نلتقي وإياكم في هذا الحوار الحصري لبوابة إفريقيا الإخبارية مع السيد رضا صفر الوزير المعتمد لدى وزير الداخلية المكلف بالأمن في مكتبه بمقر وزارة الداخلية للتحاور معه حول مجمل القضايا المطروحة على الساحة اليوم.

أنت الوزير المعتمد لدى وزير الداخلية المكلف بالأمن، ونحن نعرف جيدا أن من أولى أولويات وزارة الداخلية هي المحافظة على أمن الوطن والمواطن وعلى استتباب الأمن بالذات، فإن كنتم أنت الوزير المكلف بالأمن داخل الوزارة، إذن السيد لطفي بن جدو بماذا مكلف؟

للتصحيح قبل كل شيء، عُينت كوزير لدى وزير الداخلية مكلف بالأمن الوطني، في اعتقادي هي إرادة من طرف الحكومة لتعزيز الجانب الأمني باعتباره يتبوأ المرتبة الأولى في الوضع الحالي، سيما وأن استتباب الأمن من شأنه أن يوفر كل الشروط لنجاح المرحلة الانتقالية، إلى جانب النواحي الأخرى الاقتصادية منها والاجتماعية.

بالأمن يمكن أن نحل مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية إلى حد وصولنا إلى مرفأ الأمان، ومنها إنجاز الانتخابات قبل آخر السنة.

 

كثر الحديث في الفترة الأخير حول دخول عبد الحكيم بلحاج إلى تونس، لو تصحح لنا هذا المعطى؟

صحيح صدر هذا الخبر، ووزارة الداخلية أصدرت بلاغا تفند فيه هذا الخبر فهو عار من الصحة.

 

هو خبر عار من الصحة؟

أجل، لأن هذه الشخصية لم يقع منعها من الدخول.

 

بلغنا أنه وفي آخر اجتماع لمجلس الأمن الطارئ تم إقرار القبض على عبد الحكيم بلحاج إذا ما دخل التراب التونسي؟

هذا الخبر أيضا عار من الصحة، لم يقع التعرض بتاتا إلى هذا الموضوع.

 

يعني اليوم عندما يأتي السيد عبد الحكيم بلحاج إلى تونس فإنه يدخل كأي مواطن ليبي مرحبا به؟

هذا افتراض وتونس لها سيادة، وتتصرف حسب الوضع.

 

الوضع في ليبيا اليوم متفجر، ما مدى تأثير ما يحدث في ليبيا على تونس؟ وما هي استعدادات وزارة الداخلية خاصة للتوقي مما قد ينجر عن مثل هذه الأحداث ؟

 

صحيح، الوضع في ليبيا متأزم وهناك صراعات، ونحن نتمنى للأشقاء الليبيين الوصول إلى حل للتوافق ولوقف الاقتتال ولبناء دولتهم.

وليبيا تشكل عاملا هاما جدا بالنسبة لتونس أولا باعتبار الجيرة، وباعتبار العلاقات التاريخية، وكل ما يحدث في ليبيا له تأثير على تونس.

وهذا لا يمنع أن السلطات التونسية تستعد لوضع الخطط اللازمة لدرئ كل المخاطر والاحتياط واجب، تعرفون أن هذا الوضع يمكن أن ينجر عنه تدفق الإخوة الليبيين بأعداد كبيرة إلى تونس.

لذلك وقع اتخاذ الإجراءات اللازمة على كل المستويات، ونحن الآن بصدد وضع خطة لذلك، بالتعاون مع مختلف الأجهزة من رئاسة حكومة ووزارات مثل وزارة الداخلية والخارجية والصحة .. الخ...

 

ما هو تعليقك على موقف رئاسة الجمهورية حول ما يحدث في ليبيا الآن؟

ليس لديّ تعليق، وليس من حقي أن أعلق على هذا الموقف.

 

استعديت مؤخرا إلى المجلس الوطني التأسيسي للمساءلة، ومن الغرائب الكبرى التي شاهدناها، أنهم من مساءلتكم وتقديم لائحة اللوم أو سحب الثقة، إلى التصويت لسحب لائحة اللوم، بماذا تفسر ذلك؟ وما هو شعورك أثناء تلك التجاذبات السياسية لنقل الخصام الدائر أثناء الجلسة؟

نبدأ بالسؤال الأخير، شعوري هو أن من حق المجلس الوطني التأسيسي أن يستدعي أي وزير لمساءلته وهذا في اعتقادي يدخل في إطار صلاحياته، أيضا من واجب كل وزير أو عضو ينتمي إلى الحكومة أن يلبي هذه الدعوة، ويجيب بما لديه.

