكن هناك جدية، قلت لكثير من الناس والله لو نحن سياسيين بمعنى أننا نعمل بالمصلحة الحزبية نقول ليه أمشي فيما أنت ماشي فيهو وقد عبرت عن ذلك بالقول (سيبني فوق عز الجمر)، بمعنى أنه غير مرتاح، (ولكن نحن ما سياسيين.. نحن وطنيين)، ولأننا وطنيون نريد مخرجاً للبلاد (ولما تلوح لينا فرصة لمخرج للبلاد) نكون مقصرين في الواجب الوطني إذا لم نسر فيها إلى الآخر حتى يثبت أنه غير جاد، ولكن إذا كان جاداً نمشي خطوة بخطوة حتى نصل.
الحوار الذي جمع المؤتمر الوطني والشعبي ومحاولة التقارب بينهما يقال إنه لم يرضيك؟
- أبداً.. أنا قلت (بثمارها تعرفونها).. هناك عوامل كثيرة يمكن أن تجعل المؤتمر الشعبي يفكر في الاستجابة للحوار بصورة لم ترض حلفاءنا الآخرين في الإجماع، وهي أن التطورات التي حدثت في مصر جعلت كثيراً من الإخوان المصريين يقولون لكل الذين لهم مرجعية إخوانية اتفقوا لتحمونا.
ثانياً، الحوار مع النظام أقرب إلى تحقيق أهداف وطنية أكثر من تصريحات جماعة الإجماع الوطني، الذين يتحدثون بالنوايا وليس بالقدرات، لذلك أنا قلت: هذان الطرفان فيما مضى كان اتحادهما وبالاً على السودان، فعندما كانا متحدين خلال العشرة سنوات الأولى أذاقانا ألواناً من العذاب، لذا إذا كانت عندهما أشواق للعودة لذاك المربع فلابد أن نعارضهما ونعارض هذا اللقاء، أما إذا اتحدا من أجل الاستجابة للأجندة الوطنية فهذا تطور إيجابي للغاية نرحب به وندعمه، ونعتقد أنه سيكون جزءاً من النظام الجديد وبناء الإجماع الوطني.
 وإذا ما اتفقا عليكم؟
- إذا اتفقا علينا سيضران الطرفين.
 في أي شيء سيكون الضرر؟
- سيكون الضرر في السياسات الداخلية والخارجية، وإذا اتفقا معنا بالإمكان أن يجدا لنفسيهما مخرجاً في الحلول الداخلية وفي العلامات الخارجية.
 يقال إن الخلاف بين المؤتمرين عبارة عن تمثيلية.. ما مدى صحة ذلك؟
- الخلاف بين المؤتمرين الوطني والشعبي (ما ليه أي دخل بقضية مبدئية).. الصراع صراع على السلطة، وإذا ما زال كذلك فلن يتفقا، لكن العلة أن الصراع على السلطة فإذا اتفقا معنا لحسم قضية السلطة عبر الانتقال من الصيغة الحزبية إلى صيغة قومية فسنحل المشكلة، ولكن لا نريد أن يكون الصراع على السلطة، ونقول لهما لا يهمنا من يحكم السودان ولكن كيف يُحكم السودان، فإذا تم الاتفاق على ذلك فهذا سيزيل الخلاف على السلطة، فخلاف المؤتمرين والانقسام الذي حدث داخلهما هو صراعات على السلطة.. وفي رأيي إذا قبلا بالصيغة القومية، فالصيغة القومية هي التي ستحل مشكلة الصراع على السلطة.
 الانقسامات التي طالت معظم الأحزاب السياسية السودانية بما فيها حزب الأمة.. هل بالإمكان أن تعود أحزاب الأمة التي خرجت عنكم.. وهل بالإمكان أن تحدث وحدة بينكم من جديد؟
- إذا نظرنا إلى كل الأحزاب التي تسمي نفسا أحزاب أمة فهم الذين خرجوا من حزب الأمة (تكسيراً) لقرار الحزب، فالإجماع قرر الاشتراك مع النظام، والنظام طرح علينا المشاركة منذ زمن، ولكن وجهة نظرنا في ذلك الاشتراك أن يكون وفق برنامج قومي، فالذين انشقوا عن الحزب عام 2002م انشقوا بعد أن حضروا معنا اجتماعاً لكل أجهزة الحزب، فقررنا في 18 فبراير 2001م أن نستمر في الحوار وألا نشارك إلا ضمن صيغة معينة، ولكن للأسف الذين انشقوا طعنونا من الخلف.
هل تعتقد أن النظام كان السبب في ذلك؟
- نعم، فقد شجعهم المؤتمر الوطني على هذا ومولهم، لذلك انفصل هؤلاء عن الحزب القومي وسموا أنفسهم بـ(الإصلاح والتجديد)، ولكن الغريب أن يريد الناس إصلاحاً وتجديداً وينضموا إلى جهة متهمة بالفساد والاستبداد.. لذلك كل الذين انقسموا بعد ذلك وسموا أنفسهم أحزاب أمة انقسموا من (الإصلاح والتجديد)، ففي الشهور الأولى من الانقسام الأول (قرم) المؤتمر الوطني منهم مجموعة وأدخلوهم الحكومة، فـ"مبارك الفاضل" كانت له أجندة والحكومة رأت أن هذه الأجندة معادية لأفكارهم ومتعاونة مع أهدافهم.
 هل حاول المؤتمر الوطني استغلال "مبارك"؟
- هم أصلاً استغلوه في انقسام حزب الأمة، ولكن رأوا أنه واجهة لا تصلح، خاصة وأنهم لا يثقون به.
 ما سبب انعدام الثقة؟
- انعدام الثقة نابع من أنه كانت له اتصالات مع "جون قرنق".. وعلى كل هم اتهموه عندما كان يريد الذهاب إلى أمريكا بسبب أجندة خاصة به، ولكن منعوه وأعفوه من منصب مساعد رئيس الجمهورية، وعندما أعفي طلب من الذين معه أن يستقيلوا حتى يحدث تفاوض من جديد مع النظام، ولكن المؤتمر الوطني أمن على وجودهم في الحكومة بدون "مبارك"، بمعنى أنه خيرهم إما الاستمرار في الحكومة بدون "مبارك" وإذا أرادوا أن يذهبوا مع "مبارك" (يفتح الله)، لذلك حدثت انقسامات وسط تلك المجموعات فمنهم من سمى (حزب الأمة القيادة الجماعية) و(الأمة الفيدرالي) و(الوطني) وغير ذلك من الأسماء، وبقيت مجموعة مع "مبارك" في (الإصلاح والتجديد)، فعين "مبارك" "الزهاوي إبراهيم مالك" رئيس لجنة لمفاوضة الحكومة، ولكن الحكومة خيرته إما الاستمرار في المنصب الحكومي بدون "مبارك" وإما أن يذهب معه فاختار أن (يفك مبارك).. "مبارك" كان يراهن على أجندة، والمجموعة التي اختارت أن تكون معه جاءت وطالبت بالانضمام للحزب مرة أخرى فرحبنا بهم، ولكن قلنا لهم لابد من التعامل مع ذلك بمؤسسية، فتكونت لجنة برئاسة مشتركة من "صديق محمد إسماعيل" الأمين العام للحزب و"يونس مختار"، على أن يجتمع الطرفان ويقررا بعد ذلك، وطالبوا أن يمنحوا منصب نائب رئيس ومساعدين ومستشارين وأعضاء في الأمانة العامة، وبعد انتهاء اللجنة من أعمالها جاء "صديق محمد إسماعيل" وعرض المطالب على المكتب السياسي، والمكتب السياسي قال (ما في مانع)، وعدم ممانعة المكتب السياسي تعني الدخول في التنفيذ، إلا أن "مبارك" وقتها لم يكن موجوداً، وعندما جاء قال (لن أقبل بتلك الصيغة وأطلب أن يتم الموضوع عن طريق مؤتمر استثنائي)، بمعنى أن يقيم حزب الأمة القومي مؤتمراً استثنائياً لاستيعاب "مبارك" ومجموعته ضمن رؤية جديدة.