أنا قلت في المجلس التأسيسي هذه ممارسة للديمقراطية بامتياز، من حقهم أن يساءلوا ومن حقهم أن يتخذوا القرار الذي يرونه صالحا. في اعتقادي هذا شأن يهم المجلس الوطني التأسيسي وهو المخول للإجابة.

بالنسبة لي، القضية كانت واضحة جدا سُألت عن أشياء معينة، وأجبت بما لديّ من معطيات.

 

ماذا كان ردك عند مداخلة أحد النواب عندما قال أنه من المفروض أن يُساءل السيد لطفي بن جدو لا السيد رضا صفر؟

المساءلة يمكن أن تكون للسيد لطفي بن جدو كما لرضا صفر، هي وزارة داخلية.

هي مساءلة لمسؤول اتخذ إجراءا، وهذا الإجراء أنا الذي وقعته، بتنسيق مع السيد وزير الداخلية لكن المسؤولية تقع على من وَقّع على هذه الوثيقة.

 

سيدي الوزير هل أن معني بالاستقالة، فكما بلغ إلى مسامعنا، فإن بعض الوزراء يلوحون بالاستقالة، جراء تصرف السيد رئيس الحكومة تجاههم باعتبار وأن هذا الأخير وفي العديد من المناسبة لم يكلف نفسه عناء قراءة المراسلات التي تصله من بعض الوزراء والتي يطالبون فيها بتحويرات؟

أنا ليس لي علم بهذا الموضوع، لكن شخصيا لما عُرض عليّ تحمل هذه المسؤولية، قبلتها كما قال السيد رئيس الوزراء: "من باب الواجب الوطني"، فيبقى هذا واجب وطني ونحن في خدمة الوطن.

أمام هذا الظرف الحساس والدقيق الذي تمر به البلاد فإني أعتقد أن استقالتي غير واردة لأن هذه مسألة شأن وطني، ومن غير الممكن أن أغادر هذه السفينة التي تواجه مناخا مضطربا حتى لا أقول زوبعة، كما لا يخفى وأننا بصدد الإعداد للانتخابات في آخر السنة، أنت تعلم أن هنالك تهديدات خارجية وأن الإرهاب يترصدنا، ولابد من حماية حدودنا أضف إلى ذلك الوضع الليبي وتداعياته على تونس.

إن شاء الله سوف نتخطى هذه المرحلة بسلام، ونوصل البلاد إلى إنجاح الرهان الانتخابي المقبل بمنئ عن المنحى الشخصي الذاتي الذي يظل ثانويا أمام مشروع الدولة التي نريدها لأبنائنا وشبابنا.

 

ما هي علاقتكم بالنقابات الأمنية؟

النقابات الأمنية جاءت بعد ثورة 14 جانفي، ونتيجة لما تعرض له الجهاز الأمني من اهتزاز، فإن وعي المنتسبين للنقابات حملهم على الرفض وعدم القبول للتوظيف السياسي لهذا الجهاز، مما ولد فيهم شعورا بالوعي والعمل على تحقيق الأهداف الأمنية بما يخدم الدولة والشعب والمواطن على حد سواء في إطار قانوني.

نحن الآن في طور البناء وهذا ما استدعى تأسيس هذه النقابات، بقي في اعتقادي شيء لم يكتمل، فعلى هذه النقابات أن تؤسس أيضا لمنظومة تتماشى مع مفهوم ما يسمى بالدولة، بالاعتماد على المشاركة بين الأفراد المنتمين لهذه المؤسسة وأيضا لمفهوم الأمن القومي.

نحن بحاجة إلى بلورة هذا المعطى وتحديد مهام هذه النقابات بطريقة تصبح تتكامل وتتفاعل مع بناء الصرح الأمني الذي يستوجب أشواطا كبيرة جدا من الإصلاح، الوعي موجود وعملية الإصلاح لا تزال جارية.