وماذا كان ردكم على ذلك؟
- وقتها لم يكن هناك ما يستدعي قيام مؤتمر استثنائي، ولكن "مبارك" طلب من الهيئة المركزية أن تقوم هي بدور المؤتمر الاستثنائي، ولكن المكتب السياسي رفض الرأيين لا مؤتمر استثنائي ولا إجراءات غير عادية للهيئة المركزية، لذلك رفض "مبارك" العودة إلى الحزب مرة أخرى، لذا ومنذ ذاك الوقت ظل في حالة هجوم على حزب الأمة.
 ولكن "مبارك" قال إن السيد "الصادق" لم يجد الاحترام الذي كان يجده من الأمريكان واستقبالهم لك كان من أدنى الدرجات؟
- عندما ذهبت إلى أمريكا جمع لي كل المسؤولين عن الملف السوداني في البيت الأبيض، وفي البنتاغون، و(CIA)، وفي وزارة الخارجية.
وما الغرض من ذلك؟
- الغرض الاستماع إلى رأينا فيما يتعلق بالشأن السوداني، وأذكر أن المسؤول عن ملف دارفور "دان سميث" قال في حديثه بعد أن قدمت رؤيتي: (يا فلان نحن مؤيدين رؤيتك التي قدمتها وبأكثر مما تتصور).. وربما هناك مجموعات من أصحاب "مبارك" حاولوا أن يشوهوا صورتي، ولكن أقول أيضاً لقد اجتمعت مع معهد السلام الأمريكي وجرى نقاش طويل عن السودان، فأكدوا أن ما قدمته كان أعقل كلام يستمعون إليه من سوداني.
 ما هي الرؤية التي قدمتها وأعجبت الأمريكان؟
- قلت في حديثي إن السودان محتاج لحل أزمة السلطة بصورة قومية، ويسعى لحل مشاكل السلام بطريقة قومية، لذلك استحسن الأمريكان الرؤية التي قدمتها، كما اجتمعت بنائب الأمين العام للأمم المتحدة وهو المسؤول عن ملف السلام بالسودان وقلت له إن الأمم المتحدة تسعى لتقديم قيادات سودانية للمحكمة الجنائية الدولية، وهذا يتناقض مع الاستقرار في السودان، ونحن نهتم بعملية العدالة فلابد أن يكون هناك اهتمام بعملية الاستقرار.
 ماذا كان ردهم؟
- قالوا (نحن موافقين على أفكارك وأفكارهم فإذا جئتم باتفاق سوداني نحن مستعدين نصل إلى نوع من المعادلة التوفيقية ما بين المساءلة والاستقرار في السودان)، وعندما حضرت أعلنت هذا الكلام بصورة واضحة، ولكن (من يكن ذا فم مر مريض يذق مراً به الماء الزلال).
 إذا عدنا إلى موضوع وحدة أحزاب الأمة وخروج "مبارك"...
- قال مقاطعاً: (أنا جايي).. لقد رجع بعض الناس ولم يرجع "مبارك"، ومنذ ذاك الوقت دخل "مبارك" في عمل ونشاط يستحيل الكلام معه.
 والسبب؟
- السبب أن كل حديثه كان تحريضاً وإثارة وأكاذيب عن حزب الأمة، وما كان يقوله "مبارك" حتى لو كان عضواً في حزب الأمة كان سيُسأل ناهيك عن أنه خارجه ويسعى لضمه.
 وما هو موقفكم بعد ذلك؟
- موقفنا أن كل المشاركين في الحكومة لن نضمهم إلا إذا تخلوا عن ارتباطهم بالحكومة.
 وماذا عن الدكتور "آدم مادبو"؟
- لقد انعقد المؤتمر السابع واتخذ قرارات كاملة ومشهودة، وأجرى انتخابات للمكتب السياسي وللهيئة المركزية واتخذ قراراً بالنسبة لرئاسة الحزب وكل شيء متعلق بالحزب، وهذا مصور بالفيديو وحضره مسجل الأحزاب، وشهد بصحة الإجراءات وهنأ الساقطون الفائزين، وإلى هذا الحد انتهى المؤتمر بصورة كاملة وموثقة، ولكن دكتور "آدم مادبو" كان غائباً، وعندما حضر طعن في الإجراءات واستجاب له بعض الذين باركوا فكون شيئاً سماه (التيار)، ومنذ ذاك التكوين بدأت (شغلته) مراشقة وهجوم.
 ماذا كان ردكم عليهم؟
- نحن في حزب الأمة قلنا إذا كانت تلك المجموعة لها الرغبة في العودة فنحن ليس لدينا مانع في أن يرجعوا، ولكن ظلوا لفترة طويلة في حالة هجوم علينا، لكن بعضهم رجع للحزب، ومجموعة انضمت إلى المؤتمر الوطني.
 مَن الذي رجع؟
- "عبد الخالق الأمين".
 والذين انضموا إلى المؤتمر الوطني؟
- "التجاني داوود".. ولكن هناك البعض انتظر لفترة وعادوا إلى حزب الأمة منهم "عبد الله الدومة" و"إسماعيل آدم علي"، وتبقت مجموعة أخرى تفكر في تكوين حزب.
 وموقف دكتور "آدم مادبو"؟
- الدكتور "مادبو" (شغال صواريخ أرض أرض) ضد حزب الأمة وظل على هذا الوضع.
 وماذا تقول لائحة الحزب؟
- لائحة المكتب السياسي تقول كل من تغيب عنه بدون عذر يعفى، ورئيسة المكتب السياسي طبقت هذا الإجراء، وتم إعفاؤهم لهذا السبب، ولكن تلك المجموعة من وقت إلى آخر تطالب بالرجوع، وأنا قلت لهم: (ما عندنا مانع)، لذلك لا أحد منهم يستطيع أن يقول ظلمنا، فالظلم معناه الطرد من الاجتماع أو منعوا أن يقولوا رأيهم أو أُسيء إليهم في المعاملة.. لا أحد منهم يستطيع أن يقول ذلك.. وأنا مستعد إذا جاء أي شخص منهم وقال ظلمنا سنرد الظلم.
 يقال إنك دكتاتور؟
- هل الدكتاتور المظلوم أم الظالم.. هؤلاء ظلمونا ولم نظلمهم ونحن في كل المجالات كنا مظلومين وأصابنا ظلم أولئك "مبارك الفاضل" و"مادبو" وغيرهما.
} السيد "نصر الدين الهادي" أصدر بياناً وتحدث عن الهيمنة على الحزب؟
- السيد "نصر الدين الهادي" جاءني وقال لي: (نريد أن نحدد الشخص الذي سيتحدث مع الجنوبيين والجبهة الثورية)، فقلت له: (أنت أصلح من يفعل ذلك)، فكتبت له خطاباً بهذا المعنى ليكون الشخص المسؤول من الحزب للتفاوض مع أولئك لمصلحة الحزب والوطن، ولكن السيد "نصر الدين" بدل أن يكون المتحدث باسم الحزب معهم انضم إليهم، وأصبح نائب رئيس الجبهة وفي نفس الوقت يتمتع بصلاحيات نائب رئيس حزب الأمة.. وفي أغسطس 2012م قرر مجلس تنسيق الحزب فصله، ولكن طالبتهم بتجميد القرار إلى أن التقيه حتى نتعامل معه باحترام، وفي تلك الفترة كنت مدعواً لإقامة محاضرة في (أكسفورد)، وهناك التقيت بالسيد "نصر الدين"، وقلت له: (لقد قرر مجلس تنسيق الحزب فصلك ولكنني طالبت بتجميد القرار حتى التقيك).. وقلت له: (لا يمكن أن تجمع بين منصبين في آن واحد، نائب رئيس حزب الأمة ونائب رئيس للجبهة الثورية، فاختر أيهما)، فقال لي: (دعني أفكر في الموضوع وسأفيدك).