 

لا يخفى على أحد أن النقابات منقسمة إلى شقين، شق يعمل مع السيد لطفي بن جدو، وشق يعمل مع السيد رضا صفر، ما مدى تأثير ذلك على علاقتك بالسيد لطفي بن جدو؟

من الخطأ أن نقول هناك نقابات مع هذا أو ذاك، الداخلية لديها رأس واحد، وملزمون بالانسجام، لقد تحدثت من قبل عن اختلاف في الرؤى لا خلاف، فالاختلاف يؤدي للتكامل، وصلنا في الوقت الحاضر مع وزير الداخلية إلى نفس التصورات المشتركة لفائدة وزارة الداخلية، هذا هام جدا، لأن التحديات الخارجية هي الأساسية. الخطر يحدق بنا من الخارج وليس من الداخل، فافتعال مثل هذه القضايا الداخلية من شأنها أن يعطل المسيرة ويبعدنا عن أهدافنا المرسومة، نحن ندرك أن الإرهاب يحدق بنا يوميا، ووجب على هذا الجهاز أن يواصل تعافيه، ويعزز قدرته على مجابهة هذه الأخطار، لذا أنا أقول بالنسبة للنقابات: "لابد من توخي نفس المسلك ونفس المسار، دون اللعب على وتيرة أو أخرى، فهذا يشكل خطرا وخطرا كبيرا جدا".

هذه النقابات تمثل القاعدة الأمنية، لديها تمثيلية ولها الوعي الكافي بخطورة المرحلة التي تقتضي تضافر جهود كل الأطراف.

 

قلت لديك برامج مشتركة ومستقبلية مع السيد لطفي بن جدو، فهل التعيينات المرتقبة والتي أُقِرّت، هي بتشريك جميع الأطراف أم بقرار أحادي فقط؟

بالعكس، أنا ووزير الداخلية متفقين على أساس أن يتم التشاور مع المسؤولين وذلك في إطار الشفافية في ما يتعلق بالتعيينات.

نحن نتشاور معا في هذا الشأن، ولكل منا سعي دؤوب لتحسين هذه العملية، لأن القضية ليست قضية تعيينات أو تحويرات، بقدر ما هي إعادة هيكلة للجهاز بهدف إعطائه أكثر نجاعة في هذه الفترة الحساسة.

وقد تحدثنا كثيرا بخصوص الهيكلة، حيث هناك مهام على المدى القصير، لكن جلها تندرج في تخطيط طويل المدى.

لدينا برامج هامة حتى مع الخارج، ومع الأصدقاء، ومع الأشقاء على أساس تطوير المنظومة وكيفية إصلاحها وإعطائها أكثر نجاعة، وإن شاء الله بتضافر كل الجهود سنحقق النتائج المرجوة على مستوى وزارة الداخلية هناك إرادة في هذا الاتجاه.

فالتعيينات تنبني على معيار الحرفية وتهدف إلى تطوير الجهاز وإن شاء الله ربي يوفقنا في هذا المضمار.

  

كيف هي علاقتكم برئاسة الجمهورية؟

هي علاقة الحكومة برئاسة الجمهورية، كجهاز تنفيذي.

 

أنت طرف في الحكومة؟

 نحن نتبع رئاسة الحكومة، وهذه الأخيرة لديها تنسيق مع رئاسة الجمهورية، في هذا الإطار تندرج العلاقة مع رئاسة الجمهورية.

 

أمام الوضع الحالي الذي نشاهده في ليبيا وتداعياته على تونس، وتدفق العديد من الليبيين إلى التراب التونسي بعد شعورهم بالخطر الداهم عليهم في كل المدن الليبية، ماذا تقول للمواطن التونسي وأيضا للسياسيين لأنهم جزء من تونس؟

أتوجه للمواطن التونسي سواء كان مسؤولا في الدولة، أو سياسي، أو من المجتمع المدني، أو مواطن عادي، أقول: "القضية ليست قضية دولة أو قضية جهاز أو قضية جهات أخرى، هي قضيتك أنت بالدرجة الأولى".

الشرط الوحيد هو تضافر كل الجهود في وحدة وطنية بين كل مكونات المجتمع.

هام جدا، لا نجاح لتونس دون انخراط الجميع في هذا المشروع إن كنتم تنتظرون من الدولة بمفردها أن تمر بكم إلى بر الأمان فهذا خطأ، القضية قضية الجميع والمسؤولية مسؤولية الجميع، كلنا مطالبون بالتضحيات اللازمة، وبالثقة في النفس لكي نتخطى هذه المرحلة الحساسة، الأخطار موجودة ولم نصل بعد إلى بر الأمان.

هذه دعوة إلى كل التونسيين حتى تتكاتف جهودهم ويبتعدوا عن المصالح الجانبية وينخرطوا في هذا المشروع، الظرف الحالي يستدعي منا التضحيات لمدة زمنية تتراوح بين سنة أو سنتين لتحقيق ما نصبو إليه.