 وبعد أن فكر ماذا قرر؟
- بعد أن فكر عاد إليّ وقال لي: (أنا أفضل أن أكون نائباً لرئيس الجبهة الثورية).
} وماذا كان ردك؟
- قلت له: (أرفتك أم تستقيل؟).. قال لي: (أفكر)، ويبدو أنه أستشار البعض ونصحوه بأن يُفصل حتى يسجل موقفاً بطولياً، فعاد إليّ وقال لي: (أعفني) فحررت خطاب إعفاء له وسلمته "محمد زكي".. فتخيل كيف كانت معاملتي مع هؤلاء!! أنا تعاملت معهم وكأني «باشدادة» وأتحدى أي واحد منهم يقول إنني ظلمته، وأقول كلهم ظلمونا وظلموا الحزب، وفي أي يوم يبدأ تحقيق سيخرج كل هذا الكلام.
 كيف تصدر القرارات من داخل الحزب؟
- أنا لا أنفرد برأيي ولا أصدر قراراً وحدي، كل القرارات تصدر بصورة مؤسسية، وأنا كرئيس للحزب أمارس صلاحياتي عبر مؤسسة اسمها مؤسسة الرئاسة، وليست فردية، وحتى خطب العيد لا أكتبها وحدي، أكون لها لجنة.. وأنا أعمل بصورة (ما خاب من استشار)، لذلك كل الناس تصفني بأنني إنساني و(ولد ناس) أكثر من اللزوم، وديمقراطي أكثر من اللزوم.
 هناك تجنٍ عليك من الكثيرين.. وقلت في الديمقراطية الثالثة إن "حسين خوجلي" و(ألوان) هزماك؟
- (ناس حسين خوجلي) وآخرين هم الذين تآمروا على الديمقراطية، وكان إعلامهم من أكبر معاول الهدم للديمقراطية.. سقطت الديمقراطية وهؤلاء كان لهم دور أساسي فيه.. وإذا كان هناك نوع من التحقيق كان ينبغي أن يُسأل هؤلاء عن التخريب الذي حدث في الديمقراطية الثالثة، فقد استغلوا الحرية في ظل الديمقراطية، واستغلوا الديمقراطية في الإساءة لها، وهؤلاء هم الذين ظلوا لمدة عشر سنوات قبل المفاصلة يسيئون إلينا ويحاولون اغتيال شخصيتنا فـ"حسين خوجلي" جاءته صحوة ضمير، وقال في (الشَرفة) كلاماً إيجابياً عنا، وأقمنا ندوة وتحدث فيها حديثاً إيجابياً عنا، ولا ندري ما الذي جعله يرتد مرة أخرى للإساءة إلينا.
 في رأيك ما هو السبب؟
- أعتقد أن هناك بعض العناصر شعرت بأن نجمنا قد لمع في الأوساط العامة والخاصة، وفي أوساط المؤتمر الوطني نفسه، وخارجياً كذلك، وربما أحسوا أن مشروعهم قد انهدم، فانقلابهم عندما قام كأنما كان موجهاً ضد "الصادق المهدي".. ولكن كل الظروف أصبحت معي وليست ضدي كما كانوا يريدون، والنظام عرض علينا بعد ذلك المشاركة في السلطة ولكننا رفضنا.
 من الذي عرض عليكم؟
- عرض علينا الدكتور "الترابي" عام 1993 الاشتراك في كل شيء إلا أنني رفضت وقلت له: (لن نشارك ما لم يتم تأمين الحريات)، وهذا الحديث يمكن أن يُسأل منه الدكتور "الترابي" والدكتور "خالد فرح" الذي تم اللقاء في منزله.
ثانياً، عرض علينا الرئيس "البشير" عام 1996م المشاركة في السلطة ولو مناصفة ورفضت أيضاً، مطالباً بدستور يؤمن مصالح الناس وإلا لن نشارك.. فالأموال والممتلكات التي تمت مصادرتها من الحزب حتى الآن لم ترد.. نحن لم نغير موقفنا أصلاً، ونحن أكثر جهة عملت على تفكيك النظام وانتقدنا كل تجاربهم الإسلامية والاقتصادية.. كل تجاربهم انتقدناها.
 ولكن يقال إن الحكومة أعطتكم أموالاً؟
- نعم أعطتنا، ولكن جزءاً بسيطاً جداً من حقوقنا.. عليهم أن يصدروا بياناً يوضح ما مُنحناه وما تبقى لنا معهم.. ونحن متأكدون أن "حسين خوجلي" أعطته جهات معلومات تحاول من خلالها اغتيال شخصيتي.. لقد حكمت السودان أربع مرات ولم أتسلم مرتب شهر واحد، فأنا ساكن في بيتي وأتحرك بعربتي فكيف أكون عرضة لتسلّم أموال للمشاركة في السلطة؟!
 هل أعطيتم أموالاً منّة؟
- كيف نُعطى أموالاً منّة ونحن نعارضهم؟! هذا كلام فارغ وحتى لو سلمنا جدلاً أننا تسلمنا أموالاً فما هو المقابل لها؟! من ناحية تغيير موقفنا، نحن لم نغير رأينا، وأهل الإنقاذ يعلمون جيداً أننا انتقدنا (أبوجا) و(الدوحة) و(اتفاقية السلام)، ولا أحد استطاع أن ينتقد كل تلك الاتفاقيات، ونحن أكثر جهة انتقدت النظام بوعي وبجدية.
 هذا يعني أنكم لن تشاركوا في أية حكومة؟
- نحن لن نشارك إلا ضمن المشروع الذي نتحدث عنه.
 يقال أيضاً إنكم تسلمتم تعويضات عن أراضي (أم دوم)؟
- هذا سخف، فـ(أم دوم) أخذتها الحكومة ضمن سداد ديون (دائرة المهدي)، والأراضي التابعة لـ(دائرة المهدي) تقدر مساحتها بثلاثة آلاف فدان، والفدان كان قد قُدّر بعشرة آلاف جنيه، ولكن الحكومة قدرته بألف جنيه وهذا لم يرض الأسرة، فحولنا الأمر إلى وزير المالية ووقتها كان دكتور "بشير عمر" فكوّن لجنة من مختصين، واتضح للجنة أن المبلغ الذي قيمت به أراضي (أم دوم) كان أقل، لذلك أجروا مراجعة، وحددت سبعة آلاف جنيه للفدان بدلاً عن عشرة آلاف، وبعد أن حدد المبلغ النهائي قال وزير المالية "بشير عمر": (الحكومة ليس لها مال للتعويض الآن).
} هل تذكر كم كان المبلغ الذي تم التوصل إليه؟
- كان حوالي (35) ألف جنيه، والوزير قال: (ليس لدينا المبلغ كاملاً وسندفع أجزاء منه)، وتم الاتفاق على ذلك.. كل هذا تم في الديمقراطية الثالثة، والجبهة القومية الإسلامية كانت تعلم بكل ذلك، وحتى شقيقتي "وصال" كانت تعلم بذلك لأن لها نصيب من تلك الأراضي، و"وصال" زوجة الدكتور "الترابي" الذي كان بإمكانه أن يعرف الحقيقة، ولكن حاولوا أن يحدثوا بها دعاية خاصة صحيفة (ألوان) و(الراية)، وعندما حدثت الضجة حوّل الدكتور "بشير عمر" الموضوع إلى الجمعية التأسيسية، والجمعية التأسيسية لم تعترض بما فيها الاتحاديون وقالوا هذا حق.
 ماذا كان رأيك وأنت رئيس الوزراء؟
- أنا اعترضت وطالبت بتحويل الموضوع إلى القضاء طالما هناك شبهة، وبالفعل أُحيل الموضوع إلى القضاء ولكنه ظل معلقاً إلى أن جاء الانقلاب، وبعد أن هدأت الأوضاع ذهب (آل المهدي) إلى ديوان المظالم، ونظر الديوان في الموضوع واقترح تعويضاً أُحيل إلى رئيس الجمهورية، ورئيس الجمهورية بعد أن نظر في الموضوع أمر بدفع عشرة مليارات جنيه كتعويض ولكن الأسرة رفضت بحجة أن المبلغ ضعيف، ولا يساوي عشرة بالمائة من قيمة الأراضي، لذلك طالبوا بإعادة الموضوع مرة أخرى إلى القضاء، ولكن حاول "حسين خوجلي" أن يبعثه من جديد للإساءة إلى شخصي، وهو يعلم أن السياسة قد أفقرتنا بينما أغنتهم هم، و"حسين خوجلي" كان يمتلك (دكيكين) وليس (دكاناً) يبيع فيه بالقطاعي، ونحن سنطالب بمعرفة ما الذي جعل "حسين خوجلي" يصبح وزارة إعلام؟ فهو له فضائية وصحافة فمن أين لك كل هذا؟! كل هذا من مكاسب العمل السياسي وليس من العمل الاقتصادي!! وهناك من جاءوا (أباطهم والنجم) الآن أصبحوا أثرياء.. من أين جاءوا بهذا المال؟ لذلك ليس هناك أي سبب لهذا الهجوم ضدي إلا بسبب صعود نجمي، وحاولوا أن يحرضوا واحداً منهم ضدي، فـ"حسين" وجد برنامجه نوع من المصداقية.. ولكن أعتقد أن هذا تكتيك.. أن يأخذ مصداقية بمهاجمة الحكومة في مسائل لا تخص الرئيس وأصحاب (المصارين البيض) ويهاجم الآخرين هجوماً من باب (الشر مقسم على الدغشم) حتى يكتسب به مصداقية، وكما يقول المثل (لم البقر واعقل الثور).. لذلك كل حديثه تجنٍ على شخصنا.
 لماذا تحاول السعودية وبعض الدول إيقاف التحاويل المالية إلى السودان؟
- اعتقد أن هناك موقفاً عاماً حول المرجعيات الإخوانية وأن هذا النظام له عواطف مع الإخوان المسلمين في المنطقة، فإلى أي مدى هذا صحيح أنا لا أعرف، ولكن هذا النظام سيجلب على نفسه مشاكل مع كل الأطراف التي تعمل لاجتثاث الإخوان وحلفائهم، لذلك أي لقاء بين المؤتمرين سيعزز هذه الفكرة (المرجعية الإخوانية).
 كيف تنظر إلى مستقبل الحوار الذي طرحه رئيس الجمهورية مع الأحزاب السياسية؟
- في رأيي كل من يريد إصلاحاً حقيقياً ووطنياً في السودان سيقبل الدخول في الحوار إلا إذا كانت هناك أجندة أخرى.. صحيح سيحتاج إلى ضمانات للجدية، وضمانات للشمولية، وضمانات (مافيش سقوف)، فإذا وافقت الحكومة على هذا، فأعتقد أن كل وطني أو سياسي لابد أن يقبل بهذا الحوار.
 والإطاحة بالقوة؟
- الإطاحة بالقوة إذا فشلت ستقوي النظام، وإذا نجحت ستكون دكتاتورية جديدة.. وأي نظام يقوم بدكتاتورية سيحاول حماية نفسه، وبذلك نكون قد استبدلنا دكتاتورية بدكتاتورية، وهذا ليس من مصلحة السودان.

 

صحيفة المجهر  - حوار - صلاح حبيب